السيستاني على رأسها.. 3 جهات يمكنها حل معضلة العراق مع المليشيات المسلحة

يرى خبراء ومعنيون في الشأن العراقي، أن ثلاث جهات يمكنها حل معضلة الفصائل المسلحة التي تهدد أمن العراقيين، في ظل النقاشات العراقية الدائرة، حول مبدأ حصر السلاح بيد الدولة، مع وصول رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي إلى سدة الحكم، وتعهده بإنهاء ظاهرة السلاح المنفلت بيد الميليشيات الشيعية، فضلا عن واقعة اغتيال الخبير في الشأن الأمني هشام الهاشمي، التي صعّدت تلك الدعوات.

ويُجمع خبراء ومختصون في الشأن العراقي، أن هناك ثلاث جهات يمكنها المساهمة في حل المعضلة العراقية، وتفتيت المليشيات المسلحة، بعيداً عن الدولة الرسمية، التي بدت عاجزة عن المواجهة خلال أكثر من عقد ونصف.

فتوى من السيستاني

ومراراً، طالب العراقيون المرجع الأعلى لشيعة العراق، آية الله علي السيستاني، بإصدار فتوى تجرم عمل تلك الفصائل والمليشيات، وتنزع عنها «القدسية» والهالة التي تغطيها، فضلاً عن رفع الدعم الشعبي الذي تمنحه قطاعات المجتمع الشيعي، بداعي قتالها الإرهاب.

ويقول الخبير في الشأن العراقي يحيى الكبيسي، إن «السيستاني أفتى عام 2014 بضرورة التطوع في صفوف القوات الأمنية حصراً، لكن الفاعلين السياسيين من الأحزاب والقوى استخدمت تلك الفتوى لإنشاء هذه الدولة الموازية أو تكريسها، إذ أن أغلب تلك الفصائل كانت موجودة سابقاً».

وأضاف في تعليق له، أنه «ما لم ينزع السيد السيستاني الغطاء عن هذه الدولة الموازية والسلاح العقائدي، ستبقى هناك إشكالية في هذا الموضوع»، مشيراً إلى أن «الدولة العراقية عاجزة بشكل واضح عن مواجهة الدولة الموازية؛ بسبب ما تتمتع به من مزايا وحماية تامة، لذلك حملة السلاح هم أصحاب القرار الأمني والسياسي والعسكري في العراق».

لكن آخرين يرون أن تلك المجموعات المسلحة مثل ‹كتائب حزب الله› و‹عصائب أهل الحق› و‹حركة النجباء› غيرها، لا تقلد السيستاني، ما يعني أن إصدار فتوى بحلها أو رفع الغطاء عنها ستكون بلا معنى، وربما تحرج السيستاني الذي سيرى فتواه هائمة لا تلقى آذاناً صاغية، خاصة وأنه أصدر عدة توجيهات سابقة، شددت على حصر السلاح بيد الدولة، وإنهاء ظاهرة الفصائل المسلحة، تحت كل العناوين، لكن ما زالت تلك المجموعات تحمل سلاحها.

ويبدو أن السيستاني، عجز عن إنهاء استغلال الفتوى الدينية التي أطلقها، لذلك لجأ إلى الميدان، حيث منح قبل أشهر أربعة ألوية داخل الحشد الشعبي، مقربة منه، الضوء الأخضر للانسحاب من هيئة الحشد، وذلك احتجاجاً على تسلم المناصب القيادية في الهيئة من قبل شخصيات مقربة من إيران، وتحديداً ‹كتائب حزب الله›.

وأوحت تلك الخطوة بأن السيستاني غاضب من هيمنة تلك المجموعات على الحشد الشعبي، واستغلالها الفتوى الدينية التي أصدرها.

وأكد الخبير الأمني الراحل هشام الهاشمي، أن «(3) مناصب سياسية في هيئة الحشد، تذهب إلى البيت السياسي الشيعي القريب من القيادة الولائية (الإيرانية) وهي: رئيس الهيئة، ومكتب رئيس الهيئة، وأمين السر العام، فضلاً عن منصب رئيس الأركان وهو للقيادة الولائية أيضاً (حاليا أبو فدك عبد العزيز المحمداوي) ويعتبر هو القائد التنفيذي والعملياتي الأعلى، يرتبط به (5) مساعديات أركان، و(8) محاور لقيادات عمليات قوات هيئة الحشد».

