العراق يخسر أحد مبدعيه برحيل هشام الهاشمي

عامر مؤيد

خيم الحزن على الأوساط الاعلامية والشعبية في العراق بعد اغتيال المحلل الأمني والسياسي هشام الهاشمي برصاص مجهولين في منطقة زيونة وسط العاصمة بغداد.

وفور الإعلان عن مفارقة الهاشمي للحياة، أكد رئيس الحكومة أنه لن يسمح بعودة مسلسل الاغتيالات الى المشهد العراقي مرة أخرى.

وقدم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، تعازيه بمقتل الخبير الستراتيجي هشام الهاشمي، وقال الكاظمي في بيان له تلقينا ببالغ الحزن والأسف، نبأ استشهاد الخبير الستراتيجي، هشام الهاشمي، الذي اغتيل على يد مجموعة مسلحة خارجة عن القانون”، مبينا أن “الفقيد كان من صنّاع الرأي على الساحة الوطنية، وكان صوتاً مسانداً لقواتنا البطلة في حربها على عصابات داعش، وساهم كثيراً في إغناء الحوارات السياسية والأمنية المهمة”.

وتوعد الكاظمي “القتلة بملاحقتهم لينالوا جزاءهم العادل”، مشيراً الى “أننا لن نسمح بأن تعود عمليات الاغتيالات ثانية الى المشهد العراقي، لتعكير صفو الأمن والاستقرار”.

وتابع أن “الأجهزة الأمنية سوف لن تدخر جهداً في ملاحقة المجرمين”، لافتاً الى “أننا سنعمل بكل جهودنا على حصر السلاح بيد الدولة، وأن لا قوة تعلو فوق سلطة القانون”.

ويعد الهاشمي أول من كشف عن قيادات تنظيم “داعش” في كل من العراق وسوريا، حيث افصح عن أسماء ومعلومات تخص قيادات التنظيم وآلية عملهم، ولدى الهاشمي مؤلفات عديدة منها كتاب (عالم داعش)، وكتاب (نبذة عن تاريخ القاعدة في العراق)، وكتاب (تنظيم داعش من الداخل)، كما لديه أكثر من 500 مقالة وبحث منشور في الصحف والمجلات العراقية والعربية والأجنبية عن الجماعات المتطرّفة.

فيما وصف أحد أفراد عائلة هشام الهاشمي، عملية اغتيال فقيدها بـ “البائسة والضعيفة، وبأنه عمل غادر”، مشيراً إلى أن 6-7 رصاصات اخترقت جسده في العملية التي نفذها أربعة أشخاص.

وقال أحد أقرباء الهاشمي، من أمام مستشفى ابن النفيس التي نقل إليها فور استهدافه، ، إن “الهاشمي كان الناطق باسم الفقراء وصاحب معلومة، ولديه رساله صادقة

ومضى بالقول، بأنهم لا يعتقدون أن أحداً استطاع مواجهة هشام، في كلمته أو رده في الرأي العام الذي ينقله، والذي كان موجهاً للجميع بما فيها الخروقات الأمنية.

وسرد قريب الهاشمي تفاصيل اغتياله، التي تمت عن طريق 4 أفراد كانوا قدموا بدراجتين ناريتين، وعن طريق بندقية، والتي ظهرت في لقطات كاميرات المراقبة التي سجلت الواقعة، ليتعرض لـ 6 إلى 7 إطلاقات أردته قتيلاً.

وعن محاسبة الجناة، قال إن ذلك من واجب الجهات الأمنية ورئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي الذي كان قد أمر بنزع السلاح وحصره بيد الدولة.

أصدقاء الراحل وهم كثر، كتبوا كثيراً عنه في فضاء الفيسبوك، متأثرين برحيل صديقهم المعروف بابتسامته في وجه من يصادفه.

وكتب الإعلامي عماد الخفاجي “قتلتم هشام .. وقد وصلت رسالتكم.

نعم، اغتيالكم لهشام الهاشمي خسارة كبيرة لنا، وإسكات لصوت كان بشجاعته وتحليلاته ومعلومته الدقيقة يفضح أكاذيب قادتكم ومحطاتكم وكتائبكم.

نعم، وصلت رسالتكم بأن بغداد ليست آمنة لنا بوجودكم، لكن هذه مجرد أوهام آمنتم بها !

لن نهرب منكم هذه المرّة، ولن نترك لكم بغداد كي تستفردوا بها وبأهلها، فهي لنا بساحات تحريرها التي ترفض قناصيكم وذيولكم الملثمة.

لنا العراق ولكل حالم ببنائه بيتاً للجميع .. ولكم الجحور التي سبقكم إليها عبد الله المؤمن بالسلاح والقتل والاغتيال مثلكم”٠

فيما كتب الصحفي علي حسين : لقد حفر هشام الهاشمي اسمه على جدارية العراق الحقيقي، كصوت مضيء في عتمة الزيف الإعلامي .

وفور اغتيال الهاشمي، قدم رئيس الجمهورية برهم صالح، التعازي بمقتل الخبير الأمني هشام الهاشمي، فيما أشار الى أن أقل الواجب الكشف عن المجرمين وإحالتهم الى العدالة.

وقال صالح في تغريدة له على تويتر ان “إغتيال الباحث الصادق الخلوق الوطني هشام الهاشمي- على يد خارجين على القانون، جريمة خسيسة تستهدف الإنسان العراقي وحقه في الحياة الحرة الكريمة، وتستهدف القيم التي ارتضيناها للوطن فيما بعد حقبة الاستبداد”.

