الدين والشرائع والأنبياء والرسل والاسلام

أ.د. سلمان لطيف الياسري

بحث ودراسة وتحقيق
الدين والشرائع والأنبياء والرسل والاسلام

اليهودية والنصرانية شرائع وليست أديان,معلومة رائعة عن ديننا الإسلامي أغلبنا يجهلها فتعرفوا عليها وعرفوا الأخرين بها

الأديان السماوية الثلاثة-لايوجد شيء أسمه الأديان السماوية الثلاثة

قال الله تعالى:

{إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}[19آل عمران 19]

إذاً ماهي اليهودية والنصرانية؟

أولاً كتبهم اسمها التوراة والإنجيل

وهي “شرائع وكتب سماوية وليس ديانات والدين واحد فقط وهو الإسلام”

قال الله تعالى

﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾[48المائدة]

فالشرائع تختلف حيث أن كل شريعة تختلف عن الأخرى في الحرام والحلال ولكن الدين واحد, فكل الأنبياء والرسل دينهم واحد وهو الإسلام

أما الإدعاء بأن اليهودية والنصرانية ديانة فاليهود والنصاري هم الذين سموا أنفسهم بذلك ولم يسمهم الله سبحانه وتعالى نصارى أو يهوداً

قال الله تعالى

{وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ}[14 المائدة]

{وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُوا}[135البقرة]

فهم الذين قالوا على أنفسهم

ولكن كل الأنبياء والرسل قالوا إنا مسلمون حتى فرعون قال حين أدركه الغرق –

{قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ}[90يونس]

فلماذا لم يقل وأنا من اليهود؟وهذه الآيات التي تدل على أن الدين واحد وهو الإسلام وليس ثلاث ديانات

قال نبي الله نوح عليه السلام-{فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ ۖ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}[72يونس]

وقال نبي الله إبراهيم عليه السلام لبنيه-{وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُسْلِمُونَ}[132البقرة]

وقال نبي الله يوسُف عليه السلام- {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [101يوسف]

وقال نبي الله موسى عليه السلام- {وَقَالَ مُوسَىٰ يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ}[84يونس]

وقال نبي الله عيسى عليه السلام- {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}[52آل عمران]

وتأتي الآية الجامعة لكل الأنبياء وهم يقرّون بأنهم مسلمون

{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}[136البقرة]

وجاء خاتم النبيين والمرسلين سيدنا محمد صل الله عليه وسلم يحمل الشريعة الإسلامية التي تدعوا لدين الإسلام أيضا ولكن بمنهج مكمل لكل الشرائع, فكل من آمن بالله وبكل نبي بعث فهو مسلم ويشهد أن لا إله إلا الله

أي أنه مستسلم وخاضع لله وحده إلهآ واحداً لا شريك له.

مفهوم الدين يدلُّ مفهوم الدين على مجموعةٍ كبيرة من الأفكار والعقائد المرتبطة مع بعضها البعض بشكل يفسِّرُ بالنسبة لكلّ شخص يعتنقها غايةَ وجوده هو ووجود الكون والحياة وتوضِّحُ علاقة الإنسان بالكون، حيثُ يشملُ الدين أفكار مرتبطة بالعلم الذي يعرف بالعلم الغيبي أو الماوراء أو ما وراء الطبيعة، أيْ العلم غير المرئيّ والذي يؤمنُ أتباع هذا الدين بصحة هذه الأشياء فقط لأنَّ أديانهم تخبرهم بصحتها، فيشمل الدين طقوسًا متنوعة من مواعظ وصلوات وأعياد وعبادات وغير ذلك، وفي هذا المقال سيتمُّ تسيطُ الضوء على الديانات السماوية وعلى أنواع الديانات السماوية.
قبل معرفة أنواع الديانات السماوية سيُشار إلى تعريف الأديان السماوية مع ذكر لمحة عنها، حيثُ يوجدُ على وجه الأرض أكثر من عشرة آلاف دين مستقل في ذاته، إلا أنَّ عددًا قليلًا من هذه الديانات هي الأكثر انتشارًا والتي يؤمنُ فيها معظم البشر، وأهم هذه الديانات هي الديانات السماوية والتي تُسمَّى أيضًا الديانات الإبراهيمية نسبةً إلى نبيِّ الله إبراهيم -عليه السلام-، حيثُ يؤمنُ أتباع هذه الديانات أنَّ أنبياء هذه الديانات جميعهم من نسلِ سيدنا إبراهيم -عليه السلام-، وأنَّ هذه الديانات قد نزلت من السماء أي من عند الله تعالى، وتتميَّز الديانات السماوية جميعها بأنَّ أتباعها يؤمنون بالوحدانية، أي وحدانية الله تعالى مع اختلافات في ماهيّة الإله فيما بينها، إلا أنَّ فكرةَ التوحيد لا تقتصر على الديانات السماوية فقط فهناك العديد من الديانات الأخرى تؤمنُ بفكرة التوحيد مثل:

الديانة الآتونية نسبةً للإله آتون، والديانة الزرادشتية، والديانة السيخية وغيرها. أنواع الديانات السماوية الديانات السماوية هي أديان نزلت من عند الله تعالى، حيثُ أرسل الله تعالى أنبياءه مبشرّين ومُنذرين للبشر، يبعدونهم عن عبادة الأوثان وعن الشّرك ويدعونهم إلى عبادة الله الواحد الأحد، فقد كانت غاية جميع أنواع الديانات السماوية هي التوحيد وعبادة الله تعالى، وفيما يأتي سيتمُّ إدراج أنواع الديانات السماوية بالتفصيل:

الديانة الحنيفية: وهي أقدم الديانات السماوية، وهي الاعتقاد بالتوحيد وهو أنَّ الله تعالى هو خالق كلّ شيء وهو واحدٌ لا شريك له، وأنَّ جميع العبادات يتمُّ تقديمها لله تعالى فقط، وقد كانت موجودة في الجزيرة العربية قبل الإسلام، وهي ملَّة ودين نبي الله إبراهيم -عليه السلام-، ومعنى الحنيفية هي الميل إلى الحق، قال تعالى في محكم التنزيل: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ، وقال تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.

الديانة المندائية: وهي نفسها الديانة الصابئة المندائية، من أقدم الديانات التوحيدية، انتشرت منذُ القِدم في بلاد الرافدين والشام، ولا يزالُ أتباعها موجودون في العراق وإيران، ومعنى اسمُ الصابئين هو المتعمدين العارفين لدين الحق والمؤمنين بوجود الخالق الواحد، فهي تدعو إلى الإيمان بالله تعالى وحده لا شريك له، ويسمى عندهم الحي الأزلي والحي العظيم، ويؤمنون بعدد من الأنبياء وترتبط هذه الديانة بسيّدنا إبراهيم على وجه خاصّ.

الديانة اليهودية: هي الديانة التي أرسلها الله إلى بني إسرائيل، وقد بعثَ إليهم نبيَّه موسى -عليه السلام-، وأنزل عليه التوراة فيها هدى ونورٌ من الله تعالى، لكنَّ بني إسرائيل كعادتهم لا يأتيهم نبيٌّ إلا يتركوه ويغدروا به ويعودوا إلى طريق الضلال، فقد ضلُّوا بعد موسى وحرَّفوا دين الله الذي أنزله إليهم، وهي من أقدم الديانات إذ يقدَّر أنها ظهرت في القرن الثالث عشر قبل الميلاد.

الديانة المسيحية: وهي الديانة التي أرسل الله بها المسيح عيسى بن مريم -عليه السلام- نبيًا إلى بني إسرائيل بعد أن ضلُوا وحرَّفوا الديانة اليهودية التي جاءهم بها موسى -عليه السلام-، وأيَّدَ الله المسيح بالإنجيل، وقد ذكر الله تعالى الإنجيل والتوراة في قوله تعالى: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ * مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} ، وهي أكثر أنواع الديانات انتشارًا على وجه الأرض.

