محنة شريحة من فسيفساء الشعب العراقي

محنة شريحة من فسيفساء الشعب العراقي
ميسون نعيم الرومي

اطلال وخرائب متناثرة هنا وهناك ، حطام شعب عائد بخطوات مترددة اكتاف مثقلة بذكريات تهد الجبال .. نفوس منكسرة ، استسلام من لا حول له ولا قوة…

رجال مغلوبون على امرهم قلوبهم محطمة يجرجرون ارجلا لا تقوى على حملهم .. عيون غائرة في المحاجر تنظر الى مصير مجهول ، وماض مرعب ومستقبل لا يبشر بخير يرجى.

اشباح نساء متعثرات الخطى خائفات يحملن الذل والهوان .. وجراح متقيحة تنزف بصمت ، وجع هلع وهزيمة ، نفوس مسحوقة .. ضياع ، بؤس ومستقبل ليس له هوية.

اطفال انتزعوا من صدور امهاتهم كانوا شهودا على ذبح اباء تعرضوا للجور والظلم .. كبروا على التعسف والاغتصاب ومشاهدة الدم والذبح .. وبيعهم وامهاتهم عبيدا يتنقلون بين اياد عفنة مجرمة سافلة.

اطفال يحتمون باذيال أمهات تعيش صراع الأمومة والعار، امهات تحتضن اطفالا ولدوا في الأسر، ينظر لهم الجميع بعيون حاقدة ، ليصبوا غضبهم على ثمرات جرائم مروعة .. ضحايا ليس لهم آباء في مجتمع ظالم لا يعرف الرحمة يطلبون الانصاف ممن لا انصاف لهم .

امهات تفترش الأرض عيونهن المتعبة شاخصة الى السماء ، محاطات بصور فلذات لم تزل بقايا دمائهم متناثرة على بقايا بيوت كانت بالأمس القريب عامرة باهلها الطيبين المسالمين الذين تحتضنهم طبيعة خلابة ومزارع وبساتين غناء .

ام تبحث عن ابنها في مقابر جماعية (تحفر التراب بأظافرها) لتفاجأها ببقايا ملابس وهياكل عظمية ، هذا كل ما تبقى من ابنها الشاب الجميل الذي كانت تأمل ان تزفه الى عروسه الممرغة بالتراب والتي تندب شرفها المسلوب

ابادة جماعية ، تعذيب وقهر واغتصاب ، حدث جلل حـَـدَثَ عام 2014 قبل ست سنوات استهدفت فيه اقلية دينية ، وتم اعدام مايقارب 10000 رجل وصبي ، واختطاف ما يقارب 7000 شابة وطفل تعرضوا لأبشع الجرام .. جرائم يندى لها جبين الأنسانية خجلا ، ابادة وذبح وتعزيب واغتصابات ثم بيعوا في اسواق النخاسة .. ومن فرَّ منهم المئات الآلاف التي فرت على غيرهدى فتعرضوا الى الجوع والمرض والذل .. هلكت اعداد كبيرة منهم جوعا وعطشا .. خربت ديارهم وامحلت مزارعهم وبساتينهم وآبارهم ..غصت مدنهم بالمقابر الجماعية التي تزيد اعدادها عن 70 مقبرة لا زالت تحتضن رفاتهم المنكوبة لا ذنب لهم الا انهم اقلية دينية مسالمة ..مواردهم محدودة .. وتأثيرهم السياسي قليل ، فتغاضت عنهم وعن ماحل بهم والى الآن الحكومة،المحلية والإتحادية …

بقايا مدينة اسمها سنجار في وطن مباح اسمه العراق وشعب مهمش منسي اسمه (الأيزيديين) شريحة من فسيفساء الشعب العراقي الذي يكمل بعضه البعض كانت سرجماله ورونقه التي سحقت ، شعب سحقته عصابة من السراق والحرامية فرشت عباءة الدين وبدأت بكنس ثرواته الكبيرة وتحويلها الى بنوك العالم والى الجارة العزيزة التي يدينون لها بالولاء والطاعة ، الجارة التي سرقت العراق واهله واحالته الى رماد منثور.

سنجار تستغيث بعد ان عاد اليها بعض من اهلها المنكوبين تستصرخ الضمير الانساني لينقذ البقية الباقية المحطمة .. التي تفتقر الى كل مستلزمات الحياة الكريمة المادية والمعنوية والعلاج النفسي

سنجار تستغيث واهلها المنكوبون يتجرعون المر والضياع بحاجة الى وقفة انسانية ممن لازال في قلبه بعض من ضياء ..

ترى من سيلبي النداء ويجير بقايا قلوب محطمة منكوبة….

————————————————————————————-

3/ آب /2020

ســــــــــــــتوكهولم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here