نمجد الانتفاضة بمواصلتها وادامة زخمها

محمد عبد الرحمن

نستقبل بعد غد الخميس الذكرى العطرة الأولى لانتفاضة تشرين ٢٠١٩بمشاعر الفخر والاعتزاز والعزم والإصرار على المطاولة، فالسكون في زمن التردي لا يعني الا الخنوع والاستكانة.

جلّ المنتفضين كان وما زال من الشباب، الذي لم يعد يطيق ما يجري امام ابصاره من مهازل وكوارث وتدمير ممنهج للشعب والوطن، وتحويل العراق عن عمد وقصد الى دولة فاشلة. لذا جاء الرد على لسان المنتفضين واضحا: “نريد وطن” وهو ما يؤشر حالة الاغتراب الكبير لقطاعات شعبية واسعة، وسعيها لاسترداد الوطن، وتطلعها الى مستقبل افضل، ورفضها القاطع الصريح لمنظومة ثنائي المحاصصة والفساد، وما بينهما من تعشيق وتخادم.

وقد اغرقت انتفاضة شعبنا بالدماء، وجرت مجابهتها بعنف وقسوة قل نظيرهما وساهمت فيهما قوى متعددة، مجهولة معروفة. والى جانب القتل العمد وكاتم الصوت والقناص والاغتيال والخطف والتغييب القسري، اطلق المرعوبون من غضبة الشعب حملة سخّروا لها إمكانات كبيرة ، داخلية وخارجية، لتشويه حقيقة المنتفضين وأهدافهم. حيث لجأوا الى التزوير والكذب وإلصاق التهم الباطلة بهم. فهم بنظر الخائفين على عروشهم ومصالحهم “أوباش” و”قردة” وما شابه، وهم “مرتزقة ومندسون وبعثيون وينفذون مؤامرة أمريكية وبريطانية وإسرائيلية..”. ولا يزال هذا التشويه للحقيقة متواصلا بطرق واشكال عدة، حيث نقلت تسريبات وأخبار منشورة عن بعضهم القول، ان من بقي في ساحات الاعتصام اليوم هم من افراد العصابات بنسبة تزيد عن ٩٣ في المائة!؟ فهل سمع المنتفضون ذلك، وأيّ رد منتظر منهم بعد غد، في الأول من تشرين الاول، لإسكات هؤلاء مرة واحدة واجبارهم على العودة الى جحورهم؟

وللمفارقة، وحتى السبت الماضي عند مناقشة موضوع الدوائر المتعددة المراد فرضها في القانون الجديد لانتخابات مجلس النواب، يواصل من أشهروا العداء، قولا وفعلا، للانتفاضة، القول بانهم مؤيدون لمطلب المنتفضين في تبني الدوائر، ويتناسون حقيقة ان الانتفاضة طالبت بالتغيير الشامل، وان الوجوه الكالحة والفاشلة والفاسدة التي سكتت او قبلت ضمنا بقمع الانتفاضة، هي المستهدفة أساسا في عملية التغيير التي يراد لها ان تطال المنهج والسلوك والأداء، إضافة الى الوجوه.

ان الانتفاضة، رغم الهفوات والثغرات هنا وهناك، ستبقى معلما بارزا في تاريخ بلادنا المعاصر، وقد أنجزت وحققت الكثير، وهناك الكثير ايضا الذي عليها إنجازه. فالواجب يقول بعدم الوقوف في منتصف الطريق او القبول بإجراءات جزئية وانصاف حلول سرعان ما يتراجع عنها المتنفذون، وهو ما حصل مرات سابقا.

ولمواصلة السير على طريق الانتفاضة المجيد والمجرب، وتعظيم فعلها وزخمها، يتوجب توفير شروط ومستلزمات افرزتها تجربة الانتفاضة ومسيرتها ذاتها، وفِي المقدمة منها ضرورة الحذر من خلط الأوراق، والتمييز الواضح بين من يشارك ويساهم ويدعم المنتفضين ومطالبهم، وبين من يسعى الى قطع حتى الهواء عنهم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here