حرامي وفاسد للعرك او كجول حافي

حرامي وفاسد للعرك او كجول حافي

د.كرار حيدر الموسوي
حرامي وفاسد للعرك او كجول حافي او صاحب رنين اومستثمر معارضة وجهادية ومظلومية اللي حاكمينه ثريد مركة هوا

في أثناء الحكم العثماني قرر ثلاثة من طالبى العلم السفر الى بغداد فى العراق لزيارة ضريح أحد الأولياء الصالحين، وأخذوا معهم مالا كثيراً للإنفاق على الرحلة، ولكنهم ضلوا الطريق وفجأة صادفهم شخص يجيد فن الكلام المعسول والوعود البراقة فعمل لهم من البحر “طحينة” واقتنعوا بأن العناية الالهية هى التى أرسلته لهم ولم يفكر احدهم ولو للحظة ان يكون هذا الرجل “نصابا” لأن علامة السجود كانت تملأ وجهه والابتسامة لا تفارق شفتيه، فضلاً عن حديثه الطيب الذى لم يخل من ذكر اسم الله. فهل من المعقول الشك فى رجل يتمتع بهذه الصفات. وساروا جميعاً وبعد بضع ساعات اختفى الرجل “الرجل الطيب” وكأن الأرض قد انشقت وابتلعته بعد أن سرق كل ما لديهم من أموال وظلوا يبحثون عنه حتى عثروا عليه فحاول الهرب، ولكنه لسوء حظه كانت تمر أمامه فرقة من “العسكر” ألقت القبض عليه وتم ترحيله الى “الحاكم” الذى استقبلهم بحفاوة وكان بشوشاً أيضا وسمع منهم القصة من الألف الى الياء فطلب من الجميع مغادرة الغرفة حتى يستجوب السارق “على انفراد” وكان هناك رجل بغدادى طيب القلب يراقب ما يجرى حوله. وبعد حوالى ساعة خرج الحاكم وهو يصيح فى وجه المجنى عليهم مؤكدا لهم أنه لم يجد مع الرجل أى مسروقات وخرج تاركاً المجلس وهنا قال لهم البغدادى دعونى أتحدث مع اللص على انفراد، وبالفعل جلس معه وقال له لو قمت برد المال “الحرام” لأصحابه سوف أعطيك قطعة ذهبية “حلال” فأخبره أن “العسكر” أجبروه على عدم الاعتراف كما أن “الحاكم” هدده بالإعدام لو قام برد المبلغ. فقال له البغدادى حقاً “حاميها حراميها” ولكن يا بنى “لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق” فخرج اللص ورد المبلغ الى أصحابه وصارت هذه هى قصة المثل الشعبى “حاميها حراميها” الذى تتناقله الأجيال حتى الآن.

لم ينجح هروب حكومة حيدر العبادي ومكوناتها من الأحزاب والقوى الشيعية من قبضة المحتجين المطالبين بالإصلاح نحو إعلان حرب “تحرير” الفلوجة، في تحويل الأنظار عن كون العراق ما يزال مستمرّا في الغرق في أتون الفساد المنظم، في وقت يبلغ فيه العجز الحاصل في الميزانية نحو 50 مليار دولار وفي رقم قياسي سلبي جديد، صنفت صحيفة ديلي ميل البريطانية مجلس النواب العراقي كـ”أفسد مؤسسة في التاريخ” بسبب كثرة الأموال والامتيازات التي يحصل عليها عضو المجلس من دون تقديمه أي قانون يهم البلد وقالت الصحيفة البريطانية في تقرير نشرته الأحد إن “البرلمان العراقي أفسد مؤسسة في التاريخ، إذ أن البرلمانيين العراقيين يحصلون على أكثر من ألف دولار