وسائل الوقاية تُرهق المواطن وتضعف ميزانيته

بغداد /عديلة شاهين

تراجعت القدرة الشرائية لدى المواطن العراقي في فترة تفشي وباء كورونا لتردي الوضع الاقتصادي و تذبذبه ، و بينما يواجه العالم أزمة وجودية في التصدي للفايروس، ارتفعت أسعار وسائل الوقاية ارتفاعاً مهولاً فاق قدرة المواطن البسيط بسبب ازدياد الحاجة الملحة لشراء هذه الوسائل ولم يسلم المواطن العراقي من تجار المستلزمات الطبية الذين استغلوا التهافت على وسائل الوقاية و هم على قناعة بأنه عندما تكون حياة الإنسان في خطر، تسقط أمامه كل الاعتبارات المادية.

و في بيان لرئيس لجنة الصحة و البيئة النيابية قتيبة الجبوري تابعته المدى ، طالب بدوره رئيس الوزراء بوضع حد للتدخلات السياسية في عمل وزارة الصحة و قيام البعض بمصادرة جهودها و عقد صفقات تحوم حولها شبهات الفساد خصوصاً فيما يتعلق بمستلزمات التصدي لوباء كورونا، و من جانبه حذّر وكيل وزير الصحة حازم الجميلي من تعاظم خطر فايروس كورونا في العراق بعد تجاوز عدد الإصابات حاجز الألفين وقال في تصريح صحافي “إن تخطي عدد الإصابات بفايروس كورونا حاجز الألفين يجعل وزارة الصحة أمام تحدٍ جديد لمعرفة سبب الارتفاع ويحتم على الدولة والمواطن أن يعيدا حساباتهما في الإجراءات الوقائية التنفيذية والشخصية”، وأكد أن “عدم التزام المواطنين بإجراءات الوقاية هو السبب الأساس لارتفاع عدد الإصابات، و إن ما طلبناه من اتخاذ أساليب الوقاية ليس تعجيزياً وهو ممكن لكن للأسف هناك من يصر على عدم الاكتراث وخاصة في المناطق الشعبية رغم ارتفاع مستوى الخطر وعدد الإصابات”، ودعا الجميلي “الجهات التشريعية لإصدار تشريعات طارئة وعاجلة تتضمن عقوبات صريحة وكبيرة لمحاسبة المخالفين،و إن القوانين الموجودة لا تطبق بسبب إشكاليات قانونية وبدون تطبيق القانون بحق المخالفين سيمهد لنتائج غير طيبة ووضع أخطر بكثير من الوضع الحالي”.

و في ظل الظروف الصحية الصعبة التي تشهدها البلاد، لم تتردد المدى في النزول الى الشارع لمعرفة آراء الناس حول موضوع التوفير اليومي لمستلزمات الوقاية للعائلة العراقية الواحدة و في ذلك يقول المواطن سجاد حسن سائق سيارة أجرة : أثرت ظروف جائحة كورونا على وضعي الاقتصادي تأثيراً كبيراً خاصة بعد تطبيق الحظر الجزئي و الشامل حيث إنني لا امتلك عملاً إضافياً سوى العمل في هذا المجال و الآن و بعد عودة الحياة من جديد أثناء النهار عدت الى العمل و لكن وقت العمل لا يكفي لسد حاجة أسرتي اليومية خاصة حاجتهم في توفير مستلزمات الوقاية من وباء كورونا، مضيفاً :و بما إنني أحاول قدر الإمكان تأمين لقمة العيش إلا أنه يتوجب علي توفير كمامات و قفازات و مطهرات و معقمات بصورة يومية لأفراد أسرتي مما أثقل كاهلي. أما السيدة صبا ناصر فتؤكد للمدى عدم قدرتها على توفير مبلغ لشراء وسائل الوقاية اليومية لأسرتها المكونة من ٦ أفراد كونها فاقدة للمعيل و هي مصدر الدخل الوحيد للأسرة لعملها في مجال بيع الملابس و أشارت السيدة صبا الى أنها تحاول إجاد بدائل كقص المناديل الورقية على شكل كمامة أو خياطة الكمامة من الأقمشة المتوفرة لديها و لكنها عجزت عن إيجاد بديل للقفازات كذلك توفير المعقمات و المنظفات للأفراد الستة. و من جهته يقول الدكتور أحمد علي للمدى :يبدو أن أزمة فايروس كورونا كشفت المزيد من الأزمات التي كانت غائبة عن المواطن، موضحاً : توفر معظم الكوادر الطبية المعقمات و الكمامات و القفازات و الستر الواقية على نفقتها الخاصة و ذلك لعدم قدرة المستشفيات على توفيرها و تغطية حاجة الكوادر الطبية بصورة يومية و مستمرة بالرغم من انهم خط الصد الاول و تعرضهم للاصابة المباشرة.

