*فكرنا في إغراق العراق بفتح السدوود المائية التركية – الرئيس جورج بوش, الاب*: مُعضلة السدود التركية ومخاطرها, ما خفيَّ منها وما ظهر

*فكرنا في إغراق العراق بفتح السدوود المائية التركية – الرئيس جورج بوش, الاب*: مُعضلة السدود التركية ومخاطرها, ما خفيَّ منها وما ظهر.
د. عبدالحميد العباسي.
—————-
الكُل يعلم
أن لدى تركيا ورقة ضغط فاعلة في قطع المياه عن نهر الفرات وتصحير معظم اراضي العراق وإذا فعل الاقليم الشيء نفسه وفي الوقت نفسه, بمياه دجلة التي تنبع او تمرُّ عِبرَه على غرار ما كان
يحصل في المراحل التي تلت الغزو, من حفر الآبار الارتوازية في الاقليم وبشكل مسعور وانشاء البحيرات الاصطناعية وذلك عندما كان وزير الموارد المائية, من حصة الاقليم في وزارة بغداد, لو حصل ذلك ايضا, لقُضي على العراق الذي نعرفه. فتصحير أي بلد يعني فناءة والتااريخ يحدثنا عن حضارات اختفت عندما غيرت الأنهر مجاريها. هذه المخاطر صار امرها معلوما لدى القاصي والداني ونحن نتذكر كيف ان حوض دجلة والفرات قد اصابهما الجفاف في السنوات الاولى بعد الغزو. واذكر, بهذه المناسبة ان استاذنا في موضوع الصحة العامة في كلية الطب,
*الدكتور كرتشلي* البريطاني, أذكر انه عرض لنا, طلابه, خريطة العراق, *آنذاك* مؤشرا عليعها مواقع المياه الجوفية وكانت الخريطة تزخر, كُلها بمواقع تلك المياه. ترى كم من طلاب ذلك الصف تذكروا هذه الخارطة وهم يسمعون عن جفاف احواض النهرين فيما تلى من سنين (وكلها, في حينها صارت) عُجاف؟. اما بالنسبة للتهديد الدائم, المُعلن والمبطن بقطع المياه عن حوض الفرات, قيبدوا اننا تأقلمنا له وخضعنا للابتزاز الدائم (هِزِّي رِطَب بَنخله) وهذا أمر ليس في هذه الفسحة استعراضه ولكني سأستذكر مثلا صينيا يقول *من لم يقرأ (يعي دروس) التاريخ لا يَبلغ سِنَّ الرُشد* وقول عمرو بن العاص, قوله: * ليس المرءُ مَن يحتاط للأمر إذا وقع, إنما المرء مَن يأخذ للامر أُهبتَه حتى لا يقع* هكذا فعل عبد الكريم قاسم عندما, علم ان الاتراك ينوون اقامة سد اتاتورك على نهر الفرات, إذ قال: *سأهدمه على رؤوسهم إن فعلوا*. وكان ان نُحِيَت الفكرةُ جانبا. وقد سمعت, (أنا) أواخر التسعينات من القرن الماضي, من على محطة ال ب. ب. سي البريطانية, في استعراضها احداث تاريخية, قالت: أن المؤسسات المالية العالمية أوقفت تمويل مشروع سد اتاتورك, بعد تهديد عبد الكريم قاسم ولسنوات بعد رحيل الزعيم (ربما خوفا من أن يأتي عبد الكريم فاسم آخر, لكنه لم يأتِ وإنّا, مع شعب العراق, لِمِثلِه لمنتظرون), *أضاعوني وأيَّ فتىً اضاعوا ليوم كريهة وسِداد ثغرِ*. سألت الدكتور البزاز, أستاذ الموارد المائية في جامعة هارفرد الامريكية وكان يحاضر في منتدى الكوفة في لندن اواخر التسعينيات, سالته ما إّذا كان لنا في تحلية مياه البحر بديلا, قال * لا, ليس لكم عن مياه النهرين بديلا وان أهل الخليج ما زالوا يستوردون ماء الشرب مِن خارج بلدانهم*. على ان الاشد خطورة على