مصري عشق عراق الحضارات فكتب …وعراقي أحب مصر الكنانة فرد !

مصري عشق عراق الحضارات فكتب …وعراقي أحب مصر الكنانة فرد !

احمد الحاج

لأن أبناء مصر الكنانة يحبون العراق والعراقيين حبا جما ويحزنون لما ألم به فقد نشر الدكتور عبد الحليم الفقي ،على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك ” بوستا + صور + تعليق” تجمل مقالا طويلا لكاتب عربي اسمه محمد صبره،بعنوان “جزرة طريق الموت نعيدها كي لا تنسى الأجيال ” ..جاء من جملة ما جاء فيه :
إن كل من في الصور هنا ميت .. حتى الشاحنات مدمرة تماما ..هذه الصور كانت صباح يوم 27 شباط ، سنة 1991 ، بعد الانسحاب العراقي من “الكويت” في نفس اللحظة كانت إدارة الرئيس الأمريكى “جورج بوش الاب ” قد أمرت بأن ” لا تدعوا أي شخص ..أي شيء عائد من الكويت حيا” فيما وصف قائد القوات الامريكية في الكويت آنذاك المجزرة بأنها “نصر إلهي لأتباع يسوع !!”.
هنا لم أجد بدا أنا العراقي المحب لعراقه ، العاشق للشقيقة مصر وشعبها منذ عقود أن أعلق على المقال المحزن قائلا :
لنتحدث قليلا وللتأريخ عن ما سماه شوارتسكوف ، بأنه نصر الهي لأتباع يسوع ،حدث ليلا أن جاء أمر مفاجئ بإنسحاب الجيش العراقي من الكويت بعد إنتهاء المهلة الأميركية وبدء الهجوم البري وبينما كنا نسير في الصحراء أنا وثمانية من المراتب والآبار النفطية من حولنا كلها مشتعلة بوجود ضباب كثيف ودخان أسود أشد كثافة حتى أني صليت المغرب في تمام الساعة الثالثة عصرا ظنا مني بأن وقت الغروب قد أزف وهناك وبعد منتصف الليل مرت من أمامنا خمس عجلات عسكرية عراقية على الطريق الخارجي العام وهو في منتهى الخطورة حيث جثث الجنود العراقيين متناثرة وحيث السيارات والعجلات محترقة هنا وهناك بقصف صاروخي لكل شيء يتحرك على هذا الطريق بين الجهراء الكويتية ومنفذ سفوان الحدودي العراقي على مدار أسابيع ماضية ،وقد قضينا ثلاثة أيام بلياليها ونحن نسير في الصحراء تجاه الحدود العراقية ،أقول مرت خمس عجلات مطفأة الأضواء ، ومن ثم 10 عجلات بعدها بدقائق ، ومن ثم رتل كامل ففهمنا بأن الجيش العراقي ينسحب من الكويت حاليا مع أن “صدام حسين سبق له أن أكد عدم الانسحاب من الكويت حتى وإن سمع العراقيون صوته في الراديو وهو يدعو الى ذلك !”.
عندما مرت العجلات الخمس الأولى كانت هناك مقاتلة اميركية يتيمة تصول في السماء وتجول بتلك الساعة وقد رمانا الطيار بصاروخ جو – أرض سقط على بعد أمتار منا ولم نصب بسوء لرحمته سبحانه بنا ،ربما لعدم إيماننا ولا قناعتنا بهذه الحرب المشؤومة أساسا لكونها قد أعقبت حربا مدمرة سبقتها أهلكت الحرث والنسل لثماني سنين متواصلة بين 1980- 1988 أسفرت عن مقتل وجرح وإعاقة الملايين من الجانبين العراقي والايراني وتعطيل عجلة التنمية والبناء في كلا البلدين طيلة فترة الحرب الدامية حيث إنصرفت كل الجهود والأموال والطاقات للمجهود الحربي حصرا وخسر العراق 40 مليار دولار من إحتياطي العملات الصعبة من مخزونه المالي الستراتيجي قبل الحرب ليستدين فوقها 14 مليار دولار معظمها من الكويت وهذه كانت إحدى أهم أسباب غزو الكويت لاحقا 1990 -1991 بعد مطالبة الكويت الجانب العراقي برد ماعليه من ديون متناسية بأن العراق إنما بذل الغالي والنفيس وخيرة شبابه في حرب مدمرة دافع فيها عن الكويت وعن – عقل وغتر وكروش أمراء وملوك وسلاطين الخليج العربي المتدلية كلها ولحماية ما يسمى بالبوابة الشرقية للوطن العربي وقتها – وجلنا لم يمض على تسريحه من الخدمة العسكرية في حرب الخليج الأولى أكثر من شهر واحد فقط قبل أن نصعق بإندلاع حرب الخليج الثانية لنستدعى الى الخدمة العسكرية ثانية ودفاتر خدمتنا العسكرية ما تزال في دوائر تجنيدنا ولم تختم بعد ..أي هراء هذا الذي يجري في العراق منذ عقود وأي إستهتار بدماء العراقيين وإنسانيتهم ماض على قدم وساق في كل العهود والى يومنا المعاش هذا ؟!