الإسلام: هو آخر الديانات السماوية، أرسلَ الله تعالى نبيَّه محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- بعد ميلاد المسيح بستة قرون تقريبًا، أرسله بعد انقطاع من الرسل وقلةٍ من العلم وازدياد ضلال الناس، وأنزل الله تعالى القرآن الكريم مؤيدًا به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليخرحَ به الناسَ من الظلمات إلى النور، وما يزال الإسلام في تزاديد وانتشار بعد أكثر من 14 قرنًا على بدايته، ويعدُّ الإسلام ثاني أكبر أنواع الديانات على وجه الأرض بعد الديانة المسيحية.
الإسلام للإسلام مفهومٌ عامٌّ وخاصٌّ؛ فالعام هو الاستجابة لأمر الله تعالى، والانقياد له في كلّ زمانٍ، وهو دين الأنبياء كلّهم، ودين أتباعهم، أمّا الخاص فهو اتباع الشرع الذي بُعث به محمداً صلّى الله عليه وسلّم، والله -سبحانه- لا يقبل ديناً ولا شرعاً بعد بعثة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وهو استسلامٌ لله متمثّلٌ في فعل ما يأمر به، وترك ما ينهى عنه، وتوحيد الله، والإخلاص له، ومنه: أداء الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحجّ البيت، وصوم رمضان، والذلّ والانكسار لله؛ رغبةً فيما عنده، ومرضاةً له. النصرانيّة هو اسمٌ يطلق على الدين الذي أنزله الله -تعالى- على عيسى عليه السلام، ورسالته هي الإنجيل، أمّا أتباعه فيطلق عليهم النصارى؛ نسبةً إلى بلدةٍ في فلسطين تسمى الناصرة وُلد فيها المسيح عليه السلام، أو أنّ فيه إشارةً إلى أنّهم نصروا عيسى وتناصروا فيما بينهم، ومن ثمّ أطلق عليهم ذلك على سبيل التغليب، وقد كانت رسالة عيسى -عليه السلام- مكمّلةً لرسالة موسى عليه السلام، ولكنّها فقدت أصولها وتعرّضت للتحريف، فابتعدت عن أصولها الأولى. اليهودية هي ديانة العبرانيين الذين انحدروا من إبراهيم عليه السلام، والذين يُعرفون بالأسباط من بني اسرائيل، وهم الذين أُرسل إليهم موسى عليه السلام، وأنزل معه التوراة ليكون نبيّاً لهم، ويبدو أن اليهودية تنسب إلى يهود الشعب، أو إلى يهوّذا وهو أحد أبناء نبيّ الله يعقوب، ثمّ عُمّمت على سبيل التغليب على الشعب، وأبرز الشخصيات فيها: موسى عليه السلام، ويوشع بن نون، والأصل في اليهود أنّهم كتابيون موحدون، ولكن مفهومهم للآله أصابه انحرافٌ، فاتجهوا إلى التعدّد والتجسيم، كما يعتقدون أنّهم شعب الله المختار، ولم يرد في دينهم ما يشير إلى الثواب، والعقاب، والخلود،
الاختلاف بين الإسلام وأديان العالم الكبرى في الآتي:

– الإسلام دين يؤمن بوجود إله: تؤمن الأديان إما بوجود إله أو بعدم وجود إله، والإسلام من الأديان التي تؤمن بوجود إله، بخلاف الإلحاد الذي ينفي وجود إله أو دوره في الحياة، وقد أسماهم القرآن بالدهريين “وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما يهلكنا إلا الدهر” “وما نحن بمعوثين” فلا خالق ولا مدبر بهذا عندهم. وبهذا يتمايز الإسلام بالتقسيم عن الإلحاد، بالنظر إلى عنصر الإيمان.

