أمر محير .. لماذا لاينجب المجتمع العراقي ساسة شرفاء ؟

أمر محير .. لماذا لاينجب المجتمع العراقي ساسة شرفاء ؟

خضير طاهر

عقم المجتمع العراقي عن إنجاب ساسة شرفاء وطنيين أمر محير ومشكلة مزمنة .. ولابد هنا من التفريق مابين المناضل الحزبي ، والوطني ، فعناصر الأحزاب المخلصة لتنظيماتها التي تقدم التضحيات في سبيلها لاينطبق عليها توصيف المناضل الوطني ، فالمناضل الوطني الحقيقي هو الذي يضع مصلحة العراق أولا ولديه غاية خدمة جميع المواطنين من دون أهداف أيديولوجية مسبقة وهذا غير متوفر في المناضل الحزبي الذي يتحرك وينشط من أجل حزبه أولا وربما يتعرض للإعتقال والإعدام بسبب الإنتماء للحزب وليس لنشاطه الوطني .. زائدا ليس بالضرورة الأحزاب التي نشأت في العراق هي حاجة وطنية ، فالأحزاب الشيوعية والإسلامية والقومية … كانت تعيش حالة (( إغتراب )) ولاتحظى بالإجماع الشعبي ، ولم يلمس منها الشعب أية فائدة تذكر ماعدا التغرير بالشباب وسوقهم الى المعتقلات وأعمدة المشانق وبالنتيجة خسارة بشرية للمجتمع دون فائدة أو نتيجة سياسية إيجابية ، وكذلك القيام بالتظاهرات والإحتجاجات وحمل السلاح ضد الدولة ،والإنقلابات العسكرية ، ونهب المال العام ونشر الطائفية وبيع العراق الى إيران !
تحليلي الشخصي لعدم إنجاب المجتمع لشخصيات وطنية .. مرتبط بقدرة أفراد المجتمع على الإرتقاء الى مستوى القيم والدفاع عنها ، لدى شعوب معينة ومنها الشرقية مستويات الإرتقاء الإنساني للأفراد ضعيف وعاجز ويعاني من عدم الثبات العاطفي والفكري والتقلبات المزاجية ، بمعنى توجد شعوب قدرات البشر فيها محدودة وغير قادرة على الوصول الى مستوى القيم العليا بشكل ناضج ورؤية واضحة وإيمان حقيقي ثابت ، فالعديد من الشعوب- ومنها العراق – تفكر وتتصرف بطريقة بدائية تخلو من المعايير المنطقية والمبدئية ، وإذا حاول البعض ان يكون مبدئيا ليس لديه القدرات النفسية والعقلية لبلوغ هذه المرتبة .
اما فكرة المساواة بين جميع البشر في أصل الخلقة فهي ليست واقعية ، إذ توجد نظرية تنفي إنحدار البشر من أصل واحد هو الجد الأفريقي ومن ثم إنتشاره في الارض ، النظرية الأخرى تقول : ان البشر ظهروا في أماكن متفرقة في أوقات متعددة وأصول مختلفة (*)، وطبعا المسكوت عنه في هذه النظرية خوفا من تهمة العنصرية هو ان هذا التعدد في أصول البشر ينتج عنه الإختلاف في القدرات والإمكانات في أصل الخلقة على سبيل المثال : لاحظوا عدد العلماء الحاصلين على جوائز نوبل ستجدون معظهم من أصول أروبا الغربية بما فيهم العلماء من أميركا ، بينما ولد أشخاص في أوربا وأميركا من أصول عربية وشرقية وأفريقية ولاتينية وأسيوية تلقوا نفس التعليم والثقافة ، لكن لانجد لديهم تميز وإبداع علمي يؤهلهم للحصول على جوائز نوبل إلا ماندر جدا ، فالبشر خلقوا ليسوا متساويين من حيث المواهب والإمكانات على صعيد الأعراق ، والمساواة التي يرددها دعاة حقوق الإنسان يفترض ان تكون في الحقوق والواجبات أمام القانون وليس في طبيعة أصل الخلقة .
علما الشجعان البواسل الذين خرجوا في تظاهرات تشرين في العراق ، كان خروجهم ردة فعل على غياب الخدمات والفساد ، ولم يكن سلوكا أصيلا يريد بناء وطن أفضل حتى في حالة وجود الخدمات وفرص العمل ، وللأسف هذه الثورة لم ينتج عنها أي مشروع وطني واضح ، وكذلك لم تنجب عناصر وطنية بديلة فاعلة ومؤثرة في المجتمع ، وكذلك ماحصل في دول الخليج العربي من تجارب سياسية ناجحة لايعود الى نزاهة الساسة ، وانما الى الوصاية الأميركية والبريطانية وعملية التخطيط والضبط لسلوك الساسة في الخليج التي قللت من سرقاتهم وإضطهادهم لشعوبهم ، وجعلت تلك الشعوب تتمتع بالأمن والإستقرار والمواطن فيه يعيش حياة مرفهة .
* -هامش :راجع كتاب : علم النفس التطوري / دايفيد باس

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here