الخريف – للشاعر الفرنسي لامارتين (1790- 1869)

الخريف – للشاعر الفرنسي لامارتين (1790- 1869) – بهجت عباس

تحيّـاتٌ ، أيتها الغاباتُ المتوَّجةُ بالأخضر المستديم !
الأوراقِ المُصفَـرّةِ على العشب المتنـاثر !
تحيّـاتٌ ، أيتها الأيام الأخيرة الرائعة ! حِدادُ الطبيعة
يُـثيـرُ ألمي ويُمَتِّـعُ عينـيَّ .
أسير بخطواتٍ حالمة في طريق مهجـور ،
وأريد أن أرى ثانية ، ولآخـرِ مرةٍ ،
هذه الشمسَ المتضائـلةَ والشّاحـبةَ والتي لا ينفـذ
نورُها الواهنُ إلى ظلام الغابات عند قدمي إلاّ بجهد!
**
أجلْ، في أيام الخريف هذه ، عندما تموت الطّبيعة
أجد إغراءً عظيماً في نظراتها المتستِّرة ،
وَداعَ صديق ، والبسمةَ الأخيرة
من الشِّفاه التي سيغلقها الموتُ إلى الأبد .
**
هكذا أتهـيّأ لأغادر أمدَ عمري
أندب الأملَ المُحتضَر لأيامي الطَّوال
وأنظر إلى الوراء مرة أخرى ، وبأعين حاسدة
أفكر مَـليّـاً بعطاياها التي لم أنعُـمْ بهـا قطّ.
**
يا أرضُ ، يا شمسُ ، يا وديانُ ، ويا طبيعةً رائعةً جميلة
أنا مدين لكم بدموع على حافّـة قـبري ؛
يُشَمُّ الهواء عذباً ! الضياءُ جِـدُّ نقـيٍّ !
والشمسُ جميلة للمُحتضَـر !
**&
!الآن أريد أن أشربَ حتى آخـرَ قطرةٍ
من كأس الزَّهرة التي تمزج الرّحيق بالصّفراء
عند قعر كأس الحياة التي شربتُ
ربما تكون ثمة قطرة من عسل رائق.
**
ربما يدّخر لي المستقبل في مستودعه
قبضةً من سعادة ، أملاً بائساً ؟
ربما تكون بين الحشد روح أُهملتْ
تتفهّم روحي فتتجاوب معـها ؟
**
تسقط الزَّهـرةُ فتمنحُ الريحَ عِطرَها
إلى الحياة ، إلى الشّمس ناطقةً وداعَـها الأخيـر؛
سأموت ؛ وروحي في لحظة انتهـائهـا
ستعطي صوتَ حِدادٍ هادئاً وقَـرعَ ناقوسِ موتٍ شجيّاً

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here