اذا اردت اضاعة الوقت وذر الرمل في العيون وتسويف قضية شكل لجنة تحقيقية

جسار صالح المفتي

لجان التحقيق في العراق كثرة المهام وغياب النتائج- أنه يشغل بال كل العراقيين وكل المهتمين بالشأن السياسي ولسببين أساسيين، وذلك لأن مجلس النواب العراقي أعطي مهمتين رئيسيتين وهما مهمة تشريعية وأخرى رقابية، وكلا المهمتين مرتبطة الواحدة بالأخرى، فعلى سبيل المثال، لا يمكن إجراء تقييم جيد من دون وجود رقابة، هذه الرقابة توثق حالة تنفيذ هذا الموضوع بطريقة صحيحة، بالتالي فأن أفضل وسائل الرقابة على التشريع هي ثلاثة وسائل: أولا: وسيلة الاستجواب. ثانيا: وسيلة السؤال المباشر.ثالثا: وسيلة لجان التحقيق وبالتأكيد، فإن لجان التحقيق ولجان الرقابة المالية لم ينص عليها الدستور العراق الذي شرع في العام (2005)، ليؤكد من خلال ذلك على تسمية هذه اللجان وآلية تشكيلها، وهي تعتبر مثلبة كبيرة على الدستور العراقي، باعتبار أن أغلب الدساتير نصت على وجود تلك اللجان التحقيقية، لذلك حاول مجلس النواب العراقي أن يستعيض عن ذلك .فشرع قانون في العام (2007) وهو ينص على وجود اللجان التحقيقية وأعطاها مهمات، وهذه المهمات تتسع لاستجواب أي شخصية، بما فيها رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وبقية الوزراء والجهات الحكومية الأخرى، هذا وقد أعطاها القانون صلاحيات مطلقة بخصوص متابعة البيانات والاستمارات، وكذلك فيما يخص استجواب القضاة والتدقيق وسير الإجراءات وطبعا تقف أمامنا معضلة كبيرة تتعلق في الكيفية التي تتشكل فيها اللجان، خاصة وأن هذا التشكيل مرتبط بالمعايير التي تحددها الكتل، في بداية الأمر تشكل لجنة التحقيق من خلال طريقين: الأول رئاسة البرلمان تقدم طلب من أجل تشكيل لجنة حقيقية، والطريق الثاني هو تقديم طلب رسمي بإمضاء (50) عضو برلماني لتشكيلها.بالإضافة إلى ذلك، فإن تشكيل اللجنة التحقيقية تمر بخمسة مراحل، وهذه المراحل هي في غاية الأهمية والصعوبة، فعلى الجانب الأول هناك قضية تتعلق في كيفية إقرار هذه اللجنة، خاصة وأن عملية الإقرار عملية صعبة جدا، وهي تحتاج لاتفاق الكتل المختلفة على تشكيل هذه اللجنة، ثم تعرض في مجلس النواب لتأتي بعد ذلك محنة التصويت عليها، ثم تأتي مرحلة سير الأعمال في داخل هذه اللجنة، والنتائج التي تتوصل إليها هذه اللجنة، بعد ذلك تأتيك إشكالية إقرار هذه النتائج .وكل واحدة من هذه المراحل هي مراحل شاقة وعقيمة، خصوصا وأن هذه اللجان هي إمتداد طبيعي لتشكيلات الكتل، لذلك يراعى في اللجان عادة التوزيع الاثني والتوزيع السياسي للكتل، ويحدد للجنة الحد الأعلى (15) عضو، ولكن تم مراعاة حالة التكوينات الاثنية في العراق، بمعنى آخر كل لجنة لابد أن يكون فيها (شيعي، سني، كردي)، ثم يجب أن تراعى خصوصا النسب الموجودة في البرلمان و بطبيعة الحال، الملاحظات التي سجلت على النواب في إطار اعتماد الآلية هو ضعف الثقافة القانونية، لاسيما وأن أغلب أعضاء مجلس النواب العراقي هم لا يمتلكون الثقافة القانونية، التي تؤهلهم لإجراء التحقيق بالطريقة الصحيحة، لذلك نجد التحقيق يبتعد عن الموضوع الأساس، ومن هنا اتخذت إجراءات بهذا الخصوص، وذلك على أمل أن يأخذ هذا التحقيق الجانب القضائي، أو الاستعانة ببعض الخبراء القانونيين وكذلك هو لم يصل للحد المطلوب كي تنجح لجان التحقيق، بالمناسبة هذه اللجان عندما تشكل هي تعطى صلاحيات واسعة، ولكن للأسف الشديد كل هذه الصلاحيات تسحب تلقائيا من هذه اللجان، وبالتالي تتحول تلك اللجان إلى عالة، وهذا مما أوجد حالة من القطيعة بين مجلس النواب والشعب العراقي، والسبب في المقام الأول فإن أغلب لجان التحقيق لم تصل إلى نتائج، بل حتى النتائج التي تتوصل إليها لجان التحقيق يتم تمييعها، بالنتيجة خلقت فراغا بين مجلس النواب وبين الشعب , بالتالي تقف خلف فشل لجان التحقيق أسبابا معينة، وهي التي أدت إلى تفشي ظاهرة الفساد وسوء الإدارة، ومن الأسباب الأساسية لفشل أغلب إجراءات ومقترحات التحقيق هي: أولا: غلبة الصفة الحزبية والطائفية على تشكيل اللجان, ثانيا: غياب المهنية والاستقلالية في عمل اللجان، وشيوع لغة المجاملة والمحاباة .ثالثا: وجود لجان اقتصادية لدى أغلب الكتل عملت على شرعنة الفساد . رابعا: غياب الرقابة الشعبية . خامسا: غياب المعارضة . سادسا: غياب واضح لدور المدعي العام والاضطلاع في تحريك الدعوى القضائية.

