الكتل السياسية العراقية تختبر قدراتها لخوض الانتخابات المبكرة

بغداد:
مخاوف من أن تفرض الأحزاب المسيطرة قانوناً انتخابياً يؤمن نفوذها
الثلاثاء – 04 أغسطس 2020 مـ

لا تستطيع الكتل السياسية العراقية التشكيك بالانتخابات المبكرة التي حددها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لأنها تعرف أنها مطلب جماهيري سواء للمتظاهرين أو لعموم الناس. لكنها إما ذهبت إلى ما هو أبعد من موعد الكاظمي عبر الدعوة إلى إجرائها في وقت «أبكر» وإما محاولة اختبار قدراتها لخوضها وبحث خياراتها بوقت مبكر من أجل خوضها مع محاولة التشكيك بما هو دستوري مرة أو إجرائي مرة أخرى.
خبراء القانون أو الموظفون الكبار السابقون ممن عملوا في مفوضية الانتخابات خلال الدورات البرلمانية السابقة هم الذين تصدروا المشهد منذ يومين للحديث عن البعد القانوني في إجراء الانتخابات في موعدها خلال شهر يونيو (حزيران) 2021 أو قدرة المفوضية على إجرائها أم لا. وفيما لا يبدو أن لدى الكتل السياسية جديدا سوى العمل على جمع تواقيع لكي يستأنف البرلمان جلساته بعد العيد لإقرار قانون الانتخابات وإرساله إلى رئيس الجمهورية للمصادقة عليه، فإن مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات الدكتور حسين الهنداوي وهو أول رئيس سابق لمفوضية الانتخابات في العراق أعلن أن رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي أعطى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي تعهدا بإكمال قانون الانتخابات بعد عطلة العيد مباشرة. وقال الهنداوي في تصريح صحافي، إن «مواعيد إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة جاءت لثلاثة عناصر أساسية، أولها أنها مثبتة في البرنامج الحكومي لرئيس مجلس الوزراء». وأضاف، أن «العنصر الثاني، هو مطالب شعبية واسعة بإجراء الانتخابات البرلمانية بشرط أن تكون عادلة ونزيهة وحرة، وبالتالي هي استجابة لمطالب المتظاهرين ولحماية التوجه الديمقراطي الانتخابي المنصوص عليه في الدستور». وأشار إلى أن «العنصر الثالث، هو ما يتعلق بالظروف والمتمثلة بوجود مفوضية انتخابات، والتي عقدت اجتماعا موسعا قبل فترة مع رئيس الحكومة وانتهت في هذا الاجتماع لحل كل المشاكل والتحديات والمتطلبات والمستلزمات لإجراء الانتخابات في موعد مماثل ومقارب». وأوضح الهنداوي، أن «المفوضية أعربت عن استعدادها في هذا اللقاء لإجراء الانتخابات خلال فترة زمنية تقارب التسعة أشهر»، مشيراً إلى أن «إجراء الانتخابات المبكرة سيكون بعد (11) شهرا تقريبا، وبالتالي الفترة الزمنية المتبقية جيدة معتدلة ومقبولة، وتلبي الشروط والمتطلبات كافة».
من جهته يرى الرئيس الأسبق للدائرة الانتخابية في العراق عادل اللامي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تحديد موعد الانتخابات المبكرة حصراً هو من اختصاص رئيس الجمهورية حسب المادة 64 ثانياً من الدستور، لكن بما أن مجلس النواب صوت على برنامج الحكومة لتقوم بتنفيذ الانتخابات المبكرة، فلا يوجد مانع قانوني لتحديد موعد افتراضي لإحراج الكتل السياسية وإنهاء تمييع عملية إصدار قانون الانتخابات وليبرئ ذمته من أهم استحقاق يجب الالتزام به أمام البرلمان». ويضيف اللامي «حين أعلن عن الموعد تسارع البعض من رؤساء الكتل بركوب الموجة وطالبوا بانتخابات مبكرة أو من طالب بأن تكون في أبريل (نيسان) بينما السؤال الذي يطرح نفسه هو أين كان هؤلاء بينما القانون الانتخابي الجديد معطل منذ أكثر من 6 أشهر، فضلا عن تعطيل عمل المحكمة الاتحادية». وحول ما إذا كانت المدة كافية لإجراء الانتخابات طبقا لما حدده رئيس الوزراء، يقول اللامي إن «الزمن المتبقي لإجراء الانتخابات حسب الموعد الذي وضعه رئيس مجلس الوزراء أكثر من كاف لإجراء الانتخابات حتى لو أجريت في أبريل 2021». وعد اللامي أن «ربط تقسيم الدوائر الانتخابية المفردة سواء على مستوى القضاء أو على مستوى عدد مقاعد البرلمان بعدم وجود إحصاء سكاني هي حجة غير مقنعة تمسكت بها الأحزاب التي تريد الدوائر على مستوى المحافظة». وتساءل اللامي «أين كانت هذه الحجة عندما تم زيادة عدد مقاعد البرلمان من 275 إلى 329 دون إحصاء للسكان، وكيف تم احتساب المقاعد المخصصة لكل محافظة دون إحصاء سكاني حيث اعتمدت كلها على تقديرات وزارة التخطيط».
في السياق نفسه، يرى الدكتور إحسان الشمري رئيس مركز التفكير السياسي في العراق في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «الحركة الاحتجاجية أسقطت معادلة الأحزاب الإسلامية كحكومة تنفيذية في أكتوبر الماضي وما تبعتها من مؤشرات استياء كبيرة حيال أداء ونفوذ هذه الأحزاب الإسلامية مع أن هذه الأحزاب لا تزال قابضة على مفاصل الدولة»، مبينا أنه «أيا كانت الانتخابات مبكرة أو حتى لو كانت ضمن مددها الدستورية فإن ذلك يجعل من عملية توظيف الدولة من قبل هذه الأحزاب أمرا واردا وقد يتحكم بشكل كبير بالمشهد السياسي العراقي». وأضاف الشمري: «هذه الأحزاب سوف تعمل على إيجاد قانون انتخابي يؤمن نسبة وجودهم في المشهد السياسي القادم كما أنهم سوف يعتمدون على مسار أحزاب الظل أي أنها تظهر بكيانات رديفة تمثل لها مساحة أو الالتفاف للحصول على أصوات الناخبين». وأوضح أنه «مع ذلك فإن الصعود في الوعي الجماهيري سيكون له مساحة كبيرة لا سيما في حال تبلور مشروع بديل سواء عبر الحركة الاحتجاجية أو ما يمكن أن يفرزه هذا الوعي لكن دون أن نتفاءل كثيرا بإمكانية إحداث تغيير جذري كامل». وأكد أن «الفرز سيكون واضحا من حيث المشاريع لكنها لن تكون متقاربة وإن كانت ستشكل حضورا لافتا في الانتخابات القادمة».
«الشرق الأوسط»

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here