الصادرات الإيرانية بلغت 9 مليارات دولار خلال 12 شهرًا

بغداد / ا ف ب

منذ دخولها الحرب مع العراق قبل أربعين عامًا، حولت إيران التوتر الحاد مع جارها إلى نفوذ واسع، سهل لحلفائها الظفر بالسلطة، لتصبح اليوم شريكا أساسيا فيها.

خلّفت الحرب نحو مليون قتيل، وخسائر مالية بلغت 400 مليار دولار أميركي. دامت الحرب ثماني سنوات، وبذلك تكون اطول نزاع عسكري في القرن العشرين، وواحدة من اكثر الصراعات العسكرية دموية.

ولم يكن عزيز جبر، الاستاذ بالجامعة المستنصرية في بغداد والذي عاش سنوات الحرب (1980-1988)، يتوقع حدوث هذا الأمر إطلاقًا.

وقال جبر، لوكالة (فرانس برس) عن هذا التحوّل، إنّه “من الصعب تخيله، لكنه حدث، الأحزاب السياسية المرتبطة بإيران، بينها ما صنع في إيران، هي الممسكة بزمام السلطة في العراق اليوم”.

وغزا الرئيس العراقي الأسبق، إيران في أواخر 1980، جرّاء قلقه من محاولة رجال الدين الذين وصلوا إلى السلطة في طهران عام 1979 استنساخ (ثورتهم الإسلامية) في العراق.

ولجأت إيران طوال سنوات الحرب التي تعد أطول حروب القرن العشرين وخلفت نحو مليون قتيل، إلى توفير ملاذ للجماعات المناهضة لنظام صدام، بينها شخصيات في (المجلس الأعلى للثورة الإسلامية) وجناحه العسكري (فيلق بدر)، اللذان تشكلا في إيران عام 1982.

ولم تنقطع إيران عن دعم هذه الأطراف حتى سقوط صدام حسين بالغزو الدولي الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 وصعود شخصيات موالية لإيران الى السلطة.

وتسلقت شخصيات عراقية لطالما تحالفت مع إيران خلال السنوات الـ17 الماضية إلى أعلى هرم السلطة.

وقضى ثلاثة رؤساء وزراء من بين ستة شغلوا هذا المنصب بعد العام 2003، إبراهيم الجعفري، ونوري المالكي، وعادل عبد المهدي، معظم فترة الثمانينيات في طهران.

كما تولى قادة بارزون في “فيلق بدر” مناصب أمنية رفيعة.

وقال جبر بهذا الخصوص إن “الأذرع التي صنعتها إيران لم تصنع لغرض الحرب فحسب بل لتستفيد منهم اليوم”.

وعادة ما تستخدم في طهران المسيرة السنوية لتكريم ضحايا الحرب كمناسبة لاستعراض الأسلحة الجديدة بما في ذلك صواريخ بالستية، بينما يحتل قدامى المحاربين مناصب عسكرية عليا في طهران.

من ناحية اقتصادية، بات العراق أكبر سوق للمنتجات الإيرانية، غير الهيدروكربونية، ووصلت قيمة الصادرات الإيرانية إلى تسعة مليار دولار خلال الفترة بين آذار 2019 والشهر ذاته من العام الحالي، وفقًا لغرفة تجارة طهران.

وبات هذا النفوذ الإيراني السياسي والاقتصادي المتزايد مصدر إزعاج للعراقيين.

وقال محمد عبد الأمير عسكري سابق في حديث لوكالة (فرانس برس) إنّ “العراقيين المشاركين بالحكومة سمحوا لإيران بهذه التدخلات السافرة في العراق وسلموا البلد باقتصاده وزراعته وحتى أمنه”.

وأضاف “حاربت خمس سنوات وأسرت عشر سنوات (في إيران)، وفي نهاية المطاف، سُلم بلدي لإيران”.

وتفشى الإحباط بشكل واسع في أوساط العراقيين وبلغ ذروته مع تصاعد الاحتجاجات المطلبية غير المسبوقة التي انطلقت في تشرين الاول الماضي في بغداد وأغلب مدن جنوبي البلاد ضد الطبقة السياسية التي تتهم بالفساد والفشل في إدارة البلاد والولاء لطهران.

وبعد أشهر، قتلت الولايات المتحدة الجنرال الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس في غارة نفذتها طائرة مسيرة قرب مطار بغداد.

وكان سليماني، الذي بدأ مسيرته خلال الحرب العراقية الإيرانية ووصل لمناصب رفيعة، المشرف الرئيس على ملف العراق. أما المهندس، فكان قياديا بارزًا في الحشد الشعبي، ومقربًا من إيران.

ورأى محللون أنّ الهجوم قطع أهم حلقات النفوذ الإيراني في العراق.

وفي ايار الماضي، تولى مصطفى الكاظمي رئاسة وزراء العراق وأحاط نفسه بمستشارين يوصفون بأنهم أقل ولاء لإيران مقارنة بأسلافهم.

وفي ظل تراجع نفوذها في مكتب رئاسة الوزراء، التفتت طهران إلى البرلمان العراقي والوزارات، بحسب فرانس برس.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here