المواطن الأوروبي لا يبالي بكنائس بلده فكيف يتباكى على آيا صوفيا ؟

المواطن الأوروبي لا يبالي بكنائس بلده فكيف يتباكى على آيا صوفيا ؟

بقلم مهدي قاسم

من الملفت إلى أن المواطن الأوروبي ” العادي ” لم يعر أية أهمية تُذكر لقرار أردوغان بتحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد ، لا تظاهرات ولا احتجاجات ولا بيانات تنديد أو تهديد ، إذ هو لا يجد في هذه المسألة انتصارا للإسلام وهزيمة للمسيحية ، لأن المسألة لا تهمته أصلا ، فهو في النهاية أما ملحد أو علماني أو مؤمن غير مكترث كثيرا بأمور الدين والتدّين ، ونادرا ما يذهب إلى الكنيسة لأداء فروض وطقوس دينية ، وبما أنه متحرر من خرافات و غيبيات وأوهام أخرى نجده يعيش حياة ممتلئة بمعارف و علوم و اكتشافات ، طبعا إلى جانب نشاطات ثقافية وفنية و رياضية مصحوبة بمتع ورفاهية ، أي عمليا فهو وجد ” الجنة ” على الأرض ، وبالتالي فهو لا يطمح كثيرا إلى ” جنة أخرى ” ولكونه انسانا مسالما وغير مؤذ ، بل فهو عموما ذو نزعة إنسانية فلا يخشى من جحيم الآخرة ..

هذا إذا كان مؤمنا بوجود جحيم أوجهنم ..

و لهذا تبدو الكنائس في أغلب الدول الأوروبية شبه فارغة وخاو إلا في أيام الآحاد ، حيث يمكن ملاحظة بعضا من نساء ورجال مسنين يذهبون إلى هناك ، مع ملاحظة شبه انعدام لوجود شابات و شباب يافعين ، حيث أصبح هذا الخيار حقا مفهوما و مشروعا ومحترما من قبل المجتمع الأوروبي الذي يحترم حرية الاختيار ، ومن ضمنه التدّين والإيمان ، وبالعكس أيضا ، أي عدم التدّين والإيمان و عدم ممارسة طقوس دينية ، دون أن يترتب على ذاك ضغوط و مضايقات نفسية أو اعتداءات جسدية مثلما الحال في بعض بلدان ذات أنظمة دينية شمولية مطلقة في منطقة الشرق الأوسط ..

وربما لهذا السبب تبدو الكنائس شبه فارغة من قلة المؤمنين وبعضها الآخر أصبحت ” فائضة ” عن الحاجة ، لكونها قد أصبحت خاوية تماما و على طول الخط و شبه مغلقة و مهجورة أحيانا ، إلى حد جرت عملية عرض بعضها للبيع و التي قام قطريون أو سعوديون بشرائها في كل من ألمانيا فرنسا وبلجيكا ـــ على سبيل المثال وليس الحصر ــ ومن ثم تحويلها إلى مساجد ..

وقد عد بعض المسلمين هذا الأمر غلبة الإسلام على المسيحية ، بالأحرى كدليل على انتشار الدين الإسلامي على حساب انحسار الدين المسيحي داخل المجتمعات الغربية ..

طيب …………..

إذا كان الشخص الأوروبي ــ وهنا لا نقصد التعميم المطلق ــ لا تهمه مسألة بيع كنائس بلده إلى قطرين وسعوديين أو إماراتين بهدف تحويلها إلى مساجد ، فهل يهمه حقا قرار تحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد في تركيا ؟!..

بالتأكيد لا ..

و يبقى أن نقول : لو كان متحف آيا صوفيا عبارة عن أرض توجد فيها آبار نفط كبيرة ، أو هي تعد منطقة أمنية و عسكرية استراتيجية وخطيرة ، أو ذات شبكة اقتصادية مهمة وذات ثقل ووزن مهمين جدا بالنسبة للنظام الرأسمالي العالمي فمن المؤكد أن رد فعل الدول الغربية و أمريكا كان سيأخذ طابعا أبعد بكثير من طابع الصمت الحالي..

فهناك المهم هو إيجاد أسواق و بيع مزيد من سلع و بضع استهلاكية ، ما عدا ذلك ليس له من أهمية تذكر ..

و كذلك الأمر بالنسبة لبيع كنائس في بعض الأحيان إذا وجد مَـن يدفع مبالغ كبيرة مقابل ذلك !!..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here