الحوار العراقي الامريكي…نتائج مابعد الفشل أوالنجاح.. ماذا سيسفر الحوار الامريكي العراقي ؟

الحوار العراقي الامريكي…نتائج مابعد الفشل أوالنجاح..

ماذا سيسفر الحوار الامريكي العراقي ؟

حكمت مهدي جبار

سؤال ينتظر جوابه الكثير من الناس سيما وانه الحدث الاهم في تاريخ العلاقات الامريكية العراقية منذ سقوط بغداد على يدها حتى هذا اليوم.علما ان كل حوار سياسي اليوم بين بلدين او مجموعة بلدان انما حوار مصالح نظرا لاحتلال الجانب الاقتصادي والثروات وتأمين حياة البشر اهمية قصوى اليوم.

فما هي مصلحة الولايات المتحدة وماهي مصلحة العراق فضلا عن الانعكاسات والتأثيرات على الدول المجاورة خاصة ايران والدول الاقليمية المحيطة وبالتالي ماتتأثر به دول العالم بطريقة وبأخرى.وهل هناك نية صادقة من الطرفين بالتطلع لأعادة النظر في علاقاتهما بمختلف اشكالها؟

من الواضح ان الشعبين العراقي والامريكي يريدان ان تكون العلاقات طيبة تخدم مصلحة الشعبين.سيما الشعب العراقي الذي عاش اعوام من الزمن في ازمات ومصائب وحروب وجوع وفقر ونزاعات .فهل تتحسس الحكومات آلام الشعوب ومعاناتها وتناقش بجد وصدق رغبات وامال وحقوق تلك الشعوب؟

لماذا اهتمت امريكا وتهتم اليوم وربما سوف تبقى تهتم بالعراق دون دول المنطقة الاخرى بل والعالم ؟

الجواب العام هو للأهميةٌ الستراتيجية الكبيرة للعراق في نظر النسبة للولايات المتحدة ليس من باب خدمة مصالحه كبلد يحتاج الى دعم ومساندة وتطوير بناه التحتية التي درمتها الحروب..لا..ليس هذا..انما اهميته من من أجل ضمان استقرار المصالح الامريكية في الخليج ومدّ الاقتصاد العالمي بالنفط والحدّ من خطر اندلاع حرب شعواء مع إيران…هذا هو المحور الذي تسعى لكسبه امريكا ليس غير.

ان اهمية العراق بالنسبة لامريكا يتحدد في مسألة الانسحاب منه وماهي الاثار الناجمة من الانسحاب فيما يخص اقتصاد امريكا وآلتها العسكرية. وربما تتذكر امريكا كيف اعتبرت انسحابها عام 2011 خطأ كبيرا.وما اعتبرته قلقا فيما يخص إيران حسب رايها بانه نظام متشدد وإرهابي ومتطرف في المنطقة فيلحق ضررًا كبيرًا بالأمن القومي الأمريكي.

لقد قسم خبراء سياسيون بان المصالح الاستراتيجية الأمريكية في العراق إلى أربع اقسام حددوها بمايلي:

· خطر الارهاب المتمثل بتنظيم “داعش” أو جماعة مماثلة أخرى.

· وجود ايران يعتبر لامريكا تهديد لمصالحها ولمصالح الدول الاخرى.

· الفوضى الموجود في العراق (والتي هي صنعتها) وتدعي انها حريصة على استتباب امن العراق!!

· تنافس قوى عظمى اخرى غير ايران على العراق .

ومن هنا تدعي امريكا انها تواصل التركيز على هذه المصالح الأربع وإلا سيصبح العراق مبعث قلق كبير بالنسبة لها في المستقبل. !!!

يبقى الشيء المهم في اعتبار العراق أساسيًا لاستراتيجية الولايات المتحدة هو انه البلد الاساسي الذي يمكن ان يحتوي (التوسّع الإيراني الحالي ونفوذه) وفق ماترى هي..فلماذا تعتبر امريكا ان العراق هو الدولة الوحيدة من بين دول الخليج العربي التي تسمح للنفوذ الايراني؟ومن أي شيء انطلقت وعلى اي شيء اعتمدت؟.وبذلك فهي( حريصة) على العراق من خطر (التوسع الايراني) ونسيت انها هي التي غزت العراق واحتلته ودمرته وهي السبب في كل هذا الدمار والخراب والمشاكل.بل هي سبب غير مباشر بالوجود الايراني في العراق.

