عْاشُورْاءُ السَّنَةُ السَّابِعة (٢٣) [أَدوات النُّهوض]

عْاشُورْاءُ

السَّنَةُ السَّابِعة

(٢٣)

[أَدوات النُّهوض]

نـــــــــــــزار حيدر

للنَّهضةِ شروطٌ وأَدواتٌ بغضِّ النَّظر عن كونِها على حقٍّ أَم لا، فإِذا أَخذت بها الأُمَّة نجحت نهضتَها وإِلَّا فشَلت.

ومن أَبرز شروطها هو إِستعداد الأُمَّة للتَّضحيةِ، من كلٍّ حسبَ قُدراتهِ ومَوقعهِ وحجمِ دورهِ في النَّهضة، فإِذا استعدَّ المُجتمع كان بها وإِلَّا فالنُّهوضُ حُلُمٌ لنيتحقَّق!.

وفي مُقارنةٍ رائعةٍ يسوقُها لنا أَميرُ المُؤمنِينَ (ع) بهذا الصَّدد، يشرح لنا كيفَ أَنَّ الأُمَّة في عهدِ رسولِ الله (ص) حقَّقت نهضتها عندما استعدَّت للتَّضحيةِ وأَنَّنفس هذهِ الأُمَّة فشلت في تحقيقِ نهضتها في عهدهِ (ع) عندما نكصَت ورفضت التَّضحية على الرَّغمِ من أَنَّهُ الإِمتداد الطَّبيعي للنَّهضةِ الأُولى وإِنَّ قائِدَيالنَّهضَتَينِ على الحقِّ المُطلق وهو واحدٌ لا ينقسمُ على أَيِّ رقمٍ.

في المرَّةِ الأُولى أَخذت الأُمَّة بشروط النَّهضة [التَّضحية أَوَّلاً] فتحقَّق الهدَف، وفي الثَّانية لم تأخُذ بها ففشلت.

يقولُ (ع) مُقارِناً {وَلَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ(ص) نَقْتُلُ آبَاءَنا وَأَبْنَاءَنَا وَإخْوَانَنا وَأَعْمَامَنَا، مَا يَزِيدُنَا ذلِكَ إلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً، وَمُضِيّاً عَلَى اللَّقَمِ، وَصَبْراً عَلىمَضَضِ الاْلَمِ، وَجِدّاً عَلى جِهَادِ الْعَدُوِّ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا وَالاْخَرُ مِنْ عَدُوِّنا يَتَصَاوَلاَنِ تَصَاوُلَ الْفَحْلَيْنِ، يَتَخَالَسَانِ أَنْفُسَهُمَا، أيُّهُمَا يَسْقِي صَاحِبَهُ كَأْسَ المَنُونِ،فَمَرَّةً لَنَا مِنْ عَدُوِّنَا، ومَرَّةً لِعَدُوِّنا مِنَّا، فَلَمَّا رَأَى اللهُ صِدْقَنَا أَنْزَلَ بِعَدُوِّنَا الْكَبْتَ، وَأَنْزَلَ عَلَيْنَا النَّصرَ، حَتَّى اسْتَقَرَّ الاِْسْلاَمُ مُلْقِياً جِرَانَهُ وَمُتَبَوِّئاً أَوْطَانَهُ، وَلَعَمْرِي لَوْكُنَّا نَأْتِي مَا أَتَيْتُمْ، مَا قَامَ لِلدِّينِ عَمُودٌ، وَلاَ اخْضَرَّ لِلاِيمَانِ عُودٌ، وَأَيْمُ اللهِ لَتَحْتَلِبُنَّهَا دَماً، وَلَتُتْبِعُنَّهَا نَدَماً!}.

ومن كلام لهُ (ع) يوبِّخُ البُخلاء بالمالِ والنَّفس {فَلاَ أَمْوَالَ بَذَلُْتموهَا لِلَّذِي رَزَقَهَا، وَلاَ أَنْفُسَ خَاطَرْتُمْ بِهَا لِلَّذِي خَلَقَهَا، تَكْرُمُونَ بِاللهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَلاَ تُكْرِمُونَ اللهَ فِيعِبَادِهِ! فَاعْتَبِرُوا بِنُزُولِكُمْ مَنَازِلَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَانْقِطَاعِكُمْ عَنْ أَصْلِ إِخْوَانِكُمْ!}.

مربطُ الفرس في النَّصِّ هو قولهُ (ع) {وَلَعَمْرِي لَوْ كُنَّا نَأْتِي مَا أَتَيْتُمْ}.

فالعلامةُ الفارقةُ بينَ الزَّمَنينِ ليس في نوعيَّة القيادةِ [فكلاهُما واحد {وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ}] ولا في طبيعةِ الهدف [الحق والعدل والإِنصاف] وإِنَّما في الشُّروط،فبينما أَخذت بها الأُمَّة [البذل والتَّضحية] في المرَّة الأُولى فتحقَّق الهدف، لم تأخُذ بها في المرَّة الثَّانية ففشلت.

