3 رؤساء وزراء تعهدوا بإنهاء ملف النزوح: أكثر من مليون عراقي خارج منازلهم

نحو 3 سنوات على اعلان بغداد القضاء على تنظيم “داعش”، الذي هجر نحو 6 ملايين عراقي، ومايزال اكثر من مليون عراقي خارج مناطقهم، ونصفهم على الاقل في المخيمات.

كما لاتزال الاسباب التي منعتهم طوال تلك السنوات من العودة مستمرة، فيما فشلت 3 مواعيد حكومية “مفترضة” سابقة في غلق هذا الملف بطريقة مقبولة.

وتقف قضايا امنية مثل الخوف من تسلل “داعش”، او سياسية مثل سيطرة فصيل مسلح معين على زمام الامور، او خدمية مثل الدمار الذي لحق ببعض المناطق، عائقا امام اعادة النازحين.

وقبل اسبوعين وعد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بانهاء هذا الملف، في وقت بدأ فيه تفشي وباء “كورونا” بالضغط على الحكومة للاسراع في اعادة السكان الى وضعهم الطبيعي.

قبل الانتخابات التشريعية الاخيرة في 2018، كانت حكومة حيدر العبادي آنذاك، قد اعادت حوالي نصف النازحين، لكن المشكلة كانت في النصف الآخر الذي لم يجد منزلا يسكن فيه او يرفض بعض السكان استقباله.

وضغط ملف الانتخابات حينها على الحكومة للاسراع بغلق هذا الملف، ووعد العبادي القوى السنية باعادة الامور الى طبيعتها في مطلع 2018، وكان هذا شرطهم (السُنة) للاشتراك في الانتخابات.

اصطدم العبادي بعدة عراقيل في تحقيق هدفه، حيث كان المفترض ان تغلق المخيمات قبل 4 اشهر من موعد الانتخابات (جرت الانتخابات في ايار 2018)، لكن الموعد تمدد الى آذار من نفس السنة.

بدأت الحكومة تهدد الموظفين في المناطق المحررة بقطع الرواتب او الفصل من العمل في حال رفضوا العودة، وادانت الامم المتحدة في العراق ماقالت انه مؤشرات ظهرت على “عودة جبرية للنازحين”.

وقال موظفون عائدون الى غربي الانبار لـ(المدى) انهم رجعوا الى مدنهم “لكنهم وجدوا منازلهم قد دمرت بالكامل، او بعضها مازالت ملغمة ولم يتم تنظيفها من المتفجرات”. ودمرت الحرب نحو 200 الف منزل في 8 مدن هي الاكثر عرضة للخراب. لاحقا حاول عادل عبد المهدي، رئيس الوزراء السابق، اكمال خطة اغلاق المخميات، وامتدت محاولات الاخير من بدايات 2019 الى شباط 2020، حيث شهدت الحملات هذه المرة اعمال عنف.

ورفض سكان في تكريت وكركوك والشرقاط، جنوب الموصل، استقبال نحو 200 عائلة من النازحين، بعد تسرب انباء عن ان العائدين هم من ذوي “داعش”، كما لاحق بعض السكان، سيارات نقل النازحين بالرمانات اليدوية لابعادهم عن مناطقهم.

في شهر ظهور “داعش”

في الذكرى السادسة لسقوط الموصل بيد تنظيم “داعش”، وعد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، النازحين بانهاء معاناتهم في اول زيارة له الى المحافظة منذ تسلمه المنصب قبل نحو شهرين.

ووجّه الكاظمي في بيان اعقب الزيارة، “باتخاذ الإجراءات اللازمة التي من شأنها تقليل معاناتهم وتسهيل عودتهم الى مناطق سكناهم الأصلية في محافظة نينوى”. وتعهد الكاظمي، بأن “تعمل الحكومة بكل قدراتها لأجل إيجاد حل دائم لمشكلة النازحين، وإنهاء معاناتهم”.

يقول مسؤول محلي في نينوى لـ(المدى) ان “الاسوأ من كل مايتعرض له النازحون في نينوى، ان الحكومة المحلية لا تعرف عدد النازحين بشكل دقيق”.

وذكر البيان الصادر عن الحكومة أن الكاظمي حين “زار العوائل النازحة في مخيّم السلامية في منطقة النمرود بمحافظة نينوى، وجه دوائرالمحافظة بإعداد قوائم شاملة وتفصيلية لأعداد النازحين”.

واكد المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه ان “رئيس الوزراء منح الحكومة المحلية في نينوى شهرا واحدا لاعطاء المعلومات التفصيلية عن النازحين في المحافظة”.

وفي اواخر 2019، اضطرت نحو 50 عائلة الى العيش في صحراء غرب الموصل تحت حماية البدو، بعد ان رفض سكان جنوب نينوى استقبالهم، بذريعة انهم من “عوائل داعش”.

وكانت جنوب الموصل، تضم اكبر مخيمات للنازحين: الجدعة وحمام العليل والقيارة، وسجلت اعلى نسبة للنازحين فيها باكثر من 100 الف شخص في ذورة المعارك ضد تنظيم “داعش” قبل 3 سنوات.

ولايعرف بالتحديد عدد النازحين في البلاد، فيما تقول مفوضية حقوق الانسان ان هناك نحو 100 الف عائلة مازالت في المخميات، بينما وبحسب مسؤولين، ان ضعفي هذا العدد متواجد خارج مدنهم وهم بحكم النازحين.

