[الإِصلاح؟! أَم (علي وياك علي)] (٣)

عْاشُورْاءُ

السَّنَةُ السَّابِعة

(٣)

[الإِصلاح؟! أَم (علي وياك علي)]

نــــــــــــزار حيدر

إِذا سأَلت إِبنك عن مدى إِستعدادهِ للإِمتحانات النِّهائيَّة وأَجابك [عال العال] ثمَّ جاءت النَّتيجة راسباً فتأَكَّد بأَنَّهُ كذبَ عليكَ، فهو لم يستعِد لها أَو يستوعبالمادَّة كما ينبغي!.

وإِذا قالَ لكَ طبيبٌ أَنَّهُ ماهرٌ في مهنتهِ ثمَّ فشلَ في تشخيصِ مرضِك أَو لم يعرِف كيفَ يصِفُ لكَ الدَّواء، فتيقَّن كذلكَ بأَنَّهُ كذبَ عليكَ، فهو ليس ماهراً بطبِّهِ.

أَمَّا إِذا صادفتَ مُعمَّماً حدَّثكَ عن طلبهِ للعلمِ ودراستهِ في الحَوزةِ وقُدرتهِ من الفقهِ والأُصولِ، ثمَّ عجزَ عن إِجابتِكَ على أَبسط الأَسئلة الفقهيَّة! فتأَكَّد بأَنَّعمامتهِ [سياسيَّة] وليست حقيقيَّة وضعها على رأسهِ للتِّجارة، فاحذرهُ!.

وهكذا هو الحالُ في القيَمِ والمبادئ والمناهج، فصدْقُ الإِدِّعاء يتَّضحُ عندَ الإِختبارِ والبلاءِ وليس عندَ الإِسترخاءِ!.

فإِذا قالَ لكَ السِّياسي بأَنَّهُ يتَّبع نهجَ عليِّ (ع) في الإِدارةِ والحُكم أَو الحُسين (ع) في الإِصلاحِ ومُكافحةِ الفسادِ في السُّلطةِ، ثمَّ اكتشفتَ أَنَّهُ كبير الفاسدينوعظيم [العجُول السَّمينة] التي سرقت المال العام ومكَّنت المُقرَّبين من كُلِّ الفُرصِ بغَيرِ وجهِ حقٍّ! فتيقَّن بأَنَّهُ كذَّابٌ أَشِر يتستَّر بالهويَّة ليسرُقكَ وبالعِنوان للضِّحكعليك!.

كذلكَ المُجتمعات، فإِذا رأَيتها تستقتِل لإِحياء الشَّعائر الحُسينيَّة وفي نفسِ الوقت فإِنَّها تعيش الذُّل والعبوديَّة والمصلحيَّة والوصوليَّة والخَوف من الطَّاغوت، أَوأَنَّها ترفع شعار [يا ليتَنا كُنَّا معكَ] ثمَّ تراها تلهثُ كالكلابِ السَّائِبة خلفَ الزَّعيم الفاسد وهي تصرخ [بالرُّوح بالدَّم] فتأَكَّد بأَنَّها تضحكُ على ذقنِها، أَو قد لُبِّسَعليها الأَمرُ، إِذ {لا يُخدَعُ اللهُ عَن جنَّتِهِ}.

وإِنَّك لتشعر بغِياب جَوهر الذِّكرى وقِيمها وأَهدافها عندما تمرُّ عاشوراء على الأُمَّة من دونِ أَن تترُكَ أَيَّ أَثرٍ تغييريٍّ أَو إِصلاحيٍّ وعلى أَيِّ صعيدٍ كانَ، سواءًعلى مُستوى الفرد أَو مُستوى الجماعة، فتدَّعي جماعة أَنَّها تمتلك الحُسين السِّبط (ع) وفي نفس الوقت يحكُمها طاغية أَرعن ذليل مثل صدَّام حسين، أَو تُسيطرعلى مُقدَّراتها عصابة من اللُّصوص والفاسدين والفاشلين!.

وتشعرُ بذلكَ عندما ترى [٢٠] مليوناً يزحفون لمرقدِ السِّبط الشَّهيد (ع) من دونِ أَن ترى [٢٠] منهم فقط يُشاركُون في تظاهُرةٍ ضدَّ الفسادِ والظُّلم!.

وفي موسمِ حجِّ عاشوراء حجَّ مليون [مُسلم] إِلى بيتِ الله العتيق أَمَّا الذين التحقُوا بركبِ الحُسينِ الشَّهيد (ع) فلم يتجاوز عددهُم الـ [١٠٠] فقط!.

أَليست هي مُفارقة أَن تُستنَسخ التَّجربة ويتكرَّر التَّاريخ بعد [١٤] قرنٍ من الذِّكرى؟!.