فالعراق لازال يواجه مشاكل في الحكم والانقسامات الداخلية العميقة والمشاكل الاقتصادية الخطيرة. رغم أنه يملك موارد نفطية هائلة إضافةً إلى شريحة سكانية متعلمة وكبيرة. من جانب ان الشعب منقسم حول مواقفه من الوجود الايراني فهناك من العراقيين من يعتبرون ان إيران هي محتل اخر الى جانب امريكا وهي تستغل الظروف ومشاكل للسيطرة عليه، وبالتالي سيضاعف ذلك قوتها بشكل كبير. وهناك من يعتبر ايران انها صاحبة الفضل في حماية بغداد ومدن اخرى من السقوط بيد داعش ولها الفضل في دعم القوى الشعبية ضد الاحتلال..

ان امريكا تنظر الى اختلاف آراء القوى السنية والشيعية والكردية في العراق انما هو جذور لصراع قوي سيؤدي الى (حرب اهلية) حسب رايها وذلك سيؤدي إلى مشاكل خطيرة في المنطقة ويشجع على الإرهاب والتطرف. ويساعد على عودة تنظيم “داعش” ويمتد إلى دول اخرى.

هذا هوالسيناريو الذي رسمته امريكا وهي تنوي التحاور مع العراق .لكنه في الحقيقة سيناريو لايخلو من صعوبة يتمثل في التزامات كبيرة قد يكلفها ثمنا اخر.

ان القاصي والداني يعرف خداع الادارة الامريكية وسياساتها الامبريالية الطامهة وليس الحريصة على الشعوب ومصالحها كما تدعي .فالناس تعلم لماذا تركز على داعش لانها هي التي صنعتها .ولماذا تكره ايران لانها ربما تمنعها عن الهيمنة على العراق فيما لو اردنا اعتباره صراعا بينها وبين ايران.ولماذا التركيز على العراق.لانه اكبر منطقة في الثروات والخيرات الوطنية.فكل الاشياء واضحة امام الشعوب..

اما من حيث ادعاءات امريكا بدعم الجيش العراقي فالجيش العراقي لازال ضعيفًا ومتهالكا ولم يزل بعد لايملك سلاحا جيدا يكفيه للدفاع عن نفسه ولا حتى العدد الاخرى لم تكن بالمستوى المطلوب.اما من حيث التدريب فهو لا يزال أضعف من قوات الحشد الشعبي.رغم انه تشكيل شعبي عراقي اعتبرته امريكا ميليشيا مسلحة وهي جناح للحرس الثوري الايراني.

أخيرًا، للولايات المتحدة مصلحة استراتيجية في العراق من أجل مواجهة مساعي روسيا والصين الرامية إلى بسط نفوذهما الاقتصادي والسياسي في البلاد. فالحكومتان الروسية والصينية تبذلان أساسًا جهودًا حثيثة من أجل تعزيز نفوذهما في العراق على حساب الولايات المتحدة. ويمكن أن تفشل الاستثمارات المالية الأمريكية في العراق في حال حلّت الشركات الصينية أو الروسية محلّ الأمريكية. كذلك، ستترتب عن صورة تخلّي الولايات المتحدة عن العراق لصالح الروس والصينيين تداعياتٌ تتخطى الحدود العراقية. وسيكون ذلك إشارة لدول أخرى في المنطقة على أن الولايات المتحدة هي صديق لا يمكن التعويل عليه.

والمحصلة في ما يتعلق الأمر بالمصالح الأمريكية في العراق هي أن لدى أمريكا مصلحة كبيرة وإلزامية بوجود عراق مستقر ومزدهر ومتوازن سياسيًا، خاصة بالنظر إلى سلبيات البديل. وإذا انسحبت الولايات المتحدة من العراق قبل تحقيق هذه الأهداف، ستكون مرغمة على التعامل مع كارثة عراقية قد تكبّد الولايات المتحدة أثمانًا أكثر بكثير مما هو ضروري.

في الوقت نفسه، يتطلب البقاء في العراق إدخال تغييرات كبيرة على السياسة والحكم والتنمية في العراق. ولا يمكن القول إنّ مشاكل العراق قد بدأت مع الغزو الأمريكي في 2003. فبعضها يعود إلى تاريخ قيام الدولة وبعضها الآخر إلى تطورها منذ سقوط الحكم الملكي، والعديد منها هي نتاج أعمال صدام حسين. كما أن مشاكل اليوم هي بمعظمها نتاج قادة العراق الحاليين. ويمكن للولايات المتحدة فقط أن تساعد عراقًا يساعد نفسه.

رب سائل يسأل ويقول: ما هي النتيجة المحتملة الأسوأ بالنسبة لكل من العراق والمنطقة؟ في حالة فشل الحوار والعجز عن إنشاء علاقة مستقرة بين البلدين. الجواب ربما يتبين في أن تنسحب الجيوش الأمريكية من العراق ووقف كافة المساعدات الأمريكية أو حتى فرض عقوبات أمريكية على العراق.

