منظمة الفاو تطالب الحكومة بتحفيز القطاع الخاص: استقرار الأسعار يمثل تحدياً للعراق

أصدرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، تقييمها الشهري للأوضاع في العراق إثر انتشار جائحة كورونا، مشيرةً إلى أن انخفاض أسعار النفط العالمية شكل ضغطاً على الموارد المالية الوطنية وولد الحاجة إلى تمويل العجز الاقتصادي الحاصل، وأكدت أن “استقرار الأسعار لا يزال يمثل تحدياً، حيث يظل معظم تجار التجزئة غير متأكدين من الأسعار المستقبلية”.

وقالت المنظمة إن أسواق الغذاء العالمية لا تزال مزودة تزويدا جيداً ومازالت الأسعار الدولية مستقرة نسبياً. وأدت بعض الفحوصات الصحية والحجر الصحي إلى تأخيرات على الحدود وزيادة أوقات العبور وتكاليف النقل. من جهة أخرى، كانت ظروف تنمية المحاصيل في العراق مواتية بالعموم مع أمطار موزعة بشكل جيد وفي الوقت المناسب في السنة الزراعية الحالية. إذ يُقدر أن العراق لديه مخزون كاف من القمح لتغطية احتياجاته الغذائية على الأقل حتى خريف 2020 نتيجة ارتفاع متوسط الإنتاج المحلي، وستستمر عمليات توزيع مخزون السكر والزيت المتبقي على الأسر المسجلة على أنها أسر ضعيفة لدى برنامج وزارة العمل والشؤون الاجتماعية للحماية الاجتماعية.

واستجابة للاحتياجات المتزايدة للعديد من الأسر التي ليس لديها دخل خلال فترة الاغلاق، أنشأت الحكومة برنامجاً للصرف النقدي (منحة). وأدخل البنك المركزي العراقي تدابير لتخفيف أثر الأزمة على الأسر والشركات، “لكن لا تزال هناك حاجة إلى حزمة تحفيز أكبر لإعادة بدء الاقتصاد”.

بفضل تطبيق تدابير صارمة لمراقبة الأسعار بعد الارتفاعات الأولية، بدأت أسعار المواد الغذائية عموماً في الاستقرار ابتداءً من شهر نيسان. تشير أحدث بيانات نظام تحليل وتخطيط الضعف إلى أن “استقرار الأسعار لا يزال يمثل تحدياً، حيث يظل معظم تجار التجزئة غير متأكدين من الأسعار المستقبلية. ومع ذلك ، فإن الأداء العام للأسواق في تحسن”، بحسب تقرير فاو.

وبشأن الحلول التي يمكن أن تعتمدها الحكومة العراقية للخروج من الوضع الحالي، أشار التقرير إلى أن الحكومة تحتاج أن تنظر في التحضير لسيناريوهات مختلفة لميزانيتها اعتماداً على سرعة الانتعاش العالمي وأن تنظر في مصادر تمويل بديلة وتعديلات على الإنفاق، وإعادة دراسة التجارة الإقليمية وتحسين وفرة الغذاء وتخصيص الأموال من الاحتياطيات الأجنبية المتبقية لواردات المواد الغذائية التي يمكن استغلالها من قبل البنوك الخاصة والتجار لضمان إمدادات مستقرة في الأسواق المحلية، وخلق بيئة مواتية لزيادة الإنتاج المحلي، ومنح المزارعين والعاملين في قطاع الزراعة والأغذية استثناءات من الإغلاق وحظر التجول الاستثمار في البنية التحتية الإنتاجية ودعم القطاعات غير المدمجة في الاقتصاد الرسمي وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي وتحسين قدرات رصد ومراقبة الأمن الغذائي.

بقيت أسواق الأغذية العالمية مزودة بشكل جيد، واستقرت الأسعار الدولية الإجمالية أو تراجعت قليلاً حتى آيار. وبلغ متوسط مؤشر أسعار الأغذية لمنظمة الأغذية والزراعة 162.5 نقطة في أيار، بانخفاض 3.1 نقطة (1.9 في المئة) عن نيسان ووصل إلى أدنى متوسط شهري منذ كانون الاول 2018. وشهد انخفاض شهر آيارالانخفاض الشهري الرابع على التوالي في قيمة المؤشر. وسجلت جميع المؤشرات الفرعية الأخرى للمؤشر العام انخفاضات شهرية في أيار باستثناء السكر الذي ارتفع للمرة الأولى منذ ثلاثة أشهر.

