جماعات الكاتيوشا تتراجع عن استهداف البعثات الأجنبية بعد تصريحات إيرانية

خرجت على ما يبدو الجماعات المسلحة التي تستهدف المصالح الاجنبية في البلاد على الخط المرسوم لها، ثم ارتبكت بعد تصريح ايراني ملفت حول أمن البعثات الدبلوماسية في العراق.

ورفضت طهران استهداف الاجانب في العراق، في موقف نادر بعد اغتيال قائد الحرس الثوري السابق قاسم سليماني مطلع العام الحالي بغارة امريكية قرب مطار بغداد.

وعلى الفور تراجع موقف الجماعات الموالية لايران في العراق، واعتبرت ان استهداف البعثات الدبلوماسية “لا يشكل اي مصلحة”.

وتشن هذه الجماعات الشيعية حملات تحريض واستهداف مسلح ضد السفارات الغربية والخليجية، وصلت آخرها الى استهداف معهد لغة انكليزية في النجف، لمجرد انه يحمل اسم اميركا.

ويرجح سياسيون مطلعون ان توجه واشنطن “ضربة قاضية” وشيكة، لمجموعة من الفصائل المسلحة التي تستهدف السفارة والمصالح الاميركية والمعسكرات في العراق، تحت اسم “المقاومة”.

وكانت اغلب الفصائل الشيعية قد انتقدت “جماعات سٌنية” استخدمت نفس اسلوبها بعد 2003 تحت ذريعة المقاومة، واتهمتها (الشيعية) آنذاك بالانتماء الى “القاعدة”.

وتقوم جماعات “شبحية” غير معروفة حتى الآن وتستخدم احيانا عناوين الحشد الشعبي، باعلان مسؤوليتها عن تلك الحوادث، فيما تنشطر بشكل مستمر وتولد عنها اسماء فصائل جديدة.

يقول مصدر مطلع لـ(المدى) ان “هناك خلافات منذ فترة طويلة بين الفصائل الكبيرة المعروفة التي تأخذ اوامرها مباشرة من طهران، حول استهداف بعض المنشآت الاجنبية والعراقية”.

وكان عضو في مجلس الأمن الوطني العراقي (وهي خلية حكومية مصغرة من بعض الوزارات) في الحكومة السابقة، كشف في ايار الماضي عن “اجتماعات متواصلة مع جميع الفصائل المسلحة”. وقال عضو المجلس سعيد الجياشي في تصريحات صحفية عقب تصاعد الهجمات ضد سفارة واشنطن في بغداد ان “الحكومة العراقية نقلت الى تلك الفصائل رسالة مفادها أن كل من يتخذ فعلًا معينًا فسيكون ذلك على مسؤوليته وليس مسؤولية العراق”.

ومنذ منتصف آب الماضي، حتى الاسبوع الماضي، نفذت تلك الجماعات 21 هجوما، منها 9 هجمات بصواريخ “كاتيوشا” على معسكر التاجي في بغداد، والسفارة الاميركية (المنطقة الخضراء)، ومطار بغداد، و12 هجوما بالعبوات الناسفة على ارتال الدعم اللوجستي للقوات الاميركية على الطرق السريعة، والتي يقودها عراقيون في اغلب الاحيان.

وهذه الفصائل المعروفة بـ”جماعات الكاتيوشا”، كانت قد وسعت عملها منذ شهرين تقريبا، باستهداف ارتال الدعم اللوجستي، وكانت قد نفذت خلال الاشهر الثلاثة الماضية (من ايار حتى منتصف آب) اكثر من 30 هجوما على شاحنات ومواقع عسكرية ودبلوماسية.

ويضيف المصدر المطلع والقريب من الحشد الشعبي ان “استهداف السفارة البريطانية ربما لم يكن ضمن خطة المجاميع المرتبطة مع ايران، لذلك تراجعت بعد الموقف الايراني الرافض”.

موقف طهران

وعلق المتحدث باسم الخارجية الايرانية سعيد خطيب زادة على الهجوم الذي تعرض له موكب لوفد دبلوماسي أجنبي في بغداد، مؤكدا أن طهران “تندد وتستنكر استهداف أي من البعثات الدبلوماسية في بغداد”.

