الميليشيات تتغوّل .. جهاز مكافحة الإرهاب لاينفع مع فوضى المنافذ الحدودية

وقال الحلبوسي ، في تصريح متلفز مساء الأحد، إن “ملف المنافذ الحدودية، من أعقد الملفات في العراق، ويحتاج إلى قدرة، من حكومة الكاظمي، ورؤية للتعاطي معه، وإنهاء تلك المشكلة”.

ويبرز هذا الملف إلى الواجهة من جديد، مع الأزمة المالية التي يشهدها العراق، في ظل تفشي جائحة كورونا، وانخفاض أسعار النفط، مع حالة الإغلاق العام في أغلب محافظات البلاد، وهو ما أجج مطالبات شعبية وسياسية بضرورة تطويع المنافذ الحدودية، إلى الدولة، واستغلال تلك الموارد.

وقبل أيام، أعلن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وضع خطة لسيطرة الدولة على جميع المنافذ الحدودية البرية والبحرية؛ لوقف هدر المال المقدر بمليارات الدولارات.

من يسيطر على تلك المنافذ؟

في الجنوب العراقي مثل البصرة وميسان ، تسيطر فصائل مسلحة على تلك المنافذ، وتعمل بالتعاون مع مندوب حكومي لتحصيل الأموال ومنح الحكومة نسبا محددة، أو فرض إتاوات إضافية على التجار، الذين عادة ما يكونون مضطرين إلى دفعها لإدخال شحناتهم.

وبحسب مصدر مطلع، فإن “تلك الفصائل معروفة لدى الجهات الأمنية مثل الشرطة المحلية، هيئة المنافذ الحدودية، وهي مشخصة بشكل واضح، لكن المأزق يكمن في التعامل معها، والقدرة على ردعها وضبطها، وإيقافها عن ممارسة هذا الابتزاز، أو اعتقال أفرادها”.

إدارة منفذ الشلامجة الحدودي مع إيران تؤكد استمرار غلقه أمام ...

وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لـ(باسنيوز) أن ” هذه الفصائل لا تعمل بشكل منفرد ، وإنما ترتبط ارتباطاً وثيقاً ، بزعامات سياسية وقادة كتل وأحزاب ، وبالتالي فإن استهدافها يعني استهداف تلك الكتل في البرلمان، ما يعني أن الوزير المختص أو رئيس الوزراء، سيكون هدفاً سهلاً لهذه الفصائل، التي تمتلك أذرعا سياسية، تحميها من أي استجواب أو استهداف”.

ولفت المصدر ، إلى أن ” الكاظمي ، في حال فتح هذا الملف، فإنه سيصطدم بتلك الكتل ، ما يعني تفجر الخلافات معها ، وحتى مع الدول التي ترعاها ، مثل إيران ، والسؤال الأهم ، هل يريد الكاظمي، المواجهة مع إيران ” .

ويمتلك العراق أكثر من 30 منفذًا على حدود كل من دول سوريا، والأردن، وإيران، وتركيا، والسعودية، تدر مليارات الدنانير سنويًا عبر الجمارك المتحصلة من مرور البضائع والمنتجات إلى داخل البلاد التي باتت تستورد كل شيء تقريبًا.

كما تسيطر بعض العشائر على المنافذ الحدودية التي تقع في مناطق نفوذها، فعلى سبيل المثال تسيطر قبيلة السواعد المعروفة، على منفذ الشيب الحدودي، بمساعدة عصائب أهل الحق.

إدارة منفذ الشلامجة تؤكد إستمرار الحركة التجارية بشكل طبيعي مع ايران

وبحسب وسائل إعلام محلية ، فإن ” بيت مانع يسيطرون ، على جزء من الواردات وهم من عشيرة السواعد أيضًا، ويتبعون ميليشيا عصائب أهل الحق ، التي تسيطر الآن على منفذ الشيب بنسبة 80%، أما واردات القبان والبضائع ودخول السلع ، فيسيطر عليها ميليشيا (الأوفياء) التابعين للعصائب أيضًا ، قبل انشقاقهم عن الحركة مؤخرًا ، وأدى انشقاقهم إلى تصادم غير منقطع مع السواعد ، وبعض العشائر المنافسة”.