استجابة لإعلان منظمة الصحة العالمية فايروس كورونا وباءً عالمياً، أنشأت الحكومة لجنة خلية الأزمة برئاسة وزارة الصحة وبموجب قرار مجلس الوزراء رقم 55 في نهاية آذار. كما شكلت كل وزارة خلية الأزمة الخاصة بها. وأصدر رئيس الوزراء الأمر 151 ، الذي حدد عضوية اللجنة. كما شكل مجلس الوزراء اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية. ، وأصدر البرلمان واللجان والمجالس الحكومية المنشأة القرارات التالية في نيسان وآيار:

وأدت زيادة النفقات المالية إلى تناقص الاحتياطيات المتوفرة المتاحة للاستجابة للانكماش الاقتصادي غير المتوقع في ضوء جائحة فايروس كورونا، وبمعدل الإنفاق الحالي يطلب العراق سعر نفط 76 دولاراً أميركياً للبرميل لتمويل نفقاته المتكررة لعام 2020، وإذا استقرت أسعار النفط عند 30 – 35 دولاراً للبرميل لبقية عام 2020 ولم يتم اتخاذ أي إجراءات إصلاحية ، فإن عجز الموازنة سيتجاوز 29٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020 وستصل احتياجات التمويل الإجمالية إلى 67 مليار دولار أمريكي ، حوالي 39٪ من الناتج المحلي الإجمالي. وسيتعين على العراق في ظل هذا السياق (السيناريو) اللجوء إلى مزيج من المصادر المحلية والأجنبية لتمويل العجز.

وسيضغط تمويل عجز الموازنة وعجز الحساب الجاري المقدر بـ 18.8٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020 مع الحفاظ على سعر الصرف المرتبط بالدولار الأميركي (الذي لم يتغير منذ عام 2009) على احتياطيات العراق من العملات الأجنبية.لا يمكن أن تغطي احتياطيات العملات الأجنبية سوى ما يصل إلى 6 أشهر من الواردات اعتباراً من آيار 2020، “مما يؤدي إلى تفاقم تعرض البلاد للصدمات الخارجية وتقويض قدرة البلاد على تمويل الواردات الغذائية وبرامج الدعم المحلية”.

إن الاتجاه الصعودي للضغوط المالية والنقدية الحالية يتمثل في كون الضغوط التضخمية ما زالت صامتة إلى حد كبير بسبب توافر السلع الاستهلاكية الأرخص. بالاضافة الى ذلك، تستمر العملات التركية والإيرانية في الانخفاض، مما يؤثر على الشريكين التجاريين الرسميين الرئيسيين للعراق. لا يزال التضخم الرئيس الذي يعرف على أنه مقياس للتضخم الإجمالي داخل الاقتصاد والذي يتضمن سلعاً مثل أسعار الغذاء والطاقة ، تحت السيطرة بنسبة اقل من 1٪.

ويبقى القطاع العام القطاع الأكثر استقطاباً للعمالة في العراق، ولذا فسيؤثر أي تأخير أو تعليق لمرتبات ومعاشات موظفيه، إضافةً الى انخفاض أجورالعاملين في القطاعين الخاص وغير الرسمي، على نفقات غذاء الأسرة وأسواق الغذاء والأمن الغذائي للبلد، مشيرةً إلى دورات الحصة التموينية تأخرت لمدة شهرين منذ بداية العام.

ولاحظت “فاو” بعض ارتفاعات الأسعار الموسمية المتوقعة المرتبطة بالإنتاج الموسمي في نيسان في بعض العناصر النباتية مثل الطماطم التي بدأت في العودة لأسعارها الطبيعية في نهاية آيار. فعلى سبيل المثال انخفضت الزيادة بنسبة 23٪ في أسعار الطماطم في نيسان بنسبة 28٪ في آيار.

بالإضافة إلى التطورات في أسواق الحبوب العالمية، ارتفع متوسط سعر التجزئة لدقيق القمح عند المقارنة على أساس سنوي بنسبة 21٪ في العراق خلال شهر نيسان. وسجلت ثلاثة من أصل 23 سلعة غذائية مختلفة زيادة أكثر من 10٪ في الشهرخلال شهر نيسان. بينما زادت خمس سلع بين 5-10 ٪ شهرياً . ولوحظت أعلى زيادة شهرية في أسعار الطماطم (24٪) والفاصوليا (15٪). وتم تسجيل أعلى ارتفاع سنوي في أسعار البيض)٪(28) .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here