وكالة الطاقة: وزراء عراقيون وأميركان وبريطانيون ناقشوا ملف استثمار الغاز المحترق

ترجمة / حامد أحمد

كشف المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول، أنه بإمكان العراق انهاء حرق الغاز المصاحب الذي يكلف اقتصاد البلد مليارات الدولارات سنويا، وذلك في غضون ستة الى 12 شهرا، فيما اذا كانت هناك ارادة سياسية .

وقال بيرول في مقابلة مع موقع ذي ناشنال الاخباري “لو كانت هناك ارادة فعلية لامكن تحقيق هذا الهدف بسرعة اقصاها ستة اشهر الى سنة واحدة. لا اقول انه يمكن حسم هذا الموضوع نهائيا ولكن كنا قد حققنا شوطا كبيرا من التقدم به.”

واكد مدير الطاقة الدولية في حديثه على ضرورة انهاء ظاهرة احراق الغاز المصاحب، التي تكلف العراق ماديا فضلا عن تسببه بتلوث بيئي.

ويقدر البنك الدولي في احصائيات له انه خلال العام 2015 تم حرق ما يقارب من 16 مليار متر مكعب من الغاز المصاحب في حقول النفط العراقية، مسببا خسارة اقتصادية بهدر مليارات من العوائد المالية .

في عام 2018 ذكرت دراسة اعدتها شركة سيمنز انه بإمكان العراق توفير ما يقارب من 5.2 مليار دولار على مدى اربعة اعوام من خلال تقليص معدل الغاز المحترق من حقوله . وقال بيرول “علينا ان نوقف حرق الغاز لتوليد طاقة كهربائية، ويتوجب على العراق ان ينوع مصادر اقتصاده بعيدا عن النفط وان ينمي صناعته. يمكن استخدام الغاز في دعم القطاع الصناعي، كأن يكون في مجال صناعة المواد الغذائية او مواد انشائية او انواع اخرى من الصناعات التي تخلق فرص عمل وتحقق تنوعا بمصادر الاقتصاد.. المسألة لا ترقى الى علم صناعة صواريخ. انها مسألة اقتصادية مجربة ويمكن تحقيقها بسهولة .” بالاضافة الى قطاع الغاز المضطرب لدى العراق، فانه غير مستقر ايضا نتيجة لاعتماده على الغاز المستورد من ايران والتي تبلغ اثمانه اكثر من معدلات البيع في السوق، ويضيف ذلك اعباء اضافية الى مصاعب البلد المالية . واستنادا الى غرفة تجارة ايران – العراق المشتركة، فان ايران تصدر يوميا 1,200 الى 1,500 ميغاواط من الطاقة الكهربائية الى العراق، بالاضافة الى 38 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي. في حزيران الماضي وقع العراق عقدا للاستمرار باستيراده الطاقة من ايران لسنتين اخريين . انهاء حرق الغاز في العراق كان موضوع نقاش رئيس خلال لقاء عبر دائرة تلفزيونية جرى الاسبوع الماضي بين وكالة الطاقة الدولية والحكومة العراقية تناول ازمة شحة الكهرباء المزمنة التي تضرب البلد على مدى 17 عاما .

وقال مدير الطاقة الدولية بيرول “لقد دعوت الى هذا اللقاء لانني اعتقد ان العراق، واقولها مرة ثانية، يمر بمرحلة حرجة جدا بتاريخه الاقتصادي والسياسي. في الحقيقة ان وزير المالية العراقي علي علاوي قال ان نافذة الفرصة امام العراق تتقلص. ما نحتاجه هنا هو انه على الحكومة العراقية ان تتخذ قرارا، وكثير من الشركات قالت بانها مستعدة للمجيء لحل هذه المشكلة، كما فعلت في بلدان اخرى.”

وبينما حضر هذه الندوة الافتراضية وزراء من العراق والولايات المتحدة وبريطانيا، فان اهميتها ازدادت بحضور القطاع الخاص تمثل بمشاركة مدراء تنفيذيين لشركات سيمنز وجنرال الكترك وتوتال وشركة ايني الايطالية وبرتش بتروليوم وبيجتيل وشركة الهلال النفطية. وقال بيرول ان الرسالة الرئيسة من القطاع الخاص كانت بقولهم “رجاء لا تتأخروا باتخاذ القرار، لأن كل يوم تأخير يكلف أموالا .” ويقول مدير الطاقة الدولية انه عمل مع الحكومات العراقية على مدى عشر سنوات، مشيرا الى انه رغم كون الاوضاع صعبة جدا حاليا، فانه بعد لقائه برئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ووزير المالية علاوي فانه ازداد املا بخصوص مستقبل العراق رغم ان التحديات والمخاطر ضخمة ومتعددة الجوانب .

واضاف بقوله “النقطة التي تركز عليها وكالة الطاقة هو ان العراق بحاجة الى اصلاحات بنيوية عميقة وعاجلة، وبغياب ذلك فان الازمة الاقتصادية ستزداد سوءا. نحن نؤمن انه بوجود عراق مستقر وآمن ومزدهر، هو بمصلحة الجميع في المنطقة والعالم. والاهم من ذلك هو ان الشعب العراقي، بعد سنوات من المعاناة، يستحق ان يعيش حياة افضل .” وكان العراق قد قدر سابقا انه بحاجة الى ما يقارب من 100 مليار دولار لاصلاح بناه التحتية الرئيسة بضمنها البنى التحتية للطاقة الكهربائية، والتي كانت سببا بتناحر اجتماعي واسع وصدامات عنيفة . ومضى بيرول بقوله “اكثر التحديات صعوبة التي يواجهها العراق هو حاجته الى الاستثمار. انه التحدي الاكثر اهمية. اقتصاد العراق لسوء الحظ يعتمد كليا على واردات النفط، واستنادا لارقامنا، فانه مع اسعار النفط الحالية فان جميع الاموال التي يحصل عليها العراق تكفي فقط لتسديد اقل من نصف مرتبات موظفي الحكومة، تاركا جانبا النصف الآخر مع نفقات الصحة والكهرباء والمدارس والبنى التحتية..الخ. لهذا لا تمتلك الحكومة الوسائل لتنفيذ استثمارات لوحدها.” واستنادا لوكالة S&P غلوبال للطاقة فان العراق بحاجة الى استثمار بمقدار 10 مليارات دولار على مدى اربع سنوات ليتمكن من ايقاف استيراد الغاز والكهرباء من ايران. ويقول بيرول “الشركات التي حضرت الندوة هي مستعدة للاستثمار لانها تعلم ان هناك فرصة مهمة جدا للقيام بعمل تجاري جيد، ولكن يتوجب تطمين الشركات بان هناك بيئة استثمارية مناسبة. اذا تريد الحكومة العراقية بحق ان تحصل على استثمارات خاصة فعليها ان تكون جاذبة بما فيه الكفاية للمستثمرين. واذا تأتي شركات الطاقة وتعمل استثمارات، فانها ستزيد من الثقة لمستثمرين في قطاعات اخرى من الاقتصاد .”

واضاف قائلا “بقي الامر على الحكومة العراقية ان تنجز الاصلاحات، يمكننا قطف ثمار الاصلاحات خلال 6 اشهر اذا كانت هناك ارادة واصرار. لا يمكننا حل جميع المشاكل، ولكن بامكاننا رؤية النتائج الجيدة الاولى للنوايا الجيدة للحكومة وهذا لا يزيد ثقة الشعب العراقي فقط بل ايضا ثقة المجتمع الدولي والمستثمرين حول العالم .”

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here