الضم بات هنا ، الارض بدأت تهتز

يديعوت– بقلم اليكس فيشمان- 10/6/2020

“ صعد رئيس الوزراء الى شجرة عالية مع تعهد واضح ببسط السيادة على غور الاردن، والمنظومة الاقليمية، وبقدر ما المنظومة الدولية ايضا، تسير منذ الان في ظله، تبحث عن مؤشرات دالة وترد بما يتناسب مع ذلك “.

لا حاجة لانتظار الاول من تموز. فالضم بات هنا. كرة الثلج هذه تتدحرج منذ الان، تلحق الاضرار وتجبي الاثمان. فقد صعد رئيس الوزراء الى شجرة عالية مع تعهد واضح ببسط السيادة على غور الاردن، والمنظومة الاقليمية، وبقدر ما المنظومة الدولية ايضا، تسير منذ الان في ظله، تبحث عن مؤشرات دالة وترد بما يتناسب مع ذلك.

في الاسبوع الماضي نشب حريق في غور الاردن. بزعم الفلسطينيين، هكذا دمرت اسرائيل، عن قصد، نحو عشرة الاف دونم من الارض الزراعية. كجزء من استعداداتها للضم. نشب هذا الحريق في اعقاب مناورة نارية خاضها الجيش الاسرائيلي في المنطقة ولكن الحقائق لم تعد تهم. فالفلسطينيون مقتنعون بان في الشهر الاخير بدأت اسرائيل تسرع سياقات على الارض تمهيدا للضم، مثل بناء شبكات كهرباء، طرق ومياه الى الغور. كما أن هدم المباني غير القانونية في منطقة أريحا الاسبوع الماضي ينضم، من ناحيتهم الى سلسلة المؤشرات الدالة. السلطة “تسخن” السكان. والقطيعة التي أعلنتها على اسرائيل تستغلها ابواقها الاعلامية كي تصلح صورة اجهزة الامن كمتعاونة، وتعرضها كمن تقف على رأس الكفاح الفلسطيني. ان قرار السلطة الاسبوع الماضي التوقف عن تلقي اموال الضرائب من اسرائيل جاء، قبل كل شيء، كي يزرع في الجمهور الفلسطيني ايضا احساسا بالضائقة الاقتصادية في ضوء السلوك الاسرائيلي. زعماء الضفة يعلنون عن معارضتهم للعنف، ولكن الى جانب ذلك يعدون الارضية لاشتعال الشارع. وهذه هي مجرد المال الصغير في أزمة الضم، الذي يقلق فقط جهات معينة في جهاز الامن. اما الجمهور الاسرائيلي فسيبدأ بالاهتمام بالضم اذا ما وعندما يندلع العنف.

المال الكبير الذي تبدأ اسرائيل بدفعه، يجد تعبيره في اهتزاز المراسي الاستراتيجية التي بنيت لضمان قوتها ومكانتها في المنطقة. في مرسيين كهذين – العلاقة مع الاردن والتأييد ثنائي الحزب في الولايات المتحدة – عمقت الاحاديث عن الضم الصدوع. مع الحزب الديمقراطي ومع الاردنيين بات هذا يقترب من الشرخ الحقيقي. في المرسى الثالث: العلاقة مع الحكم المصري، لا تزال لا توجد مؤشرات خارجية للشرخ، ولكن معقول الافتراض بان الشارع المصري لن يبقى غير مبالٍ وسيحرك النظام في الدولة للرد. في اسرائيل يميلون للاستخفاف بالوزن الذي لاوروبا على ما يجري هنا. وبالتأكد في فترة الكورونا، حيث تكون كل دولة مغلقة ببواباتها والاتحاد الاوروبي اضعف من اي وقت مضى. وبالذات من داخل هذا الضعف، يصل اليوم وزير الخارجية الالماني الى اسرائيل كي يحذرها من آثار الضم. وأجرت المستشارة الالمانية حديث ايضاح كهذا مع نتنياهو ومثلها فعل ايضا الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء الكندي. من ناحية تلك الدول المركزية في غربي اوروبا التي تنتقد خطوات ترامب، فان الضم هو جزء من السياسة الفاسدة للرئيس الامريكي. فالاوروبيون لا يتصورون أنه لم تجرى في اسرائيل اي دراسة معمقة، مرتبة وجدية عن الضم وآثاره وان ليس لرئيس الوزراء حتى خريطة متفق عليها يمكنه أن يعرضها على احد ما كخطة للتنفيذ في بداية

شهر تموز. وهم يـأخذون نتنياهو على محمل الجد ويدخلون في “مزاج” التهديدات بالمقاطعة على اسرائيل وخطوات العقاب.

وليس اهم من ذلك: الاحاديث عن الضم عمقت منذ الان الشرخ في داخل المجتمع الاسرائيلي، حتى في اوساط المستوطنين انفسهم، وهو ينطلق على الدرب دون الاجماع اللازم لمثل هذه الخطوة التاريخية.

هذه الاحاديث تدفع الفلسطينيين ايضا الى طريق بلا مخرج. العقد الاخير في الضفة، كان اقل عنفا بلا قياس مقارنة بالعقد الذي سبقه. هذه ليست صدفة. وقد اختار رئيس الوزراء عن وعي سياسة الوضع الراهن في المناطق باضافة “السلام الاقتصادي” الذي اتاح مستوى معيشة معقول في الضفة، كما أن هذا هو السبب الذي جعل نتنياهو لا يوجه ابدا الجيش لاسقاط حماس في غزة كي لا يمس بالوضع الراهن الذي خدم اسرائيل في الجبهتين الفلسطينيتين. اما الان فقد قرر نتنياهو تغيير الاتجاه، كسر الوضع الراهن واعلن عن الضم. والارض تبدأ بالاهتزاز.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here