وتشعرُ بذلك عندما تراهُم يرفعُون قَول الحُسين السِّبط (ع) {إِنَّما خرجتُ لطلبِ الإِصلاح} لافتةً عريضةً في شوارعِ المدينةِ وفي نفسِ الوَقت تراهُم يهتفُونَ[علي وياك علي] لكلِّ فاسدٍ ولِصٍّ سرقَ قوتَ يومهِم!.

هُنا يقفِزُ سُؤالٌ مُحيِّرٌ؛ هل أَنَّ المطلوب من [العاشورائييِّن] وواجبهُم الوحيد هو حملُ السِّلاح كُلَّ الوقت وفي كُلِّ مكان، ليُثبتوا صدقَ انتمائهِم إِلى الحُسينالسِّبط (ع)؟!.

هذا إِفراطٌ وذاكَ تفريطٌ.

كيف؟!.

٢١ آب ٢٠٢٠

لِلتَّواصُل؛

E_mail: [email protected]

‏Face Book: Nazar Haidar

Twitter: @NazarHaidar2

Skype: nazarhaidar1

WhatsApp, Telegram & Viber: + 1(804) 837-3920

عْاشُورْاءُ

السَّنَةُ السَّابِعة

(٤)

[المقاومة…عاشورائيّاً]

نــــــــــــزار حيدر

إِنَّ التطرُّف في فهمِ النَّهضة إِفراطٌ، أَمَّا التَّناقُض بينَ الذِّكرى وواقعِنا المرير فهوَ تفريطٌ.

تفريطٌ بالوعي وتفريطٌ بالولاءِ وتفريطٌ بالإِنتماءِ وتفريطٌ بالقِيَم والإِرادات والأَدوات.

أَمَّا الإِفراطُ، فمَن قالَ لكَ أَنَّ عاشوراء سيفٌ وحربٌ ومعركةٌ ودماءٌ فقط؟!.

مَن قالَ لكَ أَنَّ مُقاومةَ الحُسين السِّبط (ع) تحت ظِلال السُّيوف فقط؟!.

أَلم يَغمِد أَميرُ المُؤمنِينَ (ع) سيفهُ [٢٥] عاماً؟! فهل كانَ مُستسلِماً مثلاً أَو لم يكُن مُقاوماً؟! وهو القائِل {لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّي أَحَقُّ بِهَا مِنْ غَيْرِي، وَوَاللهِ لاَُسْلِمَنَّمَاسَلِمَتْ أُمُورُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِا جَوْرٌ إِلاَّ عَلَيَّ خَاصَّةً، الِْتمَاساً لاَِجْرِ ذلِكَ وَفَضْلِهِ، وَزُهْداً فِيَما تَنافَسْتُمُوهُ مِنْ زُخْرُفِهِ وَزِبْرِجِهِ}؟!.

أَلم يغمِد الحسن السِّبط (ع) سيفهُ [١٠] أَعوام عندما [صالَح] الطَّاغية مُعاوِية؟! فهل تركَ المُقاومة وفضح ظُلم الطَّاغوت خلالَ هذهِ السِّنين؟! وهو القائِل {أَيُّهاالنَّاس إِنَّ مُعاوية زعمَ أَنِّي رأَيتهُ للخلافةِ أَهلاً ولم أرَ نفسي لها أهلاً وكَذبَ مُعاوية، أَنا أَولى النَّاس بالنَّاسِ في كتابِ الله وعلى لسانِ نبيِّ الله}.

أَلم يغمِد الحُسين السِّبط (ع) سيفهُ [١٠] أَعوام أُخرى وهي المُدَّة الزمنيَّة المُمتدَّة بين استشهادِ الحسن السِّبط ع [٥٠ للهجرةِ] وحتَّى قيامهِ في عاشوراء [٦١للهجرةِ]؟! فهل كانَ مُستسلماً؟! أَم لم يكُن مُقاوماً؟! وهو الذي سجَّل أَوَّل مُقاومتهِ للظُّلم وعمرهُ [٨] سنوات فقط عندما خاطبَ الخليفة الثَّاني لمَّا رآهُ يخطُب علىمنبرِ جدِّهِ رسولُ الله (ص) {إِنزِل أَيُّها الكَذَّاب عَن مِنبرِ أَبي رسولَ الله لا مِنبرَ أَبيك}؟!.

إِنَّ مَن يظنُّ أَنَّ المُقاومة تعني القِتال فقط فهوَ واهِمٌ أَو مُضلَّلٌ أَو مِن تُجَّار الدَّم، وهوَ دليلُ جهلهِ بسيرةِ ومسيرةِ أَهلُ البيت (ع).

إِنَّ المُقاومةَ في مفهومِ السَّماء هو الرَّفض للظُلمِ والعُدوانِ بكلِّ أَشكالهِ وواحدةٌ منها الرَّفض بالسَّيفِ بشرطهِ وشرُوطهِ، قال تعالى {قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِالظَّالِمِينَ}.

