مع السيد السيستاني للمرة الثانية و تشرفي بمقابلة هذا العملاق

Image preview
كان ذلك يوم 17 – 11 -2018 في بيته المتواضع في النجف الأشرف .
البداية :
كان لإبن العم السيد عبد الزهرة الحكيم الفضل في ترتيب هذا الحدث التاريخي الجميل …
حيث طلبت منه أن يرتب لي اللقاء الثاني مع المرجع المتواضع … بعد أن قابلته للمرة الأولى قبل عدة أعوام …
الغرض من هذ المقابلة : هو أهداؤه اللوحة َ الجدارية َ التي تتضمن تقرير الأمم المتحدة ( برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ) عن الإمام علي عليه السلام ، و توصيات البرنامج الأممي UNDO ( United Nations Development Program ( الذي يزود 177 دولة بالخبرات المختلفة ) ، للدول كافة باتباع وصايا الإمام العظيم ( التي طبّقها عمليا ً على نفسه ، وعلى الناس) إن أرادت ان تبني بلدها على أساس العدالة و احترام حقوق الإنسان … بل و التقدم في الزراعة، و الصناعة
و احترام المعارضة ..
و الأكثر من ذلك … أن إرادوا تطبيق الديمقراطية ، في مفهومها الحديث التي أوصى بها الإمام علي قبل أكثر من 1000 عام… عليهم أن يختاروا الرئيس الجيد ، الذي لا يغريه المال و لا المنصب ، و عليه أن يحارب الفساد المالي و الإداري …
ذهب السيد عبد الزهرة الحكيم إلى بيت المرجع ، و عاد … ليبشرني
بحصول الموافقة على مقابلتي لسماحة المرجع ..
و أظن أنه قد حصل على تلك الموافقة من نجله السيد محمد رضا ، مدير مكتبه ، و منسق أكثر أموره …
ذهبت بمعية السيد إلى مدخل الزقاق الضيق … في شارع الرسول الأعظم (ص) الذي كان يومها تحت سيطرة الشيوعيين في أواخر الخمسينات … من القرن الماضي ..
لم يطلب الحراس تفتيشي ..
كنت أتوقع أن يطلبوا مني ترك التلفون الجوال … و الحاجيات الأخرى .. و لكن المرافقين أبدوا أجمل الإحترامات و التقدير ، و تكرار كلمة ( مع الإشارت باليد المعروفة ) تفضلوا سيدنا …
دلفت في البيت الشرقي البسيط الذي تعود ملكيته للمدرسة الشبرية ،
وأنا أحمل اللوحة الجدارية الكبيرة ….
و كان المرحوم السيد محمد أمين شبر نجل الشهيد المفقود السيد جواد شبر ( الذي ترجمته في موسوعتي (عن قتل مراجع الدين و علماء و طلاب الحوزة الدينية لشيعة بلد المقابر الجماعية العراق) أخبرني بأنه يأخذ أجور أستئجار البيت الذي يسكنه السيد السيد السيستاني مرة كل عام …
جلسنا على الكراسي البسيطة …
التي تسع لأربعة أشخاص …
قُدم لنا الشاي اللذيذ بالإستكانات مع السكر ..
و السيد محمد رضا يدخل و يخرج من غرفة والده .. مع من يريد مقابلة أبيه … و لمدد قصيرة جدا ً حيث يزدحم الضيوف في البهو الصغير … واحدا ً بعد واحد ..
جاء السيد مرتضى الكشميري … صهر المرجع و سلم علي … و نحن أصـــــــدقاء في لندن .. حيث أتردد على مؤسسة الإمام علي عليه السلام ، و هي مركز الإرتباط بالمرجع السيستاني ، الذي يديره في لندن ، في المناسبات الدينية و الإجتماعية المختلفة ..
ثم سمح لنا السيد محمد رضا بالدخول لغرفته العادية …
فدخلت الغرفة مع السيد عبد الزهرة الحكيم ، و أنا أحمل الجدارية ..