العراق وهو عنوان هذه المقالة, هو خطر فتح هذه السدود متى شاء الترك, وهو أمرٌ لم يسترعِ الانتباه بعدُ, فقد يكون فتحُها مفاجئا وغير مُحتَسَب ويأخذنا على حين غِرَّة ولا يسمح بوقت للمناورة والتعبئة. تعالَوا لنستمع الى هذا الحِوار الذي اجراه سير ديفد فروست الاعلامي البريطاني مع الرئيس جورج بوش (الاب) اواسط التسعينات (على ما اذكر) من القرن الماضي, بعد عاصفة الصحراء (حرب الكويت) وقد سمعته بنفسي. قال الرئيس بوش الاب * فكرنا (هو الرئيس فكَّر) قبيل عاصفة الصحراء (ربما اريد ان يكون المشروع بديلا عنها) فكَّرنا في ان نغرق العراق بفتح السدود المائية التركية ولكننا عدلنا عن ذلك*. لماذا؟ لم يقل الرئيس ولا نحن نعرف ولكن مِن باب التأويل والتخمين نقول عندما يفكر رئيس دولة فمعنى ذلك ان الفكرة التي طُرحت امامه قد دُرست واختبرت بعض جوانبها ومن المحتمل انهم حصلوا على موافقة تركيا (لاحظ أن إمكانَ فتحَ السدود التركية واغراق العراق, أمرٌ واردٌ وليس خيالاً). فما منعهم من تنفيذ تلك الخطة؟ قلنا لا ندري. هل هي الضجة العالمية التي يمكن ان يثيرها الحدث؟ ام هي الانهر التي حفرها صدام, لبزل مياه الاهوار, هذه الانهار وعندما تتدفق المياه بعد فتح السدود, قد تجري فيها المياه بما لا تشتهي السفن, أي عكس ما أُريد لها, عند حفرها اي ان الماء سينتقل الى الاهوار. والاهوار كما نعلم كانت صمام الامان في موسم الفيضانات ايام زمان. وقد تكون هناك موانع أُخر, لا نعلمها. والآن: ماذا نحن عليه قادرون لازالة هذا الخطر المُسَلط على رؤوسنا؟. قد يكون في قولنا ان لدينا من الاجراءات والاحتياطات ما يقينا, قد يكون قولُ ذلك, مفاجأة للكثير خاصة وان شعبنا اعتاد مِنّا الانبطاح في مواجهة التحديات. نعم لدينا الكثير من الردود. وإليكُمُوها:
1. نشاط في الاوساط الدولية بهدف قيام نوع من الاشراف الدولي على هذه السدود, باعتبار أن امرَها يَهِم عدة بلدان, تركيا وسوريا والعراق, اسوة بما هوجارٍ بخصوص سد النهضة على منابع النيل في اثيوبيا.
2. بناء سدود وخزّانات لاستيعاب أيِّ كَمٍ هائل من المياه قد يأتي به نهر الفرات, وهذا, بحدِّ ذاته قد يقنع تركيا ألا جدوى من فتح السدود ولا من التهديد بفتحها, فضلا عن أن السدود والخزانات التي نقيمها قد تكون لها فوائد أخر, منها فشل اي تهديد بتجفيف حوض الفرات.
3. اشعار تركيا بان التبادل التجاري مع تركيا وهو مائل بشكل حاد لصالحها, لن يبقى كذلك فيما لو وقع خلاف حول توزيع المياه.
4. ورقة حزب العمال لتركستاني, نعم هو سلاح ذو حدين إلا أن المهارة في استعماله تجعله في صالح العراق فقط علماً ان هذا التشكيل سبق ان أعان العراق على داعش كما ذكر الدكتور العبادي مؤخرا (موقع *أخبار*). المبتز لا يتوقف عن الابتزاز اذا أستُجيبَ له, هو لا يرعوي مختاراً ويتوقف, فقط اذا فشل و- او إرتد عليه عمله. هذه حقيقة علينا ان نعيها ونتصرف وفقها مع مبتزينا.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here