غلق العيادات الخاصة… ردود فعل حكومية و جماهيرية

بغداد /عديلة شاهين

دفع الخوف من فايروس كورونا وانتقال العدوى إلى أغلب الأطباء الى غلق عياداتهم الخاصة كي لا تكون بؤراً لنشر الفايروس منذ بداية ظهور الوباء و لكن و من خلال حاجة الكثير من المرضى الى الفحص و تلقي الاستشارات الطبية أصبح من المستحيل غلق هذه العيادات و المجمعات الطبية في وجه أصحاب الأمراض المزمنة خاصة إذا ما التزمت هذه العيادات بأجراءات الوقاية الصارمة،

و في ظل هذه المعطيات، أصدرت لجنة الصحة و السلامة الوطنية في العراق جملة قرارات تتعلق بمواجهة فايروس كورونا منها غلق العيادات الخاصة و المجمعات الطبية لمدة أسبوعين بدءاً من 7 تموز و لغاية 20 تموز، و قد جوبه هذا القرار بردود فعل حكومية و أثار جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي و تساءل البعض عن جدوى القرار الذي لا يصب في مصلحة المرضى و ربما سيزيد من أعداد المصابين في حال تكدسهم في المستشفيات الحكومية وسط انتشار الوباء.

هل توجد أمراض غير كورونا؟

و في حديثه للمدى شجب الدكتور محمد حسين عبد (أخصائي أمراض القلب و الشرايين) هذا القرار قائلاً :

يعد قرار غلق العيادات الخاصة و المجمعات الطبية قراراً بعيداً عن الواقع و يفتقر الى المهنية و لم يبرر بشكل صحيح من قبل اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية، فهي تدرك جيداً أن المستوى العلاجي للمؤسسات الحكومية في العراق ضمن سقف معين و إن كثيراً من المرضى يضطرون الى شراء العلاجات من خارج هذه المؤسسات و ذلك بناء على نصيحة الطبيب المعالج الذي يدعو الى شرائها من خارج المستشفى و من شركات رصينة لتكون المعالجة فعاله أما العلاجات التي يتم وصفها في المؤسسات الصحية الحكومية فأغلبها غير فعال و أيضاً ما يتم كتابته من وصفات لا يمكن أن توفر جميعها في هذه المؤسسات، لذا و مع قرار غلق العيادات سيواجه المريض صعوبات كبيرة في الحصول على العلاج لأن الأطباء الاختصاص يتوفرون في العيادات الاستشارية في المستشفيات و العيادات الخارجية الخاصة.

و أضاف د. محمد : إن غلق العيادات الخاصة و الاستشاريات في المستشفيات حدّد الامراض الموجودة في العراق على إنها كورونا فقط بالرغم من وجود أمراض أخطر و حالات طارئة قد تتطلب تدخلاً جراحياً و يجب أن يتعامل معها الطبيب بشكل فوري داخل العيادة الخاصة، و من وجهة نظري فإن فتح العيادات بشكل كامل و الاستشاريات سوف يخفف من الزخم و التكدس داخل المستشفيات الحكومية أيضاً ومن الممكن إلزام المريض أو المراجع بارتداء عدة الوقاية و الالتزام بالتعليمات الوقائية و تطبيق شروط التباعد الاجتماعي داخل العيادة.

زيارات دورية للطبيب

و يوضح المواطن حمزة عدي (موظف حكومي) للمدى ردة فعله من القرار لوجود أكثر من حالة مرضية في عائلته قائلاً :

منع الضمير المهني بعضاً من الاطباء من غلق أبواب عياداتهم في وجه مرضاهم مع التزامهم بالوسائل الوقائية و تطبيق شروط التباعد الاجتماعي و تفعيل خدمة الحجز عن بعد لتقليل تزامن المرضى داخل العيادة الواحدة، و أكد : لدي في عائلتي أشخاص مصابون بأمراض تتطلب الزيارة الدورية للطبيب و منهم زوجتي التي تحتاج الى زيارة منتظمة للطبيبة النسائية لمراقبة حملها أولاً و مراجعة طبيب الأسنان ثانياً لأن ألم الأسنان لا يتحمل انتظار عودة فتح العيادات، مستطرداً بالقول :أنا أطالب الجهات المعنية بالتراجع عن هذا القرار المجحف في حق المواطن مع تطبيق الإجراءات العقابية على المراجع و الطبيب إذا لم يلتزم بالشروط الوقائية لأن الخدمات الطبية هي رسالة و مهمة نبيلة لا ينبغي أن تتوقف في أي ظرف كان.

