العرب يحبون الكنس قاذوراتهم تحت السجادة

العرب يحبون الكنس قاذوراتهم تحت السجادة

بقلم مهدي قاسم

تربت أجيال عربية متتالية ـــ عبر قيم وثوابت قائمة واسخة ــ على النفاق والكذب والزيف والتظاهر بالشهامة الوطنية والدينية والإنسانية و غير ذلك ـــ تربت على استساغة و حب كنس القاذورات السياسية والاجتماعية وغيرها تحت السجادة ، فالمهم بالنسبة لهم هو التظاهر بالدفاع عن شيء ما تظاهرا استعراضيا كظاهرة صوتية صاخبة عالية وحافلة بتهديد ووعيد أجوفين ، ولكن دون إقدام على تضحية حقيقية ( فحتى الدواعش و القواعد لم ينفذوا أية عملية إرهابية ضد المصالح الإسرائيلية في عواصم غربية بينما هم هاجموا و قتلوا مرارا مواطنين غربيين آمنين في برلين وباريس وروما وغيرها ) ، ولعل الموقف الجماعي المنافق من القضية الفلسطينية لا يخرج عن هذا الإطار ، ولا سيما عندما نأخذ الانفتاح الخليجي على إسرائيل منذ سنوات طويلة ، سواء على صعيد لقاءات مسؤولين كبار من كلا الطرفين بمناسبة عديدة ، أو إغراق الأسواق الخليجية ببضائع إسرائيلية ، كمقدمة وتمهيد لخطوات تطبيع العلاقات الدبلوماسية الحالية بين إسرائيل و بعض الإمارات الخليجية و مثلما يحدث ويجري الآن على قدم و ساق ، إذ ما أن أعلنت الإمارات العربية تطبيع العلاقات مع إسرائيل حتى ارتفعت الظاهرة الصوتية العربية المعتادة صخبا عاليا محاملا بـ الشتائم والتحقيير والتسقيط ضد مسؤولي الإمارات لكي تستمر بضعة أيام أو أسابيع لتأخذ فيما بعد ، شيئا فشيئا ، بالخفوت والبهوت حتى تهدأ نهائيا و إلى الأبد ، وإذا بالحكومة البحرينية تعلن عن اعترافها الرسمي بإسرائيل و تطبيع العلاقة الدبلوماسية معها أسوة بالإمارات العربية ، لتهب الظاهرة الصوتية العربية ، مجددا ولكن في هذه المرة ضد مسؤولي البحرين والتركيز عليهم ، وفي نفس الوقت نسيان مسؤولي الإمارات وشتمهم المتواصل إدانة لعملية التطبيع ، لتصبح عملية التطبيع الإماراتية ـ البحرانية ــ الإسرائيلية أمرا واقعا ومسلم به في كل الأحوال ، لحين تأتي المفاجآة القطرية في قادم الأيام لمواصلة عملية التطبيع الخليجية وبعدها ربما العمانية ، وأخيرا السعودية أيضا ..

ففي النهاية إن العرب يحبون كنس قاذوراتهم السياسية والاجتماعية وغيرها تحت السجادة ، إذ أن المهم بالنسبة لهم ليس وجود القاذورات النتنة ذاتها ، إنما مسالة إخفاءها هي الأهم والمطلوب ، لكي لا تُرى لا من قبلهم ولا من قبل الآخرين فحسب ..

لكي يتصرفوا و يتظاهروا كأنها غير موجودة على الإطلاق !! ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here