المحطة 5 الفرزة الخامسة

المحطة 5 الفرزة الخامسة
الـى هـنـا أتوقف قليلاً لأعــود الـى أحـداث حـصـلـت فـي الـعـهـد الـمـلـكي ……..
فـفي شـهـر شـباط عـــام 1958 قـبـل الانـقـلاب بـخـمـسـة أشـهـر تـــمَّ الاعــلان عن ولادة الاتـحـاد الـعـربي الـهـاشـمي
بـيـن الـمـمـلـكة الـعـراقـيـة والـمـمـلـكـة الاردنـيـة مـع أن الـعـراق والاردن هـما ضـمـن تـحـالـف إنـكـلـيـزي تـركي إيـراني
يُـسـمى بحـلف بـغــداد وهـذا الـحـلف يـضمـن الـدفـاع عـن أي دولـة تـتعـرض الى عـدوان خـارجي أو إضطـرابـات
داخـلـيّـة فيهاوبـالـفـعـل أنـزلـتْ بـرطـانـيـا قـواتها ومعـها قـوّات أردنـيـة في الـيـوم الاول من الانـقـلاب وتحشدت على
الحدود وكان عـلى اُهـبـة الـتـدخـل وإجـهـاض الـحـركـة لـولا حـصـول مـا لم يـكُـنْ بـالـحـسـبـان وهـو مـقـتـل جـمـيع أفـراد
العـائـلـة الـمـلكـيـة عـلى يـد أحـد تـلامـيـذ الـمـدرسـة العـسـكرية الـمـدعـو عـبـد الـسـتار الـعـبـوسي الـقـريـبـة مـن قصر
الـزهـور الـذي يـقـع في جـانـب الكرخ أمّا قصـر الـرحاب فـكان في جـانـب الـرصافة / الاعـظمية ومنه كانت تنطلق
اذاعة بغداد باشراف الملك غازي ويذكر العميد خليل ابراهيم في موسوعته التي تناول فيها ثورة 14 تموز
أن العبوسي وبـشـكل هـسـتـيري عـنـد خـروج الـعـائـلة الـملكية الى حـديـقة الـقـصر رافعةً الـرايـة البـيضاء بادرهم
بالرمي من رشاشته ولم يخرج من هـذه الـمجزرة أحــدٌ غير زوجـة الـوصي الامـيـرة هـيــام ابنة محمد الامير امير
ربيعه حـيث سـقـطتْ جـريحـةً ونُــقِلَ الجـمـيع الى الـمستشـفى الـمـلكي في بـاب الـمـعظـم الـذي تـغـير اسـمُـهُ الى
المستشـفى الجُـمهـوري وعـلى أثـر هـذا الخـبر تـوقـف الـزحـف عـلى بـغـــداد لـيـقـضـي اللهُ أمــرًا كـان مـفـعـولا .
ويـقـول العـميـد إبـراهيم خـليـل في موسـوعـته ثـورة 14 تـمـوز أن الـتـلمـيـذ الـعـسـكري عـبـد الـسـتار الـعـبـوسي
تـصـرف بـدون أمـرٍ صادرٍ إلـيـه بـاطـلاق الـنـار وبـعـد الحادثة بأشـهر اُصيبَ بـمرض نـفـسي حـيث كان يرى الـمـلك
والـذين قُـتِـلوا معـه يأتـون اليه في الـنوم يُحاولون قـتـلهُ وهذه هي كوابيس جريمته مما دفع بالحكومة لإرساله الى
المَـصحّات في الاتحاد الـسـوفـيتي قـبل أن يـتـفـكك الا انه بقيَ في وضع سـيء حتى انـتهى الى الموت .
