النزاعات العشائرية تنفجر في وجه الكاظمي المتحمس لسيادة القانون

لم يمرّ شهر على إجازة البرلمان العراقي حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي وعد بسيادة القانون، ونزع السلاح المنفلت بيد المليشيات والعشائر، حتى تفجر عدد من النزاعات القبلية في محافظة البصرة والعاصمة بغداد، وهو ما يضع الكاظمي على محك الاختبار.

وضمن تصريحات «النارية» مع بدء عمل حكومته، توعد الكاظمي، بنزع كل السلاح «المنفلت» خارج نطاق الدولة، وتعزيز سيادة القانون، وفرض هيبته، على الجميع، لكن مراقبين يرصدون تهاوناً حكومياً تجاه سلاح العشائر، خاصة في المحافظات الجنوبية، التي تشهد بين الحين والآخر، نزاعات عالية المستوى، تُستخدم فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وحتى الثقيلة.

وهاجمت مجموعة عشائرية مسلحة، الجمعة، في ناحية الإمام الصادق شمال البصرة عدداً من المنازل، على خلفية مقتل أحد أفرادها.

وبحسب مصادر أمنية، فإن «مفرزة لاحقت قبل يومين أفراداً من عصابة كانت قد اختطفت أحد المقاولين، ليرد أفراد العصابة بإطلاق النار، ما أسفر عن مقتل أحد أفرادها، ثم تحرير المختطف».

وقال المصدر لوسائل إعلام محلية، إن «عشيرة القتيل من أفراد العصابة، قامت اليوم باطلاق النار على منازل تعود لعشيرة الضابط الذي نفذ عملية تحرير المقاول المختطف” مبيناً أن “عشيرة القتيل تطالب بتسليمهم الضابط او البراءة منه بالاضافة الى الكشف عن اسماء المفرزة الامنية التي قامت بقتل أبناء العشيرة».

وبحسب المصادر، فإن أجواءً من الترقب والحذر تسود الناحية، بينما يقيم زعماء قبيلة الضابط في العاصمة بغداد.

وأظهرت مقاطع مرئية بثها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، إطلاق وابل كثيف من الرصاص على منازل بدت بهيئة فقيرة قيل إنها تعود لمنزل أحد أقرباء الضابط.

عشائر تمتلك قذائف RBG

ومؤخراً، أعلنت مفارز وكالة الاستخبارات والتحقيقات في وزارة الداخلية، ضبط أسلحة غير مرخصة إثر نزاع عشائري في بغداد.

وذكر بيان للمديرية، تلقى أن «مفارز وكالة الاستخبارات شرعت  بعملية بحث وتفتيش، بالاشتراك مع مفرزة من الشرطة الاتحادية واخرى من الامن الوطني، اثر نزاع عشائري نشب بين عشيرتين في منطقة النهروان»، مضيفاً أن «العملية أسفرت عن العثور على رشاش BKC و قاذفة RBG7 وعدد من القذائف والحشوات الدافعة».

بدوره، يرى الزعيم القبلي، نبهان المعموري، إن «هذه الخلافات تحدث بشكل طبيعي، بين القبائل، لكن غير الطبيعي، هو ما يحصل بعدها، من نزاع واقتتال وحرب ربما تستمر لعدة أشهر، وبعض النزاعات العشائرية، التي تجددت خلال الأيام الماضية جنوبي العراق، بدأت قبل عشرين سنة، وهذا ما يتطلب موقفاً جاداً من الحكومة ووزارة الداخلية والمؤسسات الأمنية الأخرى».

وأضاف المعموري في تصريح أن «مناطق العراق، ربما لا تشهد نزاعات عشائرية، واقتتال كما يحصل في الجنوب، وعلى رغم إطلاق عدة مبادرات خلال السنوات الماضية، لحل هذه الآفة التي تقتل عشرات الشبان سنوياً، لكن دون جدوى، وهذا يعود إلى السلاح المنفلت والعادات والتقاليد المنتشرة بين الناس، والتي تشجع على أخذ الحق باليد، دون الاكتراث بوجود قانون أو دولة، يمكنها إنصاف من يشعر الظلم».

وأصيب أربعة منتسبين في القوات الأمنية، الجمعة، إثر تدخلهم في فض نزاع عشائري، بمحافظة ذي قار.

وقال ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «نزاعاً عشائرياً حدث في منطقة العكيكة في قضاء الشيوخ بمحافظة ذي قار، أدى إلى إصابة 4 منتسبين من الفوج السادس، اثنان منهم حالتهما خطرة بعدما حاولوا إنهاء أحد النزاعات هناك».

ويرى خبراء في الشأن الأمني، أن الكاظمي عليه إدراك حقيقة الأوضاع في تلك المدن، إذ أن السلاح المنفلت يتسبب بشكل كبير في تأجيج تلك الصراعات، فضلاً عن عجز القوات الأمنية في ضبط هذه المعارك غير المنتهية، بسبب الفساد المالي والإداري في صفوف المنتسبين والضباط، وتواطأهم مع زعماء القبائل، والتهاون في تطبيق القوانين.

خطة في «جعبة» الكاظمي

بدورها، أعلنت الحكومة المحلية في محافظة البصرة أن لدى رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي خطة مفصلة لمعالجة ملف النزاعات العشائرية.

وقال المحافظ أسعد العيداني في بيان،  إنه بحث مع الكاظمي ملف النزاعات العشائرية، وكذلك مع وزيري الداخلية والدفاع خلال زيارتهما إلى محافظة البصرة.

وأضاف، أن «الأجهزة الأمنية في المحافظة كانت قد تصدت قبل فترة لهذا الموضوع إلا أن انشغال الأجهزة الأمنية بملف التظاهرات لفترة طويلة ومن ثم مساهمتها في تطبيق الحظر الشامل في المحافظة، عرقل جهود متابعة هذا الملف الذي سيتم حله بشكل مفصل من الحكومتين الاتحادية والمحلية».

ويرى معنيون، أن الحكومة يجب أن تعاقب العشائر التي تمتلك أسلحة غير مرخصة وغير نظامية حيث أن الأسلحة المتوسطة والثقيلة لا يوجد ترخيص لها وإن عقوبة امتلاكها هي السجن المؤبد، ولو عاقبت الدولة مجموعة من الأشخاص لتجنبت تلك العشائر امتلاك هكذا أسلحة.

بدوره، ذكر الناشط إيهاب التميمي، أن «دولاً أقليمية وعلى رأسها إيران، تؤجج الخلافات بين القبائل، وتعمل على استمرار هذه النزاعات، خاصة في مناطق شمالي محافظة البصرة، لإبقاء تلك المناطق تحت سيطرة ونفوذ وكلائها من الأحزاب الدينية، والفصائل المسلحة، إذ أن توقف مثل تلك الممارسات يعني التفات القوات الأمنية إلى ما تفعله تلك الفصائل، وربما تطارد نفوذها».

وأضاف التميمي في تصريح لـ (باسنيوز)، أن «الكاظمي عليه توجيه قوات من بغداد، تبدأ بنزع السلاح من مناطق شمالي البصرة، وتعتقل شيوخ القبائل المساهمين بمثل تلك المعارك، حيث شوّهوا سمعة المحافظة، بمثل تلك التصرفات، والبدء بتطبيق خطة واضحة لمنع تكرار هذه المعارك، ومحاسبة المتسببين بها سابقاً، أمام الرأي العام ليكونوا عبرة لغيرهم».

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here