وكان منظرا ً غير مألوف بتاتا ً …
و ربما لأول مرة يشاهد هذا السيد المقدام هذا المشهد ، شخصا ً يدخل إلى غرفته العطرة و هو يحمل جدارية كبيرة …
و كان يجلس على يمين الغرفة .. السيد المُعظم ببساطته المعهودة ، وهيبته الجليلة ..
سلمت عليه .. و إذا به يفاجئني ..
بالقيام …
إحتراما ً و تبجيلا ً … يا إلهي ..
ما هذه الأخلاق الزاهية من هذا الرجل العملاق الذي حرر العراق من داعش ، و حفظ شرف بناته و عوائله …؟
قبلت ُ تلك اليد الشريفة التي كتبت في #أطول_لوحة_في_العالم_للإمام_الحسين عليه السلام … من القماش الطويل الطويل : جملتَه الشهيرة :
( السلام عليك يا أبا عبد الله و على الأرواح التي حلت بفنائك ، علي الحسيني السيستاني 15 صفر 1435 هـ ) .
توجد صورتها في بحث كوكل Google. على الرابط التالي ، لطفا ً :
قدمني له السيد الكشميري ، منحنيا ً للسيد قائلا ً … هذا الدكتور صاحب الحكيم ، مؤلف موسوعة العلماء …
– أجابه السيد على الفور : نعم أعرفه
– أهلا ً و سهلا ً سيدنا كيف حالكم يسألني بلغة عربية فصيحة ..
– الحمد لله أدام الله وجودكم …
– انا صاحب الحكيم سفيرالسلام العالمي ، و مقرر حقوق الإنسان ، و عضو منظمة العفو الدولية في لندن ..
– حدثته عن تقرير الأمم المتحدة عن الإمام علي ع و أهميته ، و كيف أن العالم يهتم بوصايا الإمام لدول العالم ، و يطلب منها إتباعها ، لخير البشرية ، و من أجل نموها ، و تقدمها …
– و قلت له سيدنا الكريم :
– أهديكم هذه اللوحة الجدارية التي تضم هذا التقرير الدولي ..
– قال لقد قبلت ُ الهدية … ,
– و أشكركم كثيرا ً ، لقد تعبتم في المجيء إلى هنا ..
– قلت سيدنا انا أهديت الكثير منها ، و سوف أهدي مثل هذه اللوحة الجدارية إلى المراكز الدينية ، و الجامعات و الكليات ، و معاهد البحوث ، من أجل نشرها ، و الحث على ترويجها ، ليعرف الرأي العام العراقي و العالم العربي و الإسلامي أهمية هذا التقرير الأممي و مضامينه العالية …
– قال : شكر الله تعالى مساعيكم ، و أتمنى لكم الخير في مهمتكم ..
و أكثر ما حز في نفسي قولته التي أثرت بي :
– انا لم أخرج من هذا المكان منذ أكثر من عشرين عاما ً .. ؟ و لكنه عاد
– فدعا لي بالتوفيق و السداد …
و كانت من أجمل الكلمات و أحلاها على نفسي ..
– استأذنت بالخروج …. مودعا ً هذا الرجل العملاق بفكره و حصافة رأيه ، و إستشرافه للمستقبل ، بل و عمق نظرته السياسية و الإجتماعية و الدينية …
و إذا به يقف …
– سيدنا تفضل بالجلوس رجاء ً
و إذا به يدعو لي مرة أخرى
– حفظكم الله تعالى ، و نصركم و أيدكم ..
خرجت من الغرفة …
– شاكرا ً له ، و للسيد محمد رضا نجله الكريم ….
و أنا أسير في الزقاق الضيق الذي يذكرني ببيتنا الذي كان يقع في محلة العمارة في النجف الأشرف ..
و أفكر عن سر هذا السيد الذي تجاوز الثمانين من العمر ، و لكنه يحمل عزم الشباب ، و فتوة الكهولة ، و له ملايين الأتباع في مختلف أنحاء العالم ، و هو يقول :
– لا أريد منكم سوى أن تقبلوني ….
و أن أدفن في النجف الأشرف ..
بعد أن أراكم جميعا ً بخير …
#الدكتور_صاحب_الحكيم
النجف الأشرف
17 تشرين الثاني 2018
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here