وعودا على بدء أقول وبمجرد أن أومضت السماء “الضوء يسبق الصوت وأسرع منه ” نزلنا من الشارع الى الصحراء المجاورة وكان الشارع أعلى من الصحراء بثلاثة أمتار تقريبا وبالتالي فإن الشظايا ذهبت يمينا ويسارا ومرت من فوقنا من دون أن تصبنا بسوء ..بعدها جاءت عشرات المقاتلات الاميركية وأخذت تقصف الجيش العراقي بـ” الفسفور الابيض” والعنقودي والنابالم اضافة الى صواريخ كروز وتوماهوك ..العجيب أن أميركا اليوم تنفي إستخدام الفسفور الأبيض قبل نهاية التسعينات الا أنها أحرقت قطعات الجيش العراقي المنسحبة كلها بالفسفور الأبيض وهذا تعرفه من خلال قنبلة ترمى من الطائرة فتنفجر في الهواء قبل إصدامها بالأرض – كصعادات وألعاب رأس السنة الميلادية النارية بالضبط – وكل قطعة منها تهوي الى الأرض كانت تحرق أي شيء تلامسه أمامها ، حتى أن العجلات جلها صارت من دون إطارات بعد إحتراقها بفعل الفسفور الأبيض وكانت العجلات تمشي على – الويل – والنيران من خلفها كالشرار بسبب الإحتكاك بالطريق المعبد ، كانت قطع الفسفور تحرق العجلة بمن فيها بمجرد إصطدامها بالهدف فلا يخرج منهم أحد قط وتبقى جثثهم متفحمة للعيان وقد رأيت بأم عيني عشرات الجثث المتفحمة لعراقيين ظلت مبعثرة هنا وهناك وبما وثقتها الصور لاحقا ..ماذا حدث بعد ذلك ؟ العجلات المحترقة والمتراكمة سدت الطريق الى منفذ سفوان الحدودي فأضطر الجيش العراقي إما للنزول الى الصحراء والمسير بين الآبار والألغام والأوحال وإما المضي قدما ولكن سيرا على الأقدام هذه المرة من دون عجلاتهم ومركباتهم ، فيما ظل هذا الفسفوري والعنقودي والنابالم يقصف جيشا منسحبا ، والجيش ،أي جيش في العالم يكون أضعف ما يكون عند إنسحابه من دون غطاء جوي ولا دفاعات جوية تاركا كل معداته الثقيلة من خلفه بغية ضمان سهولة الحركة والقدرة على المناورة خلال عملية الانسحاب بأسرع ما يكون ،وهكذ ظل القصف لثلاثة أيام متواصلة بدءا من الجهراء الكويتية بالقرب من الحدود السعودية وليس إنتهاء بمحافظة ميسان جنوبي العراق وفي كل 100متر جثة ..في كل كلم آليات محترقة ..في كل 10 كلم مجزرة وأكوام من جثث متفحمة رحم الله الجميع وأسكنهم فسيح جناته ،وبما أنني كنت شغوفا بقراءة ما حدث لمصر الحبيبة سنة 67 بما يسمى بنكسة حزيران وهي في حقيقتها هزيمة حزيران التي ضاعت من جرائها القدس والضفة الغربية وسيناء والجولان والاقصى المبارك الى يومنا، فقد طابقت سيناريو الانسحاب العراقي غير المنظم والمفاجئ من الكويت وما تعرض له المصريون أيام 67 بعد مباغتة الطيران الصهيوني لهم وتدمير الطائرات في مطاراتها ومدرجاتها ومرابضها وخلصت الى أن السيناريو واحد الا وهو – تدمير الجيشين الباسلين العراقي والمصري بضربة واحدة وبسيناريو واحد- لأن مخرج الفيلم وكاتب النص هما بشحمهما ولحمهما ولما يتغيرا بعد ، فيما خرج كل من عبد الناصر وصدام من الحرب سالمين بعد أن عصبت الهزيمة الأولى كلها برأس – المشير عبد الحكيم عامر – الذي أنهى حياته إنتحارا بحسب المعلن فيما يشير الكثير من المراقبين والمحللين الى أنه قُتل ولم ينتحر، بينما عصبت الهزيمة الثانية برأس اللواء الركن بارق الحاج حنطة ، واللواء الركن عصمت صابر عمر ورفاقهم وأعدموا بتهمة الخيانة العظمى ..