للعمل في الدقيقة الواحدة رغم انهم لم منذ بداية هذا العام سوى عشرين دقيقة فقط من دون أن يضعوا قانونا واحدا يهم البلد وقالت الصحيفة إن البرلمانيين العراقيين يحصلون على رسوم تقدر بـ90 ألف دولار وراتب قدره 22 ألفا و500 دولار شهريا، ما يعني تقاضيهم راتبا أكبر من عضو الكونغرس الأميركي وأضافت أن “هناك استياء شعبيا عارما إزاء النائب العراقي لأنه يحصل على 22 ألفا و500 ألف دولار في الشهر، في حين يكافح الكثيرون من أجل تغطية نفقاتهم حياتهم اليومية البائسة والتي زادها البرلمانيون بؤسا وأشارت ديلي ميل إلى أن “الموظف الحكومي المتوسط المستوى يحصل على 600 دولار في الشهر وأوضحت أن “البرلماني الذي يفشل في الحصول على مقعد في الدورة التالية تتم إحالته الى التقاعد المفبرك ليتقاضى 80 بالمائة من راتبه الشهري مدى الحياة، ويسمح له بالاحتفاظ بجواز سفره الدبلوماسي هو وجميع أفراد أسرته وأكدت الصحيفة البريطانية أن “هذه الامتيازات الشاذة التي اخترعها البرلمان العراقي تسرق من قوت الفقراء والأيتام والأرامل وعلقت الصحيفة بشيء من التهكم على هذا الوضع الفاسد قائلة “حتى رؤساء أعظم دول العالم ما كانوا يحلمون بالحصول على هذا وتقول مصادر عراقية مطلعة إن إجمالي ديون العراق الداخلية والخارجية بلغت 96 مليار دولار بسبب الفساد وسرقة المال العام.

وبينما تراجعت حكومة العبادي تحت ضغط القوى والجماعات الحزبية المستفيد الأبرز من هذا الفساد، عن وعود بإصلاح حقيقي وتشكيل حكومة تكنوقراط وتغيير رموز الفساد في مؤسسات الدولة استجابة لمطالب الآلاف من المحتجين في مختلف مدن العراق وخشية من تصاعد حجم تحركاتهم، تجتهد هذه الحكومة للبحث عن حلول تقشفية ترقيعية للأزمة الاقتصادية المستفحلة يكون عنوانها الأبرز دائما ألا تمس بمصالح القوى المتنفذة وبالمسؤولين الذين تم تعيينهم في مفاصل الدولة باقتراح منها ليجد الموظف العادي في النهاية هو من يتحمل وزر هذه الحلول وقال مصدر قريب من حكومة العبادي الاحد، إن مجلس الوزراء العراقي صداق على خصم 15% من رواتب الموظفين الذين يتقاضون اكثر من مليون دينار عراقي وأضاف المصدر أن “القرار جاء نتيجة العجز الكبير الحاصل في الميزانية والذي يبلغ حوالي 50 مليون دولار بسبب انخفاض اسعار النفط والمعارك الدائرة ضد تنظيم داعش الإرهابي وكشف نفس المصدر عن أن الخصم سيتم تطبيقه “في حال ذهاب العراق الى الاقتراض من البنك الدولي”، مؤكدا أن “التخفيض يشمل جميع موظفي الدولة بما فيه الرئاسات الثلاث وأعلن العراق في وقت سابق عن، موافقة صندوق النقد الدولي على تمويل العجز بالموازنة من خلال السحب من احتياطيات العملة الصعبة، مبينا أن ذلك يعني خفض تلك الاحتياطيات من 59 مليار دولار نهاية تشرين الأول 2015 المنصرم، إلى 43 مليارا خلال العام 2016.