وفي رواية للضابط في الحرس الملكي المدعو فـاروق عـبـد الرحمن الـياسين يـقـول :
كان بامكان الحرس الـمـلـكي صبـيـحـة الانـقـلاب والمـسـؤول عـنـه رئـيـس أركـــان الـجـيـش رفـيـق عـارف إفـشـال
الانـقــــلاب لأن لـديـه قـوةً وعـتـادًا يـفـــوق ما لـدى الـقـوة الانـقـلابـيـة إلا أنّـه لـم يـتـحرك مُـلَـمِـحًا الى تـواطـئـهِ أمّـا
عن آمـر الـحـرس المسؤول عن حماية القصر طـه الـبامـرني فـيقول عنه كان مُـتـذبـذبًـا أو مُـترددًا .
وحسب توقعي قـد يـكـون فـي قـرارة نـفـسـه متعاطفًا معهم وهذا هو إسـتـنتاجي الشخصي عن الانقلابـيـيـن .
وهنا لابُـدّ من التطرق الى نُبـذةٍ مختصرةٍ عن تأسيس الدولة العراقية حيث كانت الـدولة الـتي أسـسـها الانـكـليز
فـي الـعراق بـعـد ثـورة الـعـشـرين دولـةً مـلكـيّـةً على رأسِـها الـملـك فـيـصـل بـن الـشـريـف حُـسـيـن أمـيـر مـنطـقـتي
الـحـرمـيـن في الـعـهـد الـعـثـماني وفي الـحـرب الـعالـميـة الاولى تـحـالـفَ مع الانـجـلـيز عـلى وعـدٍ مـنهم بـتـنصـيـبه
مَـلكًا عـلى الـشـام والـعـراق والـجـزيـرة الـعـربـية وبـعـد أن تـمكن الـحُـلـفـاء ووضـعـت الـحـربُ أوزارهـــا أصـبـح وضـع
الـشـريـف حُـسـيـن مُـزعـجًا فـالـمُـخـطـط الـبـريـطـاني لـتـقـسـيـم الـكـعـكـة لا يـنـســجـم مـع تـطـلـعـات الـشـريـف حـسـين
ولأن الاخـلاق لا اعـتـبــار لـهـا أمـام الـمـصـلحة الـعـلـيـــا لـبـريـطـانـيـا وهـو الـتـقـسـيم فـقـد قَـلَـبـتْ لـهُ ظـهرَ المِجَـنِّ وقـامتْ
بـقـطع إمـداداتها عـنـهُ وهي الـسـلاح وعـززتْ مـوقـف الـطرف الـمُـنـاوئ والـمُـنـافـس للـشــريـف وهُـــمْ حُـكّــامُ الـيـوم آل
ســعـود بـالـسـلاح فـخـســر الـشــريـف الامــارة وخــرج مـن الـمعـمعـة مـنـفـيًّـا الــى جـزيرة قــبـرص مُـصـابًـا بـخـللٍ عـقـلـيٍّ
وهـو ما دُبـّرَ له ونـسـبـوه اليه ثم أعـادوهُ الى الاردن لـيـمـوت في 3 حـزيـران 1931 .
إلّا أن حكومـة بـرطانـيا لـم تـتـنصل عن وعدها بل أبـقـتْ شــيءً مِـنْ الاخـلاق فـنـصّـبتْ ولـديـه فـيـصـل ملـكًا على
ســوريـه وعـبـد الله على الاردن لكن الـشـعـب الـســوري رفـض الـحُـكم الـمـلـكي وآثـر الـحـكم الـجُـمـهـوري فـلم يـكُن
لـبـريـطـانـيا غــيـر تـنـصيـبه مَـلـكًـا عـلى الـعــراق فـاســـتـقـبـله الـعـراقـيـون بـالـتـأهـيـل والـترحـيـب وتأسـسـتْ الـحـكـومـة
الـعـراقـيـة فـي 21 آب 1921 وتُــوّجَ فــيــصـلُ الاول مـلـكًـا .