هناك مجموعة من لجان التحقيق التي تم تشكيلها في العراق، فعلى سبيل المثال: اللجنة الأولى كانت (لجنة التحقيق في صفقة السلاح الروسي)، وهذه اللجنة حققت في قيمة الصفقة البالغة أربعة مليار ومائتان مليون دولار، ولكن للأسف الشديد ورغم توصل اللجنة لنتائج معينة إلا أنها لم تنفذ، بل على العكس من ذلك بقت نتائج التحقيق حبيسة إدراج مجلس النواب .أيضا لجنة التحقيق في سقوط الموصل وهي من أهم اللجان التي توصلت إلى نتائج معينة، حيث تم تقدير الخسائر بـ(20) مليون دولار وهي قيمة الأسلحة، كذلك سقوط المحافظة والتدمير والتهجير الذي لحق بها، وبطبيعة الحال، فإن هذه اللجنة توصلت إلى نتائج متقدمة ولم يأخذ بها، أيضا هناك لجنة تتعلق بهروب سجناء أبو غريب، ولجنة أخرى تخص المنافذ الحدودية، وكذلك الحال بالنسبة للجنة عقود وزارة النفط، ولجنة عقود الكهرباء، ولجنة صفقات البطاقة التموينية، بالإضافة إلى اللجان التي شكلت لتقصي ملف فساد مستشفى عسكري وهمي خصص له (مليار دولار . النتيجة التي توصلنا لها أن أغلب هذه اللجان، هي لجان تصب في مصلحة الكتل السياسية وليس في مصلحة مجلس النواب، والدليل على ذلك، فإن هذه اللجان عندما تشكل يراعى بها فكرة تسويف القضايا بدل معالجتها، لذلك تم طرح سيناريو معين (إذا أردت إفشال موضوع ما شكل له لجنة)، وأقرب مثال على ذلك، في قضية سقوط الموصل هذه اللجنة توصلت لنتائج غاية في الأهمية، وقد تم قراءة هذه النتائج في مجلس النواب، وتوصلت إلى حقائق مهمة بخصوص الجهات المسؤولة عن هذا التقصير، وكان من بينها أطراف كبيرة في الدولة العراقية مثل القائد العام للقوات المسلحة ومحافظين، ولكن تم التغاضي عن كل تلك النتائج وتم تمييعها، والسبب يعود لمبدأ (المقايضات السياسية)، بمعنى أدق هناك نوع من المهادنة المتبادلة بين الكتل السياسية، لذلك نجد عدد لجان الفساد المالي والاداري التي تم تشكيلها أكثر من (35) لجنة خلال ثلاثة دورات انتخابية وهذه اللجان بمجملها -ولله الحمد- لم تتوصل إلى نتائج فعلية وحقيقية، وبالتالي هي لم تؤدي إلى تغيير مسار مجلس النواب، كذلك فإن طريقة تصويت مجلس النواب على نتائج اللجان هي واحدة من المثالب، خصوصا وأن النتائج التي تتوصل إليها هذه اللجان هي تعطى إلى لجنة قضائية لتطبيق هذه النتائج، عندها يتم ترتيب الإجراء المطلوب. من اكثر النكات ضحكا على الذقون ظهرت الى العراقيين منذ السقوط الى يوم العباد هذا هو اللجان التحقيقية لايكاد يمر يوما الا ويسمع العراقيين عن تشكيل لجنة تحقيقية لكشف ملابسات حادث اومشكلة او خطأ او جريمة وقعت في وضح النهار او دبرت في ليل من ليالي العراقيين والامر هذا ليس مرهونا بالحكومة العراقية على رأس الهرم او البرلمان او الوزارة بل وصلت العدوى حتى الى المحافظات وحكوماتها المحلية والى الدوائر في تلك المحافظات التي باتت يوميا او شبه يومي تقوم بتشكيل لجنة تحقيقية والغريب ان هذه اللجان يترأسها قمم الاهرامات في الدوائر العراقية وبما ان العراق عموما كوضع هو عبارة عن مشكلة كبرى وتتفرع منه المئات من المشاكل لذا ليس من الغريب ان نسمع بتشكيل لجنة يوميا ولا مبالغة في الامر ,,الفساد الاداري والمالي السرقات التهريب القتل الاختطاف الحرب الذبح المفخخات التهجير داعش وقبلها القاعدة والحرائق في الدوائر والقائمة تطول لذا فأن هناك العشرات لا بل المئات ولا ابالغ جدا بالألوف من المجالس التحقيقية ولجانها بعضها صار له سنوات ولحد اليوم لم تعلن نتائج تلك اللجان وبعضها منذ السقوط والبعض منذ اشهر والبعض منذ ايام لكن القاسم المشترك بين كل تلك الاوامر التشكيلية للجان التحقيقية لم يخرج على الملأ شخص ويعلن عن نتائج تلك المجالس .. واحيانا من غرائب هذه الثقافة المستوردة تشكل لجان فرعية من تلك اللجان او تشكل لجان اخرى لمتابعة اعمال سابقتها واخرى لمتابعة اخرى حتى تختفي اللجنة الاولى او الام ويضيع كل الموضوع وينسى بعد ان تقادمت عليه السنين ونسيه المواطن ..احيانا يقال اذا اردت ان تسوف قضية اومفسدة او مثلبة او مشكلة فما عليك الا ان تشكل لجنة تحقيقية لمتابعة الخلل والباقي ليس عليك بل على تلك اللجنة (تنعل ابو ابوهه) وينتهي كل شيء ولا سئوال ومنكر ولا نكير ..
