عْاشُورْاءُ .. السَّنَةُ السَّابِعة (٢١) [أَلإِنقلابُ في إِتِّجاهَينِ]

عْاشُورْاءُ

السَّنَةُ السَّابِعة

(٢١)

[أَلإِنقلابُ في إِتِّجاهَينِ]

نــــــــــــزار حيدر

هل كان الحرُ بن يزيد الرِّياحي شيعيّاً؟!.

بمعنى؛ هل كانَ مُوالياً لأَهلِ البَيت (ع) ومِن أَنصارهِم؟!.

أَبداً فسيرتهُ تُشيرُ إِلى أَنَّهُ من أَنصارِ الأَمويِّين وفي خدمتهِم ومن قادةِ جيوشهِم!.

فما الذي حصلَ لنُخلِّدهُ ونحتفي بهِ كقُدوةٍ وأُسوةٍ ونُموذجٍ يُحتذى منذُ عاشوراء وإِلى يومِ يُبعَثون؟!.

بغضِّ النَّظر عمَّا حصلَ لهُ والدَّوافع التي تقف وراءَ إِنقلابِ موقفهِ، فالأَمرُ يُشير إِلى حقيقةٍ في غايةِ الأَهميَّة، أَلا وهيَ؛ أَنَّ من المُمكن أَن يُصحِّحَ الإِنسانمسارهُ الخطأ في لحظةِ موقفٍ رساليٍّ لينتقلَ من الباطلِ إِلى الحقِّ.

إِذا صحَّت هذهِ المُعادلة، وهي صحيحةٌ والتَّاريخُ مليءٌ بمثلِ هذهِ النَّماذج والصُّور، يقفز في ذهنِنا السُّؤَال التَّالي؛

وهل يمكنُ أَن يحصلَ العكس؟! يعني أَن ينقلبَ إِنسانٌ كلَّ حياتهِ [شيعيّاً] إِلى الضِّدِّ مِن ذلك؟!.

أَكيد، فكما يمكنُ أَن ينقلبَ إِنسانٌ من الباطلِ إِلى الحقِّ يمكنُ حصولَ العكسِ بلا أَدنى شكٍّ.

ولقد ضربنا في حلقةٍ سابقةٍ نموذجَينِ من هذا النَّوع، أَلأَوَّل هو [بلعم بن باعُوراء] الذي قال عنهُ القُرآن الكريم {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا} إِذا بهِ فيلحظةِ إِمتحانٍ {فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ}.

النُّموذج الثَّاني هو الزُّبير بن العوَّام، إِبنُ عمَّة رسول الله (ص) صفيَّة بنت عبد المُطَّلب، والذي انتقلَ من تحتِ ظلِّ شجرةِ أَهل البيت (ع) إِلى خارجِها بموقفٍكذلكَ.

آخر؛ يُحدِّثُنا عنهُ أَميرِ المُؤمنينَ (ع) بقولهِ {أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي كُنْتُ أَشْرَكْتُكَ فِي أَمَانَتِي، وَجَعَلْتُكَ شِعَارِي وَبِطَانَتِي، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِي رَجُلٌ أَوْثَقَ مِنْكَ فِي نَفَسِي،لِمُوَاسَاتِي وَمُوَازَرَتِي وَأَدَاءِ الاَْمَانَةِ إِلَيَّ.

فَلَمَّا رَأَيْتَ الزَّمَانَ عَلَى ابْنِ عَمِّكَ قَدْ كَلِبَ، وَالْعَدُوَّ قَدْ حَرِبَ، وَأَمَانَةَ النَّاسِ قَدْ خَزِيَتْ، وَهذهِ الاُْمَّةَ قَدْ فَتَنَتْ وَشَغَرَتْ، قَلَبْتَ لاِبْنِ عَمِّكَ ظَهْرَ الِْمجَنِّ، فَفَارَقْتَهُ مَعَالْمُفَارِقِينَ، وَخَذَلْتَهُ مَعَ الْخَاذِلِينَ، وَخُنْتَهُ مَعَ الْخَائِنِينَ، فَلاَ ابْنَ عَمِّكَ آسَيْتَ، وَلاَ الاَْمَانَةَ أَدَّيْتَ.

وَكَأَّنكَ لَمْ تَكُنِ اللهَ تُرِيدُ بِجِهَادِكَ، وَكَأَنَّكَ لَمْ تَكُنْ عَلَى بَيِّنَة مِنْ رَبِّكَ، وَكَأَنَّكَ إِنَّمَا كُنْتَ تَكِيدُ هذِهِ الاُْمَّةَ عَنْ دُنْيَاهُمْ، وَتَنْوِي غِرَّتَهُمْ عَنْ فَيْئِهِمْ! فَلَمَّا أَمْكَنَتْكَ الشِّدَّةُ فِيخِيَانَةِ الاُْمَّةِ، أَسْرَعْتَ الْكَرَّةَ، وَعَاجَلْتَ الْوَثْبَةَ، وَاخْتَطَفْتَ مَا قَدَرْتَ عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِهِمُ الْمَصُونَةِ لاَِرَامِلِهِمْ وَأَيْتَامِهِمُ، اخْتِطَافَ الذِّئْبِ الاَْزَلِّ دَامِيَةَ الْمِعْزَى الْكَسِيرَةَ}.

وفي التَّاريخ الغابر والمُعاصر نماذجَ كثيرةٌ؛

فكم من [أَمين صندُوق] عند الإِمام، يُجبي لهُ الحقُوق ويوزِّعها بحسبِ أَوامرهِ (ع) إِذا بهِ [يقومُ بالدَّخَل] و [بالجملِ بما حملَ] كما يقولُ المثل فيسرق كلَّ الذيتحتَ يديهِ بمجرَّد أَن يسمع بخبرِ إِستشهاد الإِمام حتى لا يُسلِّم الأَمانةَ إِلى الامام الذي بعدهُ؟!.

وكم من [أَبناءِ مرجعٍ] [قامُوا بالدَّخل] فاستولَوا على الحقوقِ وبيتِ المالِ الذي اكتنزُوهُ زمن أَبيهِم بمجرَّد أَن توفَّاهُ الله حتى لا يسلِّمُوا الحقُوق إِلى المرجعِالجديد؟!.

وكم من [مجاهدٍ] قضى حياتهُ بالنِّضالِ والجهادِ تحت رايةِ [الأَحزابِ الدينيَّة] يُقارع الظُّلم إِذا بهِ ينقلبُ على عقِبَيهِ لحظة تسنُّمهِ السُّلطة فيمارسُ ظلماً بشِعاًوفساداً قلَّ نظيرهُ، يُتاجر بالدَّم تحتَ لافتاتِ عاشوراء؟!.

وكم من قارئٍ للقُرآن الكريم خاطبهُ لحظة بلوغهِ سدَّة الحُكم [هذا فراقٌ بيني وبينكَ]؟!.

إِذن؛ كما يمكنُ أَن ينقلبَ الإِنسانُ من الظُّلماتِ إِلى النُّور يمكنُ كذلكَ أَن ينقلبَ من النُّورِ إِلى الظُّلماتِ.

ومن ذلكَ نتعلَّم دروساً.

١٦ أَيلول ٢٠٢٠

لِلتَّواصُل؛

E_mail: [email protected]

‏Face Book: Nazar Haidar

Twitter: @NazarHaidar2

Skype: nazarhaidar1

WhatsApp, Telegram & Viber: + 1(804) 837-3920

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here