الى المظلومين من شعب العراق, مِمَن لم يُنتَصف لهم

الى المظلومين من شعب العراق, مِمَن لم يُنتَصف لهم:
د. عبدالحميد العباسي

رحنا الاردن اول التسعينات من القرن الماضي نتسول على اعتاب الاخوة نستجير من الرمضاء. رَفضت نقابة اطبائهم اجازتي بالممارسة واجازت غيري من العراقيين واجازتني المجالس الطبية في بريطانيا وامريكا. ورفض المجلس الطبي الاردني الاعتراف بمؤهلاتي واجاز غيري من العراقيين وعينتني جامعة العلوم الاردنية استاذا في كلية الطب فيها إإ ودعتني الى القاء محاضرة من على مدرجها واخترت
* قراءة علمية في بيت شعر* عنوانا لها. كان البيت من قصيدة انشدها المتنبي وهو على بعد اكثر من الف سنة في الزمان وبضعة فراسخ مني, في المكان. كان المتتبي في جرش في طريقه للقاء صديقه شيخ قبيلة *قيس* على تخوم بحيرة طَبَرية. والبيت: *إحتمال الأذى ورؤية جانيه + غذاء تُضوى ( تسلى, تبلى) به الاجسامُ*, مِن قصيدة مطلعها: *لا إفتخارَ إلا لمَن لا يُضامٌ + مدرك او محارب لا ينام*. وبعيد انتهاء المحاضرة *فهمت* ان الجامعة إعتبرت أن المحاضرة فيها تعريض بصدام و اتخذت قرارا *سرياً* برفض تجديد عقدي السنوي معها,
عندما اتقدم بطلب التجديد بعد شهرين من ذلك التاريخ ولكني لم اتقدم بطلب التجديدإإ. وهِمتُ على وجهي بارض الله الواسعة, اردد مطلع القصيدة *لا افتخار الا لمن لا شضام…*. يصف المتنبي حال من اصابه الضرر ممن يراه ولا يقدر عابه, هزال و هزال حتى العَدَم ولا شيء غير الهزال (مات كمدا هكذا قالوا عن هكذا مكظوم, *اللي عدوه كَبال عبنه*) وبعد اكثلر من الف سنة اجرى عالمان هولنديان تجربة صدَّقت ما ذهب اليه المتنبي: ادخلا بن عرس الى موطن ابن عرس آخر فاستشاط هذا غضبا ودخل في عراك مع الدخيل, لينتهي الصراع بانتصار احدمما ( ولنسميه القاهر او الغالب ويكون الآخر المقهور او المهزوم. يمشي القاهر بخيلاء , لا يكترث بالمقهور, يزداد وزنه وتقوى شكيمته وفي دمه يزداد هورمون الذُكار ( الفحولة) البنّاء ويتدنى هورمون الانوثة (استرجل). اما الحيوان المقهور فبيقبع جانباً يلعق جراحه ويتابع قاهره بنظراته, فقط, ينزل وزنه (يسلوا) و يهبط مستوي هورمون الذكورة (الفحولة) الى العَدَم (اتخنث) ويستمر الهزال حتى يموت المقهور خلال اسبوعين او ثلاثة, ويُظهر تشريحُه تنخرا واسعا في احشائه خاصة قي عضلة القلب والكِلية والغدة الكضرية وانسدادات في الاوعية الدموية الدقيقة, كل ذلك كان من اسباب الوفاة. واذا وضع حاجزٌ شفاف بين المقهور وقاهره (الجاني عليه) فان المقهور يظل ينظر (يرى) الى قاهره, ثم يذوي ويصير حاله كما أسلفت ويموت. اما اذا وضعنا حاجزا معتما بحيث لا يرى المقهور (المظلوم) قاهره فانه سيتشافى ويتعافى ويستعيد قابليته على التحدي وتعود الهورمونات الى مسوياتها المعتادة.
فالمشكلة اذن هي, كما يبدوا في *رؤية* عدوك يسرح ويمرح ولا تقدر عليه, فلا يعود امامك غير الفناء او الانصياع. من هذا كان تأكيدي على لزوم انصاف المظلوم دون ان تعلوا على ذلك صيحات المصالحة والوئام. اما ما يناظر ما ذكرته اعلاه من مشاهد مقاربة في اي مجتمع فيه ظالم ومظلوم, فلي اليه عودة, نلاحظ ان المتنبي لم يذكر غير الهزال ولم تُظهِر التجربة المخبرية على المظهر الخارجي للمقهور غير الهزال. ولكن كيف عرف المتنبي كل ذلك, فلي الى هذا عودة, ايضاً. هل فات العربي ما يحدث للمقهور من تخريبات في الجسم وما يبدوا على الظالم من غرور وخيلاء وعدوانبة ولماذا كل ذلك؟, فأنا اليه عائد أيضإًإإ, ان شاء الله.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here