الاتفاق العراقي الأمريكي ..انسحاب إلى الوراء !!

الاتفاق العراقي الأمريكي ..انسحاب إلى الوراء !!

محمد حسن الساعدي

تواترت الأخبار عن بدء المباحثات الرسمية بين الولايات المتحدة الأمريكية والعراق على خلفية المطالبة العراقية بانسحاب القوات الأمريكية من البلاد ومع الاحتفال الرسمي بإنزال العلم الأمريكي بمناسبة انسحاب قوات الغزو الأمريكي للعراق وتسليم كافة المسؤوليات إلى السلطات العراقية بعد قرابة تسعة أعوام من الاحتلال بدأ المحللون العسكريون والسياسيون الأمريكيون عملية تقييم لتلك المغامرة العسكرية في بلاد الرافدين التي خسرت خلالها الولايات المتحدة ٤٤٧٤ قتيلا و٣٣ ألف جريح حسب الأرقام الرسمية وأنفقت حوالي تريليون دولار.

وهنا لابد من تساؤل هل حققت أي أهداف أم كانت عملية خاسرة ، خصوصاً وان اليوم الأخبار الواردة تؤكد بعودة الجنود الاميركان إلى العراق تحت غطاء ما يسمى الاتفاقية الإستراتيجية بين العراق وبين الولايات المتحدة الأمريكية ، ومع إتمام الأميركيون انسحابهم من العراق بعد تسع أعوام من التواجد العسكري،عانى خلالها العراق اختلالا كبيرا في بنية مؤسساته السياسية والاقتصادية والثقافية والصحية والأمنية والخدمية، واثر كثيرا على مستقبل العراق السياسي في المجالين الإقليمي والدولي، فعلاقات الدول العربية وخصوصا دول مجلس التعاون الخليجي مع العراق ينتابها بعض الفتور، من الممكن أن يصل حد التوتر، كما أن العلاقة مع تركيا ستحكمها تطورات الوضع الاقتصادي بين البلدين وملف مياه دجلة والفرات وسد اليسو المثير للجدل والعلاقات مع الدول الأخرى المجاورة والأوضاع في سورية ، ومحليا فان المستقبل السياسي العراقي بعد هذا الاتفاق يشوبه التصارع بين القوى السياسية على السلطة والغنائم والمناصب، وظلت هذه المؤسسات السياسية تعتمد على مصالح حزبية ضيقة ، خصوصاً وان هناك من يعتقد بأهمية وجود قوات دولية على الأرض العراقية،وأستغلالها طائفياً ،الأمر الذي تفسره على انه تهديد للمكونات العراقية الأخرى ، في حين أن تواجد مثل هذه القوات هو الذي يهدد وحدة الأرض العراقية ويهدد مستقبلها .

الأمر المهم الذي ينبغي للعراق حكومة وبرلمانا هو الوقوف بجدية مع هذا الملف الخطير ، وضرورة أن يكون هناك وفداً مهنياً عالياً في رؤيته للمصالح العليا للوطن والشعب ، ولكن الواقع يتحدث أن الوفد لم يعتمد المهنية بل اعتمد التناظر أكثر من الكفاءة ، حيث يرأس الوفد العراقي السيد عبد الكريم هاشم مصطفى وهو سفير العراق في روسيا والصين ، إذ أشارت الأخبار ان الجلسة الأولى كانت رسالة حتمية للرأي العام ، وهي تعد جلسة مباحثة ، وهو يمهد لحوارات أكثر هدوءاً بين واشنطن وأطراف الصراع ( إيران – السعودية) ، كما أن مهم لأمن الشرق الأوسط خصوصاً والعالم بشكل عام ، فأن أي استقرار للعراق فهو بداية استقرار للمنطقة .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here