وبحسب الهاشمي، فإن «الهيكل التنظيمي القيادي والإداري لهيئة الحشد الشعبي يدار بنسبة ٪80 من خلال قيادات وإدارات تنتمي لمرجعية الحشد الولائي».

قرار إيراني

وبما أن كثير من تلك المجموعات المسلحة تتبع ولاية الفقيه، فإن ذلك يشكل مأزقاً آخر للعراق، حيث يتهم سياسيون تلك المليشيات بتلقى أوامر من الحرس الثوري الإيراني، خاصة وأن قادة تلك المجموعات لا يتورعون عن ذكر علاقتهم بالحرس الثوري والقادة الإيرانيين.

وشكلت إيران تلك المجموعات المسلحة، وأغدقت عليها السلاح خلال السنوات الماضية، فضلاً عن الدعم اللوجستي والفني والإعلامي، وأصبحت تلك الفصائل حارس المصالح الإيرانية في بلاد الرافدين، وهو ما دعا المتظاهرين في الساحات العراقية، إلى مطالبة إيران برفع يدها عن المجموعات العراقية.

ويقول المحلل السياسي عماد محمد، أن «هذه الفصائل بالطبع لها ارتباطات واضحة بإيران، فهي لا تخفي ذلك، وفي حال أرادت الحكومة إنهاء دور تلك المجموعات، فلا بد من التفاهم مع إيران أولاً، وتحديداً مع الحرس الثوري المسؤول عن الملف العراقي»، مشيراً إلى أن «تلك الجماعات ضامنة للمصالح الإيرانية، حتى من بعض الأحزاب الشيعية، التي ربما لا تتماهي كثيراً مع إيران».

وأضاف لـ (باسنيوز)، أن «إيران تضررت كثيراً من تلك المجموعات، على رغم المكاسب التي حققتها، لكن تلك الفصائل شوّهت سمعة إيران في الداخل العراقي، بسبب سلوكها ورعونيّتها، ما يجعل إيران قد تفكر في المستقبل باستبدال تلك الفصائل، وفي حال وُجد المفاوض العراقي الماهر، قد يتوصل إلى تفاهمات مع طهران».

خطوة سياسية

وتحظى تلك الجماعات والمليشيات بدعم من كتل سياسية، خاصة الشيعية منها، حيث يرى مراقبون للشأن العراقي أن هذه الكتل، بعد ظهور داعش، أصبحت قلقة من اختطاف الدولة، أو حصول انقلاب عسكري قد يزيحها من حكم البلاد، لذلك استنسخت تجربة الحرس الثوري الإيراني المتمثل في الحشد الشعبي وعلى عجالة؛ لضمان الإبقاء على نفوذها وحضورها.

وفي حال اتخذت تلك الكتل قراراً جماعياً بضرورة حصر السلاح بيد الدولة، فإن تلك الفصائل لا يمكنها البقاء في المشهد العراقي، بعد نزع الغطاء السياسي عنها، خاصة إذا ما تم التنسيق مع إيران في هذا الشأن.

ويلاحظ مراقبون، تماهياً بين قوى سياسية وأحزاب في البرلمان مع تلك الميليشيات، مثل ‹كتائب حزب الله› المدرجة على لائحة الإرهاب لدى الولايات المتحدة الأمريكية، و‹عصائب أهل الحق›، وغيرها.

وإن كان مفهوماً أن الكتل السياسية التابعة لتلك الفصائل المسلحة في البرلمان ترفض نزع سلاحها، يتساءل مراقبون عن سبب دعم الكتل الأخرى لهذه المجموعات المسلحة، مثل ‹ائتلاف دولة القانون› بزعامة رئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي، وتحالف ‹الفتح› الذي يتزعمه هادي العامري، والتيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر.

وعندما اعتقل جهاز مكافحة الإرهاب 14 عنصراً من ‹كتائب حزب الله›، الشهر الماضي، استنفرت الكتل السياسية مثل ائتلاف المالكي والعامري والتيار الصدري وتيار ‹الحكمة› للدفاع عن الكتائب، حيث قالت إنهم ضمن الحشد الشعبي، رغم إعلان الكتائب أنها ليست بكاملها ضمن هيئة الحشد.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here