من أهم سلطات الدولة المدنية، هي السلطة التشريعية والتي يطلق عليها البرلمان او مجلس الشعب او الوطني …الخ من التسميات كونها تمثل رأي الشعب، وتدافع عن حقوقه، وتحمي حرية الرأي وتسن القرارات والقوانين التي تساعد الشعب على العيش بحياة مرفهة محصنة بالعدل والأمن والسلام، من خلال اتخاذ كافة الأمور والخطوات التي من شأنها أن تحمي مكتسبات الشعب في دولته المدنية القائمة على مبدأ الفصل بين السلطات، و أول ما يجب أن نلحظه في النائب النيابي هو أن يكون قادرًا على إنتاج الأفكار القابلة للصياغة والتنفيذ وأن يكون على دراية بالقانون والدستور والثقافة السياسية العامة والاحساس بالمسؤولية وان تكون النزاهة والتفاني في خدمة الناس هدفه بعيداً عن العلاقات الشخصية والوساطات والولاءات ، لان مصلحة الوطن والمواطن فوق الجميع . كيف يمكن أن نبني دولة بعد الان وكيف يمكن السكوت على من يهظم 30 مليارمن الدنانير بشكل غير قانوني وهو رجل يمثل 100 الف انسان من المجتمع بدعاوي تعويضية باوراق مزورة ويصبح تاجر المخدرات سجين سياسي ينال الامتيازات ويظلم المستحق منها ويكرم الوريث ويبقى المحكوم من محكمة الثورة متسكعا امام مؤسسة السجناء او الشهداء ينتظر من يمد له يد المرتشي لقضاء حاجته و بنواب يعتمدون المصالح الشخصية جوراً، وكيف نبني دولة، لا يعبأ فيها أعضاء البرلمان او بعضهم بما يفعلونه من خطوات لا تصح لممثل الشعب أن يقوم بها ولا تتناسب مع مكانته ودوره،

ليس ثمة غرابة من ان الممارسة النيابية في العراق زاخرة بالضعف والتلكؤ والتعثر، فمن هنا من الطبيعي أن يتذمر المواطن من هكذا أداء لم يستغل البرلمان كمؤسسة منتخبة تمثل الإرادة الشعبية، وتمتلك حق التشريع والرقابة على أداء الحكومة. ولا يزال يقال عن تلك الممارسة وعن الدور السلبي الذي لعبه بعض النواب والمتأرجح بين التلون والتواري عن أنظار الناخبين والعمل من اجل مصالحه الشخصية والقبيلية والمناطقية دون البقية الباقية في المجتمع فإنه لا يستطيع أحد أن يفصل هذا عن اللائحة الداخلية للمجلس التي تمتاز موادها بالخلل وعدم القدرة لادارة الامور على الوجه الصحيح ، في حين من الممكن أن يكون البرلمان أكثر فاعلية ليس على صعيد الرقابة فحسب، وإنما في مواجهة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة التي أصبحت واقعًا ملموسًا مرهقًا في ظل ارتفاع تكاليف الحياة المعيشية والمنظومة الاجتماعية المرهقة، والتصدي للفساد ومعوقات التنمية من خلال المساهمة الفعلية في عملية التنمية لما فيه صالح الوطن والمواطن والتفاعل مع كافة الملفات السياسية الداخلية والخارجية.

لقد اغفل مجلس النواب العراقي و النائب العراقي هذه الامور والدليل على ذلك سرعة إقرارهم لجميع التشريعات التي تتعلق بامتيازاتهم ومكاسبهم، أما اذا تعلق الامر بالمواطن وهو الذي أوصلهم الى مناصبهم، فحينئذ يتصرفون بطريقة التجاهل والتريث والتسويف.وابعاد القوانين التي تهم المجتمع وتهمل او يتم التماطل في اقرارها لانها لا تشكل فائدة مادية لهم أو للاحزاب والكتل التي ينتمون لها، في حين أن اصوات الشعب هي التي أوصلتهم الى مقاعدهم في البرلمان.النائب في البرلمان يجب ان تكون سمعته نظيفة وعدم التورط فى الفساد، عدم السعي لتحقيق مصالحه الشخصية، المرونة والجدية والقدرة على تطوير الأداء، ذا شعبية كبيرة، وأن يكون له ظهير سياسي، متابع جيد للأحداث السياسية والمجتمعية، نائب يؤدي دورا تشريعيا رقابيا وليس دورا خدميا، وأن يكون النائب ذا كفاءة عالية، ومتفهم للواقع السياسي.