الاغرب من كل ذالك ان المواطن العراقي بدأ يفهم معنى تشكيل لجنة تحقيقية عندما يسمع بحصول حالة ما تحتاج الى تبيان الحقائق ويسمع ذالك المواطن القابع في ظلماته فأنه يضحك ويبتسم ويلتفت الى من كان جالس بقربه ويسمع الخبر معه فيقول له (بح) اي ضاعت ويضحكان ويبدآن الحديث في حديث اخر لأنه لا طائل من الاستمرار بذالك الموضوع لتلك للجنة فهي من تتكفل به وتنهيه لأنها شكلت لأجل هذا الغرض وكأن شيء لم يكن . تشعر احيانا ان البعض من تلك اللجان تشكلت من اجل هدف واحد لاغير الا وهو تسويف وتضييع و( طمطمت ) واغلاق ذالك الموضوع الى النهاية ,, هناك بعض الامور المصيرية التي يعيشها المواطن وهي مؤثرة على حياته وعيشه وينتظرها المواطن بصبر وينتظر حلها ونائج تحقيقها خاصة تلك التي تتعلق بقتل الناس والجنود وهي لا يمكن السكوت عنها لكن عندما تناط الى لجنة او لجان تحقيقية تذوب تلك الترقبات ويذوب معها الناس الما وحيرة وانتكاسا ولو اخذنا نماذج مجرد نماذج لوجدنا كم هو صعب هذا الوضع الذي يعيش فيه المواطن منتظرا ..مثلا مجزرة سبايكر ومجزرة السجر والجسر الياباني وسقوط الموصل لا حظ انا لم اتطرق للفساد الاداري والمالي الذي اصبح ظاهرة وأي تحقيق في هذه المواضيع مصيرها معلوم وهو الطمطمة وانهاء اللجنة التي ربما تقول انها لم تجد خيوط او ادلة او قرائن تدين عبد الفلاح السوداني او حازم الشعلان او قضية اجهزة كشف المفخخات وبالتالي فأن تلك المليارات بالنسبة للعراقيين صارت غير مهمة بقدر اهمية ارواح ابناء العراقيين المترقبين لنتائج تلك اللجان التحقيقية ..
بعض من تلك اللجان لايلتفت لها المواطن ابدا لأنه عرف وخبر النتائج فأنها بمرور الزمن تسوف وتصبح تاريخ قليل يتذكر تلك الحوادث بعض من تلك اللجان كان اعضاءها برلمانيين ووزراء انتهت مهامهم وذهبوا الى بيوتهم ومنتجعاتهم ولم تنتهي وتعلن نتائج لجانهم البعض الاخر منها برئاسة اخطر الاشخاص على الخريطة السياسية كرئيس الوزراء او رئيس البرلمان او وزراء من الدرجة الاولى لكن النتيجة واحدة متاهات وتيه ونسيان وخفاء للحقائق .. لا حاجة لعقل نابغ او شخص متميز في الذكاء يعرف اسباب فشل او تسويف عمل تلك اللجان والامور جدا بينة وواضحة ..
منذ العام 2003 لهذا اليوم العراق يعيش وضع سياسي غريب ومستغرب ولم يجد له مثيل له في العالم على الخرائط السياسية وتشكيل حكوماته وأطقمه وانتخاب نخبه السياسية دائما تسير حسب التكتلات والطوائف والقوميات فلم نجد حكومة تشكلت بعيدة عن هذا النمط وبالتالي انعكست تلك التشكيلات على عملها وعلى قواعدها ايضا فحكومة المحاصصة التي دامت اكثر من ثمان سنوات واليوم حكومة المقبولية وغدا حكومة التدخلات والاجندات الخارجية كل تلك لها تأثير مباشر على الوضع العام السياسي وعلى اللجان ايضا .
