تقرير بريطاني يرصد تدريبات الجيوش الإلكترونية: دورات عابرة للحدود وتجارة مربحة

اتهم تحقيق بريطاني، أمس الاثنين، حزب الله اللبناني بتدريب الآلاف من نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي، لإنشاء ما يسمى “الجيوش الإلكترونية” في جميع أنحاء المنطقة، بما فيها العراق.

وسرد التحقيق الذي نشرته صحيفة “تليغراف” قصة شاب عراقي قال إنه “خضع لواحدة من عمليات التدريب تلك في ظروف سرية مشددة”. وفيما يلي نص التقرير:

يقوم حزب الله اللبناني بتدريب الآلاف من نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي المدعومين من إيران، لإنشاء ما يسمى “الجيوش الإلكترونية” في جميع أنحاء المنطقة، عبر تنظيم دورات لتعليم المشاركين كيفية التعامل مع الصور رقميًا، وإدارة أعداد كبيرة من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي المزيفة، وإنشاء مقاطع فيديو، وتجنب الرقابة على فيسبوك ونشر المعلومات المضللة وبث الرعب والانقسام لدى أي طرف يعارضه على الإنترنيت بشكل فعال.

وشارك في هذه الدورات نشطاء من العراق والسعودية والبحرين وسوريا، وهي تتم في مبنى مكون من ثلاث طوابق في ضاحية بيروت الجنوبية.

وأكد محمد، وهو شاب عراقي شارك في التدريبات، أن المبنى من الخارج يبدو متهالكا لكنه من الداخل مليء بأدوات التكنولوجيا المتقدمة، مشيرًا إلى أن الدورة استمرت لمدة 10 أيام.

وقال محللون إن هذه الدورات تسلط الضوء على “نفوذ إيران في المنطقة، والطرق غير المشروعة التي تعتمد عليها لنشر أيديولوجيتها في الشرق الأوسط، المنطقة التي تزداد انقساما”.

وتشمل عمليات التدريب الرقمي لحزب الله أكثر من 20 مقابلة مع سياسيين ومحللين ومتخصصين في وسائل التواصل الاجتماعي، وعضو في وحدة العمليات النفسية العسكرية العراقية وعضو في المخابرات العراقية وعدة أعضاء سابقين متخصصون بالتجييش الإلكتروني.

قبل وصوله إلى لبنان، طُلب من محمد عدم التحدث مع أي شخص عن رحلته إلى بيروت، وخلال الدورة التي استمرت عشرة أيام كاملة، تمت مراقبة الطلاب بواسطة الكاميرات طوال فترة بقائهم في بيروت، بحسب الصحيفة.

وقال الشاب العراقي: “عندما وصلت بيروت، كنت متوترًا بسبب السرية الشديدة”، مشيرا إلى أن أحد أئمة حزب الله يستقبلهم في المخيم بملابس دينية تقليدية، ويتم تغيير أسمائهم لحماية هويتهم، وفي اليوم التالي التقى بالمدربين الذين سيشرحون الأجزاء المختلفة من الدورة، وكانوا بملابس مدنية وليست لديهم لحى.

وأوضح محمد، الذي أصبح يقوم بتدريب الشباب فيما بعد على ما تعلمه: “عندما قابلت المدربين المتخصصين أدركت كيف كانت الدورة تقنية ومعمقة، أصبحت متحمسًا للغاية”.

وخلال السنوات التي تلت أول دورة له في عام 2015، استمر محمد في إرسال عشرات الأشخاص الآخرين لتلقي التدريب في بيروت في مجموعة متنوعة من المجالات حيث ساعد في إنشاء فرق جديدة من المتخصصين في وسائل التواصل الاجتماعي والقرصنة.

وأكد محمد أنها صناعة الوهم والتضليل، وأن حزب الله يكسب الملايين من الدولارات من هذه الدورات. أما عبد الله (اسم مستعار)، وهو سياسي في أحد أكبر الأحزاب السياسية في العراق، وقد شارك شخصيًا في إرسال أفراد إلى بيروت للتدريب على كيفية إنشاء وإدارة ملفات شخصية وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي، قال: “أصبحت تجارة لحزب الله، الأشخاص الذين أرسلناهم طوروا مهاراتهم في بيروت وعندما عادوا بدأوا في تدريب الناشطين داخل العراق”، مضيفا أن تدريبًا مماثلًا يتم تقديمه في إيران لكن ليس بنفس الشعبية وسهولة الوصول إليه.

وفي تقرير أميركي أعده أعضاء الكونغرس في عام 2011، تم الاستشهاد بـ “أنشطة التدريب والاتصال التي يقوم بها حزب الله في العراق” كسبب رئيس وراء استمرار إدراجه كمنظمة إرهابية.

ومن الأساليب الشائعة التي تستخدمها هذه الجيوش الإلكترونية هي إنشاء شبكات كبيرة من الحسابات المزيفة التي تضخم رسائل معينة عن طريق الإعجاب والتعليق ومشاركة منشورات بعضها البعض.

بدوره، يعتقد مهند السماوي رئيس مركز الإعلام الرقمي العراقي، وهو مركز مستقل لرصد وتحليل وسائل الإعلام، أن تأثير المعلومات الخاطئة على وسائل التواصل الاجتماعي في دول الشرق الأوسط مثل العراق، التي تفتقر إلى المؤسسات الحكومية والصحفية القوية، أكبر بكثير منه في أوروبا والولايات المتحدة.

وتابع: “التصريحات والرسائل الكاذبة التي تحرض على العنف، والتي تنتشر عبر الإنترنت يمكن أن تؤدي بسهولة مباشرة إلى العنف المميت في الحياة الحقيقية في العراق. نشر المعلومات الكاذبة يضر بشدة بالعراق”.

وأثار مقتل الخبير الأمني هشام الهاشمي في 6 تموز الماضي، غضبًا على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أعاد آلاف العراقيين نشر الرسائل التي كانت تطالب بتصفيته، قائلين إن على الشركات الأميركية فيسبوك وتويتر تحمل بعض المسؤولية عن وفاته.

في ايار الماضي، أزال فيسبوك شبكة من 324 صفحة و71 حسابًا وخمس مجموعات و31 حسابًا على إنستغرام، التي جميعها تركز على استهداف اقليم كردستان وانتحال صفة شخصيات سياسية وأحزاب.

وفي العراق، تؤدي الأخبار الإخبارية الكاذبة المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي لأغراض سياسية بانتظام إلى عواقب وخيمة، بما في ذلك الصدامات العنيفة وعمليات القتل.

وقال جويل جولهان، محلل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة ريسك الاستشارية، “لقد أثبت حزب الله قدرته على تقديم الدعم للجماعات التي تتفق معه أيديولوجيًا في المنطقة بطرق مختلفة لسنوات”.

وأضاف: “استخدام المعلومات المضللة لتعطيل وتقويض الحقيقة يهدف إلى حد كبير إلى جعل الناس يفقدون الثقة في الحقيقة بالإضافة إلى تنشيط المشاعر السلبية حول قضايا معينة”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here