– الإسلام دين لديه مفهوم متكامل عن الله: والأديان تصنف إلى دين تحدث عن الإله وعن أديان فضّلت السكوت عن مسائل الغيبيات أو ما واراء الطبيعة وركزت على الأخلاق والعبادات، والعبادات بمعنى الطقوس التي تزكي أخلاق الإنسان، فهي أديان اللاإلاهية. وهي تختلف عن السابق في عدم إنكارها الخالق، كما أنها لم تثبته. والإسلام بهذا يخالف البوذية Buddhism، والجينية Jainism ، حيث لم يتحدث بوذا (سدارتا غوتاما) ولا مهافيرا عن الله رغم سؤال أتباعهم عن الخالق.

– الإسلام دين غير وضعي: أغلب الأديان الهندية والصينية قائمة على تعاليم مؤسسيها، ولا تدعي اتباع الوحي المباشر، لا يُعرف للهندوسية مؤسسا فهو دين تقليدي متوارث، وترجع البوذية إلى سدارتا غوتاما، والجينية إلى مهافيرا، والسيحية إلى غورو ناناك، والكونفوشية إلى كونفوشياس، والطائية إلى لاو تْسي. الإسلام دين قائم على الوحي “إن أتبع إلا ما يوحي إليّ”.

– الإسلام دين غير شركي: كل الأديان السابقة تقوم على عبادة أكثر من إله أما الإسلام فبخالفهم في ذلك.

– الإسلام توحيد خالص: السمات المشتركة بين الأديان السماوية هي الإيمان بالتوحيد ابتداءً، والوحي، والنبوة، والجزاء الأخروي، والملائكة (الأديان الوضعية لا تؤمن بالملائكة لكنها تؤمن بأرواح خير وأخرى شريرة). رغم اشتراك الزرادشتية واليهودية والنصرانية في التصنيف تحت الأديان السماوية والأديان التوحيدية، إلا أن النظرة التوحيدية الخالصة في الإسلام هو الفاصل بينه وبين هذه الأديان، فلا يوجد تثليث ولا ألوهية لنبي، ولا يطلب من الأجناس الأخرى البحث عن إله خاص بهم، ولا يوجد إله خير وإله شر مثل الزرادشتية.

– الطبقية: تنادي بعض الأديان صراحة بنظام الطبقية تدينا فالهندوسية تقسم الناس إلى خمس درجات أشراف وغيرهم (براهمان، كشاترياس، فيشاش، شدراس، داليتس) وكل أديان الهند تؤمن بالكارما (حالة الإنسان من الغنى والفقر متوقفة على عمله الذي عمل في حياته السابقة)، وعليه فنظام الطبقية متضمنة. يضاف إلى هذا أن اليهودية تقوم على العرقية: دين أولاد إسرائيل “شعب الله المختار”بينما يتميز الإسلام عن بقية الأديان بالمساواة المطلقة بين بني آدم.

– نبوة محمد وعالمية الدعوة: ومن أهم سمات مخالفة الإسلام للأديان الأخرى هي نبوة خاتم النبيين في حين ترفض الأديان هذا العنصر المهم والأساسي في الإسلام.

الهندوسية – البوذية – السيخية – الكونفوشية – اليهودية – المسيحية – الاسلام
لا يوجد شئ اسمه أديان إنما هي شرائع و الدين واحد

فلو كان الدين متعدد إذاً لتعددت الآلهة و هو ما يتنافى مع المنطق و كذلك مع الواقع.

الأنبياء كلهم كانوا رسل اصطفاهم و اختارهم إله واحد ليبلغوا الرسائل للناس

الأنبياء في البداية كان يرسلهم الله لقوم أو فئة محددة من الناس

فلما اكتملت البشرية و أصبحت قادرة على استيعاب رسالة واحدة عامة

أرسل الله خاتم النبيين محمد برسالة شاملة خاتمة للناس كافة في مشارق الأرض و مغاربها.

الاختلاف بين الرسل كان في الشرائع و الكتب السماوية و ليس في الأديان.

فالأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتى و دينهم واحد.

فالأنبياء جميعا كان دينهم الإسلام و كلمة الإسلام عرفت قبل زمن سيدنا محمد فكل الأنبياء كانوا مسلمين بمعنى الخضوع و الاستسلام لله الواحد القهار.

و الرسالة الخاتمة خصصت باسم علم هو : الإسلام .. فمن ابتغى غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه.

إنما الاختلاف كان في الشرائع التي أرسلها الله للأنبياء تبعاً لاختلاف أقوامهم و الأزمان التي بعثوا فيها.

و الاختلاف في الشرائع لم يكن في العقيدة و لا الأصول.

فكل الشرائع حرمت السرقة على سبيل المثال

فلم تكن السرقة عند نبي حلال و عند آخر حرام مثلاً !!

و لكن الاختلاف كان في الأحكام

فمثلاً التوبة عند بني اسرائيل كانت أن يقتلوا أنفسهم

و التوبة عند أمة محمد بأن يكفوا عن الذنب و يستغفروا ربهم و يتوبوا

الاختلاف مثلاً في أحكام الزواج و الطلاق

و لكن كل الشرائع حرمت الزنا..

و هكذا .. و هذه هي ملة إبراهيم حنيفاً مسلما و ماكان من المشركين.

و هذا يدل على أن المُشرع واحد و الإله واحد..

