النُخب العليلة!!

النُخب العليلة!!
الأمة علتها في نخبها الثقافية بأنواعها , وهذه العلة مستورثة وتسري في عروق الأجيال وتتواصل في تدميرها لوجود الأمة وجوهرها.
فالنخب الذين كانوا يسمون الخواص على مر العصور هم الذين يحتكرون قوة الأمة وطاقاتها الحضارية , ويمعنون بخنقها وسكبها حول الكراسي وتحت أقدام السلاطين , ويحرمون الناس الذين يسمونهم (العوام) منها , ولهذا فشلوا في إرساء البنية التحتية للمعارف الحضارية التي كان عليها أن تنطلق وتتطور.
ويتميزون بأنانية فائقة ونرجسية عالية وبخل علمي شديد , فهم الذين يعرفون وغيرهم يجهلون , وعندهم ينتهي العلم وبموتهم ينتفي ويغيب , وما فكروا بتوريث علومهم وتطويرها وإعداد العقول الكفيلة بالتواصل معها , وإستيلادها أفكارا ذات قيمة حضارية وإنسانية.
أي أن النخب في الأمة كأنهم يعملون ضد الأمة ويقاتلون أجيالها , ويطمحون إلى التحول إلى أوثان في واقعها الموجوع بهم.
وعلى الأمة أن تنتبه لهذه الظاهرة التي أوجدتها النخبة من أبنائها وعملوا على ترسيخها وتطويرها وتواصلها بين الأجيال , ولهذا تجدنا أمام نخب متنوعة ذات مواقف أنانية وتطلعات نرجسية مدمرة لذاتها وموضوعها , وفيها من السلوكيات السلبية ما يُخجل ويُهين.
ويصعب على مَن ينتمي للنخبة أن يقدم نفسه بنكران ذات وتواضع وشعور بالرغبة في التفاعل مع الآخرين بتجرد وحسن نية , وربما لن تجدوا مَن لديه القدرة النفسية والسلوكية على التنازل عن عرشه السرابي وصومعته الخيالية , وينزل إلى نهر الحياة ويتفاعل مع الشارع العربي ويكون بمستوى المسؤولية الحضارية.
ولهذا فأن معظم نخب الأمة يشكلون خطرا كبيرا عليها , فبدلا من أن يكونوا قوة إيجابية ذات قدرات تعزز وجودها وتمنحها طاقات التقدم والرقاء , فأنهم يتحوّلون إلى قوة سلبية تهدر الطاقات وتضع المجتمعات في محن تصارعية , وإستنزافات قاسية تكلف الأجيال خسائر عظمى.
ولكي تكون الأمة عليها أن تتصدى لنخبها المصابة بأمراض سلوكية مروعة , ويأتي في مقدمتها التضخم المرعب للأنا , والنرجسية الفادحة , والتعالي والجبروت والتصورات السرابية الخالية من مفردات الواقع المعاش , والوعظية التي يتفننون فيها ويبررون خطايا الكراسي وآثامها , فهم الذين يدفعون بذوي السلطة والقرار إلى ما لا تحمد عقباه , لأنانيتهم ولرغباتهم الإستحواذية الفادحة.
فهل للأمة أن تعرف مكامن وجيعها ومباعث إنهياراتها؟!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here