في يومهم العالمي .. كورونا يزيد الاكتئاب لدى الشباب في العراق

غادر أحمد مرحلة الشباب ودخل في مرحلة جديدة من العمر.

ورداً على سؤالي، ماذا تقول في يوم الشباب العالمي؟، يجيب أحمد “لم أكن أعلم أن هناك يوماً عالمياً للشباب، لم أشعر يوماً أنّني شاب لأجيب على سؤالك”.

ويحتفل العالم في 12 آب من كل عام باليوم العالمي للشباب.

أنهى البغدادي أحمد دراسته في كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة بغداد عام 2004، متخرجاً من قسم الإحصاء، واليوم يعمل في خدمة توصيل البضائع بسيارته البسيطة.

يقول أحمد الذي يسكن في منطقة الشعب (شمال شرقي العاصمة) لموقع (ارفع صوتك)، “كل ما خرجت به مما تسمى مرحلة الشباب هي هذه السيارة التي لم أفي أقساطها بعد”.

يجتهد أحمد في إيصال أكبر عدد ممكن من طلبات الزبائن لمدة عمل تصل إلى نحو 12 ساعة باليوم، ليضمن تحصيل أجور الوقود وقسط السيارة وطلبات المنزل اليومية، له ولعائلته المتكونة من زوجته ووالدته وأطفاله الأربعة.

يسرد سريعاً مراحل حياته “بدايتها حرب العراق مع إيران ومن ثم الحصار ومن ثم أحداث عام 2003 والحرب الطائفية وحرب داعش، وأخيراً وباء كورونا”.

“لا أتذكر مرحلة أو عام شعرت به بالراحة أو السعادة”، يقول أحمد الجنابي.

قصص الشباب العراقيين تتشابه، وحال أحمد لا يختلف كثيراً عن حال عشرات الآلاف من أقرانه.

يقول مكتب منظمة اليونيسف في بغداد، “الثاني عشر من آب/ أغسطس، هو يوم الشباب الدولي، وهو يوم خاص اتحد فيه العالم لأجل الاحتفال بالشباب (…) وهذا أمر بالغ الأهمية في وقت تصاعدت فيه وتيرة العنف بحيث أصبحت جزءاً من حياة الناس”.

ويضيف المكتب في بيان رسمي، “منذ تفشي جائحة كورونا، شعرنا بأسىً عميق ونحن نرى صوراً لأطفال في العراق يتعرضون لإساءات مروّعة، ونسمع حالات متداولة لأطفال يعانون من عقاب بدني، وإهانات، وإساءات عاطفية، وبشكل متكرر منتظم”.

ويتابع “حتى قبل انتشار جائحة كورونا، كان مستوى العنف ضد الأطفال والشباب يبعث على القلق حقاً”.

ففي عام 2018، وجدت الدراسة العنقودية المتعددة المؤشرات التي تدعمها اليونيسف، والتي تعد الدراسة الحكومية الأكثر شمولاً بشأن وضع الأطفال في العراق لحد الآن، أن أكثر من 80% من الأطفال يعانون من العقاب التأديبي العنيف، حتى في الأماكن التي يفترض أن تكون آمنة سليمة، كالمدارس والمنازل.

كما وجدت الدراسة أن نحو ثلث الأطفال تعرضوا لعقوبات تأديبية عنيفة للغاية، بما في ذلك الضرب على أجزاء حساسة من الجسم مثل رؤوسهم، فضلاً عن الضرب الشديد والمتكرر، بحسب البيان.

ويؤكد بيان مكتب اليونيسف في العراق أنه “ما زال أمامنا الكثير مما يجب أن نعمله. فالأطفال واليافعون والشباب العراقيون يستحقون الحماية، (…)، الأطفال وحقوقهم يجب أن تكون في المقام الأول وعلى رأس الأولويات لدى جميع البالغين الذين لهم تأثير على حياة الأطفال”.

أمام الأوضاع الصعبة التي يعيشها الشباب في العراق، والتي كان لسياسات الحكومات المتعاقبة دور كبير في تعقيدها، لم تستسلم هذه الفئة وخرجت في ثورة شبابية بدأت شرارتها من ساحة التحرير وسط العاصمة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019.

توسع نطاق الاحتجاجات لتشمل معظم محافظات العراق، خصوصاً الجنوبية.

لكن تلك الاحتجاجات واجهتها حكومة عادل عبد المهدي، رئيس الوزراء السابق، بالعنف.

دفع الشباب ضريبة تلك الاحتجاجات التي انتهت باستقالة عبد المهدي، بنحو 700 قتيل وآلاف الجرحى، فضلاً عن اعتقال العشرات والذين ما زال بعضهم مجهولي المصير.

وحتى اليوم ترفض الحكومة الكشف عن الجناة، مكتفية بوصفهم بـ”الطرف الثالث”.

فيما يتهم الناشطون في تلك الاحتجاجات “عناصر المليشيات المرتبطة بإيران بالوقوف وراء تلك الاغتيالات وحالات الخطف وأعمال عنف التي واجهت الاحتجاجات”.

من جانب آخر، يقول تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”، إن اضطرابات فايروس كورونا “تزيد من مخاطر الاكتئاب لدى الشباب”.

ويوضح التقرير أن العزلة الاجتماعية التي تسببت بها اجراءات الحظر والحجر الصحي بسبب وباء كورونا المستجد إضافة إلى توقف وقلة فرص العمل، “تؤدي إلى خسائر في الصحة العقلية لأولئك الذين هم على أعتاب البلوغ أو في بداية مشوار عملهم”.

ويضيف، أن الآثار الاقتصادية لفايروس كورونا “سيئة بشكل خاص لجيل الألفية، الذين ولدوا بين عامي (1981-1996)”.

ويقدر معدل البطالة بين جيل الألفية بنحو 12.5 في المئة، وهو أعلى من معدل البطالة بين الجيل المولود بين عامي (1965-1980)، ومعدلات مواليد (1946-1964)، وفقاً لأرقام شهر أيار الصادرة عن مركز بيو للأبحاث، التي أوردتها صحيفة وول ستريت جورنال.

وبالنسبة لهذه المجموعة، المثقلة بالديون بالفعل، التي تتأخر في السلم الوظيفي، يمكن للضربة الثانية المتمثلة في وباء كورونا أن تمنعهم من تجميع ثروة الأجيال الأكبر سناً، بحسب الصحيفة”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here