غرباء يتلاعبون بأمن الطارمية و20 عملية عسكرية لم تنجح بتطهيرها

بعد نحو 3 اشهر من آخر عملية تفتيش جرت في قضاء الطارمية، شمال بغداد، اطلقت القيادة العسكرية، امس، حملة عسكرية واسعة في القضاء بحثا عن بقايا تنظيم داعش. وسجلت الطارمية منذ مطلع 2020 الحالي، خمسة حوادث امنية، تسببت بمقتل واصابة 10 بين مدنيين وعسكريين، في واحدة من اقل اعوام العنف التي شهدها القضاء.

وفشلت اكثر من 20 عملية عسكرية (مداهمات وحملات كبيرة) خلال الـ6 سنوات الماضية وهي فترة ظهور تنظيم داعش في البلاد، في وضع حد للتوترات الامنية داخل المنطقة.

وتوصل مسؤولون وعشائر القضاء في حزيران من العام الماضي، الى اتفاق من المفترض ان يكون نهائيا مع الحكومة لانهاء صفة “الدعشنة” التي التصقت بالاهالي، عبر شن عملية تطهير واسعة ودقيقة للتأكد من خلو المنطقة من أي نشاط مسلح.

وشهدت الطارمية، نحو 20 كم شمال العاصمة، حوادث نادرة خلال السنوات الماضية، كما لم يخل الأمر في القضاء من بعض الأفعال الاستفزازية التي تقوم بها عناصر أمنية، بحسب ما يقول مسؤولون وسكان في القضاء، حيث سجلت اعتداءات لفظية على الأهالي.

وفي نيسان 2017 كانت قيادة عمليات بغداد قد نفذت عملية عسكرية في القضاء اطلق عليها اسم “السيل الجارف”. وبعد تدقيق السكان وجمع الاعتدة واعتقال المطلوبين، أطلق لقب “المدينة الآمنة” على القضاء، في إشارة الى زوال الخطر فيها. لكنّ الحوادث الأمنية لم تتوقف، واستمرت القوات الأمنية بالمداهمات، حتى بلغ الأمر ذروته في تموز من العام نفسه، حين قصفت طائرات مواقع داخل القضاء، وأسفر القصف عن مقتل مدنيين، على خلاف الرواية الحكومية التي اكدت استهداف مسلحين.

وكانت القوات قبل ذلك الحادث بأسبوعين، قد قتلت انتحاريين اثنين يرتديان حزامين ناسفين، قبل تمكنهما من استهداف تجمعات للمواطنين في مركز القضاء. وبعد انحسار قدرة داعش وبعد اعلان العراق القضاء على التنظيم بشكل كامل نهاية 2017، فجرت امرأة في شباط 2018، نفسها بعد محاصرتها في مدرسة، كما كادت الاوضاع ان تشتعل في القضاء في حزيران 2019، حين اطلق مجهولون الرصاص على دورية للجيش اسفرت عن مقتل وجرح 8 جنود. وعادت بعد الحادث الأخير الاتهامات ضد السكان بالارتباط بـداعش، فيما قال مسؤولون ان الخرق الامني كان بسبب خلاف بين قوتين عسكريتين تعملان على امن الطارمية، وان الرصاص الذي وجه للدورية كان من “نيران صديقة”.

وبحسب مسؤولين في القضاء، ان وصمة الانتماء الى التنظيم المتطرف التي طالت السكان، تسببت بمنع انتماء العديد من ابناء الطارمية الى سلك القوات الامنية، او تسليح العشائر ضد “داعش” او تشكيل فوج من المحليين ضمن الشرطة او الحشد الشعبي.

وحلًا للنزاع توصلت الحكومة والوجهاء في الطارمية الى تنفيذ حملة عسكرية “حاسمة” لوضع حد للاتهامات والسيطرة على الاوضاع الامنية بحسب ما كان يرد من تقارير القيادات العسكرية والذي كانت العشائر تفنده.

لماذا أطلقت عملية عسكرية جديدة؟

مطلع العام الحالي، وبعد تعهدات الحكومة السابقة – بحسب بيانات رسمية- بالسيطرة على الاوضاع في الطارمية، حصل اشتباك عنيف بين القوات الامنية ومسلحين. وقالت “خلية الإعلام الأمني” التابعة للحكومة، في بيان منتصف كانون الثاني الماضي، إن اشتباكات مسلحة اندلعت بين قوات الجيش واثنين من مسلحي التنظيم بعد اقتحام احد البساتين في الطارمية، واستمرت على مدى 4 ساعات، وانتهت بمقتل العنصرين. ولفت إلى أن أحدهما “إرهابي خطير يدعى سيف فيصل، وملقب بأبي إسحاق، وشغل عدة مناصب في تنظيم داعش الإرهابي”.

