حلم «الحشد»: يوم رفع المهندس راية الشهادة

حلم «الحشد»: يوم رفع المهندس راية الشهادة

استطاع المهندس أن يمزج في شخصيّته بين ثقافتين مختلفتين: العراقيّة والإيرانيّة
استثنائيٌّ هو هذا العام، واستثنائيّةٌ هي الذكرى السادسة لتأسيس «هيئة الحشد الشعبي». نائب رئيس «الهيئة» أبو مهدي المهندس، غائبٌ قسراً. مطار بغداد الدولي شاهدٌ على ذلك. رفيق سلاحه قائد «قوّة القدس» في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، غائبٌ أيضاً. واشنطن تخلّصت بغارة واحدة من «صقرين» حوّلا قواتها المنتشرة على طول الخارطة العراقيّة إلى فرائس يسهل اصطيادها. الخاسر الأكبر، مذّاك، هو «الحشد»، ولا أحد سواه. المقاربة توجب البحث عن هوية «الحشد»، وشكل المؤسسة ودورها كما أرادها المهندس. هنا يبدأ الحديث عن «صناعة الحشد»، الحلم الذي نما على يدي المهندس.
شخصيّة المهندس وتاريخه الجهادي الطويل، وانتماؤه «الصريح» إلى محور المقاومة منذ انتصار الثورة في إيران عام 1979، وتأثّره بالقيادة الإيرانية (الإمام الخميني، ولاحقاً المرشد علي خامنئي)، جعلته متعلّقاً بهذه المنظومة القيميّة، وقد انعكس ذلك جليّاً في سلوكه. استطاع الرجل أن يمزج في شخصيّته ثقافتين مختلفتين: العراقيّة والإيرانيّة؛ ثوريٌّ متمرّد لكن «ضمن حدود الضوابط»، ومؤمنٌ بقضيّته ومخلصٌ لها. تأثّر المهندس بنموذج الحرس الثوري. حاول أن يُسقط التجربة. قد يُسجّل أنّه فشل في ذلك غير مرّة، قبل عام 2014، لكن يُسجّل له أنّه قادرٌ على تأسيس أي تنظيم في غضون فترة وجيزة.
أعقب سقوط مدينة الموصل، في حزيران/ يونيو 2014، دعوة «المرجعيّة الدينيّة العليا» (آية الله علي السيستاني) الجماهير العراقيّة إلى «الجهاد». وجاءت الفرصة. يُنقل عن المهندس أنّه قدّم معلومات دقيقة إلى النجف، أطلع فيها «بيت السيّد» على المشهد الميداني وتمدّد تنظيم «داعش». كذلك، أرسل إلى رئيس الوزراء آنذاك نوري المالكي، كتاباً يوجز فيه الموقف الميداني، خاصّة أن المعلومات المقدّمة إلى رئاسة الوزراء «لم تكن على القدر المطلوب من الدقّة». يُسجّل للمهندس، وبدعم من سليماني، «السرعة في تطبيق الفتوى»، إذ أرسل ليل الجمعة 13 حزيران/ يونيو من العام 2014، رسالة إلى بيت السيستاني، قال فيها «لبّيك لبّيك». وانطلق «الحشد».
في 11 حزيران/ يونيو، أي قبل إعلان الفتوى بيومين، عُقد أوّل اجتماع في بيت المهندس في المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد. فصائل المقاومة، يومها، أقرّت بضرورة قتال «داعش». يُنقل عنه أيضاً مسارعته إلى تعليق «راية قبّة الإمام الحسين» على باب داره (دلالة على جاهزيّته ومن معه للشهادة). ومع إعلان الفتوى، دعا الكوادر الجهاديّين الذين قاوموا نظام صدام حسين والاحتلال الأميركي، إلى الالتحاق بصفوف المتطوّعين، مستفيداً من خبراتهم لتأسيس القوّة الجديدة. طلب من هؤلاء «التفرّغ لوظائفهم الجديدة والالتحاق بصفوف المتطوّعين لأهمّية الموضوع». حضور المهندس كان كبيراً جدّاً في المعارك طوال أعوام الدم والنار، مخطّطاً ومديراً ومتابعاً. طوال العام الذي سبق تأسيس «قيادة العمليات المشتركة»، كان للمهندس الدور الأبرز في قيادة الميدان وإدارته.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here