اي لجنة تشكل من قبل الحكومة او البرلمان يعني في تلك اللجنة اي اعضاءها من كل تلك المكونات او الاحزاب واي خلل تجده اللجنة في مسيرة تحقيقها يعني وجود اعتراض من قبل اعضاء اخرين في اللجنة نفسها وهنا تلعب المساومات والمبادلات دور بارزا ((اغلق انت واسكت واسكت انا وأغلق )) اي (وغطيلي وغطيلك عبرلي وعبرلك ) وهنا ينتهي الموضوع ويسجل تحت لافتة الوطن الواحد وعدم اثارة الفتن واثارة النعرات الطائفية والاثنية ولا حاجة لكتابة المذكرة النهائية فالوقت كفيل بمحوه من ذاكرة العراقيين ..وسبب اخر ان تلك اللجان التحقيقية قد يعتبرها البعض من هؤلاء الساسة مجرد نزهة او اسئلة وأجوبة لمن تحوم حوله الشكوك او المتسبب وكأن الامر فزعة عشائر او جلسة في احد المضايف الغربية او الدواوين الجنوبية فهؤلاء المحققين ليس اختصاص وليس لهم الالمام الكافي بتلك القضية بواطنها اسرارها ربما هو موضوع اقتصادي او عسكري او صحي او تربوي لكن المشرفين او لجنة التحقيق هم اشخاص من البرلمان لا يمتون بصلة لذالك المضمار بشيء وبالتالي لايعرف كيف يدخل ولا كيف يخرج وهذا الشعور بالفشل امام الاشخاص المتهمين يزيدهم ضعفا ويجعلهم في وضع حرج اما هؤلاء وأمام رؤسائهم وامام الناس المنتظرة وبالتالي تؤول النتائج الى المعروف نتائجها مسبقا وهو النسيان ..سنوات عديدة والحال هذا هو نفسه ونتائج اللجان التحقيقية لم تعلن على الملأ ولم تصل الى نتائج وتنتهي بأدراج المسئولين ومكاتبهم دون حياء ولا احترام للمواطنين وذوي الضحايا والمآسي والآهات.

التحقيق هو عملية البحث والتقصّي الموضوعي والمحايد والنزيه، لكشف الحقيقة بشأن إسناد الوقائع إلى أشخاص محددين، ومن ثم اتخاذ قرار بمسؤوليتهم بالتقصير لغرض معاقبتهم وفقا لقانون، أو إعلان عدم مسؤوليتهم عن التقصير والمخالفة المتهمين بها. ويهدف التحقيق إلى بيان العلاقة بين الموظف أو المواطن المكلّف بخدمة عامة، والمخالفة المسندة إليه، وهو إجراء يُتّخذ بعد وقوع المخالفة بقصد الكشف عن فاعلها أو التثبّت من صحة إسنادها إلى فاعل معين، الهدف منه الوصول إلى الحقيقة. والتحقيق هو إجراء قانوني أولي تقوم به سلطة إدارية أو قانونية مختصة يهدف إلى الكشف عن حقيقة ارتكاب المخالفة أو الجريمة والوصول إلى معاقبة مرتكبها في حال ثبوت تقصيره. إن التحقيق سواء كان إداريا أو جنائيا هو إجراء معمول به بكثرة وبشكل متكرر في الدولة العراقية خصوصا بعد 2003 انطلاقا من القوانين العراقية النافذة كقانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، وقانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991، وقانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971، وغيرها من القوانين التي تهدف إلى ضبط مسار العمل الوظيفي والخدمة العامة. أمّا اللجان التحقيقية فهي سلطة التحقيق في موضوع معين يتمّ تشكيلها من قبل السلطات العليا للنظر في قضية معينة والوصول إلى الحقائق المرتبطة بها، وإن لجان التحقيق عندما تُشكّل يجب أن تعمل وفق شروط وإجراءات قانونية موضوعة سلفاً، ويجب أن تنهي أعمالها في مدة معينة، ويجب أن تُعلن النتائج بشكل واضح ومهني لتتّضح الحقيقة التي ينتظرها الجميع، ولعل من أهم شروط لجان التحقيق هي الحيادية والنزاهة والمهنية في القيام بإجراءات التحقيق بعيدا عن المؤثرات البيئية والشخصية التي يؤدي التأثر بها إلى فشل عملية التحقيق وتعطيل نتائجها، بل وحتى إنهاء التحقيق دون الوصول إلى النتائج المرجوة. وعندما نحاول أن نراجع عدد اللجان التحقيقية التي شُكّلت في العراق بأوامر من رؤساء السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وتلك اللجان التي شُكلت من قبل الوزراء والمدراء العامين نجدها قد بلغت الآلاف وقد توزعت مهام هذه اللجان مابين قضايا أمنية واقتصادية وإدارية وجنائية، ورغم أن الكثير من هذه القضايا والحوادث قد هزّت البلاد وتسببت