انه لايخفى على احد أن الاقتصاد العراقي مازال قلقا مضطربا يعاني من سوء الإدارة المزمن وانخفاض تاريخي لأسعار النفط ووباء “كوفيد-19”. وهذا ربما يكون محد انظارأمريكا ليكون ورقة تخويف او تهديد للعراق اذا لم يوافق على ماجاء من مطاليب امريكية وذلك بوقف المساعدات كلياً أو فرض عقوبات أمريكية على العراق فيدفع بالدولة العراقية إلى فقر مدقع وعجز عن تقديم أدنى الوظائف الأساسية.

اننا اذا توقعنا فشل الحوار وعدم التوصل إلى علاقة استراتيجية عملية قد يؤدي الى حدوث تداعيات سلبية على الولايات المتحدة،اكثر منها سلبية بما يعزز الموقف الإيراني في المنطقة اضافة ذلك، قد يُنظر إلى قيام إيران بزيادة الموارد والقوى العاملة الإيرانية للضغط لتعزيز علاقتها بالعراق اكثر.

اننا نرى من واجب النخب السياسية العراقية إن تدرك أن الوضع الحالي في البلاد لن يدوم على المدى الطويل. وان تعرف انها يجب ان تعطي الوعود بضمان سلامة القوات العسكرية الأمريكية والمواطنين الأمريكيين في العراق. كذلك، لا بدّ من أن تعدّ هذه النخب نموذجًا سياسيًا لا يستند في المقام الأول إلى الهويات الطائفية في منافسة لا غالب فيها ولا مغلوب. لا شك في أن القول أسهل من الفعل، لكن من الواضح أن العراق يتوجه نحو إخفاق اقتصادي وسياسي إذا لم يتغير نموذجه السياسي ليصبح نموذجًا يولي الأولوية للهوية والمصالح العراقية على الأجندات دون الوطنية.

ان العراق يحتاج الى وقت طويل وجهد ومشقة في سبيل اعادة نهوضه وبناءه.فعلى امريكا ان تكون واقعية معه ولاتطلب منه اشياء تعجيزية لايقدر على تنفيذها.فالعراق ينخره الفساد ويعشعش فيه التخلف والامراض والتاخر الاجتماعي بعد عهود من النهضة العظيمة اندثرت وماتت.

من هنا فان هناك فرصة لامريكا يمكنها ان تلعب فيها دورا مهما في موقفها مع العراق اذا ما ارادت من ان تحافظ على كلامها وصدقها معه المتمثل بوقفة حقيقية في محاربة الفساد والمساعدة في تطوير البنية التحتية والامن وغيرها من المساعي التي تبني مستقبل العراق.

اننا نرى انه لا يمكن للولايات المتحدة الامريكية أن تتوقع من العراق ان يتخذ قرار الاختيار بين إيران وأمريكا. فالعراق في الظاهر هو بلد (ديمقراطي) وينشد الاستقرار فكيف يضع نفسه بين فكين فيزعزع هذا الخيار استقراره بشكل كبير. اما فيما يخص علاقة العراق بايران فأن الامر يتطلب واقعية جادة وحقيقية وذلك بحكم خصائص العراق الديمغرافية والجغرافية،مع ايران ومنذ فجر التأريخ.فليس بمقدور لاامريكا ولاغير امريكا ان تفرض على العراق التخلّص من (النفوذ) الإيراني. والا فان الامر سيكون غير واقعي وهو ضرب من الخيال.

صحيح أن للعراق اطار عمل معين يمكن تطبيق بعض منه وحسب الظروف ووفق رؤية ستراتيجية وحسب اتفاقيات وضع القوات والاطار استراتيجي والموقّعان في كانون الأول/ديسمبر 2008 والمطبّقان في كانون الثاني/يناير 2009 وهي مساحة ممكن ان تغطىي فيها تقريبًا كافة مجالات التعاون المحتمل بين البلدين ويعالجان العديد من هذه المسائل. وربما هذان الاتفاقان هما نقطة انطلاق لاعادة الحوار بينهما بشأن التوقعات والالتزامات المتبادلة.

ان العراق صحيح بحاجة الى من يعينه في ظروفه..وهو يحتاج ال دولة قوية وليس غير امريكا بالتأكيد. لكن اليس من المنصف والعادل ان تكون الولايات متحدة ملتزمة بوعودها وباستقرار بأمنه؟، مثلما اعتمد عليها العراق في امور كثيرة واعتبرها شريكا وصديقا في آن.

نتمنى ان يكون الحوار الاستراتيجي نقطة انطلاق مثلى نحو افاق جديدة من العلاقات ،اذا ما اعتبرنا ان لدى العراق وامريكا بعض أسباب لرسم علاقة جديدة يمكنها أن تؤدي إلى شراكة استراتيجية على المدى البعيد.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here