وفي 29 / تشرين أول / 1936 يـحصل انـقـلاب عـسـكري من قِـبَـل بـكِـر صِـدقـي في زمـن الـملك غـازي والـغاية
من الانـقلاب هو تغـيـير حـكومـة رئـيس الـوزراء يـاسـيـن الـهاشـمي وقـد تـمّ لـه الـتـغـيـير فأصـبح حـكمت سُـلـيـمان
رئـيـسًا للـوزراء وقـائـد الانـقـلاب بَـكِـر صِـدقي رئـيـسًا لأركـان الـجـيـش .
وبـكـر صِـدقي من عـائـلةٍ كرديـةٍ ولِـدَ عـام 1886 في قـريـةٍ تـابـعـة الى كركـوك وقـد اُغْـتـيـلَ في تُـركـيـا عام 1937 وكان
صارمًا في إدارتـهِ وهـو الـمسـؤول عن مجـزرة اللاجـئـين الاشــوريـين الـقـادمين من سـوريه عام 1933 في عـهـد وزارة
رشــيـد عــالي الـكـيلاني وهو الـمسـؤول عـن قـمـع انـتـفـاضـة الـعـشـائر في منـطـقـة الـفـرات الاوسـط عام 1935 .
وفـي عام 1941 حَـصَلَت حـركة في الـجـيش العـراقي يـقـودهـا أربـعـة عـسـكريين بـرُتـبة عـقـيـد أبرزهـم صـلاح الـدين
الـصـباغ مع رئـيـس الـديــوان الـمـلكـي رشــيـد عـالي الكـلاني وهـروب الـوصي عـبـدالاله مُـتـنـكـرًا بـزي الـنـسـاء وهنا
تتـدخـل الـقــوات الـبـريـطانـيـة الـمـتـمـوضعـة في قـاعـدة سِـن الـذبـان أو الـحـبّـانـيـة كما تسمى الـيـوم فتُفشل حركة
الانقلابيين ويعود الوصي وينتهي الامر بهروب العقداء الاربعة الى خارج العراق وقد تمت اعادتهم .
حيث أمـر الـوصي بـاعــــدامهم وتـعـلـيـق جـثـثـهم في بـاب وزارة الـدفـاع الـواقـعة في منـطـقـة الـمـيـدان كما اسلفتُ
ثم أصبحت الوزارة مَـقـرًّا الـى الـزعـيـم بعد نجاح الانقلاب 14 تموز .
أمّـا عـن المتآمر رشــيـد عـالي الـكيـلاني فـقـد تَـمـكـن من الـهـروب الى الـسـعـوديـة ونـجـا بـجـلـده ولا أدري لـماذا تـفرق
الـعـقـداء الاربـعـة فثلاثة طـلـبـوا اللـجـوء في ايـران زمن الـملك رضـا شـاه وأمّـا الرابع فـقـد طـلـب اللجـوء فـي تُـركـيا وهو صلاح الـدين الـصـباغ وتـمّـت اعـادتُه أيضًا ولو قـدّروا الموقف الصحيح لاختاروا اللجوء الى السعودية كما
فعل شريكهم رشيد عالي الكيلاني لأنها على خـلاف قديم وعميق مع حكومة الهاشميين في الـعـراق وضمنوا
النجاة ولكن القدر اذا حضر عمت البصـيـرةَ لا الـبصـر .
وقـد عـاد رشـيـد عـالي الـكيلاني الى الـعراق بـعـد تـغــيـير الـنـظـام ولأن الـزمّـار لا يترك عادته عـاد لـيـتآمر على الـزعـيم
عـبد الكريم مع رفعت الحاج سري ومجموعته وقـد حُـوكِـمَ في محكمـة الـشعب و اُخلي سبيله بالافـراج عـنه
لعـدم ثـبـوت الادلّـة بـعـدها غـادر العراق الى مصـر وعاد الـيه بـعـد نـجـاح الانـقـلاب القومي البعثي في 8 شباط
عـام 1963 وغـادر الكلاني الـدنـيا الى الابد عام 1965 حيث ذهب الى الدار الاخـرة بما كسبت يداه .
