حصار ( الكاظمي ) بين داعش و الميليشيات

حصار ( الكاظمي ) بين داعش و الميليشيات

كأن هناك اتفاق و توافق بين الفصائل الولائية و هي تواصل قصف المعسكرات و المقرات الحكومية و بشكل شبه يومي بصواريخ الكاتيوشا و تهاجم قوافل الأمدادات للقوات الأمريكية القادمة من الجنوب بالعبوات الناسفة في محاولة ليست في اخراج القوات الأمريكية و اجبارها على الأنسحاب انما في احراج حكومة ( الكاظمي ) و جعلها في خانة الحكومة الضعيفة الغير قادرة على الرد و لجم تلك الفصائل و كذلك في الظهور بمظهر القادر القوي الذي يضرب وقت يشاء و المكان الذي يختار دون ان تجرؤ القوات الحكومية على الرد على ذلك العدوان و صد المعتدي و هي تعلم أي الجهات الحكومية هوية تلك الفصائل و اماكن تواجدها و مناطق نفوذها و اسماء زعمائها .

تزامنت تلك الهجمات مع النشاط المتزايد في التعرضات الداعشية على القوات العراقية في المحافظات الوسطى و كذلك كانت الهجمات شبه يومية و هي تستهدف اضافة الى القوات الحكومية كذلك المواطنيين المدنيين و هذا ما دأب عليه تنظيم ( داعش ) و الهدف من تلك التعرضات الداعشية هو و بالأضافة الى اثبات الوجود على الأرض كذلك في زعزعة الثقة بالقوات الأمنية و اظهارها بوقف الضعف و العجز عن المواجهة و الردع و بالتالي جعل المواطنين في تلك المناطق يرتابون من قدرة القوات الأمنية على حمايتهم من بطش تنظيم ( داعش ) و بالتالي يمتنعون عن التعاون مع تلك القوات في تزويدها بالمعلومات الأستخباراتية .

ان السؤال الذي يتبادر الى اذهان الكثيرين في ان هذا التوافق في تصعيد الهجمات على القوات و المعسكرات العراقية كان عفويآ و مجرد صدفة ان كان كذلك و هذا الأمر مشكوك فيه فلا ضير ان تكون ( الصدفة ) هي وحدها من جعل تلك الهجمات تأتي في وقت متقارب و بشكل متناسب و هي تستهدف القوات الحكومية من الجنوب و من الوسط اما اذا كان هناك اتفاق بين الفصائل الولائية و بين تنظيم ( داعش ) و تنسيق و ان كان ( عن بعد ) فأن ذلك و ان كان ليس من المستبعد فقد سبق و ان تلاقت اهداف التنظيمات الأسلامية المسلحة الشيعية و السنية في بداية احتلال العراق فيما سمي حينها ( مقاومة الأحتلال ) و كانت تلك المقاومة تتركز في مدينة ( الفلوجة ) السنية و مدينة ( النجف ) الشيعية .

الحصار الذي تفرضه الفصائل المسلحة ( الولائية ) من الجنوب و الوسط و تنظيم ( داعش ) من الوسط و الشمال على حكومة ( الكاظمي ) الهدف منه هو اسقاط هذه الحكومة و التي استطاعت و في فترة قصيرة لا تتعدى الأشهر المعدودات من تحقيق الكثير ما عجزت عن تحقيقه الحكومات السابقة في سنوات و بالأخص فيما يتعلق في حماية المال العام و تحديد ابواب الهدر و الأستنزاف و الفساد و التي بدأت بالسيطرة على المنافذ الحدودية و الموانئ و جعلها تحت سيطرة القوات العسكرية و كذلك تنشيط هيئة النزاهة و تفعيل مذكرات القبض و الأستداع بحق الكثير من المسؤولين عن عمليات الفساد المالي و الأداري و هذه الأمور لا تروق للفصائل المسلحة و حتى ( داعش ) و التي كانت تلك المنافذ و الموانئ و التهريب ( مصدر رزقها ) و تدر عليها اموالآ طائلة .

المعركة التي تقودها الحكومة الجديدة ( الكاظمي ) ليست بالسهولة و اليسر انما هي في غاية الصعوبة و الشراسة في مواجهة عدو ثلاثي لا يقل احدهما خطورة عن الآخر الفصائل الولائية و التي تهدد أمن الدولة و المجتمع و تتمتع بقوة المال و السلاح و تفرض قوانينها و شرائعها حتى على الدولة و كذلك التنظيم الأجرامي ( داعش ) و الذي اخذت هجماته تتصاعد و هي تستهدف القوات الأمنية و المواطنين و تأتي الحرب على الفساد ذلك الذي تتمول من امواله الفصائل الولائية الخارجة على القانون و كذلك تنظيم ( داعش ) فأذا ما قطع عصب الحياة هذا عن تلك التنظيمات اصبحت نشاطاتها مشلولة و نهايتها قريبة .

لم تتمتع حكومة سابقة مثل هذه الحكومة الحالية من دعم دولي كبير من خلال التأييد الغير مسبوق لهذه الحكومة و مساندة داخلية قوية في التفاف الجماهير العراقية حولها و دعمها في مواجهة الأحزاب الفاسدة و الميليشيات الخارجة على القانون و اذا ما استغلت حكومة ( الكاظمي ) هذه العوامل و المساندة القوية من المجتمع الدولي و من الداخل العراقي في المواجهة الحتمية مع الفاسدين و المجرمين و الخارجين على القانون و ذلك لا يتم الا من خلال اجهزة الدولة العسكرية الغير مخترقة من العصابات و الميليشيات و قد يكون ( جهاز مكافحة الأرهاب ) هو الآوفر حظآ في تولي هذه المهمة كونه يتمتع بسمعة جيدة في القتال مع ( داعش ) و كذلك هذا الجهاز على درجة كبيرة من التدريب و التأهيل و التسليح و لم يعرف عنه أي تعصب قومي او طائفي .

لا مجال او فسحة من الوقت امام ( الكاظمي ) الا استباق الضربة الأولى على كل التنظيمات المسلحة الخارجة على القانون و بيد قوية حديدية و دون تراجع او تنازل او تقديم وعود واتفاقات فهذه المجاميع المسلحة لا تفهم و لا تدرك سوى منطق السلاح و القوة و هذه الفصائل لا تلقي سلاحها طواعية الا بالقوة العسكرية الضاربة و التي سوف تجبر عناصر تلك المجاميع على القاء السلاح و الأنخراط في الحياة المدنية او المواجهة و المجابهة مع القوات العسكرية العراقية و ما يترتب من تلك المواجهات من خسائر و اضرار سوف يتحمل مسؤوليتها و بالكامل عناصر تلك الفصائل و قادتهم و زعمائهم و حري بالسيد ( الكاظمي ) القاء القبض عليهم و محاكمتهم و زجهم في السجون و المعتقلات و عند ذلك سوف يستتب الأمن و يستقر الأمان و تكون اللبنة الأولى قد رصفت على طريق بناء الدولة المدنية الحقيقية و سوف يحسب ذلك و يسجل بأسم السيد ( الكاظمي ) فهل هو قادر على اداء هذه المهمة الوطنية الصعبة ؟ .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here

By continuing to use the site, you agree to the use of cookies. more information

The cookie settings on this website are set to "allow cookies" to give you the best browsing experience possible. If you continue to use this website without changing your cookie settings or you click "Accept" below then you are consenting to this.

Close