ودعا زادة في تصريحه يوم الجمعة “الحكومة العراقية الى تعزيز وتوفير الامن لمقرات البعثات الدبلوماسية الأجنبية في العراق لتتمكن من أداء مهامها بالشكل المطلوب”.

وسبق ان اعلنت وسائل اعلام غربية، استهداف قافلة لدبلوماسيين بريطانيين في حي القادسية غرب بغداد، بعبوة، لم تسفر عن وقوع اصابات، فيما لم تؤكد الحكومة العراقية استهداف البعثة.

وعقب تصريحات طهران، قال ابو علي العسكري المسؤول الامني لكتائب حزب الله المعارضة لواشنطن، ان “استهداف البعثات الدبلوماسية لا يشكل أي مصلحة ما دامت لم تشكل خطرا داهما أو واضحا يتفق عليه العقلاء”.

وكانت كتائب حزب الله من اشد المعارضين لاقامة علاقة دبلوماسية مع السعودية، كما اتهمت بعض التقارير الغربية، الكتائب بتدبير اقتحام سفارة البحرين في حزيران 2019.

تغريدة الصدر

بالمقابل حذر زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، من إدخال العراق في “نفق مظلم”، جراء استهداف المقرات الثقافية والدبلوماسية في العراق بالصواريخ والمتفجرات.

وقال الصدر، في تغريدة على (تويتر)، الجمعة: “لا أجد مصلحة من إدخال العراق في نفق مظلم، وفي أتون العنف، ولا أجد من المصلحة استهداف المقرات الثقافية والدبلوماسية”.

وأضاف الصدر: “غاية الأمر يمكن اتباع السبل السياسية والبرلمانية لإنهاء الاحتلال ومنع تدخلاتهم”، معتبرًا أن “من يفعل ذلك منكم، فليعلم أنه يعرض العراق وشعبه للخطر المحدق… فاتقوا الله وأحسنوا”.

وكانت عبوة ناسفة استهدفت الخميس، معهدا لتعليم اللغة الانكليزية في حي الغدير بمحافظة النجف، ويحمل اسم “المعهد الاميركي”.

وكان زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، قد دان استهداف البعثات الدبلوماسية في العراق. وقال الحكيم في تغريدة على (تويتر): “لاشك ان استهداف البعثات الدبلوماسية في العراق، وآخرها ما حصل لموكب السفارة البريطانية، ينطوي على مخاطر كثيرة وقد يدفع دول العالم الى تقليص حضورها وتمثيلها الدبلوماسي في العراق”.

وتعرض الحكيم، الى انتقادات لاذعة من قبل منصات تابعة للفصائل المسلحة قبل ان ترتبك وتغير موقفها بعد التصريح الايراني، ووصفت تلك الجماعات الحكيم بانه “مترف” وبعيد عن المشاكل التي يعاني منها الشيعة.

وفي موقف صريح طلبت مرجعية النجف، مؤخرا، من الحكومة المضي بحزم لفرض “هيبة الدولة” و”سحب السلاح المنفلت”، فيما لا تبدو هوية تلك الجهات التي تحمل السلاح “غير الشرعي” واضحة.

ويقول ناصر هركي، عضو لجنة الامن في البرلمان لـ(المدى): “لم توضح الحكومة حتى الان من هي الجهات التي تقوم بهذه الاعمال نحتاج اولا ان نعرفها من هي”.

ويرجح سياسيون ان تلك الفصائل اشهرها (اصحاب الكهف، وعصبة الثائرين) هي واجهات لجهات مسلحة معروفة في العراق، تقوم باعمال بديلة لصالح ايران، كما انها بالمقابل تتجنب الصدام المباشر مع واشنطن.

ويضيف هركي: “بكل الاحوال ليس من مصلحة اي جهة ان تهدد استقرار العراق”، داعيا جميع القوى السياسية الى “الجلوس على طاولة الحوار وتحديد مصلحة العراق عبر قرار وطني”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here