بأزمات كبيرة، منها ماهو متعلق بجرائم وانتهاكات خطيرة لمصالح الوطن وحقوق المواطن ومنها مرتبط بعمليات فساد إداري ومالي ألحق الضرر الكبير باقتصاد البلد، ومنها ما يتعلق بالخيانة الكبرى إلا أن عمل هذه اللجان ومسار عملها يحاط بسرية تامّة بدءاً بأسماء أعضائها وآليات عملها والإجراءات التي اتبعتها وإنتهاءً بالحقائق التي توصلت إليها، أما فيما يتعلق بمصداقية الهدف من تشكيلها أساساً، فأن الشكوك تساور الكثير من المتابعين والمهتمين بالمصلحة العامة، إذ يرى هؤلاء إن قرار تشكيل لجان التحقيق ما هي إلّا خدعة تكمن وراءها أهداف غير حسنة تتمثل باستيعاب ردود الفعل الغاضبة تجاه مخالفة أو جريمة يرتكبها مسؤول أو موظف أو مكلف بخدمة عامة. وبسبب تسارع الأحداث على الساحة العراقية وكثرتها فسرعان ما ينشغل الرأي العام بأزمة جديدة وينسى سابقتها، والأمثلة عديدة على حالات تم تشكيل لجان تحقيق فيها دون معرفة النتائج، وأذكر بعض الحالات التي حدثت في سنة 2018، منها احتراق صناديق الاقتراع في حزيران 2018، وقتل المتظاهرين في البصرة واقتحام مطار النجف، وكارثة نفوق الأسماك في دجلة والفرات، وفضيحة بيع المناصب بين الكتل العربية السنية في البرلمان، وسلسلة الحرائق في عدد من الوزارات العراقية، وغرق سبع مليارات دينار بمياه الأمطار. ورغم وعود السلطات المختصة بتقديم المقصرين في مختلف الحوادث إلى القضاء، فأن ذلك لم يتحقق ولم تُعلن نتائج التحقيق، ولم يُقدم أحد المتهمين للقضاء لمحاسبته سواء كان فردا أو مؤسسة، فضلاً عن عدم معرفة الأسباب الحقيقية لحدوث هذه الأزمات من الأساس، إن هذا التماهي والصمت والالتفاف الذي يُعطل عمل لجان التحقيق ويحول دون إكمال مهامها جعل العراقيين ينظرون إلى إعلان تشكيل لجان التحقيق كحالة من حالات الفساد، وعملية تهدئة وإسكات للشارع، وتغييب الحقيقة، فأحداث كارثية كسقوط الموصل، وصفقة السلاح الأوكراني الفاسد، وأجهزة كشف المتفجرات، وغيرها الكثير من الملفات أُغلقت وجمد القضاء العراقي والادعاء العام جميع المطالبات بالتحقيق فيها. هنا أود تقديم بعض الملاحظات فيما يخصّ لجان التحقيق في محاولة لتفعيل دورها وتحقيق الغاية النبيلة منها:

1- إن لجان التحقيق يجب أن تكون مستقلة استقلالا تامّا في عملها، ويتسمّ أعضائها بالمهنية والنزاهة والاستقامة في سلوكهم كي تتم عملية التحقيق على أكمل وجه. 2- يجب تحصين لجان التحقيق وحمايتها من أي تأثير أو ضغوط أو تهديدات سياسية أو إغراء أعضائها بمنافع مالية، فمثل هذه المحاولات من شأنها شلّ عمل هذه اللجان وضياع فرصة تحقيق الأهداف المأمولة منها. 3- يجب أن تعمل هذه اللجان بشفافية بعيداً عن السرية التامّة وضرورة إعلان الحقائق التي تم التوصل إليها أثناء مراحل التحقيق وصولاً إلى النتائج النهائية لعملية التحقيق. 4- أن لا تستخدم لجان التحقيق كأدوات لتصفية الخصوم من قبل أطراف العملية السياسية، وهذا التوظيف السيئ للجان التحقيق من شأنه إدخال البلد في فوضى كبيرة تؤدي بالنتيجة إلى صراع سياسي ذو طابع قانوني. 5- عدم اللجوء إلى لجان التحقيق كبديل عن القضاء الذي يمتلك صلاحيات النظر في قضايا عديدة والتحقيق بها وإصدار الأحكام والقرارات العادلة، فسحب يد القضاء وقطع الطريق أمامه للنظر في قضايا معينة تكمن وراءه أهداف عديدة أهمها إفلات المجرمين والمقصرين من العقاب كونهم ينتمون لجهات سياسية متنفذة. 6- هناك بعض الحالات التي تُشكّل فيها لجان تحقيق لا تحتاج إلى تحقيق أصلاً لأن معالم التقصير والمخالفة والجريمة واضحة، والحقائق معروفة والأشخاص المسؤولين عن هذا التقصير مشخصين بحكم القانون والعمل الإداري، ويكفي هنا إحالتهم إلى القضاء ليأخذ دوره في محاكمتهم، لا أن يتمّ تشكيل لجان تحقيقية يتمّ فيما بعد تسويف عملها لإعطاء فرصة للمجرم والمقصر لترتيب أوضاعه وشراء الذمم أو حتى الهروب خارج البلد والإفلات من العقاب.