مجلس النواب يمثل سلطة الشعب في الدولة الديمقراطية، ويتركز عمله في تشريع القوانين ومراقبة أداء الحكومة، أي القوانين التي تنفع الشعب وتخدمه، وتراقب الحكومة وتمنعها من الأعتداء على الشعب وحقوقه وحرياته.برلماننا (الموقر) يعمل بمبدأ خالف تعرف، لأنه خالف وظيفته وانتقل من خدمة الشعب الى خدمة نفسه وامتيازاته ومكاسب رئيسه واعضائه، فقد اكمل مقترح قانون يعظم منافع وامتيازات وواردات الرئيس والنواب مالياً في زمن التقشف وإفلاس ميزانية الدولة، فأصبح حاميها حراميها .البرلمان في خطأ ثاني يكمل كتابة قانون للحد من الحريات ويهدف لتكميم افواه الشعب الجريح المأزوم، قانون يحرم الأحتجاح والتظاهر ويضعها في خدمة الحكومة بحجة الآداب العامة، وبدلاً من حماية حقوق المواطن وحريته يصبح البرلمان حاميها حراميها.ورضخت رئاسة مجلس النواب لاحتجاجات شعبية ورفض منظمات مجتمع مدني فعمدت الى تأجيل التصويت على مشروع قانون حرية التعبير والاجتماع والتظاهر السلمي وهو القانون الذي قوبل بانتقاد واسع حيث عد مقيدا للآراء وحق التظاهر ووصف بانه قانون تقييد الحريات.قرار البرلمان بتأجيل التصويت على القانون المثير للجدل برر باعطاء فرصة لدراسة مطالب واعتراضات الناشطين والاعلاميين والخبراء القانونيين ومنظمات المجتمع المدني عليه ومنح النواب وقتا اضافيا لدراسته واقتراح التعديلات عليه وذلك قبل الشروع بالتصويت عليه .. ولذلك فقد جاء قرار تأجيل التصويت بطلب من لجنة حقوق الإنسان النيابية.ابرز المعترضين على هذا القانون كان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تجاهل مساعي إقرار القانون الذي يخشى ان يقوض الحريات ويقيد التظاهرات.الصدر قال في رد على سؤال لاحد اتباعه والذي استفتاه بشان عزم مجلس النواب تمرير قانون (حرية التعبير والتظاهر السلمي ) قائلا “نحن لسنا ممن يأخذ اذنا من الفاسدين للتظاهر ضد الفاسدين”، وبتعبيره هذا ارجع الصدر الامر الى الدستور الذي يجيز التظاهر والتعبير عن الرأي فجرت البرلمان من مساعي لتقويض هذه الحقوق.وكانت المادة (38) من الدستور العراقي الدائم لعام 2005 جاءت لتضمن حرية الراي والتعبير، وَقَد نصت على ان ” تكفل الدولة، بما لا يخل بالنظام العام والآداب: (أولا): حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل، (ثانيا): حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر،ثالثا: حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وتنظم بقانون”.الصدر وفي تعليق اخر بشان القانون قال “هم يسنون القوانين التي ثبت كراسيهم”.واتهمت لجنة الثقافة والإعلام النيابية كتلا “كبيرة” بمنع إجراء تعديلات “جوهرية” على مشروع قانون حرية التعبير والاجتماع والتظاهر السلمي، مشيرة إلى أنها “فوجئت” بذلك، فيما أكدت وجود ضغط لعدم تمرير القانون بصيغته الحالية ،لكن عضو لجنة الثقافة والاعلام النيابية حيدر المولى قال :ان “القانون سوف تتم مناقشته من اربع لجان وهي ذات اللجان التي تشترك في قضية تشريعه، اضافة الى رؤساء الكتل السياسية”. واضاف المولى ان “هناك اربع او خمس مواد مختلف عليها في هذا القانون” ، ماضيا الى القول ” أهمها المادة التي تتعلق برخصة التظاهر حيث يرى البعض ان رخصة التظاهر الزمت بموافقة في حين اعتبرها البعض انها مجرد اشعار للجهة المعنية من اجل توفير الحماية”.