أمام عنصرية الغرب ودكتاتورية الشرق..أن الاوان لطرح البديل الاجتماعي العادل

أمام عنصرية الغرب ودكتاتورية الشرق..أن الاوان لطرح البديل الاجتماعي العادل

منذ الثورة الصناعية في اوربا حيث فرضت نظامها الديمقراطي الذي كان يتمثل أول الامر بالتركيز على الحرية الشخصية وحرية انتقال رؤوس الاموال وحقوق الانسان واختيار الشعوب نظامها السياسي. مقابل الأنظمة المشرقية التي كانت ولا تزال تعتمد على الشخص الواحد أو القبيلة الواحدة أو الحزب الواحد ليكون بديلا وممثلا للشعب مما أنتج انظمة استئصالية شمولية خربت البلاد وافسدت العباد.
اليوم وفي بداية العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين لا بد من مراجعة لاسس هذين النظامين اللذان اوصلا إلبشرية إلى نتائج كارثية على حقوق الانسان من نواحي متعددة تتعلق بحرية الراي وتامين الغذاء والعمل ومساعدة الفقراء والضعفاء. هذه المعطيات تحتم على الوطنيين والمخلصين والاقتصاديين والمثقفين والقانونيين والعلماء العدول طرح البديل الاجتماعي الانساني الذي يخرج البشرية من المازق التي تعيشه وتعطي كل ذي حق حقه.
فمنذ بداية تأسيس النظام الراسمالي وفق نظريات ادم سميث في القرن الثامن عشر او اللورد كنتز في القرن العشرين وغيرهما. كان نظاما ليبراليا لا يهتم الا برؤوس الاموال واصحابها. ويعالج المتطلبات الانسانية العامة وفق من يملك المال أو الجاه أو السطة. لقد وقع منذ بداية تاسيسه في التوسع والاستعمار للشعوب الاخرى لجني المزيد من الأرباح فكان أول ضحاياه الدول العربية والاسلامية وعموم الفقراء والبسطاء. لقد هضمت حقوق الكثير من الشعوب من الحصول على احتياجاتهم الأساسية في حق التعليم والصحة. ان انتشار هيمنة الغرب الإقتصادية والسياسية والعسكرية لم تقتصر على البلدان الأصلية التي تبنت هذا النظام. انما اختار المستعمرون سبل غزو الشعوب الامنة البعيدة عن تلك البلدان الراسمالية بهدف السيطرة على ثرواتها. ثم توسعت اطماعها بحيث اضحى وامسى الفرد الأفريقي أو الاسيوي بضاعة يباع ويشترى في سوق النخاسة كعبد. فقد تاجر المستعمرون الراسماليون بهولاء ضمن تقنين العبودية لبني ادم.
مع تراكم الثروات وتوسيع الاسواق وزيادة الأرباح افرزت بعض الدول الراسمالية في اوربا نظام اجتماعي فيه عدالة نسبية لعموم شعوب القارة. إذ فرض التعليم المجاني واشيعت الرعاية الاجتماعية والتامين الصحي. لكن هذه المكاسب الشعبية لسكان تلك البلدان كانت انانية موضعية تتعلق بجنس محدد وقومية محددة. لم يعير الاستعمار أي وزن لمعاناة اهل المشرق والافارقة وأمريكا اللاتينية والمكسيك.
اما الجانب الاخر فيما يتعلق بالانظمة للدكتاتورية التي جسدتها الأنظمة الملكية أو الجمهورية في الدول الاسلامية. التي كانت تعتمد في شرعيتها على التمسك بالدين أو القبيلة أو الحزب كغطاء للسيطرة على السلطة. فقد زادت من ماسي تلك الدول ولم ينعم بالخيرات غير حفنة من الحكام واذنابهم والشعراء والمنافقين. وتوسعت دائرة الفقر والحرمان.
ظهرت بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى الأنظمة الشيوعية الشمولية التي ترفع شعار دكتاتورية الطبقة العامة نظريا. لكن الحقيقة هي أنها تحولت إلى دول دكتاتوية فردية حزبية استئصالية تسلب المواطن حرية رايه ليحيا كالانعام. لعل اهم مفكر ومنظر اشتراكي هو كارل ماركس. واهم منفذ لهذه النظرية على أرض الواقع هو لينين في روسيا وماو تسي تونك في الصين.