وعن وحدة الدين يمكن الاستشهاد بالنصوص القرآنية التالية
1 ــ «شَرَعَ لَكُم مِنَ الدِينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ (أى يا محمد) وَمَا وَصَيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِينَ وَلاَ تَتَفَرَقُوا فِيهِ». (سورة الشورى، الآية: 13)
2 ــ «إِنَّ الَذِينَ آمَنُوا وَالَذِينَ هَادُوا وَالنَصَارَى وَالصَابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ». ( سورة البقرة، الآية: 62 )
وهذا المعيار، أى الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح، يتسع ليستوعب كل الأديان السماوية أو الإبراهيمية، وهذا الدين العام الشامل هو الإسلام بالمعنى اللغوى.
لذلك فعندما يقول الله تعالى: «إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَهِ الإِسْلامُ» أو «وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ» فإن المقصود هو هذا الدين العام الشامل الذى نزل على كل الأنبياء، ولذلك يجب ألا نستغرب أن كل الأنبياء بلا استثناء يوصفون فى القرآن بأنهم مسلمون.
ويضيف ابن عربى: «ولكى يزيل الإسلام أى احتمال للتعصب فإنه يؤكد أن الفصل بين أصحاب العقائد ــ بمن فيهم المجوس(عبدة النار)، والمشركون (عبدة الأوثان) ــ يجب أن يترك لله سبحانه، حيث يكون الحكم له وحده يوم القيامة «إِنَ الَذِينَ آمَنُوا وَالَذِينَ هَادُوا وَالصَابِئِينَ وَالنَصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَ اللَهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ إِنَ اللَهَ عَلَى كُلِ شَىْءٍ شَهِيدٌ». (سورة الحج، الآية: 17)
وفى مقابل وحدة الدين تختلف الشرائع، فلكل جماعة دينية جعل الله (شرعة ومنهاجا).. «لِكُلٍ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَة وَمِنْهَاجا وَلَوْ شَاءَ اللَهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَة وَاحِدَة». (الآية 48 من سورة المائدة)
وكذلك المناسك التى هى جزء من الشريعة، تختلف باختلاف الشرائع «لِكُلِ أُمَةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكا هُمْ نَاسِكُوهُ». (سورة الحج، الآية: 67).
وقد اقتضت الحكمة الإلهية ألا يكون الناس أمة واحدة وهكذا، فالتعددية فى المنهج والمنسك هى الطريق الذى أراده الله للخلق لأسباب يعلمها الله الذى خلق البشر مختلفين فى الأعراق والألوان واللغات.. وهذا التنوع يؤدى إلى إذكاء الحيوية وإثراء روح التنافس الحميد..
وهناك آيات عظيمة فى القرآن فى هذا الصدد لا ينتبه إليها كثير من الناس فى زحمة ضجيج الإرهاب والتطرف الداعشى وهى الآيات التى تدعو إلى التعامل بالبر والمودة ليس فقط مع أهل الكتاب بل مع الكفار..
فبالنسبة لأهل الكتاب: «وَإِلَهُنَا َوَإِلَهُكُم وَاحِدٌ» و: «وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ إِلاَ بِالَتِى هِيَ أَحْسَنُ» و: «وَإِنَّ هَذِهِ أُمَتُكُمْ أُمَةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُكُمْ فَاتَقُونِ».. وقد أمر الله أهل الإنجيل بأن يحكموا بما أنزل الله فيه (الآية 47 من سورة المائدة) واستنكر على اليهود أن يحكموا رسول الله وعندهم التوراة تتلى عليهم (الآية 43 من سورة المائدة).
وبالنسبة للتعامل مع الكفار فدعونا نتأمل هاتين الآيتين: «لاَ يَنْهَاكُمُ اللَهُ عَنِ الَذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُوَهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ» (سورة الممتحنة، الآية: 8) أن تبروهم وتقسطوا إليهم.. أى ليس فقط معاملتهم بالحسنى بل بأعلى درجات التعامل الحسن وهو البر الذى يجمع كل الفضائل كما جاء وصفه فى القرآن الكريم.
وهناك آية ثانية تقول: «وَإِذَا رَأَيْتَ (يا محمد) الَذِينَ يَخُوضُونَ فِى آيَاتِنَا (أى يستهزئون بالدين ويسخرون منه) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَى يَخُوضُوا فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ» (الآية 68 من سورة الأنعام).. أى إذا جلست يا محمد مع جماعة تتحادثون وتتسامرون ثم بدأوا يخوضون فى الدين ويستهزئون به فما عليك إلا أن تغادر المجلس «حَتَى يَخُوضُوا فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ».
