على حافة الحظر

بغداد /آية حسين
لا تغيب عن ذاكرتي الفتاة العشرينية التي رأيتها خلال تواجدي بأحدى المختبرات الطبية لغرض أجراء بعض الفحوصات دخلتُ إلى المختبر ووجدتها تجلس خلف جهاز التحليل وعيونها تذرف الدموع وعندما راتني مسحت دموعها وحاولت رسم الابتسامة على شفتها لكي تخفي حزنها على الرغم من ابتسامتها كان الحزن واضحً في عينها وبينما انا بإنتظار نتائج الفحص كنت في حيرة من امري بين فضولي الذي يدفعني للتكلم معها ومعرفة الاسباب التي جعلتهاحزينة وبين خجلي من تتدخل بأمورها الشخصية بعد مرور دقائق من الصمت تحدثنا عن مرض كورونا واعراضه وكيف يستطيع الجسم مقاومته وعن حالات الوفاة وخلال حديثنا لاحظت الدموع في عينها واخبرتني وهي تمسح دموعها وفاة والدتها وكانت هي السبب في نقل العدوى بحكم عملها لكونها كانت تعمل في احدى المستشفيات الحجر الصحي وقررت طلب الاجازة لرؤية والدتها والاسترخاء والتخلص من التعب المسيطر عليها خلال تواجدها بالمستشفى مع المصابين فعادت إلى المنزل وكانت الفرحة لاتسع والدتها عندما رأتها لان أول مره تغيب فيها عن المنزل وجلست مع والدتها وكانا في غاية السعادة والراحة وفي اليوم التالي استيقظت وشعرت بالالم شديد في رأسها في بأدى لم تفكر بأجراء الفحص واوعزت سبب الصداع نتيجة التعب والارق في العمل لكن باليوم الثاني بدأت تظهر عليها اعراض كورونا بشكل واضح فاتجهت مسرعة إلى المستشفى لغرض اجراء الفحص وظهرت النتائج وكانت مصابة بالفعل لم تفكر نفسها بل بقيت تفكر بوالدتها خوفاً من ان تكون هي مصابة ايضاً لان هذا المرض يعرض حياتها إلى الخطر لكونها تعاني من امراض المزمنة وبالفعل كانت والدتها مصابة ايضاً وتم حجرهما هي ووالدتها واستطاعت الشفاء خلال مدة قصيرة لكن مع الاسف والدتها لم تحتمل المرض وتوفيت وبعد وفاة والدتها قررت ان تترك العمل لانها لم تستطع البقاء في المستشفى لان كلشيء يذكرها بأنها السبب بوفاة والدتها وهنا لم تستطيع الفتاة السيطرة على مشاعرها وانهارت بين البكاء والصراخ فمسحتُ دموعها واحاول أن اخفف حزنها وتبادلت معها بعض الاحاديث لتخفيف حزنها بعض الشيء وخرجتُ من المختبر وانا في دوامة من الحزن والتفكير وبينما كنت اتجول في الشارع وجدتُ الاطفال يلعبون والشباب يجلسون مع بعض والسيارات تتجول بحرية دون القيام بأجراءات الوقائية لم اشاهد الا قليل من يرتدي الكمامة والقفازات وعلى الرغم من ارتفاع عدد الوفيات والمصابين الا ان البعض إلى هذه اللحظة لم يعترف بوجود كورونا ولم يقوم بأي من الاجراءات الوقائية خصوصاً في المناطق الشعبية على الرغم من فرض الحجر الصحي الاانهم لا يلتزمون به ولايزالون يقيمون المناسبات والحفلات مع تزايد الحالات مع ان الكادر الصحي يعمل بالنهار والليل ويحاول بذل مابوسعه من أجل السيطرة على الحالات فعرضوا انفسهم للخطر وتركوا عوائلهم من اجل مساعدة المصابين وبينما انا في دوامة من التفكير وصلت إلى المنزل ذهبتُ اتصفح مواقع التواصل الاجتماعي خلال تصفحي شاهدتُ مقطع حفل زفاف لشاب يتواجد فيه الكثير من الاشخاص يحتفلون في الشارع متناسين وباء كورونا فتركتُ الهاتف وبقيتُ افكر بعض الوقت في حال العراق استمرار المواطنين على هذا الوضع هنا سيدخل العراق بأزمة كبيرة لكونه يفتقر إلى الكثير من المقومات والبنى التحية فالدول المتقدمة ذات النظام الصحي المتطورة انهارت أمام هذا المرض فكيف العراق يستطيع أن يواجه هذه الازمة وهو يفتقر إلى أبسط المقومات .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here