اذن منذ الحرب العالمية الأولى يتقلب العالم بين هيمنة انظمة عسكرية استئصالية شيوعية اشتراكية من جانب وانظمة راسمالية ديمقراطية حرة من جهة اخرى. اما بقية دول العالم فليس لها أي خيار سوى الاقتراب من هذا المعسكر أو ذاك.
كانت هناك محاولات لاحياء بديل سياسي ثالث في منتصف القرن الماضي سمي المعسكر أو القطب آنذاك دول عدم الانحياز.. لكنه كان تجمع لا هوية ولا عقيدة له فما لبث الا ان اندثر وتوزعت دوله في تبعيتها لاحد هذين المعسكرين.
يشهد اليوم العالم العربي ودوله التي كانت قريبة من هذا المعسكر أو ذاك ضياع فكري وشلل اجتماعي وخسارة اقتصادية ليس له مثيل. لقد بات الانشداه إلى الحضارة الغربية كبيرا. اصبحت طاعة القادة الامريكان والاسرائيليين والاوربين دين آخر يتعبد به من دون الله. مما يجسد الانهزام الفكري العقائدي الديني الذي اضحى هو سيد الموقف. لقد ساهم هذا الخنوع والتشبث بالدنيا تحريف مبادي اسلامية اصيلة كانت راسخة لا يستطيع حتى الظلمة تغييرها. لعل أهمها العدالة والوقوف مع الحق ايا كانت النتائج ومناصرة المظلوم ايا كانت عقيدته. بات الظلمة الصهاينة والامريكان يفرضون ما يريدون ويجبرون بعض حلفايهم المسلمين الارتداد عن دينهم عمليا.
ليس للعالم من منقذ الان سوى انبراء الطبقات الفقيرة والمتوسطة التي لم تتلوث أو التي تابت وعادت إلى احضان شعبها. أن تتحمل المسؤولية التاريخية لتغيير المعادلة الظالمة المفروضة بالاكره لهيمنة المعسكرين. لا تزال الطبقات الواسعة غير المسيسة بعيدة عن الغش والخداع والرشوة وملتزمة بالعدالة والتسامح. لا ترضى فرض واقع ظالم لبلدانها وتعمل لحل وطني لمشاكلها. هذه القوة لها وزنها العالمي كبير شرط تنظيم امورها. انها لا تزال تمثل الاغلبية في الدول العربية والاسلامية والكثير من دول آسيا وافريقيا وأمريكا اللاتينية. ان مشكلة هذه القوى انها مبعثرة وساكتة من المطالبة بحقوقها. في حين أثبتت الثورة الجزائرية أو الايرانية أو الفيتنامية بأن النصر حليف أهل الحق شرط العمل والجهاد ومقاومة الاستعمار. لقد فرضت خيارات الشعوب في الاستقلال وان سبل التنمية ممكنة. هناك ضرورة قصوى لتفعيل مقاومة الباطل والظلم وتبني العدالة الاجتماعية وتشجيع وغرس المبادئ والعادات والتقاليد المحلية التي رسخت هوية واخلاق تلك الشعوب. هذه القيم كفيلة بخروج تلك الشعوب من هيمنة صندوق النقد الدولي والامم المتحدة وضغوطات أمريكا وروسيا والصهيونية العالمية. لا يمكن النجاح دون تغيير قواعد اللعبة الدولية التي بناها المستعمرون منذ قرون عديدة.
لا تزال مبادى العظماء كمحمد وعيسى وموسى تنير الطريق للمقاومين للظلم والهيمنة الاستعبادية الاستعلائية الاستعمارية وتسري في عروق مئات الملايين دروس جهادهم وصبرهم. لا تزال أيضا افكار الاستقلال والحرية التي جسدها عمر المختار وتشي فارا وماندلا وهوتشي منه والليندي حية في ضمائر الملايين. ان موعد النصر على الظلم قريب ان شاء الله “ان موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب”
الدكتور نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here