التدخل التركي في العرق .. انتهاك للسيادة ام لتكريس النفوذ

التدخل التركي في العرق .. انتهاك للسيادة ام لتكريس النفوذ

بهاء عبد الصاحب كريم

منذ فترة ليست بالقليلة قامت القوات التركية بثاني عملية لها في شمال العراق مستهدفة حسب قولها عناصر حزب العمال الكردستاني و جماعات ارهابية اخرى هذه الشماعة التي نسمعها منذ عشرات السنين رافق ذلك التحرك هجوم صاروخي إيراني على قرى اخرى في أربيل مجموعة من التساؤلات اثارت حفيضة يمكن ان تُثار هنا و هناك ما الذي تريده تركيا من العمليات في شمال العراق الآن وكيف ستواجه حكومة بغداد هذا الاعتداء

بعد احتجاج العراق على العملية العسكرية مخلب النسر الأولى التي اطلقتها القوات التركية جاءت عملية مخلب النمر في شمال البلاد لتكشف و بحسب مراقبين عن عدم اكتراث الحكومة التركية لموقف بغداد بهذا الصدد، وكذلك ما أعلنته الجامعة العربية رغم ضعفها من رفض للهجمات التركية التي عدتها انتهاك صارح و اعتداء واضح على سيادة ارض عربية

الامور ما زالت تسير دون تفاهمات و القضية تسير في طريق لا توجد فيه اية معالم واضحة الرد العراقي يمكن وصفه بالخجول و لم يكن بحجم الإهانة التي تعرض لها البلد فالعراق اذا أراد الضغط على الجانب التركي لديه الكثير من الادوات و لعل أهمها و أكثرها نجاحا هو الاستفادة من الجانب الاقتصادي و حجم التبادل التجاري بين البلدين الذي يصل الى اكثر من (14) مليار دولار سنويا و نحن نعلم ان الازمة الاقتصادية تنهك تركيا من الداخل بالاضافة لما حدث من كساد عالمي تأثرت به تركيا جراء تفشي جائحة كورونا

على الرغم من تصاعد صخب الاحداث لا تزال لغة الصمت هي الغالبة على الموقف الكردي لا سيما و ان حماية البوابة الشمالية للعراق مناطة بقوات البيشمركة اما لماذ السكوت من قبل الجانب الكردي فلا احد يعرف ما القصد من وراءه فهل يعني قبول كردي بما يتعرض له حزب العمال الكردستاني من ملاحقة لعناصره على حساب سيادة الوطن و انتهاك القوانين الدولية

بغداد تعتمد على القنوات الدبلوماسية لحل الأزمة القائمة بين الجانبين بينما المخالب التركية تنغرس في جسد العراق و تزيد جراحه و تعمقها فالاعتداء التركي يجعل العراق محقا في التحرك بمسارات عدة اولى تلك التحركات كانت دبلوماسية حيث سلمت السفير التركي في بغداد مذكرة احتجاج شديدة اللهجة و قد يتبع ذلك خطوات اخرى تتجه بها بغداد نحو مجلس الأمن الدولي لتسوية الامور و الخروج من الأجواء المتوترة باقل الخسائر للطرفين في حال عدم استجابة الطرف التركي لرغبة الحكومة العراقية فمن الملاحظ ان العراق لا يريد الدخول بحرب جديدة تفتح الباب عليه في ظل ما يعانيه من تدهور داخلي يتمثل في نقص الخدمات و قلة فرص العمل و تدهور الأوضاع الاقتصادية و انعدام ثقة المواطن بالحكومة و رجالات الدولة ، اما حكومة انقره لم تضع في حساباتها مدى ما سيؤديه الأمر من تشنج للموقف بينها و بغداد و لم تقم بأخطار الجانب العراقي عن العمليات العسكرية و ربما السبب يعود في ذلك هو ضعف الحكومة العراقية في التعامل مع التدخلات الأجنبية في البلاد و خير مصداق على ذلك هو التدخلات الإيرانية في العملية السياسية الى جانب الدور الامريكي في اتخاذ بعض القرارات و خير دليل عملية اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني و نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس حيث اكتفت الحكومة العراقية بتوجيه الإدانة و الاستنكار و لم تتخذ اي موقف حازم من شأنه إيقاف الاعتداءات المتكررة على السيادة العراقية ، ضعف الموقف العراقي أعطى الضوء الأخضر لحكومة انقرة بان تخطوا هذه الخطوة و تشن عمليات عسكرية في شمال البلاد حرصا منها على تصفية حساباتها مع حزب العمال الذي يعد من اهم مصادر القلق لديها مستفيدة في تحقيق ما ترنوا اليه هو الموقف العدائي الذي تكنه حكومة اقليم كردستان التي تحاول ايضا التخلص من تأثيرات الحزب في العراق و الممتدة في سوريا و إيران و كذلك تركيا و قد تكون في الوقت الحالي تشعر بالراحة لوجود من يقوم بالمهمة نيابة عن الدول المتضايقة من نشاط العمال الكردستاني الذي اخذ دوره ينمو في الأيام الاخيرة و أصبح مؤثرا على ارض الواقع

النقطة الاساسية التي تستند اليها تركيا في عملياتها العسكرية هي ان العمليات تجري وفق قوانين و أعراف الأمم المتحدة التي تسمح للدول بالقيام بعمليات عسكرية خارج حدودها في حال تعرض أمنها القومي الى تهديد معين، اما النقطة الثانية فهي الاتفاقية الرسمية الموقعة بين انقرة و بغداد في عام 1984 و التي تنص على السماح لاحد الطرفين الملاحقة الساخنة اذا تم تهديد الأمن القومي بالنسبة للبلدين بمسافة (10) كم داخل حدود الدولتين و بالتأكيد فان من يضع تحت يده هذه المكتسبات القانونية ليس فقط تركيا و إنما اي دولة ستقوم بما قامت به من عمليات لملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني

اما وجهة النظر التركية تقول ان حزب العمال الكردستاني يعتبر من المجموعات الإرهابية و بالتالي الخلاص منه هو منفعة لجميع دول المنطقة مستغربة من ردة فعل الحكومة العراقية التي تواصل استنكارها و شجبها لهذا التصرف الذي عدته اعتداء واضح على الهيبة العراقية و تقليل من شأن البلاد

اما امنية تركياهي هزيمة حزب العمال الكردستاني هذا الهدف طويل الأمد تقول تركيا إنها تسعى لتحقيقه منذ زمن بعيد لكن مراقبين يرون أن أنقرة تتطلع لما هو أبعد من إضعاف المقاتلين الأكراد و هو تكريس الوجود التركي في العراق

اما الحل الأنسب لمثل هذه الإشكاليات هو تولي الجيش الوطني العراقي و من خلال التعاون مع قوات البيشمرگة للقيام بما يقوم به الجيش التركي في الوقت الحال و في حال لم يتمكن من اداء المهمة بالشكل المطلوب حينها من الممكن ان يطلب المساعدة من الجانب التركي من اجل الوقوف الى جانبه و القضاء على عناصر الحزب .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here