فأن القناعة بعدم جدوى لجان التحقيق في العراق قد ساد أوساط المجتمع العراقي على المستوى الرسمي والشعبي، بشكل أصبحت فيه الثقة معدومة بفاعلية هذه اللجان، بل إن مجرد الإعلان عن تشكيل لجنة تحقيقية في قضية ما، سينظر إليه الشعب العراقي كوسيلة لصرف أنظارهم عن هذه القضية ومن ثم كسب الوقت لطي صفحتها ونسيانها وتضليل الرأي العام عن مجرياتها.

يُعد ملف التحقيق بقتل المتظاهرين منذ انطلاق الاحتجاجات العراقية في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، الأكثر حساسية في البلاد حتى اليوم، مع تسريبات تؤكد تورط ضباط وقادة في الأجهزة الأمنية، وكذلك قيادات وعناصر في بعض المليشيات المسلحة المدعومة من طهران، في قمع التظاهرات وقتل المحتجين. وبعد مرور سبعة أشهر على أول إعلان رسمي عراقي صادر عن حكومة عادل عبد المهدي، في 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بتشكيل لجنة تحقيق عليا بجرائم قمع التظاهرات، إلا أن أي نتائج لم تظهر. كما أن عمل اللجان توقف، من دون أن تكشف عن حصاد تحقيقاتها. بينما صدر أمر قضائي يتيم باعتقال قائد الجيش في ذي قار الفريق جميل الشمري، بعد ثبوت إصداره أوامر إطلاق النار على المتظاهرين، لكنه لم يُنفذ، وما زال الشمري يعمل بعد إعادته إلى مقر وزارة الدفاع في بغداد. لكن رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي أصدر، السبت الماضي، قراراً بإطلاق سراح جميع المتظاهرين المعتقلين، وتشكيل لجنة قانونية عليا لتقصي الحقائق في كل الأحداث التي حصلت منذ الأول من أكتوبر/ تشرين الأول وحتى اليوم، و”بما يحقق العدل والإنصاف ومحاسبة المقصرين تجاه الدم العراقي وتعويض عوائل الضحايا ورعاية المصابين”، بحسب بيان صدر عن مكتب رئيس الحكومة. وعلى الرغم من أنه لا يزال مبكراً الحُكم على اللجنة التي شكّلها الكاظمي، لكن مصيرها لا يبدو أنه سيكون مختلفاً عن تلك التي سبقتها، وهو ما يلمح إليه مصدر مقرب من الكاظمي، قال لـ”العربي الجديد”، إن “هناك جهات سياسية وأخرى مسلحة مقربة من طهران، أوصلت إشارات للكاظمي تحذره من أن عبد المهدي وأعضاء مكتبه ومساعديه خارج نطاق التحقيقات التي أمر بها”. حسابات سياسية وضغوط أعلى من قدرة القضاء أخمدت التحقيقات وأغلقت العمل بها, “ووفقاً لمعلومات خاصة حصلت عليها “العربي الجديد”، فإن آخر حصيلة متوفرة لدى وزارة الصحة الاتحادية في بغداد، تشير إلى أن مجمل ضحايا التظاهرات العراقية، منذ انطلاقتها في الأول من أكتوبر الماضي، بلغت قرابة الـ700 ضحية، بينهم نحو 40 ناشطاً بارزاً قضوا اغتيالاً. وتتصدر العاصمة بغداد أعداد الضحايا، تليها الناصرية العاصمة المحلية لمحافظة ذي قار جنوبي العراق، ثم مدينة كربلاء، والنجف، تليها البصرة وميسان جنوبي البلاد أيضاً. وارتفعت هذه الحصيلة في الأسبوع الأخير من المواجهات قبل تفشي جائحة كورونا في العراق، والتي تسببت بانحسار التظاهرات، لتصل إلى ما لا يقل عن 27 ألف مصاب، بقنابل الغاز والرصاص الحي، وبنادق الصيد. وعلى مدى التظاهرات، وما رافقها من عمليات قمع مفرط، شهدت مدن عراقية مجازر بحق المتظاهرين، راح في كل واحدة منها عشرات القتلى والجرحى، من أبرزها مجزرة ساحة الفلاح في مدينة الصدر ببغداد، وقنص المتظاهرين قرب مستشفى الجملة العصبية ومول النخيل شرقي بغداد، ومجازر ساحة الحبوبي في الناصرية، والسنك والخلاني في بغداد، وساحة التربية في كربلاء، و”مجسر ثورة العشرين” في النجف، وهي جرائم تعهدت السلطات العراقية حينها بفتح تحقيقات فيها، بعد موجة غضب عارمة وتنديد من قبل مراجع دينية في النجف، تقدمهم المرجع الأعلى علي السيستاني. وتراجعت أعداد المحتجين في بغداد ومدن وسط وجنوب العراق، بعد جائحة كورونا. وقررت لجان التظاهرات الإبقاء على المعتصمين فقط في الساحات والميادين التي يتواجدون بها، لمنع استعادة القوات العراقية السيطرة عليها. كما أطلق ناشطون ومتظاهرون، في بغداد ومدن جنوب ووسط العراق، حملة واسعة، كانت بدايتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، سرعان