ولبيان تركيبة الحكومة الملكية فهي تركيبة هرميةٌ تبدأ برأس الدولة وهو الملك فيصل الاول الذي جاء به
الانكليز الى العراق بعد رفض الشعب السوري للحكم الملكي ويأتي بعد الملك السلطة التشريعية وهي مكونة
من مجلسين هما الاعيان والنواب ولا يأخـذ القانون طـريـقه الّا بمصادقة المجلسين عليه ثم تأتي مصادقة
الملك ليكون القانون نافذًا بعد اعلانه بالجريدة الرسمية وهي الوقائع العراقية ومضي شهر عليه .
أمّـا السلطة التنفيذية فهي تتكون من رئيس الوزراء والوزراء وتبقى الارادة الملكية فوق كل هذه القوانين .
وهنا لا بُدّ من التنويه عن طريقة انتخاب البرلمان فمجلس الاعيان يكون اختياره من قبل الملك والمقربين له
وهم وجهاء بغداد والالوية او المحافظات وكان العراق الملكي اربعة عشر لواءً أمّا مجلس النواب فلا يختلف
عن مجلس الاعيان الا بالصورة الشكلية فتكون الانتخابات بل الصحيح التعيينات محسومةً لأسماء معينةٍ
مُسبقًا وذكر شاعرنا محمد مهدي الجواهري في مذكراته انه كان ممثلاً عن لواء العمارة .
واتذكر في عام 1954 فتحت الحكومة الترشيح الى انتخابات برلمانية فطرحت الاحزاب الوطنية وعلى رأسها
الشيوعيون وكان مرشحهم عن لواء الكوت المحامِ توفيق منير ولَمّا تبين للحكومة أن الكفة ستكون لصالح
القوى الوطنية واليسارية المعادية في نظر الحكومة اُلغِيَتْ الانتخابات حتى سقوط الحكم الملكي .
ولا بُد لي من الاشارة الى أن حكومة العهد الملكي رغم المشاكل التي ورثتها من الدولة العثمانية كالاقطاع والفقر
إلا انها كانت تعمل على تطوير العراق بمصداقية عالية ففي قطاع الصحة والتعليم والبناء كان لها اثر محسوس
وملموس لدى المواطن وعلى سبيل الاستشهاد لا الحصر أن طلاب المدارس الابتدائية كانت تُوزعُ لهم وجبة
اكل من حليب وفواكه وحبة فيتامين دهن السمك وان الكتب المدرسية توزيع مجانًا وكذلك توزيع الملابس
مرتين في السنة الدراسية شتوية وصيفية [ سترة وبنطال ] للطلاب الفقراء مصنوعة في معمل فتاح باشا وكان
التعليم مجانًا من بداية المرحلة الابتدائية الى نهاية الدراسة الجامعية وحتى البعثات الى خارج العراق وكل هذا
على حساب الدولة كما كانت العناية الصحية كبيرة في المدارس الابتدئية حيث كانت الفُرق الصحية تزور
المدارس ضمن جداول سنوية للكشف الصحي وإجراء الفحوصات والتلقيحات لبعض الامراض رغم قلة
الكادر الطبي واتذكر اني هربتُ عندما جاءت فرقة عمل طبي لتلقيح الطلاب بلقاح ضد مرض السل اما في
التوجه العمراني فكما ذكرتُ كانت توجد خطط لبناء المساكن الى العوائل الفقيرة وقد ذكرتُ دار السلام في
مدينتي الكوت والمستشفى على انها منجز ملكي وليس منجزًا للجمهورية وكذلك المحافظة كما تم بناء دور
للموظفين قامت به الادارة المحلية ومنها مجمع في الفيصلية أو العزة ثم اخذ الانحسار في هذه الخدمات بعد
كل انقلاب يحصل في العراق ومن منجزات الملكية ايضًا بناء المدرسة الشرقية الابتدائيه للبنين والمدرسة
الغربية الابتدائية والدور التي حولها وقد كانت هذه المنطقة ملعبًا رياضيًا وكذلك ثانوية الكوت الواقعة في
بداية منطقة الهورة واتذكر عند زيارة الملك فيصل الثاني في ربيع عام 1953 بعد تتويجه بأشهر زار الكوت
وكانت زيارته هي الاولى والاخيرة لها حيث قام على شرفه في ذلك الملعب حفل رياضيّ وفعاليات وكان الدخول
بموجب بطاقات خاصة واتذكر ان حب الفضول عندي دفعني الى ان أتسلق جدار سياج الملعب الا ان احد
شرطة الخيالة الموجودة للحماية طاردني وحاول القبض عليّ فتخلصتُ منه ونلتُ حصتي ضربةً بقرباجه وهو
على ظهر الفرس وسلمتُ بفراري منه بجلدي .
