نيويورك تايمز: الكونغرس والبنتاغون مع تقليص التواجد الأميركي في العراق

ترجمة / حامد احمد

جاء المسلحون عند الغسق مترجلين عبر طريق ترابي وسط بساتين النخيل قرب نهر دجلة وهم يحملون قاذفات واسلحة خفيفة وبنادق كلاشنكوف، زرعوا عبوات ناسفة لقتل اي شخص يتقدم لمساعدة الحراس المحليين، الذين كانوا بمقربة منهم .

ثم هجموا على قرية مكيشيفة ما تسبب بقتل عشرة اشخاص من الحشد العشائري وجرح اربعة آخرين منهم، وكان احدهم قد قتل حرقا، حدث ذلك الشهر الماضي. رغم تراجع مقومات بقاء داعش في 2020 من قلة تمويل وتسليح ولكنه ما يزال يشكل تهديدا يتسبب بموت الكثير. وبينما لم يعد قادرا على شن هجمات بحجم تلك التي كان يشنها قبل عدة سنوات، فان عدد الهجمات بدأت بالازدياد مرة اخرى .

وبينما يبدأ المفاوضون الاميركان والعراقيون جولة جديدة من المباحثات الستراتيجية فان قضية كيفية الرد على تهديدات داعش المستجدة، وكم حجم الدعم الاميركي المطلوب لهذا الامر، سيشكلان مركز التباحث بينهما .

يتواجد حاليا ما يقارب من 5,200 جندي اميركي في العراق، تتركز مهامهم الرئيسة في مكافحة الارهاب وتدريب القوات العراقية .

ادارة الرئيس ترامب ، التي ترى في التواجد الاميركي امرا جوهريا لمنع عودة تنظيم داعش من جديد ومصدا امام نفوذ ايران في العراق، تريد ان تبقي على عدد من القوات هناك . المبعوث الاميركي الخاص للمنطقة، جيمس جيفري، قال في ايجاز له “سنستمر بالابقاء على قوات طالما ترغب الحكومة العراقية بتواجد قوات اميركية والتحالف في البلد لحين انجاز مهمة القضاء على داعش، وهذه المهمة لم تنته بعد. هذه هي سياستنا.”

ولكن كان هناك ضغط على الطرفين لتقليل التواجد العسكري الاميركي في البلاد. الكونغرس ومنذ فترة يتساءل بخصوص استمرار تواجد القوات الاميركية في العراق . البنتاغون يعارض ابقاء اكثر من العدد الادنى من القوات هناك بسبب تعرضهم لهجمات من قبل فصائل مسلحة مقربة من ايران .

مسؤولون في البنتاغون يعتقدون انه بمقدورهم انجاز المهمة بنصف عدد القوات الاميركية ولديهم خطط لتقليص عدد القوات في العراق الى 2,500 والى 3,000، ولكن ليست لديهم اعداد محددة او وقت زمني محدد لهذا التقليص. اعضاء اخرين من التحالف الدولي ضد داعش البالغ عددهم 29 دولة قلصوا اعداد قواتهم الى النصف أي قلصوا الى ما يقارب 1,200 جندي بسبب تفشي وباء كورونا . وفي الجانب العراقي، وردا على قيام طائرة مسيرة اميركية بقتل قائد عسكري ايراني وعدة مسؤولين عراقيين بهجوم قرب مطار بغداد، صوت البرلمان في كانون الثاني على قرار يطالب بانسحاب قوات التحالف.

زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، دعا يوم الاثنين الى سحب القوات الاميركية وانهاء تصرفها العدواني المتعالي تجاه العالم.

وبينما يقول العراقيون انه بامكانهم تولي المعارك على الارض بانفسهم، فانهم يقولون انهم ما يزالون بحاجة التحالف الدولي للمساعدة في مجال الاستطلاع والاسناد الجوي والتدريب . وكان وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو، قد اعلن في نيسان بخصوص المباحثات بانها “ستشمل جميع القضايا الستراتيجية بين بلدينا، بضمنها تواجد القوات الاميركية، وما هي السبل الافضل لدعم عراق مستقل ذو سيادة”.

بالاضافة الى مناقشة التواجد العسكري الاميركي، فان المباحثات الستراتيجية التي ستدار عبر شبكة الانترنيت والتي من المتوقع ان تستمر لعدة اشهر، ستناقش ايضا موضوع الطاقة والاقتصاد .الاميركان يريدون مساعدة العراق في توسيع صناعة النفط والغاز لديه، على اقل تقدير لتمكينه من الاستغناء عن استيراد الكهرباء والغاز من ايران. رغم اعلان الرئيس الاميركي ترامب النصر على داعش العام الماضي، فان هجمات التنظيم، وفقا لمعلومات من محللين في معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى، بدأت تزداد اكثر وباطراد منذ منتصف عام 2019 . المبعوث الاميركي للمنطقة جيفري، يتفق على ان داعش “ما يزال يشكل تهديدا قائما وكبيرا .”

بدأ داعش يعيد تهديداته في محافظات كان يتواجد فيها سابقا وهي صلاح الدين والانبار وديالى وكركوك ونينوى . استهل بهجماته مستهدفا نقاط تفتيش نائية تديرها شرطة او قوات للحشد الشعبي، فضلا عن استهداف مسؤولين محليين ووجهاء عشار محلية رفضوا التعاون مع قياديين لداعش. وفي وقت انشغلت فيه قوات امنية محلية بادامة اجراءات الحظر للسيطرة على تفشي وباء كورونا، كسب التنظيم حرية اكبر في التحرك . اهالي من المناطق التي يحاول تنظيم داعش اعادة تنظيم صفوفه فيها يريدون من القوات الاميركية ان تبقى .

الشيخ شعلان الكريم، عضو البرلمان السابق واحد وجهاء العشيرة التي تعرضت لهجوم داعش الشهر الماضي في قرية مكيشيفة، يقول ان الحكومة العراقية لا يمكنها محاربة داعش لوحدها .

واضاف قائلا “التواجد الاميركي في العراق مهم جدا، وليس لهذه المناطق فقط بل لكل العراق، وبالنسبة لمحافظة صلاح الدين فنحن نأمل ببقاء الاميركان”.

 عن: نيويورك تايمز

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here