ألعراق و آلثقافة و آلعلم:

قال البعض من آلمُتلبسين بآلثقافة و الأدب و كتابة المقالات الشكلية الإسفنجية الفنتازية:
[ألعراقيون كلّهم مثقفين و أصحاب شهادات]!!
قلتُ لهم مُتعجّباً : أما الثقافة فلا و ألف لا .. و أما الشهادة فنعم .. لكن هل الشهادة تعني الثقافة!؟
ثم ماذا فعلت الشهادة في العراق؟
هل بنوا عمارة من خمسين طابق مثلاً .. على الأقل؟
هل بنو قطارات فوق و تحت الارض .. هل أسسوا مصانع للسيارات و الطائرات؟
هل إكتفوا من الأنتاج الزراعي .. الحيواني ؟
هل إستطاعوا أن يؤسسوا محطة كهربائية .. لا بل تجميع محطة كهربائية؟
هل و هل .. إذن ما قيمة الشهادة في هذا الحال؟
و فوق هذا أخيراً ..
تبيّنَ أنهم لا يعرفون حتى الفروق ألظاهرية بين الأثنين – أيّ الثقافة و آلعلم – هذا أوّلاً!!
و ثانياً : لو كان العراقيون مُثقفين و مؤدبين و لا يُكذّبون حقاًّ؛ فلماذا لا يحكمهم سوى الطواغيت و الأحزاب و العملاء و آلأنذال و رموز التحاصص الفاسدين و منذ بدء التأريخ و للآن لنهبهم وتخريب و طنهم لبناء بيوتهم!؟ إنتبهوا: الآن و بعد عهد صدام الأسود الجاهل الذي مسخ العراق و العراقيين ثم جاء من بعده خلفاؤوه متوزّرين صور الوطن أو الصدر أو الأنسانية أوووووو ؛ و بعد كل الذي كان؛ هل الشعب سيختار مثقفاً نزيهاً يعيش كما يعيش أي فقير في العراق و كما فعل الأمام علي(ع) على الأقل في الانتخابات القادمة بعد خمسة أشهر من الآن؟ أم إنه سيعود ليختار و كما تعلم بآلخطأ معنى القيم و الأدب على أساس الثقافة الحزبية و العشائرية العراقية المنحطة و كما كان في السابق مع إختلاف التسميات و الدّعاوى؟
و سؤآل آخر يؤرقني بهذا السياق بسبب الجهلاء الأميين, وهو: لماذا لا يدخل السجن و لا يُشرّد في العراق إلا الشريف و المثقف و المفكر و الفيلسوف إن وجد .. لكن والحمد لله لا يوجد فيلسوف لأنهم إما قتلوا أو شرّدوا و كان عددهم واحد .. أو إثنين فقط!؟
و لماذا المرأة مظلومة و لا تستطيع حتى في أحيان كثيرة إبداء رأيها بشأن عام أو حتى خاص, بل تتعرض للأهانة و الضرب و حتى القتل من قبل زوجها أو ولي أمرها ..!؟ إترك كل هذه الأدلة و البراهين .. لأن العراقيين بداخل العراق لهم وضع خاص و طوارئ مستمرة على كل صعيد و نظام سياسي و حكومي ليس على ما يرام و كثرة الأحزاب و المتحاصصين الذين سرقوا كل شيئ؛ إترك كل هذا و إنظر و تأمل وضع العراقيين خارج العراق؛ هل أكثرهم إلا متسكعين و يعيشون على المساعدات .. حت الذين عاشوا منهم في الغرب نصف قرن لا يزال يستجدي و يمد يده بلا حياء و ربما بعضهم يعتبره فرصة و غنيمة و عزة نفس!!