حقوق الإنسان

و تعقيباً على القرار، أكدت مفوضية حقوق الإنسان في العراق أن قرار غلق العيادات والمجمعات الطبية يمثل انتهاكاً صارخاً لحق الإنسان في الصحة، و قال عضو المفوضية د. فاضل الغراوي في بيان صحفي، إن قرار غلق العيادات والمجمعات الطبية يمثل انتهاكاً صارخاً لحق الإنسان في الصحة، و أضاف الغراوي ، أن اجراءات خلية الأزمة يجب أن تحقق التوازن بين متطلبات وإجراءات الحظر وبين حقوق المواطنين، و طالب الغراوي الحكومة و خلية الأزمة بإلغاء هذا القرار وإعادة فتح العيادات والمجمعات الطبية مع التأكيد على التزام المواطنين بتطبيق متطلبات الوقاية عند مراجعتهم لها إضافة الى قيام العيادات والمجمعات باتخاذ إجراءات جدية لتطبيق متطلبات الجانب الوقائي من خلال حملات التعفير والتعقيم وتوزيع المعقمات على المراجعين والالتزام بالأعداد المراجعة للحفاظ على التباعد الاجتماعي.

نقابة الاطباء

أيضاً كان لنقابة الاطباء ردة فعل حول القرار ، و قال نقيب الأطباء عبد الأمير الشمري في تصريح صحفي، إنه حسب قانون الصحة العامة رقم 89 لسنة 1981، فإن القرارات التي تتعلق بالصحة العامة والوقاية وغلق أي محل لأسباب الصحة والوقاية هي من صلاحيات وزارة الصحة حصراً، ونحن نلتزم بالقانون .

مضيفاً: كان على لجنة السلامة أن تطرح وتجهز البدائل للمريض، ويكون ذلك من خلال خطة معلنة ومعروفة للجميع، وأن تضع آليات واضحة وترسم مساراً لمراجعة المرضى والعناية بهم، لا أن تترك المريض في حيرة من أمره.

خلية الأزمة النيابية

ومن ضمن ردود الفعل الحكومية، عبرت خلية الازمة النيابية، يوم الثلاثاء الماضي عن امتعاضها من قرار اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية بشأن غلق العيادات الطبية، وقال عضو الخلية النائب عباس عليوي في تصريح صحفي، إن قرار اللجنة العليا للصحة والسلامة غير صائب ولم يتخذ بشكل مدروس مضيفاً: أن أعضاء اللجنة هم غير كفوئين وقراراتهم لا تنم عن وعي صحي.

وقال : إن قرار غلق العيادات الطبية أمر غير مبرر وسيؤدي الى ارتفاع معدل الإصابات وليس تخفيفها أو تقليلها، و أوضح :إن بعض الأمراض المزمنة بحاجة الى مراجعة الأطباء وغلق العيادات سيدفعهم للذهاب الى المستشفيات، حيث أن جميع المستشفيات أصبحت مراكز للحجر.

لقاء برلماني مع وزير الصحة

و من جانبها أكدت لجنة الصحة في مجلس النواب يوم الاربعاء الماضي عن عزمها عقد اجتماع مع وزير الصحة الأسبوع المنصرم لمناقشة عدة أمور من بينها قرار اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية الخاص بغلق العيادات الطبية الخاصة و المجمعات الطبية لمدة أسبوعين، معربة عن استغرابها من هذا القرار المفاجئ.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here