كما أن مصرف الرفدين الواقع بجانب نقابة المعلمين والدور التي تقع خلف مصرف العقاري ومحطة البانزين
التي تقابله والملعب الرياضي في منطقة الحاوي او حي الربيع وتبليط شوارع محلة سيد حسين والجديدة كل
هذه هي من اعمال العهد الملكي وهناك اعمال أخرى في الفيصلية أو العزة لا اعرفها .
أما عن الزراعة فكان العراق من مصدري الحبوب ابرزها الحنطة والشعير والرز ومن الثروة الطبيعية النفط
ومجمل ميزانية الدولة في اعلى عوائدها السنويه كانت لا تبلغ الخمسين مليون دولارًا وعلى ضوء مشاريع
مدينة الكوت نستطيع تعميم الخدمات والمشاريع على كافة الوية العراق الاربعة عشر .
أمّـا البناء الاهلي كان حسب مواصفات مطلوبه لا يقوم الا بتصميم محدد وباجازة وموافقة البلدية .
وقـد انفلت التخطيط بـعـد ســقوط النظام الملكي وضاع العراق في الفوضى السياسيه والعمرانية حيث
نعيش في ظل الدمقراطية الامريكية والبرلمان الوطني المنتخب المؤلف من شِلل طائفية وقومية سرقت
الشعب وخانت الامانة ووصل الشعب الى الدرك الاسفل من الانحطاط والتخلف والامية كل هذا ببركة
الجمهوريات السابقة وجمهوريات العهد الجديد التي أتت بعد سقوط الصنم عبد الله المجرم .
وهنا لا بُـدّ من وقفـة وتعليل عن كُره الشعب العراقي للحكومة الملكية واستغلال الاحزاب السرية وابرزها
الحزب الشيوعي و التيارات الوطنية الاخرى استغلت هذا بالتأليب عليها وابرزها هو عـدم اسـتيعاب الحكومة
الملكية وعلى رأسها في أغلب الاحيان الباشا نوري الذي كان في حالة تقاطع شديد مع الانظمة الاشتراكية
ومحاربة المعارضين في الداخل بصرامة تحت بند مكافحة الافكار الهدامة وما قامت به من اعدامات الى
القيادات الشيوعية عام 1949 وما حصل في سجن الكوت عام 1956 وفي قضاء الحي في نفس العام كذلك
وجود الاقطاع الذي كان يتمادى في ظلم الفلاحين والمواطنين وسكوت الدولة عليه علمًا أن الاقطاع ليس
وليد الحكومة الملكية بل من مخلفات العهد العثماني وكان للباشا السعيد تخطيط لاصلاح زراعي وذلك بمنح
مساحات من الاراضي لكل قادر على زراعة الارض واستصلاحها وقد استفاد من هذا القانون في مدينة الكوت
جعفر جلبي عندما كان رئيس البلدية واخوه الحاج عيسى حيث ضم منطقة الهورة والجعفرية كاراضي زراعية
وبالفعل كانت تزرع في بداية الخمسينات ,
واتـذكر حادثتين حصلت في مدينة الكوت لشخصين من الاقطاعيين وهما من ربيعة الحادث الاول كان مقتل
شخص صاحب محل لتصليح كهربائيات السيارات وهو مسيحي الديانة قتله عزة محسن النفل والسبب
حسب ما سمعتُهُ هو شحن بطارية سيارة عزة والحادث الثاني كان بطله طغوان محمد الامير حيث حاول
الاعتداء على احدى المدرسات المصريات المنتدبات للتدريس في العراق حيث كان العراق بحاجة للمدرسين
في المدارس الثانوية وكان بين العراق ومصر اتفاقية بذلك .