وكانَ أَميرُ المُؤمنِينَ (ع) قد أَشارَ عدَّة مرَّات إِلى عدمِ أَخذ الأُمَّة بشروط النَّهضةِ في خُطبٍ جمَّة منها {أَيُّهَا الشَّاهِدةُ أَبْدَانُهُمْ، الْغَائِبَةُ عَنْهُمْ عُقُولُهُمْ، الْـمُخْتَلِفَةُأَهْوَاؤُهُمْ، المُبْتَلَى بِهمْ أُمَرَاؤُهُمْ، صَاحِبُكُمْ يُطِيعُ اللهَ وَأَنْتُمْ تَعْصُونَهُ، وَصَاحِبُ أَهْلِ الشَّامِ يَعْصِي اللهَ وَهُمْ يُطِيعُونَهُ، لَوَدِدْتُ وَاللهِ أَنَّ مُعَاوِيَةَ صَارَفَني بِكُمْ صَرْفَالدِّينَارِ بِالدِّرْهَمِ، فَأَخَذَ مِنِّي عَشَرَةً مِنْكُمْ وَأَعْطَانِي رَجُلاً مِنْهُمْ!.

يَاأَهْلَ الْكُوفَةِ، مُنِيتُ مِنْكُمْ بِثَلاَث وَاثنَتَيْنِ: صُمٌّ ذَوُو أَسْمَاعٍ، وَبُكُمٌ ذَوُو كَلاَم، وَعُمْيٌ ذَوُو أَبْصَار، لاَ أَحْرَارُ صِدْق عِنْدَ اللِّقَاءِ، وَلاَ إِخْوَانُ ثِقَةٍ عِنْدَ الْبَلاَءِ! تَرِبَتْأَيْدِيكُمْ! يَا أَشْبَاهَ الاِْبِلِ غَابَ عَنْهَا رُعَاتُهَا! كُلَّمَا جُمِعَتْ مِنْ جَانِب تَفَرَّقَتْ مِنْ آخَرَ، وَاللهِ لَكَأَنِّي بِكُمْ فِيَما إخالُ؛ لَوْ حَمِسَ الْوَغَى، وَحَمِيَ الضِّرَابُ، قَدِ انْفَرَجْتُمْ عَنِابْنِ أَبي طَالِب انْفِرَاجَ الْمَرْأَةِ عَنْ قُبُلِهَا، وَإِنِّي لَعَلَى بَيِّنَة مِنْ رَبِّي، وَمِنْهَاج مِنْ نَبِيِّي، وَإِنِّي لَعَلَى الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ أَلْقُطُهُ لَقْطاً}.

وفي أُخرى {يَا أَشْبَاهَ الرِّجَالِ وَلاَ رِجَالَ! حُلُومُ الاَْطْفَالِ، وَعُقُولُ رَبّاتِ الحِجَالِ، لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَرَكُمْ وَلَمْ أَعْرِفْكمْ مَعْرِفَةً ـ وَاللهِ ـ جَرَّتْ نَدَماً، وَأَعقَبَتْ سَدَماً.

قَاتَلَكُمُ اللهُ! لَقَدْ مَلاَْتُمْ قَلْبِي قَيْحاً، وَشَحَنْتُمْ صَدْرِي غَيْظاً، وَجَرَّعْتُمُونِي نُغَبَ التَّهْمَامِ أَنْفَاساً، وَأَفْسَدْتُمْ عَلَيَّ رَأْيِي بِالعِصْيَانِ وَالخذْلاَن، حَتَّى قَالَتْ قُريْشٌ: إِنَّابْنَ أَبِي طَالِب رَجُلٌ شُجَاعٌ، وَلْكِنْ لاَ عِلْمَ لَهُ بِالحَرْبِ.

للهِ أَبُوهُمْ! وَهَلْ أَحدٌ مِنْهُمْ أَشَدُّ لَهَا مِرَاساً، وَأَقْدَمُ فِيهَا مَقَاماً مِنِّي؟! لَقَدْ نَهَضْتُ فِيهَا وَمَا بَلَغْتُ العِشْرِينَ، وها أناذا قَدْ ذَرَّفْتُ عَلَى السِّتِّينَ! وَلكِنْ لا رَأْيَ لَمِنْ لاَيُطَاعُ!.

وتكرَّر المشهدُ في الكوفةِ!.

٢٢ أَيلول ٢٠٢٠

لِلتَّواصُل؛

E_mail: [email protected]

‏Face Book: Nazar Haidar

Twitter: @NazarHaidar2

Skype: nazarhaidar1

WhatsApp, Telegram & Viber: + 1(804) 837-3920

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here