وأضاف أن “‏أقل الواجب الكشف عن المجرمين وإحالتهم الى العدالة، لضمان الأمن والسلام لبلدنا”

وآخر ما كتبه الراحل الهاشمي كان عن الانقسامات العراقية حيث قال:-

تأكدت الانقسامات العراقية بـ :

1-عُرف المحاصصة الذي جاء به الاحتلال “شيعة، سنة، كرد، تركمان، أقليات” الذي جعل العراق في مكونات.

2-الأحزاب المسيطرة “الشيعية، السنّية، الكردية، التركمانية..” التي أرادت تأكيد مكاسبها عبر الانقسام.

3-الأحزاب الدينية التي استبدلت التنافس الحزبي بالطائفي.

صديق الراحل لفترات، الإعلامي والشاعر علي وجيه كتب “ما رأيتُ أعفّ لساناً منك، ولا أشدّ خلقاً، ولا أكثر كرماً، وأنت تمدّ يديك بالحسنى، لأصدقائكَ ولمَن لا تعرفهم.

وأضاف “ما تأخّرت مرّة على نجدة صديق، وما رأيتُ أشجع منك في حربنا على داعش، حين حطّمتهم تحطيماً، وكنتَ لوحدك كتيبةً بمواجهة إعلامهم، وأخذتَ بأيدينا – نحن الصغار آنذاك – وجعلتنا نوقفهم”

“كنتَ أخاً كبيراً، ومعلّماً، مليئاً بالهدايا والكتب النادرة، والابتسامة الصادقة التي لا اصفرار بها”٠

الأمر مجرّد توقيت يا هشام، أنتَ فقط سبقتنا، لأنك دوماً كنتَ تسبقنا إلى الخطر والمكارم، يكفيك شرفاً أنك واضحُ الوجه، ويكفيهم عاراً أنهم اغتالوك وحرّضوا عليك بوجوه مخفيّة، وأسماء هي العار.

هشام الهاشمي، ولد في 9 آيار عام 1973، وهو مؤرخ وباحث في الشؤون الأمنية والستراتيجية والجماعات المتطرّفة، ومختص بملف تنظيم “داعش” وأنصاره، وعمل الهاشمي في تحقيق المخطوطات التراثية الفقهية والحديثية، مع أن تحصيله الأكاديمي بكالوريوس إدارة واقتصاد من قسم الإحصاء.

الهاشمي حاصل على الإجازة العلمية في الحديث النبوي الشريف، ولديهِ اهتمام بتاريخ الحافظ الذهبي، واعتقل وحكم عليهِ بالسجن من قبل نظام صدام حسين، ثم خرج من السجن عام 2002، وبعد عام 2003، انصرف إلى العمل في الصحافة، وبدأ يشارك في كتابة التقارير والوثائقيات مع الصحف والقنوات الأجنبية، وبدأ يكتب مدونة عن خريطة الجماعات المسلحة في العراق.

وعمل الهاشمي في أماكن عدة، وشغل عدة مناصب منها مدير برنامج الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب في مركز آكد للدراسات والابحاث الستراتيجية، ومستشار أمني لمرصد الحريات الصحفية العراقي، وعضو فريق مستشارين لجنة تنفيذ ومتابعة المصالحة الوطنية في مكتب رئيس الوزراء، وعضو اللجنة العلمية لمؤتمر بغداد لمكافحة الأرهاب، محاضر لمادة مكافحة الأرهاب في الأكاديميات الأمنية، وباحث زائر في مركز النهرين للدراسات الستراتيجية، هذا وأعلنت وزارة الداخلية تشكيل لجنة تحقيقية برئاسة وكيل الوزارة للاستخبارات والتحقيقات الاتحادية وعضوية مدير عام الاستخبارات ومدير مكافحة اجرام بغداد تتولى التحقيق في حادث الاغتيال والوصول الى الجناة

كما أمر وزير الداخلية عثمان الغانمي بتشكيل مجلس تحقيقي برئاسة وكيل الوزارة لشؤون الأمن الاتحادي وعضوية مديرية التفتيش المهني والإداري ومديرية عمليات الوزارة بحق القطعة الأمنية الماسكة للأرض في موقع الحادث.

من جهتها ندّدت مفوضية حقوق الإنسان في العراق، أمس الثلاثاء، باغتيال الباحث والخبير الأمني هشام الهاشمي.

وقالت المفوضية في بيان تلقت المدى نسخة منه إن “اغتيال الهاشمي جريمة مروعة وإنتهاك صارخ لحقوق الإنسان، وتضع حكومة الكاظمي أمام تحدي فرض القانون أو إستمرار لحالة اللادولة”.

وتابعت، “وتدين المفوضية العليا لحقوق الانسان في العراق الجريمة البشعة والعمل الجبان التي قام به أشخاص مسلحون مساء أول أمس الاثنين 6 تموز 2020 ، وأودت بحياة الخبير بالشأن السياسي والأمني الدكتور هشام الهاشمي”.

وأضافت، “تؤكد المفوضية أن عودة الاغتيالات أو استمرارها بالمشهد العراقي إنما يدل على ضعف الأجهزة الأمنية أو إهمالها على حساب حياة العراقيين وأمنهم وحريتهم”.

ولفتت إلى أن “الحكومة الحالية مطالبة بشكل عاجل بوضع حد لإراقة الدم العراقي والقبض على الجناة وإنزال العقاب العادل بهم، كما وتطالب المفوضية باعلام الرأي العام بنتائج التحقيقات بالاغتيالات التي رافقت تظاهرات تشرين الأول وما تلاها من أحداث”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here