واضاف المولى ” كذلك قضية استخدام المؤسسات الدينية لغرض مناقشة الامور السياسية واستغلالها خلال فترة الانتخابات”، وهو ما يمكن عده استهدافا واضحا للصدر ولوكلاء المرجعية الدينية الذين اخذوا وخلال عام كامل بتناول الوضع السيسي بل والدفاع عن المتظاهرين ونقل مطالبهم بوضوح.وهو ما يقره النائب حيدر المولى صراحة، مشيرا الى ان المادة قد تصطدم باستثناء العتبات المقدسة لأن وكلاء المرجعية يتحدثون بالشأن السياسي ولا يمكن ان يكون وكلاء المرجعية والعتبات مشمولون بهذا القانون”.واوضح المولى ان “الامور سوف تتم مناقشتها من اجل ايجاد صيغة للاتفاق خصوصا هناك مواد فيها اربع مقترحات للتعديل الامر الذي قد يحدث انقسام داخل مجلس النواب”.وعبر المولى عن خشيته من “خضوع القانون لأرهاصات الحاضر او الأزمة الراهنة ” مذكرا باهمية الالتفات الى انه سيشرع لعقود قادمة”.وانتقد ان فكر بعض السياسيين ينصب في تشريع القانون على هذه اللحظة فقط، في حين نسعى لتشريع قانون حرية التعبير للعقود القادمة”.واكد ان القانون “سيخضع للمناقشة حيث سيكون اجتماع للجان المعنية بتشريع هذا القانون مع رؤساء الكتل السياسية ويتم النقاش بشأنه لكي يكون جاهزا للتصويت”، لكنه لم يلفت الى دور الناشطين والاعلاميين ومنظمات المجتمع المدني،النائب عن الاتحاد الاسلامي الكردستاني جمال كوجرك قال : ان “مشكلتنا الكبيرة في العراق ان جميع القوانين راقية جدا ولكن الالتزام في غاية الضعف”.كوجرك يلفت الى ان ان دولة متقدمة مثل ألمانيا واليابان والولايات المتحدة لديها قوانين تنظم التظاهر لكنه لم يشر الى اذا ما كانت تقيد الحريات او مساحة الحريات فيها .ولفت الى “غياب الالتزام بالدستور من قبل الحكومة، ومن قبل الجهات السياسية كما ان الشعب لايدري به ” بحسب قوله،رئيس الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين ابراهيم السراج اكد : ان ” الخشية من القانون القانون هو انه يحرف بحسب رغبات الجهات السياسية، وبهذه الحالة يستحيل بهذه العقلية ان يجد اي قانون مساره الصحيح”.وقال السراج “لقد اطلعت على قانون حرية التعبير، وهو قانون تمت صياغته بطريقة ممكن يجعله عرضة للخلاف والاختلاف متسائلا كيف سيطبق من الاطراف السياسية ومن الحكومة ومن القضاء؟”، مشددا على انه “ليس هناك جهة واحدة تدعم هذا القانون او تسانده والسبب وراء ذلك الصراعات والتدخلات والمصالح السياسية والاجندات الخارجية”.ويعتقد السراج ان “العراق غير مهيئ في الوقت الحاضر لاقرار مثل هذا العراق لانه وقت صراعات سياسية مستفيدة واُخرى متضررة “.وقال ان “قانون حرية التعبير حتى اذا تم التصويت عليه فلن يطبق فصوت الميدان والمتظاهرين فيه اعلى”.وكان العشرات من المواطنين والناشطين المدنيين تظاهروا، في (17 تموز 2016)، في ساحة التحرير وسط بغداد لمطالبة مجلس النواب بعدم التصويت على مشروع قانون حرية التعبير والاجتماع والتظاهر السلمي.ويؤكد ناشطون ومراقبون ان هناك الكثير من السلبيات في مسودة القانون فهي بدلا من إلغاء قانون المنشورات وبعض المواد الواردة في قانون العقوبات فإن المسودة تضيف عقوبات وتقييدات اخرى فيها اضافة لمواد اخرى تقيد حرية التجمع كتحديد ساعات للبدء وساعات للانتهاء وهنا تأكيد على عدم شرعية او قانونية الاعتصامات وهذا ما يؤكد ان جزءا من فقرات القانون هي رد فعل على الاحتجاجات والاعتصامات التي يشهدها العراق”.