وتابع أن المدعو “أبا اسحاق” كان المسؤول الأمني العام للتنظيم لمناطق شمال بغداد بين عامي 2016 و2017، فيما تغير منصبه عام 2018 إلى “آمر مفرزة” بالمنطقة ذاتها.

وأشارت الخلية إلى أن أجهزة الاستخبارات العراقية كانت تتعقب “أبا اسحاق” باعتباره من “أهم وأبرز القيادات الإرهابية الحالية في شمال بغداد”. مسؤول محلي في الطارمية يقول لـ(المدى) ان “هناك غرباء يأتون في الغالب من صلاح الدين، ويثيرون بعض المشاكل في القضاء”، مشيرا في الوقت نفسه الى “وجود مبالغات في التعامل مع الطارمية”. العام الماضي، قال زعيم “عصائب اهل الحق” قيس الخزعلي، ان تنظيم داعش لم يغادر مطلقا قضاء الطارمية. بالمقابل حذر القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي ووزير الداخلية الأسبق باقر جبر صولاغ، مما أسماه “الخلايا النائمة في الطارمية”.

واهتم رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي بشكل كبير بوضع الطارمية لحساسية المنطقة، إذ قام بنفسه بزيارة القضاء في الصيف الماضي، للاشراف آنذاك على اطلاق العملية العسكرية (ضمن حملة إرادة النصر العسكرية)، برفقة وزير الدفاع نجاح الشمري ونائب رئيس هيئة الحشد ابو مهدي المهندس. ويضيف المسؤول المحلي الذي طلب عدم نشر اسمه، ان “خلافات بين بعض القطعات العسكرية في المنطقة، تحمّل الى سكان القضاء، كما ترفض الحكومة تشكيل افواج حماية من ابناء القضاء”.

في آذار الماضي، هاجم مسلحون حاجز تفتيش لمحطة كهرباء في القضاء، قتلوا شرطيا واصابوا 2 آخران اثناء الهجوم، فيما اطلقت القوات الامنية النار بعد اقل من شهر من الحادث.

وفي ايار الماضي، انفجرت عبوة ناسفة على دورية عسكرية، تسببت بمقتل ضابط برتبة رائد، واصابة 4 عسكريين آخرين، كما قتل مدني بحادث اطلاق نار في حدث منفصل بنفس يوم الهجوم الاخير. وهاجم مسلحون يعتقد انهم تابعين لتنظيم “داعش” في حزيران الماضي، منزل احد المحامين في الطارمية. وقتلوا على الفور المحامي طارق هلال بعد ان اطلقوا النار عليه.

امس، ذكرت خلية الإعلام الامني أن “اللواء الأول ضمن قطعات فرقة الرد السريع باشر بعمليات تطهير وتفتيش قضاء الطارمية شمالي العاصمة بغداد والبحيرات المتواجدة فيه”.

بالمقابل قال الحشد الشعبي، الذي يشارك في عملية أمنية جديدة بقضاء الطارمية إنه القى القبض على عدد من المطلوبين للقضاء صادرة بحقهم مذكرات قبض بتهم إرهابية وجنائية.

وبين اعلام الحشد ان “عملية الاعتقال نفذت بناء على معلومات استخباراتية وردت من استخبارات الحشد والعمليات المشتركة”. وقالت خلية الاعلام الامني، في بيان امس، ان “العملية اشتركت فيها قطعات قيادة عمليات بغداد وقطعات (لواء القوات الخاصة / رئاسة اركان الجيش ولواء المشاة الآلي السابع والثلاثون ولواء من الرد السريع ولواء المهمات الخاصة بالشرطة الاتحادية ولواء من الحشد الشعبي) وبإسناد طيران القوة الجوية وطيران الجيش”.

واشارت الى ان “هذه العملية تأتي وفقًا لمعلومات استخبارية دقيقة، لملاحقة بقايا عصابات داعش الإرهابية، وتفتيش هذه المناطق بهدف تعزيز الأمن والاستقرار والقاء القبض على المطلوبين وحماية مصالح المواطنين فيها”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here