ولذلكَ فيومَ أَن قاتلَ رسولُ الله (ص) في بدرٍ وأَحُدٍ مثلاً كان يقاومُ، ويومَ أَن وقَّع وثيقة صُلح الحُديبيَّة مع كُفَّار قُريش كانَ يقاومُ كذلك!.

وهكذا هوَ الحالُ والموقفُ بالنِّسبةِ إِلى أَميرِ المُؤمنينَ (ع) والحَسنَين السِّبطَين (ع).

فما الذي قاومُوه؟!.

إِنَّهم قاومُوا الظُّلم والإِنحراف والتَّمييز والعبوديَّة والعُدوان على الحقُوق، فكانَ همُّهُم هو تمييز الحقِّ عن الباطل، كما في قولِ أَميرِ المُؤمنينَ (ع) {فَلَوْ أَنَّ الْبَاطِلَخَلَصَ مِنْ مِزَاجِ الْحَقِّ لَمْ يَخْفَ عَلَى الْمُرْتَادِينَ، وَلَوْ أَنَّ الْحقَّ خَلَصَ مِنْ لَبْسِ البَاطِلِ انْقَطَعَتْ عَنْهُ أَلْسُنُ الْمُعَانِدِينَ، وَلكِن يُؤْخَذُ مِنْ هذَا ضِغْثٌ، وَمِنْ هذَا ضِغْثٌ،فَيُمْزَجَانِ! فَهُنَالِكَ يَسْتَوْلي الشَّيْطَانُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ، وَيَنْجُو الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللهِ الْحُسْنَى}.

ومنَ المُقاومة أَنَّهم فضحُوا الظَّالم ولم يبرِّرُوا لفاسدٍ فسادهُ كائِناً مَن كان.

فعندما أَغمدَ الحُسينُ السِّبط (ع) سيفهُ واصلَ نهج المُقاومة بفضحهِ للطَّاغية الطَّليق مُعاوية، فضحهُ في حلِّهِ وترحالهِ حتَّى اظلمَّت الدُّنيا في عَينيهِ واسودَّنهارها، ففضحَ جرائمهُ وفسادهُ في السُّلطة، كما فضحَ إِرهابهُ وانحرافهُ عن الدِّين، وفضحَ خُططهُ الخبيثة الرَّامية لتوليةِ إِبنهِ الرِّعديد يزيد [خِلافة المُسلمين].

فعندما حاولَ الطَّاغية مرَّة أَن يُسوِّق يزيد بحضُور الحُسين السِّبط (ع) قامَ الإِمامُ خطيباً فقال {أَمَّا بعدُ يا مُعاوية! فلن يؤُديِّ القائِل وإِن أَطنبَ في صفةِالرَّسول (ص) من جميعٍ جُزءاً وقد فهمتُ ما لُبِّستَ بهِ الخلَف بعدَ رسولِ الله من إِيجاز الصِّفة والتنكُّب عن إِستبلاغ البَيعة، وهيهاتَ هيهاتَ يا مُعاوية! فضحَالصُّبحُ فحمةَ الدُّجى وبهرَت الشَّمس أَنوار السُّرج، ولقد فضَّلتَ حتَّى أَفرطتَ واستأثرتَ حتَّى أَجحفتَ ومنعتَ حتَّى بخِلتَ وجِرتَ حتَّى جاوزتَ، ما بذلتَ لذِي حقٍّمَن أَتمَّ حقَّهُ بنصيبٍ حتَّى أَخذ الشَّيطانُ حظَّهُ الأَوفر ونصيبهُ الأَكمل، وفهِمتُ ما ذكرتهُ عن يزيدٍ من اكتمالهِ وسياستهِ لأُمَّة مُحمَّد، تريدُ أَن توهِم النَّاسَ في يزيد،كأَنَّك تصفُ محجوباً أَو تنعتَ غائباً أَو تُخبر عمَّا كانَ ممَّا احتويتهُ بعلمٍ خاصٍّ وقد دلَّ يزيدُ من نفسهِ على موقعِ رأيهِ، فخُذ ليزيدَ فيما أَخذَ بهِ مِن استقرائهِ الكلابِالمهارِشة عند التَّحارُش والحمام السِّبق لأَترابهنَّ والقيناتِ ذواتِ المعازفِ وضرُوبِ الملاهي تجدهُ ناصراً، ودع عنكَ ما تحاولُ}.

هي قِمَّة الشَّجاعة في المُقاومة لمنعِ وفضحِ الإِنحرافِ مُبكِّراً.

٢٢ آب ٢٠٢٠

لِلتَّواصُل؛

E_mail: [email protected]

‏Face Book: Nazar Haidar

Twitter: @NazarHaidar2

Skype: nazarhaidar1

WhatsApp, Telegram & Viber: + 1(804) 837-3920

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here