واتذكر حتى خادمهم عكلو كان يخوي اصحاب الدكاكين بان يدفعوا له مبلغ عشرة فلوس وقد حصل هذا امامي
وانا طفلٌ فسألتُ ابي عن هذا فقال الناس تدفع له خوفًا والعشرة فلوس كان لها قيمةً شرائية معتبرة .
كما ان الذي زاد النقمة على الحكومة الملكية استعمالها العنف المفرط عند فضها للتظاهرات وهو حصل في
بغداد في وثبة كانون التي سقط فيها جرحى واستشهد بها جعفر اخو شاعرنا محمد مهدي الجواهري وقد رثاهُ
شاعرنا بقصيدة في اربعينيته اذْ يقول فيها :
أتعلمُ أم انتَ لا تعلمُ …. بأنّ جراح الضحايا فمُ
فمٌ ليس كالمُدّعي قولةً ….. وليس كاخر يستفهمُ
ثم يقول :
وقبلتُ صدركَ حيثُ الصميمُ ….. من القلبِ مُنخرقًا يخرمُ
وحيثُ استقرت صفاتُ الرجالِ …… وضم معادنها منجمُ
أقولُ لو غير الشاعر عجز البيت في قوله [ من القلب مُنخرقًا يخرمُ ] الى [ من القلبِ حيث يسيلُ الدمُ ]
لكان اجمل وابلغ ولكن الشاعر غطى مشاعره الحماس والانفعال فجاءت الصورة كما تصورها في وقتها .
وكان ذلك قرب جسر مود الذي تغير اسمه الى جسر الوثبة وكان سبب الوثبة هو المصادقة على معاهدة
بورت سمورث وهي من المعاهدات التي كانت قي اكثر بنودها في صالح العراق وقد اطلعتُ عليها مع تفاصيلها
في احدى مقالات الاستاذ حامد الحمداني في صحيفة المثقف فلم اجد فيها ما هو مضرًا بمصلحة الوطن
ولكن كما يقول مثلنا الشعبي مكروهه وجابت بنت حيث استغلها الشيوعيون والاطراف الطامعة بالكرسي
وكانت التظاهرات مُسيسةً ومن غير فهم لِما تحتويه المعاهده وكانت الـوثبة الكانونية عام 1947 .
وللعلم أن في العهد الملكي كان للسجين السياسي حقوقٌ يتمتع بها ومنها مصروف الجيب اليومي وحق ادخال
الصحف والادبيات الا ان هذه الحقوق تلاشت تدريجيًّا ففي زمن الزعيم تلاشى مصروف الجيب وتلاشى كل
شيء زمن الانقلاب البعثي في 8 شباط عام 1963 ولم تعد للسياسي اي حقوق وصار بنظر القانون الذي سنّه
البعثيون ومعهم القوميون الناصريون ان المتهم السياسيّ مجرمٌ لا حقوق له .
*********************************************************
الدنمارك / كوبنهاجن الخميس في 20 / آب / 2020

الحاج عطا الحاج يوسف منصور

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here