حكومة بغداد تسأل عن آلية الاستهداف وفصائل مسلحة تهدد بالرد على الغارة التركية

لليوم الثالث على التوالي تتفاعل قضية القصف التركي للجيش العراقي، فيما دخلت فصائل من الحشد الشعبي على خط الازمة ولوحت بالرد على انقرة.

وبحسب مصادر، ان تلك الفصائل تتدخل لاحراج حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، كما فعلت في ملف الاحتجاجات مؤخرا.

وتهاجم جهات مسلحة معروفة في العراق، منذ اشهر الكاظمي، وتتهمه بالتخطيط لحادثة اغتيال نائب رئيس الحشد السابق ابو مهدي المهندس، والجنرال الايراني قاسم سليماني.

واستهدفت طائرة تركية مسيرة الثلاثاء الماضي، عجلة عسكرية لحرس الحدود في منطقة سيدكان شمالي العراق، وتسببت في مقتل آمر اللواء الثاني حرس حدود المنطقة الاولى وآمر الفوج الثالث / اللواء الثاني وسائق العجلة، بحسب بيان خلية الإعلام الأمني.

وهدد القيادي في الحشد الشعبي والذي يطلق على نفسه (ابو عزرائيل) بـ”سحق” القوات التركية في شمالي العراق، بشرط اصدار اوامر من رئيس الحكومة.

ودعا ابو عزرائيل، وهو قيادي في كتائب الامام علي، في مقطع فيديو على (تويتر)، الكاظمي الى “وضع حد للاتراك والسماح للحشد الشعبي بالتدخل”.

وكان ابو عزرائيل -الذي شفي مؤخرا من اصابة بفايروس “كورونا”- قد هدد قبل نحو 4 اعوام بقتل الرعايا الاتراك، على خلفية الوجود التركي قرب الموصل.

وقال ابو عزرائيل حينها، في مقطع فيديو نشر على الانترنيت، مخاطبا اردوغان “ضعها في بالك.. اذا وضعناك في رؤوسنا لم نبقي اي من هؤلاء (الرعايا) يعملون في العراق.. لن نخطف.. مباشرة (نطلق النار عليه) في الرأس كما الكلب”.

وتأتي التهديدات الاخيرة لابو عزرائيل الذي ذاع صيته في المعارك مع داعش بالتزامن مع انتقادات وجهتها كتائب حزب الله لمواقف الحكومة العراقية من القصف التركي المتكرر للأراضي العراقية، متهمة بعض الأطراف المحلية بـ”التواطؤ”.

ويقول مسؤول سابق في الحشد الشعبي، لـ(المدى) ان “بعض الفصائل تتصيد في الماء العكر، وتريد احراج حكومة الكاظمي امام الرأي العام”.

واتهمت “حزب الله”، نهاية تموز الماضي، رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بتسهيل اغتيال سليماني والمهندس، بغارة جوية أمريكية قرب مطار بغداد مطلع العام الحالي.

واضاف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه، ان “تلك الفصائل حاولت توريط الحكومة الجديدة في ملف الاحتجاجات، وفبركت بعض المقاطع التي تظهر العنف ضد المتظاهرين”.

واشار المسؤول الى ان اغلب هذه الفصائل: “كانت قبل اشهر قليلة تنتقد التظاهرات، وتدافع عن سياسة العنف”.

ويتهم ناشطون وحقوقيون في بغداد ومدن الجنوب، بعض الفصائل بالمشاركة في عمليات قتل المتظاهرين في احتجاجات تشرين.

واكد “حزب الله” في بيانه الاخير حول حادثة القصف التركي بانه ملتزم امام العراقيين بـ”مُقاوَمَةَ أيَ وجُودٍ أجْنَبيٍ يُهددُ أمنَ البِلادِ أوْ احتلالٍ لأرضِ الوَطنِ”.

واعتبر البيان انه ما “عُدوان تُركيا واحتِلالها لأجزاءٍ مِنْ أرضِ العِراقِ إلا نَتيجة لِضعفِ المَواقفِ الحّكوميّة، وَتَواطؤ بعضِ الأطرافِ المَحليّة مِنْ الأحزابِ وَالقُوّى الحاكمةِ فِي العِراق”.

