عراقيون من هذا الزمان 26/ محمد الاسدي (ابو زينب)

عراقيون من هذا الزمان (*)
26/ محمد الاسدي (ابو زينب)
رواء الجصاني

منذ أزيد من ستة عقود وأسم محمد الأسـدي “يلعلع” في جوانب انسانية هنا، وسياسية هناك، وما بينهما نشاطات طلابية واكاديمية واجتماعية وغيرها .. وها هي الحال نفسها اليوم مع الفارق طبعا بسبب تغير الازمان والمواقع والظروف..
ويتباهى الرجل – وعنده حق كما اعتقد- بأنه ولد وترعرع في كاظمية بغداد، تلك المدينة المليئة بالحيوية الدينية والاجتماعية والسياسية، ونشـــط ديمقراطيا وسياسيا منذ فتوته، برغم ان والده، وربَ العائلة، شيخ جليل ووجيه من تجار المدينة المعروفين، هو : جواد تقي أسد الله (الاسدي) .. ومن طرائف – بل مآسي- الطائفية اللئيمة والبغيضة ان تستدعى الاجهزة الامنية البعثية في السبعينات الماضية ذلكم الشيخ، أبن الاصول، لتتهمه بالأيرانية – الفارسية، وعلى طريق تسفيره من موطن آبائه واجداده، وذريعة اولئك الشذاذ، واسيادهم: لقب العائلة اي (أسد الله) !! فأحرجهم الشيخ الوجيه بسؤال عميق يدل على جهلهم بألاصول، قائلا: وأين تتمثل الفارسية- الايرانية في ذلك؟ هل بلفظ (الله) ام كلمة (ألاسد) ؟!.. وهكذا فشلوا في تهمتهم، وخابوا في النيّل منه..
ونعود الى صاحبنا (محمد) الذي انضم منذ اوائل الستينات الماضية لتشكيلات الحركة الطلابية العراقية واتحادها العام، وتنظيمات الحركة الوطنية، والحزب الشيوعي بالذات، في مختلف الفعاليات والنشاطات.. ثم ليجرح بأطلاقة نار امام وزارة الدفاع بباب المعظم حين كان مع الجماهير العريضة وهي تتصدى جهد امكانها لأنقلاب 8 شباط الدموي. ثم يعتقل عدة اشهر، ويعود بعدها – في منتصف الستينات- الى مواصلة ما اختطه من مسار ديمقراطي وطني، وطلابي بشكل رئيس، ويتبوأ مسؤوليات بارزة في تنظيمات اتحاد الطلبة العراقي العام، السرية، وفي تشكيلات ثانويات بغداد بشكل محدد، وبعدها في عدد من قيادات الاتحاد المركزية، وخاصة في فترة ما قبل وما بعد المؤتمر الرابع للاتحاد عام 1968 الذي كان حدثا محوريا في تاريخ الحركة الطلابية الديمقراطية في العراق .. كما شارك على تلك الطريق في توطيد تشكيلات الاتحاد، وأعلاء صوته وصيته.. كما في نشاطات اخرى متنوعة ومنها المشاركة في وفد يمثل قيادة الاتحاد خلال فعالية طلالبية عالمية، آواخر الستينات، في القاهرة وبراغ ..
وفي مطلع السبعينات، او قبلها بقليل، يصل محمد الاسدي الى براغ ليكمل دراسته الجامعية، وحتى اواسط السبعينات، حين حصل على شهادة الماجستير في العلوم الزراعية، وقد كان خلال تلك الفترة وجها نشيطا في جمعية الطلبة العراقيين، وتشكيلاتها القيادية.. ثم يعود الى العراق ليعمل مدرسا في المعهد الزراعي بمدينة (اسكي كلك) وكانت معه لفترة من الوقت زوجته التشيكية (يارميلا) وطفلته (زينب) الذي راح يكنى باسمها لاحقا، وقد رزق بعدها بوليد آخر أسماه زيّادا ..
ومع اشتداد حملات الارهاب والقمع من سلطات البعث واجهزتها على الوطنيين والديمقراطيين، اواخر السبعينات، يضطر محمد – مثله مثل الالاف من العراقيين- للاغتراب عن البلاد عائدا الى براغ ليكمل دراسته العليا، وليغادر بعدها في النصف الاول من الثمانينات الى الجزائر فيعمل استاذا في جامعة (ام البواقي) لعدة سنوات، ثم منها مجددا الى براغ، ناشطا مدنيا، وسياسيا، ورجل عمال..
وبعد سقوط نظام الارهاب والعسف في العراق عام 2003 يعود الرجل الى بلاده، ليجدد الذكريات، ويلتقي الاهل والاحبة، حالما بغد مشرق آمن سعيد، ثم ليتوظف مجددا بأختصاصه في جامعة كربلاء سنوات قليلة، آثر بعدها الاغتراب مجددا من العراق- موطن الاباء والاجداد- الى بلاد التشيك، حيث الابناء والاحفاد.. وكل من جايّل (الأسدى) يعرف انه بقي، وطوال تلك المحطات التاريخية والجغرافية، ثابتا لم يتخلَ عن قناعاته والتزاماته السياسية والديمقراطية، سواء في صفوف حزبه الشيوعي، او التشكيلات الطلابية والاجتماعية مثل المنتدى العراقي في براغ، وهيئته الادارية لعدة سنوات، بدءا من عام 1991….
لقد توطدت العلاقة مع محمد الاسدي في براغ، حين وصلتها اواخر السبعينات الماضية: صداقة اولا، كما في العديد من النشاطات السياسية والديمقراطية والمهنية .. ومنها في قيادة لجنة الخارج لفروع اتحاد الطلبة العام التي انضم اليها لسنوات، وكذلك في تعاونه مع مؤسسة بابيلون للثقافة والاعلام، وغيرها كثير كثير.. وطوال تلك العلاقة التاريخية الحميمة، تكشفت اكثر فأكثر مزايا (ابو زينب) الانسانية والمفاهيم التىي آمن بها وسار على دربها، ولم يزل.. دعو عنكم الخصال الاخرى في حب الحياة والجمال، وفي اجواء المجالس الرحيبة، والعلاقات الاجتماعية، ولربما كان ذلك تفردا مميزا للرجل، إذ من النادر ان يستطيع المرء ان يجمع مثل تلك الشؤون في آن واحد، بل ويبرز فيها حتى !!.
ان الحديث يطول ويطول، وكل ما تقدم شذرات وحسب، ولربما جاء بعضها منقوصا، وعلّ الاسدي يضيف بما عنده – وهو كثير كما ندري!- عن محطات تاريخية عاشها، وشخصيات عايشها.. وعسى ان يصحح ايضا عبر ما يختزنه – ومايبوح به احيانا!- من تفاصيل توضح وتؤرخ، للأجيال ..
——————————————- * رواء الجصاني/ براغ- اواخر ايلول 2020