ما انتقلت إلى ساحات وميادين التظاهرات، عبر لافتات وصور كتب عليها “راجعين بعد الحظر”، و”مليونية بعد كورونا”، في إشارة إلى معاودة التظاهرات فاعليتها مجدداً بعد انتهاء الأزمة الصحية والوبائية. وقال عضو في لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، طلب عدم ذكر اسمه، لـ”العربي الجديد”، إن “مصير لجان التحقيق في قتل المتظاهرين، أصبح مشابهاً للجان التحقيق بقضايا سقوط الموصل وصفقة السلاح الأوكراني الفاسد ومجزرة سبايكر وغيرها من الجرائم. فهذه اللجان تشكلت أساساً من أجل إسكات الشارع وغضب المرجعية”. ولفت إلى أن “لجان التحقيق في قتل المتظاهرين، كانت على ثلاثة مستويات، حكومية وقضائية عبر الادعاء العام، وأخرى فرعية في المحافظات التي حدثت فيها جرائم قتل وقمع المتظاهرين. كما تطوع البرلمان لتشكيل لجان للتقصي كونه جهة غير تنفيذية”. وأضاف “بعض هذه اللجان وصلت إلى حقائق وبالأدلة عن تورط ضباط وجنرالات ومسؤولين في مكتب عبد المهدي، وجهات سياسية أيضاً، وفصائل مسلحة ضمن الحشد (الشعبي)، من الولائية تحديداً، بقتل المتظاهرين وخطف واغتيال الناشطين. لكن حسابات سياسية، وضغوطاً أعلى من قدرة القضاء، أخمدت تلك التحقيقات وأغلقت العمل بها. بل وحتى على مستوى الإعلام المحلي بات غير مرغوب من الصحافي البحث بها أو إثارتها”. من جهته، قال عضو مجلس مفوضية حقوق الإنسان في العراق علي البياتي، لـ”العربي الجديد”، إن “اللجنة العليا للتحقيق بعمليات قتل وقمع المتظاهرين، من قبل الحكومة العراقية، أكدت واعترفت بأن هناك جهات حكومية قتلت واستهدفت المتظاهرين، بطرق مختلفة، بقنابل الغاز المسيل للدموع، والرصاص الحي، وعمليات القنص، وغيرها. وهذا الاعتراف كافٍ ليتسلم القضاء التحقيقات لمحاسبة ومُعاقبة كل متورط بهذا الملف”. ولفت البياتي إلى أن “القضاء العراقي شكّل لجان تحقيق في المحافظات، وعلى ضوء هذه التحقيقات صدرت مذكرة قبض بحق أحد القادة العسكريين بمحافظة ذي قار، لكنها لم ينفذ حتى الساعة. ولغاية اليوم لم نسمع أو نطلع على عمل هذه اللجان، والى أين وصلت وماذا كشفت؟ والغريب في الأمر، أن هناك بعض الضباط صدرت بحقهم عقوبة بسبب التقصير في حماية المتظاهرين، أعيدوا من جديد وتسلموا مناصب أمنية عليا”. بعض الضباط الذين صدرت بحقهم عقوبة بسبب التقصير في حماية المتظاهرين تسلموا مناصب أمنية عليا !!! “ورأى أن “الإجراءات القضائية التحقيقية يجب أن تبدأ بالتحقيق مع القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي، ثم إلى الأدنى مع قيادة العمليات في كل محافظة، ثم قادة القواطع الأمنية كل حسب مسؤوليته، فربما يكون هناك ضباط لديهم توجهات سياسية، ونفذوا بعض الأعمال وفق توجيهات سياسية لهم. هذا الأمر يجب أن يُكشف وفق تحقيقات جدية”. وشدد على أن “القضاء مُطالب بكشف أين وصلت تحقيقاته بملف قتل المتظاهرين. فقد مرت أشهر على هذه التحقيقات من دون كشف مصيرها، على الرغم من أن التحقيقات القضائية، حسب اطلاعنا عليها، أثبتت تورط جهات حكومية بعمليات القتل والقمع”. وأكد البياتي أن “مجلس مفوضية حقوق الإنسان في العراق، أحال أكثر من 200 قضية من عمليات القتل والقمع والخطف والاغتيال، إلى الادعاء العام والجهات القضائية، لكن حتى الساعة لم تصدر أي نتائج حول هذه التحقيقات من الجهات القضائية المختصة”. وكشف أن “لجان التحقيق القضائية في المحافظات، أحالت ملف تعويض الشهداء إلى مؤسسة الشهداء، وهذا أمر غريب، فقانون هذه المؤسسة يتعامل مع ضحايا الإرهاب والعمليات والأخطاء العسكرية. فهل ضحايا التظاهرات من ضحايا الإرهاب؟ وإذا حُسبوا وفق الأخطاء العسكرية، فهذا يعني أن هناك أوامر بعمليات عسكرية ضد مناطق التظاهر، وهذه كارثة”. ولفت إلى أن “مؤسسة الشهداء تسلمت ملفات تعويض شهداء التظاهرات من اللجان التحقيقية، وتم صرف تعويضات قليلة جداً لبعض العوائل، لا تتناسب مع الوضع. كما أن غالبية شهداء وجرحى التظاهرات من الطبقة الفقيرة، والذين خرجوا من أجل إيجاد فرصة عيش كريمة”.