ان الاصل من وجود البرلمان هو تشريع القانون لتنظيم التعاملات وتأسيس علاقات اجتماعية سليمة، قائمة على محددات وأطر عامة. وفي الدول الديمقراطية، يكون الحكم للقانون، والغلبة له على الأفراد، والأحزاب والطوائف، والزعماء. والقانون لا يستغني عنه الدكتاتور ولا الديمقراطي، بمعنى ان اي تصرف لا يتم الا وفق القانون، ولكن ثمة قوانين تصب بمصلحة الانظمة وافرادها، وترسخ هيمنة المسؤولين على مقدرات الدولة، وفي مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة لملايين العراقيين ويستغل المسؤول دون خوف القانون لصالحه ليسلب حقوق الاخرين ، ان الماًسي التي لاحظناها بعد التغيير هو صياغة القانون وفق مصالح المشرع نفسه ليكون اول المستنفعين . ولا عن التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية الذي لم يكن في المستوى المطلوب، ولا عن تلك الأصوات التي تريد من البرلمان أن يكون منبرًا صوريًا،

ان اهم من تداخل الكثير من المفاهيم، هو القانون والأخلاق وفهم الشريعة الدينية والانسانية ، في الحديث عن عضو البرلمان و من ذلك التزام النائب بتمثيل مصالح الشعب والدفاع عنها وعدم الارتباط بمصالح قطاعية او متعلقة بمراكز نفوذ وتعزيز قيم الوحدة الوطنية والتسامح والتوافق والامتناع عن التحريض واثارة الفتن وكل ما من شانه المس بامن الدولة والمجتمع واستقرارهما.. وتستعمل مفردة القانون ، في بعض الأحيان، كمرادفات لتحمل معنى واحدا، بينما الدرس القانوني والممارسة المهنية تكشفان، بشكل واضح، الفرق بينها. فأبسط تعريف للقانون متفق عليه هو مجمل القواعد الرسمية المنظمة للعلاقات بين البشر،. ويُفهم القانون، على مستوى آخر، أنه أكثر من صيغة إجرائية لتنظيم العلاقات المذكورة، لأنه يشكل رهانا اقتصاديا وسياسيا وثقافيا يطرح على الصعيد الوطني والدولي.

ان البرلمان هو الذي يحدد الإطار الشرعي ويشرف على الفرع الإداري للحكومة للقيام بأدوارهم الديمقراطية على نحو فعال وملحوظ لتحقيق المصلحة العامة وبطريقة تلبي التوقعات الاجتماعية الأساسية للسلوك الأخلاقي في بناء الثقة العامة.وبالتالي فهو يلعب دورا أساسياً في منع الفساد العام. ويسعى البرلمانيون إلى تمثيل مواطنيهم تمثيلاً فعالاً عن طريق تنفيذ الأدوار التشريعية والرقابية التي تكون في المصلحة العامة ويتم ذلك بطريقة تعكس المعايير الأخلاقية في مجتمعهم. وعندما لا يصحو ضمير النائب والسياسي، حتى في الوضع المصيري كالذي يمر به العراق الآن، فلابد أن تكون هناك أسباب خطيرة تقف وراء سيطرة وهيمنة ظاهرة اللامبالاة بالخطر، الذي يتحلى البعض من النواب بها والساسة العراقيون الآن، فهم أما أن يتحلون بالشجاعة والصبر على النوائب والاخطار الجسيمة التي قد تلحق بالمجتمع ووضع الاسس الصحيحة لتحقيق مستقبل متقدم وناصح ، وهو أمر لا تثبته الوقائع كما نراها ونتلمسها، وأما لا يدركون هذه المخاطر وفداحتها، وهو أمر وارد، بسبب قصور الادراك العميق لدى الكثير منهم، او لا يعنيهم مصير البلد ولا الشعب.