وتخشى بعض القراءات من ان تظهر اعمال عدائية ضد عاملين اتراك في العراق، كما جرى في 2015، حين اتهمت فصائل شيعية باختطاف 16 عاملا تركيا من ملعب قيد الإنشاء في منطقة الحبيبية شرقي بغداد.

وبعد شهر من الحادثة، عثرت القوات الامنية على المختطفين في منطقة المسيب جنوبي العراق. ونشرت المجموعة المسلحة شريطا أعلنت فيه إخلاء سبيل المختطفين. واوضحت المجموعة في الفيديو، والتي اطلقت على نفسها “فرق الموت”، أن خطوتها جاءت بعد استجابة الحكومة التركية لمطالبها المتعلقة بفك الحصار عن قريتي “الفوعة وكفريا السوريتين في إدلب”.

ونشرت “فرق الموت” حينها شريطا مصورا عقب الاختطاف بايام، يظهر العمال المخطوفين، وقدمت لائحة مطالب موجهة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، من بينها وقف تدفق المسلحين من تركيا إلى العراق ومنع مرور النفط من كردستان عبر الأراضي التركية.

وكانت حركة عصائب أهل الحق، بزعامة قيس الخزعلي، قد حثت الحكومة العراقية إلى اعلان موقف صريح تجاه التجاوزات التركية على سيادة العراق.

وقالت الحركة في بيان الاربعاء ان “هذا السلوك التركي يزداد جرأة وخطورة يدل على نوايا مبيتة ويعتبر انتهاكا صارخا لسيادة وكرامة بلد جار وهو يسيء إساءة بالغة الى العلاقات الدبلوماسية بين البلدين”.

واعترضت تركيا في 2017، على مشاركة الحشد الشعبي في تحرير تلعفر، ذات الاغلبية التركمانية، فيما أكد الحشد آنذاك ان “جميع فصائله ستشارك في المعارك”.

أول رد تركي

وفي اول رد على حادثة القصف في سيدكان، قالت تركيا إنها ستواصل عملياتها عبر الحدود ضد المسلحين في شمالي العراق إذا استمرت بغداد في التغاضي عن وجودهم في المنطقة، وحثت السلطات العراقية على التعاون مع أنقرة في هذا الصدد.

واضافت وزارة الخارجية التركية في بيان في ساعة مبكرة من صباح الخميس، إن “وجود حزب العمال الكردستاني يهدد العراق أيضا، وإن بغداد مسؤولة عن اتخاذ إجراءات ضد المسلحين لكن أنقرة ستدافع عن حدودها إذا سُمح بوجود تلك الجماعة الكردية”.

وتابعت الوزارة “بلادنا مستعدة للتعاون مع العراق بشأن هذه القضية. ولكن في حال التغاضي عن وجود حزب العمال الكردستاني في العراق، فإن بلادنا مصممة على اتخاذ الإجراءات التي تراها ضرورية لأمن حدودها بغض النظر عن مكانها.. ندعو العراق إلى اتخاذ الخطوات اللازمة لذلك”.

في غضون ذلك، اكدت قيادة العمليات المشتركة، ان القوات الامنية لديها القدرات العسكرية للدفاع عن امن البلد من أي اعتداءات خارجية.

وقال المتحدث باسم القيادة اللواء تحسين الخفاجي، أمس، ان “هنالك تعليمات ووصايا قد تصدر من قبل القائد العام للقوات المسلحة” بخصوص حادثة القصف الاخيرة.

واضاف الخفاجي: “قيادة العمليات المشتركة لديها الامكانيات والقدرات العسكرية للدفاع عن امن البلد وسيادته، ففي حال صدور اوامر بشأن ذلك فان القوات الامنية على اتم الاستعداد للدفاع عن الامن الوطني”.

واشار الى ان “قيادة العمليات المشتركة ترفض استخدام الاراضي العراقية لتصفية الحسابات”، مشددا “على تركيا ان تحل مشكلتها بنفسها بعيدا عن الاراضي العراقية”.

وكان الخفاجي قد قال في وقت سابق انه “تم تشكيل لجان لمعرفة مخبر تركيا في تنفيذها الاعتداء السافر الذي تسبب بمقتل ضابطين كبيرين، وجندي من حرس الحدود”.

واضاف في بيان ان القيادة تعمل على كشف “الآلية التي اعتمدها الأتراك في قصفهم، ومن الذي أعطى المعلومات وكيف تم توجيه هذه الطائرة وقصفها للسيارة العسكرية”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here