خلافات في صلب التشريع تجبر الحكومة على سحب قانون الموازنة من البرلمان

قالت اللجنة المالية في مجلس النواب، ان الأسباب التي دفعت الحكومة إلى سحب مسودة مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2020 من البرلمان تعود لوجود مشاكل وخروق قانونية وحسابية في اصل مسودة المشروع، مؤكدة أن عدم معالجة هذه المشاكل سيدفع بجهات سياسية للطعن بالقانون.

وأعلنت الأمانة العامة لمجلس الوزراء الثلاثاء سحب مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2020 من مجلس النواب بعد يوم واحد من تسليمه إياه وإرجاعه إلى الحكومة لإجراء بعض التعديلات عليه. وواجهت الحكومة الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي صعوبات في إعداد مشروع الموازنة في وقت يعاني فيه البلد أزمة مالية خانقة ناجمة عن انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية.

ويعتمد العراق بنحو 95% على إيرادات النفط لتمويل موازنة البلاد السنوية.

ويقول جمال كوجر، عضو اللجنة المالية في مجلس النواب في تصريح لـ(المدى) إن “اسباب قيام الحكومة بسحب مشروع قانون الموازنة الاتحادية من قبل الحكومة تعود إلى وجود مشاكل قانونية وحسابية في اصل مسودة المشروع”، معتقدا ان “الحكومة ستجري تعديلات على القانون لإرساله إلى مجلس النواب مجددا”. وكان ممثل الحكومة في البرلمان طورهان المفتي قد أعلن في يوم الاثنين الماضي عن وصول مسودة مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2020 إلى مجلس النواب، بعد إقرارها في مجلس الوزراء في 14 أيلول الجاري.

ويتحدث النائب كوجر عن هذه المشاكل الحسابية والقانونية بالقول إن “الموازنة تحولت بعد شهر آب إلى ميزانية بعد قيام الحكومة بصرف 1/12 لدفع الرواتب والمصروفات الأخرى وبالتالي لم يعد مجديا وجود موازنة عامة ونحن في الاشهر الاخيرة من السنة”.

ويضيف أن “عجز الموازنة الحالية يصل إلى نحو 60% وهذا مخالف لقانون الادارة المالية التي يشترط أن لا يتجاوز العجز أكثر من 3% من حجم الموازنة”، لافتا إلى ان “هذه الخروقات القانونية والحسابية قد تدفع بالبعض للطعن بقانون الموازنة الاتحادية بعد تشريعه في مجلس النواب”.

وكانت (المدى) قد نشرت نسخة من مشروع الموازنة في منتصف شهر ايلول الجاري والتي يقدر حجم إجمالي نفقاتها بنحو(148) تريليون دينار، وبعجز تخيميني يصل (81) تريليون دينار، فيما بلغت الايرادات نحو (67) تريليون دينار.

وبحسب مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2020 المرسل من وزارة المالية إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، فان إيرادات الموازنة تقدر بـ(67) تريليون دينار، باحتساب سعر برميل النفط بـ(41) دولار، بمعدل تصدير قدره (ثلاثة ملايين، وثلاثون ألف ومئتان وثلاثة وسبعون برميل) يوميا بضمنها (مائتان وخمسون ألف برميل) عن كميات النفط المنتجة في إقليم كردستان.

ويضيف كوجر أن “مجلس الوزراء أرسل قانون الموازنة الذي أعدته الحكومة السابقة لتغطية القروض لكنها واجهت اعتراضات وضجة إعلامية واقتصادية”، داعيا الحكومة إلى إرسال قانون موازنة العام المقبل 2021، وتمضي بصرف الرواتب للأشهر المقبلة على 1/ 12 من خلال الاقتراض”.

ولم تقر الحكومة قانون الموازنة المالية للعام الجاري مطلع العام الجاري، نتيجة أزمة الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد منذ تشرين الأول 2019 وأطاحت بالحكومة السابقة برئاسة عادل عبد المهدي.

وواجهت حكومة مصطفى الكاظمي صعوبات في إعداد مشروع الموازنة في وقت يعاني فيه البلد أزمة مالية خانقة ناجمة عن انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية. ويعتمد العراق بنحو 95% على إيرادات النفط لتمويل موازنة البلاد السنوية.

بدوره، أوضح النائب محمد شياع السوداني، عضو لجنة مراقبة تنفيذ البرنامج الحكومي والتخطيط الستراتيجي، سبب سحب الحكومة مشروع قانون موازنة عام 2020 من البرلمان. وقال ان اجتماع الرئاسات الثلاث والقوى السياسية توصل الى ان نسبة العجز في موازنة 2020 هائلة دون تقديم الحكومة اي إصلاحات اقتصادية”.

وذكر السوداني في منشور عبر صفحته في (فيسبوك)، قائلا إن “الحكومة سحبت قانون الموازنة لسنة 2020 لاجراء التعديلات عليها”، مضيفا ان “الحكومة اعتمدت على الاقتراض من رصيد البنك المركزي وهذه العملية تعتبر خطرة وتؤثر على الوضع المالي للبلد”.

اجرت حكومة الكاظمي سلسلة من الاجراءات التقشفية ركزت على تقليل النفقات بعد تراجع الايرادات نتيجة هبوط اسعار النفط وجائحة كورونا، حيث اتخذت إصلاحات واسعة في إدارة الإيرادات المالية أبرزها المنافذ الحدودية، في مسعى لإنهاء الفساد ورفد خزينة الدولة بالأموال.

كان مجلس الوزراء قد قرر في وقت سابق تشكيل خلية الطوارئ للإصلاح المالي، تتولى ضمان توفير السيولة المالية واتخاذ القرارات الخاصة بالإصلاح المالي من خلال ترشيد الإنفاق وتعظيم الموارد وإصلاح المؤسسات المالية، ووضع خطط تمويل لمشاريع الإعمار والتنمية والاستثمار، بما في ذلك موارد وآليات التمويل من خارج الإنفاق الحكومي.

من جانبه، يؤكد حسن الجحيشي، النائب عن تحالف سائرون ان “هناك اعتراضات برلمانية وجهت إلى قانون الموازنة الاتحادية المضمنة قروض كبيرة مما دفع مجلس الوزراء إلى سحب القانون من مجلس النواب لإجراء بعض التعديلات عليه”. ويعتقد الجحيشي في تصريح لـ(المدى) ان “إعداد قانون الموازنة الاتحادية يجب ان يكون بالتعاون بين جميع الجهات لتسهيل عملية تمريره في مجلس النواب من دون مماطلة وتسويف من قبل الاطراف السياسية”.

وفي بداية شهر حزيران الماضي صوت مجلس النواب على صيغة قرار يلزم حكومة مصطفى الكاظمي بتقديم الموازنة الاتحادية للعام 2020 قبل نهاية شهر حزيران الماضي.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here