الجشع من الأخلاق السيئة في المجتمع ، ولنا في حكايات الزمان السالفة خير ما يثبت تلك الحقيقة المرة ، يحكى في قديم الزمان كان هنالك شقيقين منصور ، و ياسر ، و كان لمنصور قارب صيد سمك صغير بينما كان لياسر قارب صيد سمك كبير ، و كان الأول طيب القلب يرأف بوالديه ، و يوزع قسماً من صيده على الفقراء ، و المساكين ، و كبار السن الذين لا يملكون مالاً للعيش ، أو انهم غير قادرين على العمل ، في حين أن ياسر كان جشعاً لا يساعد الارامل ، و الايتام ، و يصرف كل أمواله على فساد وكلائه ، و يحاول التغطية على فضائحهم الجنسية من خلال شراء ذمم العاملين على موقع اليوتيوب من أجل حذف تلك الفضائح اللاأخلاقية ، و لادامة حفلات ملذاته الشخصية ، وفي يوم من الأيام جاء شيخ كبير ومعه صرة ، و قال لمنصور هلا أوصلتني إلى بيتي في الجزيرة وسط البحر ، و اعطيك ما تريد من القمح وافق منصور على طلب الرجل لقاء أن يأخذ منه ثلاثة أقداح من القمح وفي هذه الاثناء كان ياسر يسترق السمع لما دار بين شقيقه ، و الشيخ فقال للشيخ تعال و اركب معي فإن قاربي كبير ، وهنا قال الشيخ لياسر انت خذ الصرة و ساركب أنا مع منصور في قاربه اتفق الجميع على ذلك ، ولما وصلا لبيت الشيخ اخذ منصور ثلاثة اقداح من القمح بينما ياسر قد ملئ قاربه الكبير بالقمح عن آخره ، و ابحرا كل منهما لكن بسبب جشع ياسر فقد شارف قاربه على الغرق ؛ بسبب الحمولة الكبيرة التي جعلت القارب يشارف على الغرق فأخذ ياسر يرمي بالقمح وسط البحر إلى أن فرغ حمولة القارب تماماً ، وعندما وصلا إلى مرسى القوارب ندم ياسر على جشعه ، هذه القصة تكشف لنا حقيقة الدعوات التي أطلقها وكيل السيستاني عبد المهدي الكربلائي زعيم مليشيا العتبات الدينية في العراق ، و التي يطالب فيها الحكومة بضرورة تضمين مشاريع ، و صرفيات العتبات في موازنة البلاد السنوية فأين تذهب الأموال التي تجبى من العتبات ؟ أين تصرف ؟ كم هي الإيرادات التي تأتي إليها سنوياً ؟ وماهي المشاريع التي انجزتها إدارات العتبات ؟ كم عددها ؟ ما هي نسب إنجازها ؟ كم الأموال التي تتطلبها فعلاً ؟ وكم هي المبالغ المصروفة عليها ؟ وهل هي مقيدة في سجلات العتبات أم لا ؟ اكشفوا للعراقيين عن حقيقة حجم المبالغ الخاصة بأرصدة العتبات ؟ ثم لماذا لا توزع على الارامل و الأيتام و الفقراء و المحتاجين و المساكين و المعزوين ؟ فهل أنتم و مشاريعكم و بورصات بريطانيا أولى بهذه الأموال من هذه الشرائح التي تعيش تحت خط الفقر المدقع ؟ فالسيستاني و وكلائه لم يكتفوا بسرقة أموال العتبات الدينية بل راحوا يطالبون بتخصيصات مالية من ميزانية العراق لتمويل مشاريعهم المفسدة ، و نفقات استثماراتهم المشبوهة تحت عنوان تغطية نفقات مشاريع ، و نفقات العتبات الدينية .