مليارات مهدورة

وتشير البيانات الرسمية الصادرة عن الحكومة العراقية إلى أن الإيرادات المقدرة لهذه المنافذ سنويًا تتخطى 10 مليارات دولار، لكن وزارة المالية تحصل على ما بين 500 مليون إلى 2.5 مليار دولار، فيما يقول نواب ومعنيّون إن خروج المنافذ عن سيطرة الدولة يحول دون وصول تلك الأموال إلى خزينة الدولة.

وبحسب الخبير الاقتصادي والمرشح السابق لرئاسة الحكومة مازن الأشيقر ، فإن ” خسائر العراق من المنافذ الحدودية تصل إلى 11 مليار دولار، يذهب إلى الفصائل المسلحة والميليشيات المسيطرة على تلك المنافذ”.

وأضاف في تصريح صحفي، أن “أغلب المنافذ التي يسيطر عليها هؤلاء غير رسمية، وتدخل منها يومياً شحنات بضائع متنوعة”، مشيراً إلى أن “الإرادة السياسية هي الحاكمة في هذا الملف ، ما يتطلب اتفاق الزعامات السياسية لمواجهة الظاهرة”.

تحرك عسكري

وقدّمت ، المنافذ الحدودية ، مؤخراً ، مقترحاً إلى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، لإرسال قوات أمنية لمواجهة أي تدخل خارجي.

دخول 400 ألف زائر إيراني عبر منفذ الشلامجة الحدودي لأداء الزيارة ...

وقال رئيس هيئة المنافذ عمر الوائلي في مقابلة مع الوكالة الرسمية العراقية للانباء ، إن ” هيأة المنافذ قدمت مقترحا إلى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بخصوص إرسال قوات أمنية معززة لأمن المنافذ، لغرض ضمان عمل الكوادر العاملة في داخل المنفذ الحدودي وإشعارهم بالعمل في بيئة آمنة ولمواجهة أي تدخل خارجي من قبل بعض العصابات الخارجة عن القانون”.

وأضاف، أنه “لغاية الآن لم يتحرك جهاز مكافحة الإرهاب، وننتظر انتشاره في المنافذ العامة بعد توجيهات القائد العام ” ، نافياً انتشار قوات جهاز مكافحة الإرهاب في منافذ الإقليم أوفي غيرها.

وأشار إلى أن ” هيأة المنافذ الحدودية تسعى في ظل الأزمة المالية الراهنة إلى العمل على زيادة الإيرادات الحكومية بما يدعم خزينة الدولة الاتحادية ووضعت خططًا مدروسة، في أن تأخذ الهيأة دورها على وفق ما حددته لها القوانين والتعليمات ، في الإشراف والرقابة والتدقيق والتحري الأمني وتطبيقها بصرامة للكشف عن حالات الفساد والتهريب، بالتعاون المشترك مع الدوائر العاملة في المنافذ الحدودية ” .

منفذ سفوان – الصفحة 2 – وكالة يقين للأنباء

لكن المحلل السياسي وائل الشمري، يرى أن “دولاً خارجية تحقق مكاسب كبيرة من جرّاء الفوضى الحاصلة في المنافذ الحدودية العراقية، وعدم قدرة الحكومة على ضبطها، سواءً بإدخال البضائع غير الصالحة للاستهلاك، أو تخفيض الكمارك، أو حتى الممنوعة من الاستيراد، وهذا ما يحصل بشكل متكرر في المنافذ الحدودية بين العراق وإيران ، التي تتعامل مع العراق بنحو 11 – 12 مليار دولار”.

وأضاف في تصريح لـ(باسنيوز) أن “مسألة إرسال قوات إلى الحدود والمنافذ للسيطرة عليها ، هي نوع من البدائية في إدارة الدولة، فهناك تعاملات مالية ، ووثائق وسجلات ، وكمارك ، فكيف سيعرف الضابط ، أن هناك فساد في كل ذلك ، ما يعني عدم فاعلية هذا المسار، وضرورة العمل كما هو الحال في الدول المتقدمة، التي تجعل المنافذ الحدودية،  وفق تعاملات مالية الكترونية ، عبر البطاقات ، سواءً بين التجار والموردين ، أو مدخلي تلك البضائع”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here