عملية حسابية!

و اعتبر الناشط المدني و الإعلامي ناظم شكر الحديدي الذي قدم عدة مقترحات حول موضوع توفير الوسائل الوقائية من الفايروس قائلاً :إن من الأعباء الإضافية التي تعرض لها المواطن أو التي أثقلت كاهله في فترة انتشار وباء كورونا هي وسائل الوقاية من الفايروس خاصة لدى ذوي الدخل المحدود الذين تعرضوا الى ضائقة مادية كبيرة خلال فترة الحظر لاعتمادهم على الأجور اليومية.

و أضاف الحديدي في حديثه للمدى :جاء موضوع وسائل الوقاية من الفايروس بميزانية إضافية تثقل كاهل المواطن و أدى هذا الموضوع الى إرباك كبير للعوائل البسيطة إذا ما أرادت أن تلتزم بوسائل الوقاية من الفايروس، و يتراوح سعر الكمامة الواحدة في الصيدليات من ٥٠٠_١٠٠٠ دينار و إذا ما فرضنا أن متوسط عدد أفراد الأسرة العراقية هو (٥) أفراد سيحتاج ذلك الى توفير (٥) كمامات يومياً و تكلفة توفيرها يوميا تقدر من ٢٥٠٠_٥٠٠٠ دينار أي ما يعادل من ٧٥_١٠٠ ألف دينار عراقي شهرياً، أيضاً بالنسبة للقفازات يتراوح سعر العلبة التي تحتوي على ١٠٠ قطعة من ١٠ _١٥ ألف و ربما يحتاج الفرد الى أكثر من قطعة يومياً يضاف الى ذلك تكلفة شراء المعقمات و المطهرات التي تشكل عبئاً آخر يضاف الى الأعباء المادية للعائلة، و استطرد الحديدي بالقول : فاذا فرضنا بأن متوسط دخل المواطن العراقي هو ٧٥٠ ألف دينار شهرياً فستحتاج العائلة المكونة من ٥_٧ أفراد الى وسائل وقاية و تطهير و تعقيم تقدر تكلفتها من ٢٠٠_٢٥٠ ألف دينار شهرياً و هذا سيكلف تقريباً من ٢٠_٣٠ ٪ من دخل الفرد العراقي، و توجد عوائل يقدر دخلها الشهري باقل من المعدل المذكور بكثير .

العقوبات و عجز المواطن

و أوضح الحديدي للمدى : يوجد عدد كبير من العوائل التي تشكو من عدم إمكانية توفير وسائل الوقاية لذا تلجأ الى عدم استخدامها أو مواجهة الوباء بلا وسائل وقائية، و هي في حقيقة الأمر ترغب في تطبيق القوانين و لكن ضعف قدراتها المادية حال دون ذلك، و لو لجأت الدولة الى توفير وسائل الوقاية لذوي الدخل المحدود، لكان بأمكانها فرض عقوبات واقعية على الأشخاص غير الملتزمين بمتطلبات الوقاية من الفايروس و هذا سينعكس إيجابيا و يقلل من مخاطر العدوى و من الممكن في حينها تطبيق القانون، و لا يمكن للدولة أن تحاسب مواطن لا يمتلك قوت يومه على عدم ارتدائه للكمامة أو القفازات التي عجز أصلاً عن شرائها.

البطاقة التموينية

و اقترح الحديدي على الدولة و الجهات ذات العلاقة وضع ميزانية مخصصة لتوزيع وسائل الوقاية من كورونا بما فيها المطهرات و المعقمات أو على أقل تقدير توفير البعض منها لذوي الدخل المحدود و ذلك بأستخدام البطاقة التموينية و بما أن قاعدة البيانات متوفرة لدى وزارة التجارة و التي يتوفر فيها تقسيم لفئات المجتمع و بناء على هذا التقسيم تم حجب التموين عن الرواتب التي تجاوزت المليون و بذلك تتمكن الدولة من حصر العوائل الفقيرة و مساعدتها بتوفير مستلزمات مواجهة الوباء.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here