كورونا والمخيمات

وأطلقت مفوضية حقوق الانسان، الاثنين الماضي، نداء اغاثة انساني عن ٩٤٦٤٠ عائلة نازحة، مشيرة الى أن تلك العوائل بانتظار “التفاتة الحكومة” لها لاعادتها الى مناطقها.

وقال عضو مفوضية حقوق الانسان، فاضل الغراوي، في بيان إن “المفوضية أطلقت نداء اغاثة انساني موجه للحكومة للتدخل الفوري لإعادة (٤٧٣٢٠٠) نازح الى مناطقهم بشكل طوعي”.

وأضاف الغراوي أن “اوضاع النازحين اصبحت مأساوية في ظل النقص الحاد في متطلبات المعيشة، والاغاثة واصابة عدد منهم بفايروس كورونا وانتشار الامراض المزمنة والجلدية، واضطرار الاطفال منهم للعمل والعيش في خيم مع قساوة حرارة الصيف”.

وطالب الحكومة “بالتدخل الفوري لإعادتهم الى مناطقهم وانهاء المعاناة الانسانية ومعالجة الصعوبات الامنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تحول دون عودتهم، واغلاق هذا الملف المشوب بالكم الكبير من المآسي”.

ومازال هناك نحو 200 الف شخص، لم يعودوا الى منازلهم في جرف النصر (الصخر سابقا) جنوب بغداد، بسبب خلافات سياسية. ويقول رشيد العزاوي النائب عن بابل لـ(المدى) ان “هناك حلحلة في هذا الملف عن ماكان قبل 4 سنوات” رغم عدم عودة أي نازح حتى الآن.

المدن المحررة بعد 3 سنوات

ويواجه عشرات آلاف مصاعب في العودة الى مناطق في صلاح الدين، مثل العوجة، العويسات، عزيز بلد، سليمان بيك والقرى المحيطة بآمرلي، اضافة الى بيجي التي تعرضت الى دمار كبير.

واعلنت وزيرة الهجرة والمهجرين، إيفان فائق جابرو، الأحد الماضي، إغلاق 20 مخيما للنازحين في محافظة الأنبار (غرب). وأوضحت جابرو في بيان، أن غلق المخيمات، تم بعد إعادة أغلب ساكنيها إلى مناطقهم الأصلية بعد قضاء قرابة 6 أعوام. وأشارت إلى أنه تم دمج بقية القاطنين لتلك المخيمات في مخيمين اثنين هما “عامرية الصمود والمدينة السياحية”.

ونوهت إلى أن “العدد الكلي للأسر النازحة في محافظة الأنبار المتبقية هو 1706 أسر”، دون تفاصيل عن عدد من عادوا لمناطقهم الأصلية.

وأشارت إلى أن “محافظة الأنبار كانت تضم في بداية أزمة النزوح 76 مخيمًا يقطنها أكثر من 70 ألف نازح”، دون توضيح سبب إغلاق المخيمات السابقة.

وأضافت الوزيرة أن “إعادة النازحين إلى ديارهم هي المهمة الأولى لنا ولا نرضى أن يبقى الآلاف من أهلنا يواجهون تقلبات الطقس القاسية”.

في ديالى، هناك 9 قرى بين المحافظة وحدود صلاح الدين مازالت خالية من السكان منذ 2014.

وقال عبد الخالق العزاوي النائب عن ديالى لـ(المدى) ان “تلك القرى الخالية اصبحت مسرحا لتواجد داعش”.

ويوجد في ديالى مخيم واحد، معسكر سعد، ويضم نحو 150 عائلة لم تعد حتى الان الى مناطقها الاصلية، لاسباب سياسية وامنية.

اما في كركوك، فيرفض عدد من السكان عودة النازحين لاسباب تتعلق بالتغيير السكاني، والخوف من تسلل داعش.

ويقول جمال شكور النائب عن كركوك لـ(المدى) ان “هناك حملات متعددة لنقل نازحين من الحويجة الى كركوك لاسباب تتعلق بتغيير ديموغرافية المدينة”، كما يرجح النائب ان هؤلاء العائدين هم من “ذوي داعش”.

اما في شرق تكريت، يمنع منظر المنازل المدمرة عودة السكان هناك، رغم مرور اكثر من 4 سنوات على تحرير مناطقهم.

ويقول رشيد كريم، المسؤول المحلي في ناحية سليمان بيك لـ(المدى) ان “400 منزل مدمر بالكامل من اصل 4000 بيت”، مبينا ان 90% من المنازل البقية متضررة بشكل متفاوت. وفي سنجار، شمال الموصل، يقول محما خليل قائممقام القضاء لـ(المدى) ان “80% من النازحين لم يعودوا لاسباب امنية واخرى تتعلق بدمار المدينة”.

وبدأ بعض النازحين مؤخرا، بالعودة الى سنجار قبل ان تقوم تركيا، الاسبوع الماضي، بشن هجوم واسع على شمالي العراق، بذريعة ملاحقة عناصر حزب العمال الكرسدتاني المعارض لانقرة (بي كه كه). وقال محافظ نينوى الأسبق أثيل النجيفي عبر تغريدة في تويتر، ان “من اهم اسباب عدم عودة النازحين الى سنجار بنواحيها سنوني وخانصور ومعهم ناحية القحطانية لأنها تحت سيطرة حزب العمال باذرعه المختلفة”.

وأضاف النجيفي في تغريدة على “تويتر” ان “اداراتها لا تربطها بالعراق رابط اداري لا من خلال نينوى ولا اقليم كردستان. امنهم، علاقاتهم، كلها مع اجنحة حزب العمال في سوريا”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here