أما النائب عن محافظة المثنى باسم خشان فقال، لـ”العربي الجديد”، إن “لجان التحقيق، التي شُكلت، جاءت بهدف عدم كشف الحقائق، وإخفاء هوية قتلة المتظاهرين الحقيقيين، خصوصاً أن هناك جهات أمنية وحكومية وسياسية متورطة بهذه العمليات، وهي متنفذة بشكل كبير. ولهذا لم يتم الكشف عن أي نتائج بشأن عمليات قتل المتظاهرين وقمعهم”. ورأى أن “القضاء العراقي ليس بعيداً عن الضغوط والتهديدات السياسية، ولهذا لا نجد أي دور له في كشف نتائج قتلة المتظاهرين. لا يمكن للقتلة أن يسمحوا لأي جهة بفتح هذا الملف وكشف الحقائق أمام الرأي العام والدولي، على الرغم من أن هذه الحقائق واضحة للجميع”. من جهته، قال القيادي في “جبهة الإنقاذ والتنمية” أثيل النجيفي، في اتصال مع “العربي الجديد”، إن “كل الأزمات والقضايا التي حدثت، من سقوط الموصل ومجزرة سبايكر إلى قتل المتظاهرين وغيرها، سببها مجموعة سياسية، لا تزال مسيطرة وحاكمة في العراق”. وأضاف “لن نرى أي تحقيق نزيه في كل القضايا والأزمات التي مرت على البلاد خلال السنوات الماضية، إلا إذا تغير الوضع السياسي، ووصلت إلى السلطة مجموعة غير الحالية، المتمثلة بالقوى المقربة والمدعومة من طهران”. ورأى النجيفي أن “القوى التي تحكم هي التي تُحرك كل أجهزة الدولة، سواء كانت لجان التحقيق أو حتى الأجهزة القضائية. وقد يكون هناك بعض القضاة غير موالين لهذه القوى ولا يستمعون لهذه الكتل السياسية، لكن تبقى السيطرة العليا لهذه الكتل، التي تستطيع إبعاد أي قاضٍ غير مناسب لها”. وتابع “عندما ندعي أن هناك لجنة تحقيق ستتشكل وستصل إلى نتيجة نضحك على الشعب العراقي. نحن في الحقيقة ندور في دوامة فارغة”. وقال “الكل ينتظر تغييراً جذرياً في الطبقة الحاكمة، حتى يتم الوصول إلى الحقيقة في الجرائم التي ارتكبت بحق العراقيين طيلة السنوات الماضية”. أثيل النجيفي: لن نرى أي تحقيق نزيه إلا إذا تغير الوضع السياسي ***خوش حجي بس حاسب نفسك , أنت سبب سقوط الموصل ؟ “في السياق، قال رئيس “مركز التفكير السياسي” إحسان الشمري، في حديث مع “العربي الجديد”، إنه “لا يمكن الوثوق بالتحقيقات التي أجرتها اللجان المشكلة من قبل عبد المهدي، خصوصاً أن الحكومة كانت هي الطرف المقابل للمتظاهرين”، مضيفاً “سبب من أسباب سقوط عبد المهدي أنه لم يتعاط مع دم المتظاهرين بشكل جدي، وهذا كشف عن تواطؤ أو عدم اهتمام كبير في كشف قتلة المتظاهرين”. وتابع “حتى مرجعية النجف، المتمثلة بالسيستاني، لمحت إلى هذه القضية، عندما طالبت أكثر من مرة بضرورة الكشف عن هذه التحقيقات، وتقديم الجناة إلى المحاكم العراقية”. وأكد أن هناك إرادة سياسية لعدم الكشف أو إدانة الفاعل الحقيقي لقتل المتظاهرين، والجهات المتورطة، خصوصاً أن ملف قتلة المتظاهرين تحول إلى سياسي أكثر مما هو قضائي، وحتى طبيعة الأوامر التي صدرت بنقل وإعفاء عدد من القادة الأمنيين والعسكريين لم تُلب الطموح، والكثير من هؤلاء أصلاً كانوا محالين على التقاعد، وبلغوا السن القانونية. وشدد الشمري على أنه “يجب إعادة تشكيل لجان التحقيق من قبل الحكومة العراقية الجديدة. إن عدم الوصول لحقيقة القاتل من قبل الحكومة المستقيلة، يحتم على الحكومة الجديدة سرعة الكشف عن قتلة المتظاهرين”، مضيفاً “يجب على الادعاء العام أن يتحرك بهذا الملف المهم، خصوصاً أننا لاحظنا أنه تحرك في أكثر من قضية، على الرغم من أن الادعاء العام أكد في وقت سابق أنه ليس من صلاحيته ملاحقة بعض الجهات، أو الدفع بالشكوى بالحق العام في بعض القضايا من الجرائم”. وتوقع أن يكون “ملف التحقيق في قتل المتظاهرين شائكاً، فهناك جهات سياسية تتخوف من إعادة تفعيله من قِبل الحكومة الجديدة، لكن في الوقت نفسه سيكون محفزاً لحركة احتجاجية أقوى”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here