(*) تحاول هذه التوثيقات التي جاءت في حلقات متتابعة، ، ان تلقي اضواء غير متداولة، أو خلاصات وأنطباعات شخصية، تراكمت على مدى اعوام، بل وعقود عديدة، وبشكل رئيس عن شخصيات عراقية لم تأخذ حقها في التأرخة المناسبة، بحسب مزاعم الكاتب.. وكانت الحلقة الاولى عن علي جواد الراعي، والثانية عن وليد حميد شلتاغ، والثالثة عن حميد مجيد موسى، والرابعة عن خالد العلي، والخامسة عن عبد الحميد برتـو، والسادسة عن موفق فتوحي، والسابعة عن عبد الاله النعيمي، والثامنة عن شيرزاد القاضي، والتاسعة عن ابراهيم خلف المشهداني، والعاشرة عن عدنان الاعسم، والحادية عشرة عن جبار عبد الرضا سعيد، والثانية عشرة عن فيصل لعيبــي، والثالثة عشرة عن محمد عنوز، والرابعة عشرة عن هادي رجب الحافظ،، والخامسة عشرة عن صادق الصايغ، والسادسة عشرة عن صلاح زنكنه، والسابعة عشرة عن عباس الكاظم، والثامنة عشرة عن هادي راضي، والتاسعة عشرة عن ناظم الجواهري، والعشرون عن ليث الحمداني، والحادية والعشرون عن مهند البراك، والثانية والعشرون عن عبد الرزاق الصافي، والثالثة والعشرون عن كمال شاكر، والرابعة والعشرون عن حسون قاسم زنكنة، والخامسة والعشرون عن قيس الصراف… وجميعها كُتبت دون معرفة اصحابها، ولم يكن لهم اي اطلاع على ما أحتوته من تفاصيل، وقد نشرت كلها في العديد من وسائل الاعلام..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here