هل أنت شيعي (اثنا عشري) ؟؟ من فمكَ أدينك

هل أنت شيعي (اثنا عشري) ؟؟ من فمكَ أدينك
بقلم : مهدي الفراتي

لعله السؤال الاسهل على لسان كل شيعي جعفري اثني عشري حينما تستفهم منه مذهبه، أياً كان شخصه من عوامهم الى اعلامهم، صغيرهم كان ام كبيرهم. ولما كان الدين عرفاً توارثه الأبناء من الآباء دون البحث في محتواه وما يرمي إليه، حتى طغى في الواقع ما نسميه (الدين والمذهب العرفي) دون (الدين والمذهب الجوهر او الأصل)، وبمرور الزمان نجد هذا الدين العرفي يتباعد في سلوكياته شيئاً فشيئاً عن الأصل والجوهر مدعماً بعدة أغطية منها القدسية والشعيرة والعقيدة والولاء وما هم منها بشيء.
لذا صار من البديهي مخاطبة واستفهام العلماء الاعلام والباحثين في المذهب دون المقلدة من العوام ومن يلقي بعباداته معاملاته الى العالم بقانون (خليها براس عالم واطلع منها سالم)، بأنه هل أنت شيعي ؟؟ – سيكون الجواب نعم أنا شيعي، جعفري، اثنى عشري.
هنا سُيطرح سؤال مناقض لإجابة السؤال الأول وهو ما يقرأه كل شيعي على وجه الأرض – حتى العوام – وهو ما روي عن موسى بن عبد الله النخعي عندما سأل الامام علي بن محمد الهادي (ع) بأن يعلمه قولاً بليغاً كاملاً إذا زار احداً من أئمته، فعلمه الزيارة الجامعة، والتي اتفق على صحتها كبار علماء الشيعة وانه لا شك من صدورها عن المعصوم (ع).
واذا تمعنت في نصوص هذه الزيارة العظيمة ستجد (( باَبِي اَنْتُمْ وَاُمِّي وَاَهْلِي وَمالِي وَاُسْرَتِي اُشْهِدُ اللهَ وَاُشْهِدُكُمْ اَنِّي مُؤْمِنٌ بِكُمْ وَبِما آمَنْتُمْ بِهِ ….. آخِذٌ بِقَوْلِكُمْ عامِلٌ بِاَمْرِكُمْ ))، فمَن مِن الشيعة الآخذ بقولهم والعامل بأمرهم ؟؟
فعوام الشيعة ستجد ان هذا القول ( لعق على ألسنتهم ) وكالشعراء الذين ذمهم القرآن بصفة (( وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ )) هذا وان الشعراء لم يقسموا ويشهدوا الله جل جلاله وأربعة عشر معصوم لا مثيل لهم على الأرض على انهم اخذين بقولهم وعاملين بأمرهم، وهؤلاء العوام على وجهين:
الأول: من يقرأ دون تمعن وهم الأعم الأغلب.
الثاني: من يقرأ ويتمعن ويكذب، تحت غطاء العديد من الحجج منها (( لست الوحيد ! – انه مجرد دعاء ! – انا اخذ بقولهم وعامل بأمرهم قدر المستطاع ولا يكلف الله نفساً الا وسعها ))، او ان يؤولها وفقاً لهواه لأنه لا يجد من التفسير ما يفيده لأنها واضحة وصريحة.
كما إن العوام بصورة عامة لا تنال مثل هذه الأمور محور اهتمامهم، وما يهمون به حقاً هو التطبير حلال أم حرام ؟ طور الشور في القصائد الحسينية حلال أم حرام ؟ شريفة بنت الحسن (ع) تعطيك مسألتك أم لا ؟، فبحر المعرفة الحقة بالله سبحانه وورسوله الكريم (ص) والائمة الهداة (ع) بعيد كل البعد عن محور اهتمامهم.
اما العلماء وهم الذين يتحملون وزر العوام المقلدة ووزر علمهم مقابل عدم العمل بالشيء، فلا يمكن بحال تصور انهم قرأوا ولم يعلموا – كالعوام – (( وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ )) وهم على عدة اوجه:
الأول : اما ان يسقطوا قول المعصوم ويقولوا بعدم صحة رجال الحديث، وهم لم يفعلوا ذلك بل العكس اتفق على صحتها اعلام الشيعة ووردت في عدة مصادر أهمها ما ورد عن الصدوق في من لا يحضره الفقيه وعيون أخبار الرضا، كما رواها الشيخ الطوسي في تهذيب الأحكام ، وذكرها العلامة المحدث الكبير محمد باقر المجلسي في كتابه (تحفة الزائر) وقال عنها (( هذه احسن الزيارات الجامعة متناً وسنداً )).
الثاني : ان يكونوا قد علموا وامعنوا بها ولكنهم لم يعملوا، لأنهم لو عملوا بالجزء اليسير منها لما صار ما صار من فساد وظلم وعدم إعطاء الحقوق الشرعية لمستحقيها ولما لعبت حواشي المكاتب الخاصة بالمراجع بأموال الغائب دون أذن منه، ولما جُعل لكل مرجع ووكيل له حاجب بينه وبين الناس، ولما سمحوا للعامة بتقبيل أياديهم، ولما أصبحت المحاباة للذي يرتدي العمامة السوداء (العباسية) دون العمامة البيضاء بحجة النسب !! أهكذا كان يعمل امير المؤمنين علي ابن ابي طالب (ع) بالرعية ؟؟ ، ام كان يعملها غيره من المعصومين (ع) ؟؟ فلا مناص من انطباق قوله تعالى عليهم (( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ )) لأنهم اشهدوا الله على قول لم يعملوه عمداً وتجرئاً وتقصيراً لا قصوراً.
فهل يستطيع أياً من كبار العلماء أن يتصدى لهذا القول ويعلم الملأ وعامة الناس – بعمله وسلوكياته ومعاملاته مع العوام وليس بقوله – انه (( آخذ بقولهم وعامل بأمرهم )) ؟
مما سبق يتضح ان (كاريزما) او شخصية المتكلم في الزيارة الجامعة وفي أغلب الأدعية والزيارات عند الشيعة هو شخص ليس في أي منا، وبعبارة أدق اننا لم نرقى عملياً وسلوكياً لذلك الشخص الذي يتحدث بمثل هذا الكلمات، فطوبى لمن يجد في نفسه ذلك الشخص وأثبت ذلك من خلال تعامله مع الناس.

انتهى

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here