القتل بما نريد!!

القتل بما نريد!!
القانون الفاعل في الواقع العربي , ومنذ نهاية الإمبراطورية العثمانية وحتى اليوم , يتلخص في ” أقتل العرب بما يريدون” , وقد تم تطبيقه بدقة وإنجازية عالية وفائقة النجاح , وبتكرار متواصل , والعرب يتدحرجون وينفذون ويقتتلون , والقانون جاري والدماء تنزف والثروات تبدد والطاقات تهدر.
أراد العرب دولتهم العربية , فتم تقسيمهم إلى أوطان متناحرة , وأرادوا الإستقلال فقتلوهم به , وحينما قرروا أن تكون لديهم أنظمة جمهورية ذبحوهم بها أفظع ذبح , وعندما نادوا بالوحدة مزقوهم بها إربا إربا.
وعندما شكل العرب الأحزاب الثورية والقومية والوطنية حولوها إلى فئات تمحق بعضها البعض , وحينما أرادوا إقامة دولة ترفع راية إسلام أسسوا لهم أحزابا مؤسلمة تتقاتل وتفتك بكل شيئ , وبعد إكتشاف النفط في ديارهم تسخرت عائداته لشراء الأسلحة البائرة لقتلهم أجمعين , وتخريب مدنهم والنيل الفتاك منهم.
فكل أمرٍ أرادهُ العرب وجدوا مقتلهم فيه , وفي هذا العصر الجهنمي , عندما إندفعوا نحو الديمقراطية قتلوهم فيها وبها قتلا مروعا , وعصفت بديارهم النكبات والويلات وأعاصير الملمات التي أتت على الأخضر واليابس.
والأدلة لا تنتهي , ولا يمكن إدانة القتلة لأن القتل شرعهم والإفتراس عقيدتهم , والإستحواث على مصائر الشعوب ديدنهم , لكن المُدان دائما هو البشر الذي لا يتعلم من التجارب ولا يفهم الدروس ولا يستجمع العقول والقدرات للتحدي والتبصر والتفاعل المتسم بالإعتصام بحبل الوطن والمجتمع , والذي يعلي قيمة الإنسان ويحترم حقوقه ويوضح له واجباته.
وبفقدان هذه القدرات التفاعلية الوطنية الحضارية الضرورية للقوة والنماء , مضى المجتمع في طاحونة الإقتتال والتصارع وعدم الخروج من وحل الخراب والضياع , بل تحول إلى مستنقعات للفساد والإفساد والخسران المهين.
فما يجري في الأرض العربية من أقصاها إلى أقصاها , يخصع لهذا القانون الذي لا يمكن لرؤوس الكراسي أن تستوعبه وتدرك فحواه , وإنما تجد نفسها عجلة من عجلاته التي عليها أن تدور أو سيتم إستبدالها , وهكذا واقع دنيا العرب , وقد تكالبت عليها الوحوش , وإرتضت أن تقوم بدور الضحية , وتستلطف الإفتراس والإنقراض.
ترى , هل سيعرف العرب مناهج وآليات تحقيق ما يريدون , لا أن يُقتلوا بإرادتهم؟!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here