مغذي الاحتجاج الأول لايزال حائرًا بين طهران والرياض

بغداد/ علي الأمين

دائما ما نشاهد وسط الاحتجاجات شعارات “نريد كهرباء”، كما حمل البعض من المحتجين تابوتا كتب عليه “المرحوم كهرباء” في اشارة إلى مفارقة الطاقة.

وفي واحدة من اطرف الشعارات رفع شاب لافتة خاطب حبيبته من خلالها: “انت جميلة كساعة اضافية من الكهرباء”. وفي ساحات الاحتجاجات سواء في بغداد او المحافظات كانت مشكلة الكهرباء هي الشغل الشاغل للمحتجين.

ففي كل صيف لاهب تتجاوز فيه درجات الحرارة 50 درجة تظهر احتجاجات شعبية تطالب بتحسين واقع الكهرباء. وحكاية الكهرباء في العراق بعد 2003 ابتدأت مع الدكتور حسين الشهرستاني الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الحكومة لشؤون الطاقة عندما قال ذات يوم باننا سنصدر الكهرباء الى دول أوروبا.

بعدها خرج علينا إبراهيم الجعفري عندما كان رئيسا للوزراء بخطاب “سنسكريتي” تمت ترجمته للعربية، حذر فيه الجعفري الشعب العراقي من صعقة كهربائية بسبب المشاريع العملاقة التي أنجزها، ثم عرفنا أن وزير الكهرباء أيهم السامرائي اكتشف أن له في أموال الكهرباء حقٌّ معلوم فحوّل مليار دولار الى حسابه في أميركا، بعدها تم اقتياد أموال الى قاصات المسؤولين “الكبار”، وتم تداول حديث طويل ومكرر عن ضرورة الوقوف بوجه المؤامرة الإمبريالية التي لا تريد لنا أن نستفيد من علّامة “نووي” بقدرات حسين الشهرستاني.. ثم جاءت الطامّة الكبرى بالقرارات “الكوميدية” التي أطلقها وزير الكهرباء حينها قاسم الفهداوي والتي طالب فيها العراقيين بالاستحمام من دون سبلت في الحمام.

وعندما تظاهر الشباب في بغداد والبصرة والحلة وباقي المدن في وقت واحد ضد الفساد والانتهازية ونهب نحو اكثر من 40 مليار دولار صرفت على مشاريع كهرباء وهمية، أطلق عليهم الرصاص الحي .

غير أن المضحك أكثر أن لا أحد من الذين نهبوا أموال الكهرباء قُدم للقضاء. وبدلا من ان تقام مشاريع كهربائية، ذهبت حكومة السيد نوري المالكي للتعاقد مع ايران لتزويد العراق بالكهرباء بواقع 1200 ميغاوات عبر أربعة خطوط، اضافة الى استيراد الغاز من إيران في تشغيل محطات كهربائية عراقية، وهو الامر الذي يكلف الميزانية مليارات الدولارات سنويا، كان الاولى ان تبنى بها محطات كهربائية.

ولاننا نعيش وسط قطبين متجاذبين، فقد قررت السعودية ان تصدر الكهرباء الى العراق ايضًا، ولكن بربع قيمة ما تورده ايران. ووافقت السعودية على بناء محطة طاقة شمسية داخل اراضيها في حال موافقة العراق على استيراد الكهرباء. لكن سرعان ما تحركت ايران وقطعت الطريق على الرياض، فطهران احق باموال العراقيين! ولاننا لا نزال نعيش ازمة الكهرباء نرجو من الحكومة أن تعلن لنا بوضوح هل هي جادة بملف الكهرباء، أم أنها ترفع كل يوم كفّيها الى السماء أن لا تعود درجات الحرارة الى 50 مئوية؟ ويا سادتنا الذين ينعمون بالكهرباء في المنطقة الخضراء: قليلًا من احترام عقول المساكين أمثالنا .!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here