البصرة تواجه كابوساً جرثومياً ..أنهار تموت والثروة السمكية تختفي

عادت أزمة تلوث المياه في البصرة إلى الواجهة، وسط تحذيرات من تأثيرها على صحة السكان فضلاً عن تهديدها لثروات البلاد، في ظل معلومات عن وجود “ملوثات جرثومية خطيرة”.

ويتهم مختصون الحكومات المتعاقبة بالفشل في إنقاذ نهر العشار من ملوثات الصرف الصحي التي أفسدته، وحولته من واجهة تاريخية للمدينة إلى مكب للنفايات، على الرغم من إنفاق ملايين الدولارات على “مشاريع تجميلية”.

ويقول أستاذ البيئة والتلوث في جامعة البصرة الدكتور شكري الحسن في تصريح، إن “مشروع تجميل النهر وتأهيل ضفافه لا فائدة منه، لأن النهر ميت سريرياً، ومن يقف الآن على ضفة النهر ليتأمل منظره فهو كمن يقف أمام جثة مجملة بمكياج صارخ”. ويضيف، أن “المشروع الآخر الذي يقضي بوضع مضخات عند مدخل النهر لرفع منسوب المياه، لكنه أبقى مخلفات المجاري في النهر”، مبيناً أن “كمية الأوكسجين الذائب في مياه النهر تتراوح ما بين 0 إلى 2 مليغرام لكل لتر، وهي كميةٌ لا تدعم الحياة، فضلاً عن وجود تلوث جرثومي خطير نتيجة وجود 1350 منفذاً وقناة تصب المجاري والقاذورات في النهر”.

من جانبه، يقول مدير مديرية حماية وتحسين البيئة في الجنوب وليد الموسوي، إن “نهر العشار والأنهار الستة الأخرى التي تتفرع من شط العرب باتجاه مدينة البصرة، تحولت من أيقونة جمالية إلى نقمة على البصرة”، مضيفًا في تصريح أن “ضفافها تشهد وجود مئات النشاطات الملوِثة لمياهها، وتخليص هذه الأنهار من المياه الآسنة ليس صعباً جداً، وربما أسرع الحلول هو مد أنابيب بقطر متر بمحاذاة ضفافها لنقل مياه المجاري إلى محطات المعالجة بدل تصريفها في النهر”.

في ذات السياق، تحدثت تقارير صحافية عن تهديدات بالانقراض تواجه 26 نوعاً من الأسماك العراقية، بسبب الاحتباس الحراري والملوثات التي تلقى في مياه شط العرب.

وتشير المعلومات، إلى أن “الأرصدة السمكية للنهر قليلة العدد وصغيرة الحجم”، فيما يلقي العديد من الصيادين البصريين باللوم على الحكومة بسبب عدم تنظيف الطبقة السفلية العميقة لشط العرب، مما يمنع العديد من أنواع الأسماك من دخول النهر.

ويقول الخبير المائي علاء البدران في تصريح، إن “الملوحة والتلوث هما أساس تدهور صيد الأسماك في شط العرب، بالإضافة إلى النفط المتسرب عبر النهر، الأمر الذي جعل التنوع البيولوجي المائي أكثر هشاشة”.

ويوضح، أن “ارتفاع درجة الحرارة في شط العرب إلى 52 درجة مئوية إلى جانب المنتجات ومخلفات المصانع، عوامل أدت إلى تضاؤل عمق النهر، مما لا يترك مجالاً للأسماك للذهاب إليه خلال موسم الصيف”، مبينًا أن “عشرات الأنواع من الأسماك، بما في ذلك الشاد والكارب الشائع والباربوس، اختفت من النهر، مما دفع الناس إلى شراء الأسماك المستوردة، التي أغرقت الأسواق المحلية في البصرة”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here