فإذا كان الإسلام بهذه السماحة.. فما هى المشكلة إذن.. فى تقديرى أن البلاء الأكبر الذى ابتلينا به هو «آفة النسخ» أى الإلغاء.. فجميع الدواعش وكل الحركات والمذاهب التكفيرية والإرهابية تعتبر أن كل آيات الرحمة والتسامح قد نسخت بما يسمونه آية السيف وهى الآية رقم 39 من سورة الحج التى أذن الله فيها للمسلمين بالقتال.. مع أنها آية صريحة للغاية فى أنها تصريح بالقتال للدفاع عن النفس حيث تقول: « أُذِنَ لِلَذِينَ يُقَاتَلُونَ (يتعرضون للعدوان) بِأَنَهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَ اللَهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، الَذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍ إِلاَ أَن يَقُولُوا رَبُنَا اللَهُ». (الآية 39، 40 من سورة الحج )
ولا شك أن هؤلاء الضالين المضلين يستمدون أفكارهم وتفسيراتهم من الكثير من الكتب التراثية وما أكثر ما كتب عن الناسخ والمنسوخ من أباطيل، ولذا فلا سبيل إلا بتنقية التراث وليس مجرد تجديد الخطاب الدينى..
وقد جاء فى وثيقة الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامى التى أقرها مؤتمر القمة الإسلامى السادس فى داكار عام 1991، أن التراث الإسلامى وإن ارتبط بالوحى فهو ليس بوحى بل هو عمل إنسانى من صنع البشر وفهم بشرى للوحى ويجب مراجعته مراجعة نقدية وعدم إضفاء القداسة عليه فلا شىء مقدسا سوى وحى السماء وأن الأمم التى لا تراجع تراثها مراجعة نقدية لن يكتب لها التقدم.
ووفقا لهذه الوثيقة فيندرج تحت التراث الأحاديث النبوية والتاريخ الإسلامى والعلوم الدينية من فقه وشريعة وتفسير… إلخ.
فهذا هو الطريق وهذا هو الإجماع، فقد أعد هذه الوثيقة مجموعة كبيرة من خيرة العقول فى العالم الإسلامى وأساتذة فى مختلف علوم الدين بالجامعات والمعاهد المتخصصة سواء فى العالم الإسلامى أو فى الجامعات العالمية التى تضم أقساما للدراسات الإسلامية.
وقد صدرت الوثيقة بالإجماع من مؤتمر القمة الإسلامية التى وافقت عليها دول تمثل مختلف المذاهب والاتجاهات فى العالم الإسلامى بسنته وشيعته، ومع ذلك تركت للعناية المتحفية حيث يتم فى كل عام تأكيد ما جاء بها ثم تعود إلى أدراجها لتواصل الرقاد.
ان العالم الإسلامى يواجه الآن مفترق طرق مصيريا، وقد أشارت منظمة التعاون الإسلامى إلى ذلك فى وثيقتها فقالت: «إننا نلمس حيرة وارتباكا أمام تحديات وتدفق الحضارة الغربية،وهو ما جعل المثقف المسلم يشعر باضطراب الرؤية والحاجة إلى مراجعة إرثه الثقافى وإعادة توظيفه لخدمة قضايا المرحلة لأنه من الواضح أننا دخلنا عصر التحولات الكبرى فى تاريخ الإنسانية حيث سيصبح امتلاك العلم والمعرفة بديلا عن امتلاك الثروات الطبيعية وبديلا عن قوة رأس المال وتتقدم فيه العقول المفكرة على الأيدى العاملة..
الكتب السماوية غير المحرَّفة لا تختلف في الأصول الإعتقادية والقيم الدينية العامة بل يُصدِّق المتأخر منها المتقدِّم كما يشهد لذلك مثل قوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ﴾ وقوله تعالى واصفاً القرآن الكريم: ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ… ﴾ وقوله تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ﴾, فالكتب السماوية يصدِّق المتأخر منها المتقدم ويؤكده، نعم هي تختلف من حيث السعة والضيق، فقد يشتمل المتأخر منها على مضامين لم ترد في الكتاب السماوي المتقدم نظراً لعدم الحاجة إليها في ظرف نزول الكتاب المتقدم أو عدم قدرة مَن نزل عليهم الكتاب على استيعابها أو لمنشأٍ آخر اقتضته الحكمة الإلهية.فالقرآن الكريم يتحد مع سائر الكتب السماوية في أصوله العامة ويختلف عنها من جهة استعابه لتمام ما أراده الله لعباده أن يتعرَّفوا عليه إلى آخر الدهر.قال تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ﴾ وثمة جهة أخرى قد تختلف فيها الكتب السماوية وهي بعض التشريعات، فقد يكون شيءٌ محرَّماً في شريعة موسى (ع) ولكنَّه مباح في شريعة الإسلام وقد ينعكس الأمر أو يكون ثمة فعل واجباً في شريعة موسى (ع) ولكنه ليس واجباً في شريعة الإسلام.والإختلاف في بعض التشريعات ينشأ عن وجود ملاكات اقتضت تلك التشريعات ثم انتفى موضوعها فينتفى معها ذلك التشريع أو يقتضي الملاك الفعلي تشريعاً آخر لذلك يكون المتأخر ناسخاً للتشريع المتقدم. لذلك فإنَّ كلَّ حكم اشتملت عليه الكتب السماوية السابقة يكون منسوخاً إذا أورد في القرآن ما يُخالفه وهذا هو معنى قوله تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ﴾, فمعنى أنَّ القرآن مهيمن على ما سبقه من الكتب السماوية هو أنَّ التشريعات التي تضمَّنها تكون ناسخة للتشريعات الواردة في الكتب السماوية السابقة إذا كانت على خلاف ما ورد في القرآن الكريم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here