فهل شعب مثقف يُخرّب وضعه هكذا حقاً .. كما هو حال العراق و العراقيين, كلّ حزب بما لديهم فرحون؟ و كيف يمكن لأغنى و أثقف بلد في العالم أن يكون بعد اللتي و اللتيا مديناً بأكثر من 300 مليار دولار للبنك الدولي و الحبل على الجرار!؟ ألعراق اليوم يستورد حتى النِعل و آلخيوط و الجلود و الألبسة و الأبرة, تلك التي يصنعها الآن حتى قرى الهند و الصومال و افغانستان!؟
و بعد تخريب الوطن و المواطن, يخرج الجميع هاتفين بحياة المخربين :
بآلروح .. بآلدّم .. نفديك يا خربان…. يا فلان .. و أضافوا: علي وياك علي
و حين تريد بيان الحقيقة له/ لها /لهم في محاضرة أو بيان: يكتبون عليك تقريراً يكون فيه ختام حياتك أو يقاطعونك و يقطعون راتبك أو مصدر رزقك لتموت جوعاً و غربة و تشريدا .. و لا تسألني عن مضمون تلك التقارير ؛ فأنها و الله مهزلة المهازل(1)!
سكت “المتلبسون بآلعلم و الثقافة” و قال بعضهم كلاماً غير موزون و لا منهجي لم يعيّه هو نفسه قبل غيره.
و هذا هو العراق مذ هبط على أرضه آدم عليه السلام و للآن .. لأن أصل البشر مُرّ و من الأساس!؟
و فهم فلسفتنا الكونية يحتاج لقرون و ربما لأزمان مع هذا المستوى الفكري السائد الآن ليس في العراق وحده بل العالم .. لأن معرفة الفرق بين البشر و الأنسان و بين الأنسان و الآدمي و بين الآدمي و الكوني ؛ يحتاج للكثير الكثير من الدراسات و القراءة و الصبر و التحمل و الجوع و الغربة و حتى الذّلة, و بما أن الشعب العراقي لا يكره سوى القراءة ألمعمّقة و يحب الأخبار العاجلة سطرين و ثلاثة و أربعة أو جملة معبرة كما يتناول السندويجات.. لهذا لا يمكن أن يتعلم أو يعرف الفرق بين تلك المراتب الكونيّة.
ألفيلسوف الكونيّ عزيز الخزرجي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إلتقيت بعراقي كان يعمل معنا في مؤسسة ثقافية خارج العراق بعد أن طلب اللجوء في تلك الدولة, واصفا وضع العراقيين في الثمانينات, من خلال وصف مضمون تقرير بعثي كتبوه على شخص معين, و ممّا جاء فيه: [دخل الصف و نظر إلى صورة السيد الرئيس و هزّ يدهُ و قالَ هَيْ هَيْ …], إشارة أخرى: خالي المرحوم حدّثني في نهاية سبعينات القرن الماضي: جاء بعض أصدقائي و أنا جالس في المقهى و قلت لهم تفضلوا ليجلسوا, و أثناءها؛ نطقت بكلمة (يا ألّله) و كانت عادية .. لكن أحدهم كان بعثياً أكثر – يعني جاهلاً؛ إنتبه و قال لي: ما هذا يا أبا … هذه الأيام كلمة الله لا تسقط من فمك!؟ أخبرنا ما الامر؟ و هكذا قضى العراقي عمره وسط هذه الثقافات للأسف وهي أمثلة بسيطة يُعينك على معرفة الوضع, و الامر من تلك الأمثلة أن أحد إخواني قضى 12 عاماً في سجون البعث الرهيبة و لا قى ما لاقى من التعذيب, و كنت من خارج العراق أتابع أخباره و كان نزيله في الاحكام الثقيلة بأبي غريب السيد الشهرستاني بآلمناسبة, وعند الأفراج عنه بعد 2003م إلتقينا و كنت أحسب أنه تطهر و خرج كآلملاك قريب من الله حدّ العصمة و أنفاسه يجب أن أتبرك بها؛ و بعد معاشرتي له و تجربته تبيّن أنه كما كلّ بعثي لا يفهم سوى لغة البطن و ما تحته رغم أنه كان يعادي البعث و كان ضمن الحركة الأسلامية و قدم الكثير .. حتى رأيت الكذب وقول الزور عنده و أقرانه شيئ عادي و العياذ بآلله .. بحيث تسبب في خراب علاقتي مع آلكثيرين و أنا كنت أعتبره أميناً و مرشداً لمشروعي الكبير في العراق الذي كان هو السبب في إفشاله بسبب نظرته الضيقة التي كانت تتحدّد من خلال مصالحه الخاصة والعائلية للأسف!
عزيز الخزرجي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here