انتهت هزيمة حزيران بإغلاق جميع ملفاتها برغم إلحاح نائب الرئيس المصري حسين الشافعي ،ورئيس أركان القوات المسلحة المصرية آنذاك سعد الدين الشاذلي ، لفتح الملفات ولكن من دون جدوى …كذلك ملف غزو الكويت وملابساته وأسبابه لم تفتح حتى اللحظة لتجيب عن أسئلة حائرة بوسعها أن تناقش أول الغزو وأوسطه وآخره، ظاهره وباطنه ، مقدماته ونتائجه ..تماما كملف سقوط الموصل بيد ما يسمى بتنظيم داعش عام 2014 وانسحاب قطعات الجيش العراقي على حين غرة حتى من دون تدمير أو سحب ترسانات الاسلحة كما تفعل سائر الجيوش المنسحبة حول العالم ، الملف الذي أغلق بدوره ولم يفتح بعد ( كل انسحابات مريبة للجيوش العربية وفي أي مكان وزمان يرافقها تعتيم كامل وغلق ملفات ) ، وأقولها بصراحة ” لن يعفى عبد الناصر من هزيمة حزيران 67 ولا صدام من مجزرة الانسحاب من الكويت 1991، بل ولا غزوه لها مهما كانت الذرائع ، ولن يعفى عبد الناصر من مسؤولية المبالغة في البطولات وتعهده برمي اليهود في البحر والكذب المتواصل على الشعب عبر اثير صوت العرب من القاهرة من خلال – غوبلز المصري – وأعني به الكذاب الشهير احمد سعيد الذي كان يتحدث عن انتصارات وهمية بينما الجيش المصري ينهار على جميع الجبهات ..مقابل تأكيد صدام بانه لن ينسحب من الكويت ولو سمع صوته بالراديو وهو يقول ذلك “.
المفارقة الأعجب أنني وخلال عملية الانسحاب وأثناء مروري بمنطقة الزبير بمعية صديقي الصابئي من سكنة البصرة الفيحاء – لا اذكر أسمه – لمحت على جدار أحد الدور الفارغة بعد هروب أهلها منها من شدة القصف لافتة نعي سوداء مكتوب عليها ” ببالغ الاسى والحزن ننعى فلان الفلاني الذي استشهد بتأريخ
13/ شباط / 1991 في ملجأ العامرية ” هذه المجزرة الرهيبة التي ارتكبتها الطائرات الاميركية والتي أسفرت عن مقتل 400 شخص كلهم من النساء والاطفال وكبار السن المدنيين ممن كانوا متحصنين من خطر القصف الاميركي على بغداد داخل ملجأ محصن هو الملجأ رقم 25 في منطقة العامرية غربي العاصمة بغداد الحبيبة ، وعلى ما يبدو بأن شهيد الزبير هذا كان قد حل ضيفا على أقاربه في تلكم المنطقة التي إعتاد سكنتها الذهاب الى الملجأ يوميا أثناء الليل تحسبا لأي طارئ، والمفارقة الأعجب هي أن حسني الخفيف اللامبارك كان قد أرسل قوات مصرية لطرد العراقيين من الكويت مع أنه وقبلها بسنتين فقط كان حليفا لصدام في مجلس يضم كل من العراق والأردن واليمن ومصر بمسمى “مجلس التهاون – قصدي – التعاون العربي ” على غرار جبهة سابقة هي ” جبهة الجمود – عفوا – الصمود والتصدي ” التي تضم كل من العراق وسورية والجزائر وليبيا واليمن الدبمقراطي ومنظمة التحرير الفلسطينية قبل أن ينفرط عقدها لأن كل واحد من قادتها كان يريد أن يكون هو الزعيم الأوحد والقائد المفدى !
خلاصة القول ،ان ” السيد المسيح عليه السلام لاينصر ظالما ولا يؤيد ظلما ولا إجراما ولا استدمارا ولا عدوانا ولاحصارا وتجويعا ولا ترويعا ..المسيح عليه السلام هو رمز السلام والمحبة التي لاتؤمن بها لا اميركا ولا عملائها حول العالم ، فدعو السيد المسيح وشأنه فأنتم ونظراؤكم لاتؤمنون به ولا بتعاليمه ولا بتسامحه ولا بخلقه ولا بزهده ولا بورعه مطلقا ولا بإنجيله حتى في واقع الحال ، يا بوش الاب والابن وبقية الشلة والشواهد كثيرة على ذلك ولعل ما ظهر في الصور المنشورة عن دمار الجيش العراقي وجميع البنى التحتية في العراق حينئذ وبلارحمة خير دليل على ذلك حتى لاننسى .اودعناكم اغاتي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here