كشفت إحدى الوثائق المسربة حديثا من وزارة المالية العراقية، كمية الفساد المنتشرة بين منتسبي الحشد الشعبي أنفسهم، حيث يسعى أصحاب القوة النفوذ منهم إلى سرقة المرتبات الشهرية لمن هم أقل رتبة، أو العناصر المجندين في صفوف المليشيا التي تتلقى دعمها الأساسي من حكومة الملالي في طهران وتوضح الوثيقة المسربة، والتي تعود لعام 2018، نسبة السرقة التي يتعرض لها مرتب كل مجند، فكانت وزارة المالية العراقية تصرف ما قيمته 750 ألف دينار عراقي أي ما يعادل تقريبا 600 دولار أميركي لكل منتسب من ميليشيات الحشد، إلا أن المنتسبين لم يتسلموا من المبلغ سوى 400 دولار فقط ووفقا لما جاء في الوثيقة أن وزارة المالية عندما شعرت بالتلاعب بمرتبات المجندين بعثت برسالة إلى القيادات في هيئة الحشد الشعبي للاستفسار عن سبب اقتطاع رواتب الأعضاء، وعن مصير تلك الأموال الضائعة وبحسب ما كتب في الوثيقة:” يرجى موافاتنا بإجابة سريعة عن أسباب فروقات الرواتب الموزعة على عناصر اللواء 11 واللواء 26 حشد شعبي، إذ أن الوزارة صرفت رواتب للعناصر المنتمين إلى هيئتكم وفق راتب مقطوع قدره (750 ألف دينار عراقي) شهريا، بينما ما تم تسليمه إلى عناصر اللواءين المذكورين هو (525 ألف دينار واللافت للانتباه أن عناصر من الحشد الشعبي اغتالوا قبل عام في 2018، المدير المالي لميليشيات الحشد الشعبي، قاسم الزبيدي، داخل مكتبه، يأتي هذا بعد أن أطلع رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، على حجم السرقات التي تطال مرتبات عناصر الميليشيات من قبل قياداتهم.
تأسيس الحشد الشعبي – يبلغ عدد قوات الحشد الشعبي حوالى 130 ألف مقاتل، يشكلون 45 فصيلًا، وتضم قوات الحشد الشعبي عدة فصائل مسلحة من بينها فصائل سنية وأخرى مسيحية، وتأسس الحشد في 13 يونيو/حزيران 2014 بفتوى من المرجع الأعلى آية الله علي السيستاني إثر انهيار الجيش العراقي في الموصل ويضم الحشد حوالى 30 ألف مقاتل سني، أما بقية تشكيلاته فتسهم فيها فصائل متعددة منها منظمة بدر بنحو 24 ألف مقاتل، بينما تساهم قوات كتائب حزب الله العراقي بأكثر من 8 آلاف مقاتل، ويبلغ عدد جنود “سرايا السلام” نحو 6 آلاف جندي، بينما تساهم “عصائب أهل الحق” بـ 10 آلاف مقاتل، بحسب إحصائيات لوسائل إعلامية في حين تشير دراسات أخرى قدمها الجزيرة أن مكونات الحشد هي شيعية بالكامل، باستثناء فصيل “بابليون” المسيحي الذي يقاتل في صفوفه، في وقت تنفي قيادات سنية وجود أي فصائل أو مقاتلين سنة بصفوف الحشد، بل تشكيلات “الحشد العشائري” من أبناء العشائر السنية التي شاركت في معارك بمحافظات ومناطق سنية ضد تنظيم الدولة.

تبعية الحشد لحكومة طهران- ولم تخفِ تصريحات مسؤولين عراقيين دور إيران في تشكيل العديد من فصائله، حيث يرتبط اسم بعض الفصائل بدور قائد فيلق القدس بالحرس الثوري قاسم سليماني في تشكيل وتدريب وتسليح فصائل عدة بالحشد، كما أطلق العديد من قيادات فصائل الحشد تصريحات أعلنوا فيها ولاءهم لإيران، ومرشد الثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي , وقبل أشهر سربت أيضا إحدى الوثائق التي يعود عمرها إلى عام 2014، حصل عليها موقع “إنترسيبت” الأميركي ونشرتها صحيفة “نيويورك تايمز”، توثق حجم التدخل والتغلغل الإيراني داخل نظام الحكم العراقي وصناع القرار فيها، وخاصة أن طهران سعت عبر جواسيسها إلى اختيار قادة البلاد، وتجنيد عملائها داخل السلطات العراقية وكما توضح أن العديد من المسؤولين والسياسيين والأمنيين والعسكريين وكبار القادة في العراق أقاموا علاقات سرية وثيقة مع النظام الإيراني، ومن أبرزهم رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، وقد وُصفت الوثائق علاقته مع طهران “بالوثيقة”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here